وصلت العلاقات المغربية الاسبانية الى أسوأ مرحلة لها منذ عهد الجنرال فرانكو ، عقب قرار المغرب استدعاء سفيره في مدريد عبدالسلام بركة "للتشاور" وهي صيغة ديبلوماسية تعنى خفض التمثيل الديبلوماسي الى حدود تجميد العلاقات. وكان المغرب قد حاول من جانبه ايقاف تدهور العلاقات بين البلدين خلال لقاء عقده محمد بن عيسى وزير الخارجية المغربي مع نظيره الاسباني جوزيف بيكيه على هامش المنتدى المتوسطي الذي عقد في اكادير، لكن يبدو ان تلك المحاولة لم تسفر عن نتيجة. ولم تمر سوى 48 ساعة حتى اعلن المغرب عن خطوته المفاجئة التي تؤشر بشكل واضح على تردي العلاقات بين البلدين. وتقول مصادر مطلعة في الرباط ان انتقادات اسبانية طاولت العاهل المغربي الملك محمد السادس في الصحافة الاسبانية نعتته بنعوت غير لائقة هي التي دفعت الأمور نحو الأسوأ. ويقول المغاربة إنهم يدركون ان الصحافة في اسبانيا تتمتع بحرية واسعة كما هو الشأن في باقي الدول الاوروبية، لكنهم بالمقابل كانوا ينتظرون على الاقل تصريحاً من مسؤول اسباني يعبر فيه عن موقف معارض لما تكتبه الصحافة خصوصاً حين تم المس بشخص العاهل المغربي بيد ان ذلك لم يحدث. اضافة الى ذلك فان اكثر ما ازعج المغاربة هو ان مدريد وبسبب رفض المغرب توقيع اتفاقية الصيد البحري بالشروط التي كانت سائدة صيد السمك مقابل تعويضات مالية عمدت الى تأليب الاتحاد الاوروبي ضد الرباط، وحاولت الضغط على المغرب بهذه الورقة من اجل ان يرضخ لمطالب مدريد بتوقيع اتفاقية صيد جديدة. ويقول مصدرمغربي رفيع ان مواقف اسبانيا في الاممالمتحدة تجاه قضية الصحراء اتسمت "بالتناور" على رغم تأييدها العلني لخطة وزير الخارجية الاميركي الاسبق جيمس بيكر الرامية الى منح المنطقة حكماً ذاتياً واسعاً تحت السيادة المغربية. وفي هذا الصدد قال المصدر ان "وزارة الخارجية الاسبانية قدمت دعماً للبوليساريو على اساس انها مساعدات انسانية للاجئين الصحراويين في تندوف شرق الجزائر". واوضح المصدر "نحن نعرف ان الجمعيات التي حصلت على المساعدات لها ارتباط واضح بوزارة الخارجية الاسبانية". ويقول المغاربة ان اسبانيا دأبت على توجيه "ضربات تحت الحزام" للمغرب وهي "ضربات" مفهومة، من ذلك مثلاً ان رؤساء بلديات من الحزب الشعبي الذي يتزعمه خوسي ماريا اثنار رئيس الحكومة الاسبانية تنظم تظاهرات مؤيدة للبوليساريو في مدن اسبانية، وعندما تحتج سفارة يقال ان هؤلاء العمد لا يمثلون وجهة نظر الحكومة. بيد ان اكثر ما أثار غضب المغاربة هو "استفتاء رمزي" جرى في منطقة الأندلس حول قضية الصحراء نظمته جمعيات غير حكومية متعاطفة مع جبهة البوليساريو وشارك فيه أكثر من 125 الف إسباني. وهذه المنطقة بالضبط تكن حالة عداء دائمة للمغاربة اذ ان معظم سكانها لهم أنشطة تتعلق بالصيد البحري، وعندما ألغى المغرب اتفاقية الصيد البحري مع الاتحاد الاوروبي فان مراكب صيادي الاندلس بقيت "تتأرج" فوق مياه الموانئ الاسبانية المتوسطية من دون عمل. وثمة نقطة اخرى أزعجت المغاربة وهي الاستقبال الذي خص به الملك خوان كارلوس رئيس الحكومة المحلية في مليلية التي تحتلها اسبانيا شمال المغرب، وأثار ذلك الاستقبال حفيظة المغاربة في المدينة والذين اعتبروا ان الاستقبال وهوالاول من نوعه، من شأنه زيادة توتر العلاقات بين البلدين.