يبدو أن ملف المهاجرين السريين من المغرب ان اسبانيا ليس الوحيد الذي يزيد العلاقات بين مدريدوالرباط توتراً. ولا يفصل المراقبون قضية احتلال مدينتي سبتة ومليلية والصحراء الغربية والصيد البحري عن الأزمة الحالية بين البلدين. في اشارة الى تدهور العلاقات بين المغرب واسبانيا اعلن أمس في مدريد الغاء زيارة كان مقرراً ان يقوم بها أمس كاتب الدولة المغربي في الخارجية السيد الطيب الفاسي ، وقالت مصادر اسبانية ان الزيارة ألغيت ل"أسباب صحية". لكن مراقبين عزوا ذلك الى التدهور الحاصل في علاقات البلدين، إثر ردود عنيفة من وزير الخارجية الاسباني جوزيف بيكيه على اتهامات العاهل المغربي الملك محمد السادس بتورط اطراف اسبانية في تشجيع الهجرة غير المشروعة من المغرب الى اسبانيا وتجارة المخدرات. وقال بيكيه أول من أمس ان تواطؤ الشرطة المغربية مع مافيا تهريب المهاجرين نحو اسبانيا مسألة بديهة "ولا يمكن لأحد أن ينكرها". لكن خلفيات التوتر تزيد من تباين وجهات النظر ازاء التعاطي وملف الهجرة. ويعتقد بأن ابعاد مدريد عن اقرار اقتراحات الحل السياسي لقضية الصحراء، وحصر رعايتها بواشنطن وباريس، شكل ضربة للدور الاسباني في حل قضية الصحراء، خصوصاً ان مرجعية الاحصاء الاسباني للمتحدرين من أصول صحراوية كانت مرجعية الاستفتاء. 1وزاد في تعقيد الموقف ان السلطات المغربية رفضت تجديد اتفاق الصيد الساحلي مع الاتحاد الأوروبي، مما تسبب في خسائر كبرى للصيادين الاسبان، اضافة الى عودة ملف المدينتين المحتلتين سبتة ومليلية شمال المغرب الى الواجهة، بعد المواجهات الأخيرة بين مغاربة والحرس المدني الاسباني في نقطة العبور عند "باب سبتة" الاسبوع الماضي. ويسود اعتقاد بأن التصريحات الأخيرة للملك محمد السادس والردود الرسمية والاعلامية في اسبانيا عليها، اعادت الأزمة الصامتة بين البلدين الى صدارة الاهتمام، خصوصاً في ضوء ارجاء اجتماعات اللجنة العليا المشتركة التي يرأسها السيد عبدالرحمن اليوسفي رئيس الوزراء المغربي ونظيره الاسباني خوسيه ماريا اثنار، وان كان صدر ايحاء من الطرف الاسباني لجهة انعقادها قبل نهاية العام الجاري أو بداية العام المقبل. لكن مسؤولين مغاربة يقولون ان العلاقات مع مدريد كانت اكثر حيوية في عهد الاشتراكي فيليبي غونزاليس الذي أبدى تفهماً للبحث في ملف سبتة ومليلية، في حين ان اثنار زار المدينتين في وقت سابق، مما اعتبر استفزازاً للمغاربة الذين ينظرون بقلق الى تنامي العلاقات الاسبانية - الجزائرية. والحال نفسه ينطبق على النظرة الاسبانية الى التفاهم المغربي - الفرنسي. وكان لافتاً ان الخارجية الفرنسية رأت في حديث العاهل المغربي الملك محمد السادس عن آفاق العلاقات بين الرباط وباريس مؤشراً ايجابياً. وقال الناطق باسم الخارجية الفرنسية ان بلاده "تعمل بشكل مكثف من أجل التقريب بين المغرب والاتحاد الأوروبي"، في اشارة الى التزام المغرب الحوار حول ملف الصيد الساحلي في النطاق الأوروبي وليس مع اسبانيا.