قد يكون اللقاء المغربي الاسباني المقرر عقده اليوم الخميس في الرباط، على مستوى وزراء الخارجية، فرصة لحصول مصالحة رسمية بين البلدين المتوسطيين الجارين على رغم الخلافات الجوهرية التي ما زالت قائمة بينهما. وتلبي وزيرة الخارجية الاسبانية آنا بالاسيو دعوة نظيرها المغربي محمد بن عيسى الذي قام في 11 كانون الاول ديسمبر بزيارة لمدريد. ورجحت معلومات صحافية ان يستقبل العاهل المغربي الملك محمد السادس الوزيرة الاسبانية. وتدل هذه اللقاءات على ارادة البلدين في تجاوز ازمة اندلعت من جراء تراكم ملفات سياسية واقتصادية تدور حولها خلافات. لكن معالجة أهم الخلافات لم تتجاوز تشكيل فرق عمل مكلفة بدراسة هذه الملفات. وترغب بالاسيو، في مرحلة اولى، في عودة سفيري البلدين الى منصبيهما بعد استدعاء كل منهما الى عاصمته لاجراء "مشاورات" طال امدها. واعلنت الوزيرة الاسبانية الاثنين في بروكسيل انه "من الواضح ان تغييراً تاماً حدث في علاقاتنا. هناك رغبة سياسية ليس لإعادة العلاقات الى احسن مستوياتها وحسب، وانما الى افضل من ذلك ايضاً". ويسعى المغرب مجددا الى اقامة علاقة "متينة ودائمة" مع اسبانيا، كما اعلن رئيس الحكومة المغربي ادريس جطو خلال ترؤسه اجتماعا لرجال اعمال مغربيين واسبان في 24 كانون الثاني يناير في الرباط. وشدد جطو على ان اسبانيا هي الشريك الاقتصادي الثاني لبلاده بعد فرنسا، مع نشاط حوالى 800 مؤسسة اسبانية في المغرب. لكن الصحف المغربية ابدت شيئا من التشاؤم قبل لقاء اليوم، خصوصاً لجهة تسوية القضايا الشائكة مثل "سيادة الاراضي" في إشارة الى وضع سبتة ومليلية التي تحتلهما اسبانيا على الساحل الشمالي المغربي ومستقبل الصحراء الغربية. واكدت صحيفة "العلم" الناطقة باسم حزب الاستقلال الشريك في الائتلاف الحكومي "ان القضية الاساسية هي مسألة سبتة ومليلية... وينبغي ان يقترح اجتماع بين بن عيسى وبالاسيو على الاقل تشكيل مجموعة عمل تفكر وتقترح حلاً لهذه القضية الاستعمارية التي لا يمكن ان تستمر الى الابد". وقد يكون موقف مدريد من النزاع في الصحراء الغربية القضية الاكثر حساسية على الصعيد السياسي، اذ ان المغرب يدين هذا الموقف ويعتبره مواليا لجبهة "بوليساريو" التي تطالب باستقلال الصحراء منذ 27 سنة بدعم من الجزائر. والى هذه الخلافات السياسية القديمة، جاءت الخلافات الاقتصادية لتزيد الطين بلة، خصوصاً قضية الصيد البحري وتهريب البضائع والمخدرات والتنقيب عن النفط قبالة السواحل في منطقة بحرية تفصل المغرب عن ارخبيل جزر الكناري الاسبانية في المحيط الاطلسي. كما تعتبر الهجرة غير الشرعية موضع خلاف تعيره اسبانيا اهمية كبيرة. وهي تتوقع من الرباط المزيد من الجهود لوقف تدفق المهاجرين غير الشرعيين الذي يعبرون الاراضي المغربية قبل التوجه الى اوروبا عبر السواحل الاسبانية او جزر الكناري. وقد عادت الايجابية الى الأجواء اثر مبادرة العاهل المغربي الذي قرر اثر غرق سفينة "برستيج" النفطية قبالة السواحل الاسبانية، فتح المياه الاقليمية المغربية موقتاً امام الصيادين الاسبان الذين حرموا من ممارسة مهنتهم بسبب تلوث الشواطئ.