"إننا نحسد الكويت، أو اننا نغبطها على وضع هذه الأسرة الحاكمة التي لا يبدو على الاطلاق وجود أي فاصل أو تباعد بينها وبين شعبها، ولا يوجد أي شعور لدينا بعد الآن بقلق على الكويت أو مستقبل وضعها الداخلي أو الخارجي". بهذا اتفق اعضاء وفد اعلامي أردني قام بزيارة نادرة إلى الكويت قبل أيام وأجرى لقاءات موسعة رسمية وشعبية في أول اتصال على هذا المستوى منذ عام 1990. وأجرى الوفد لقاءات واتصالات مع شتى شرائح المجتمع الكويتي أسفرت عن قناعة بأن الكويت التي تظهر بعض مواقع الانترنت وكأنها تعيش أجواء أزمة "تحسد على ما هي عليه من استقرار في وضع الأسرة الحاكمة، حتى وان بدا عبر ما يرتفع من أصوات مشاغبة برلمانية على قضايا محلية بحتة وكأنه يعكس أزمة سياسية، يبدو ان الكويت اعتادت عليها، لكن اللافت هو هذا الود والروح الجديدة في الوضع الحكومي الذي التحق به منذ شباط فبراير الماضي عدد من الشيوخ الشباب من الجيل الثاني الذين اثبتوا موقعاً متميزاً سواء في التوجه الاعلامي والسياسي والعربي الجديد أو المتجدد، وأما من خلال الجاهزية التي يبدو فيها هؤلاء لتسلم مقاليد الامور في بلدهم بعد عمر طويل للقيادة الحالية". هذا الانطباع الذي خرج به وفد اعلامي انقطع افراده عن زيارة الكويت نحو عقد من الزمن محصلته تعيشها الكويت بدقة، ففي حال المرض أو الوعكة الصحية أو التقدم في السن فإن اسلوب التآلف والتواصل الرسمي الشعبي راكم عبر العقود عاطفة جياشة تجاه الشيوخ الكبار، خصوصاً عند أي خبر عن مرض أو انتكاسة الى درجة ان المراقب الذي لا يلم بمجموع التفاصيل يعرب عن خشيته من احتمال حدوث حالة فراغ، ف"الصغار" يحرصون دائماً حتى وان كان الفارق سنة واحدة على ان يقللوا من حجمهم ووجودهم احتراماً للكبار، فإذا بالنتيجة ان الانطباع عن وجود أزمة هو انطباع خاطئ، اذ لا توجد أزمة ولا يحزنون. وفي المحصلة فإن خمسة من الشيوخ من "الجيل الثاني" يندرجون تحت هذه التسمية وقد دخل بعضهم العقد السادس يتولون الآن مواقع أولى يديرون عبرها مقاليد الأمور في ظل رعاية الكبار المتقدمين بالسن. وهؤلاء هم الشيخ ناصر صباح الأحمد المستشار الخاص لولي العهد رئيس مجلس الوزراء الشيخ سعد العبدالله السالم، ونائب رئيس الوزراء وزير الدفاع الشيخ جابر المبارك الحمد الصباح ونائب رئيس الوزراء وزير الداخلية الشيخ محمد الخالد الصباح ووزير الاعلام الشيخ أحمد فهد الاحمد الصباح ووزير الدولة للشؤون الخارجية الشيخ الدكتور محمد الصباح السالم نجل الأمير الراحل. وتضاف إلى هؤلاء وجوه اخرى من الشباب الذين حققوا تقدماً مميزاً في أدوارهم الجديدة مثل المستشار في الديوان الاميري الشيخ فهد سعد العبدالله السالم ووكيل وزارة شؤون مجلس الأمة المساعد الشيخ محمد عبدالله المبارك الحفيد المباشر لمبارك الكبير ونجل نائب الحاكم في عهد المغفور له عبدالله السالم مؤسس الكويت الحديثة. وغيرهم ممن تولوا مناصب تأهيلية اندفعوا اليها في ظل ضغوط مجتمعية "بتأهيل" الجيل الثاني من الأسرة الحاكمة. وقد أخذ الأمر بعداً اتسم ببعض الإثارة عندما طرحه النائب محمد جاسم الصقر رئيس اللجنة الخارجية ووكيل الشعبة البرلمانية في معرض رده على الخطاب الأميري في افتتاح دور الانعقاد البرلماني الحالي الذي حث فيه على "ترتيب" وضع الأسرة الحاكمة. لكن الشيخ ناصر صباح الأحمد رد عليه بأن الوضع "مرتب" ولا يعاني من أية مشكلة، وان التراتبية موجودة ويحكمها الدستور عبر مسند الإمارة الذي يتولاه الأمير وولاية العهد في بيعة ولي العهد، وكذلك من خلال الدور الذي يؤديه في مواقع المسؤولية أبناء الأسرة من المستشارين ونواب رئيس الوزراء والوزراء. لا هزات إذن في الكويت، وكل شيء مفتوح على مستقبل تستمر فيه السلطة وسط شعور عام بالاطمئنان والثقة، مع فارق واحد هو ان مثل هذه الاحاديث كانت ستبدو مثيرة في غير هذه الظروف، لكنها تعود الآن الى حالها الطبيعي في ظل الأزمة الدولية التي تجتاح العالم.