تشير الوثائق التي عثر عليها في كابول بعد انسحاب "طالبان"، إلى اهتمام أسامة بن لادن بصنع القنبلة النووية. وذكرت صحيفة "التايمز" البريطانية، التي عثر مراسلها على بعض تلك الوثائق، ان ابن لادن حصل على مواد نووية من باكستان، وحاول خلال العامين الماضيين عبثاً أن يجند ما لا يقل عن عشرة علماء نوويين. وعلق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على أنباء حيازة ابن لادن أسلحة الدمار الشامل، مشدداً على عدم الاستهانة بهذه الأنباء. وأضاف ان الانفصاليين الشيشانيين هددوا أيضاً بسلاح نووي، إلا أنهم لم يتمكنوا إلا من العثور على بعض المواد المشعة الممزوجة بشكل بدائي. وفي مناسبة أخرى افترض بوتين أن أحداً في روسيا حاول أن يبيع أسراراً نووية "لكننا لا نملك أدلة ثبوتية موثقة على ذلك"، على حد قوله. يذكر أن الشيشانيين زرعوا في بعض متنزهات موسكو ابان حربهم الأولى 1996 علباً مشعة أثارت الرعب في العاصمة الروسية، وأمكن احتواؤها فلم تترك أثراً ملموساً في صحة السكان. إلا أن الأمر ليس محصوراً بأفغانستان أو الشيشان، ففي العالم، حسب بعض المصادر، ما بين 180 و200 جماعة وتنظيم إرهابي كبير يمكن أن يبدي اهتماماً بالمشاريع والمواقع النووية. وأهداف تلك الجماعات متباينة. بعضها يسعى إلى انتزاع اعتراف سياسي بوجودها، والمهم بالنسبة إليها عمليات رمزية بأقل الخسائر البشرية ولكن بأكبر صدى إعلامي، وبعضها الآخر يسعى إلى وقوع أكبر عدد من الضحايا البشرية والأضرار المادية. وبين أولئك وهؤلاء أربعة أو خمسة تنظيمات تجمع بين الأهداف السياسية والاقتصادية، وبين مهمات ابادة أقوام أو طوائف دينية كاملة. يتطلب الإرهاب النووي امكانات مادية وتقنية كبيرة لشراء المعلومات والبيانات عن حال المواقع النووية ودرجة حمايتها ومواعيد نقلها. كما يتطلب إعداداً مهنياً يتوقف عليه هو الآخر مدى خطورة التهديدات الإرهابية. ولا يستبعد الجنرال فلاديمير دفوركين، مدير المركز العلمي للقوات النووية الاستراتيجية التابع لأكاديمية العلوم السياسية الروسية، احتمال حصول منظمات إرهابية على السلاح النووي وإمكانات تفجيره، إلا أنه يعتبر ذلك الاحتمال ضعيفاً جداً. والخطر الأكبر، في رأيه، يتمثل في إمكان التلوث الاشعاعي لدى تحطم الرؤوس النووية أو تدمير المواقع الذرية. ولتباين أهداف المنظمات الإرهابية يفترض الجنرال دفوركين ما بين 20 و40 اتجاهاً لممارسة الإرهاب النووي. ولا يقتصر خطر هذا الإرهاب، باعتقاده، على مواقع حفظ الذخيرة الحربية النووية ومؤسسات انتاجها واتلافها، بل يكمن أيضاً في مداهمة المفاعلات الذرية والمواقع الثابتة والنقالة المرتبطة بانتاج وحفظ واتلاف الوقود النووي السلمي، بما في ذلك البلوتونيوم واليورانيوم -235 واليورانيوم -238 والديوتريوم الهيدروجين الثقيل والتريتيوم، ففي الدول المتطورة آلاف من هذه المواقع. وفي أعقاب أحداث 11 أيلول سبتمبر نشرت وكالة "ايتار - تاس" الروسية للأنباء خبراً مفاده أن الهيئات الأمنية الروسية أفشلت محاولة من إحدى الشركات الباكستانية العاملة لحساب بن لادن شراء اليورانيوم من روسيا. ولم تكشف الوكالة عن الجهة التي كانت تريد شراءها. وبعدها اسدل ستار الكتمان عموماً على هذا النوع من المعلومات، غير أن موضوع النظائر المشعة والمواد النووية في روسيا ودول الجوار يستحق المتابعة ومسح أماكن الانتاج والمنافذ التي يحتمل أن تتسرب تلك المواد خلالها من الدول الشيوعية سابقاً إلى شتى الجهات والتنظيمات الإرهابية وغير الإرهابية. بعد سقوط الاتحاد السوفياتي تعرض عدد كبير من مؤسسات الصناعة الحربية الحكومية، التي ورثتها روسيا، إلى الخصخصة والتفكك والدمار في آن. وكان السبب الأول تقلص حجم الطلبيات الحكومية على الأسلحة والآليات الحربية العام 1992 ثماني مرات دفعة واحدة. وبعد ذلك انكمش الانتاج في المؤسسات غير الخاضعة للتمليك. وحتى العام 1997 تمت خصخصة نصف عدد مؤسسات القطاع العام في هذا الميدان، ولم يبق في ملكية الدولة سوى 40 في المئة منها، فيما تحول 31 في المئة إلى شركات مساهمة للحكومة حصة فيها، و29 في المئة إلى شركات خاصة بالكامل. ولم تتحقق بالطبع الوعود بازدياد الانتاج المدني بعد تقليص الانتاج العسكري. وكانت النتيجة حتى العام 1998 تدهور الانتاج في كلا القطاعين، مما ترك أفظع الآثار في الأحوال الاجتماعية للسكان. كما تراكمت الديون على المصانع الحربية، ونشأت ظاهرة بيع ممتلكاتها بالسر والعلن، وفلت الزمام. وجاءت الحرب الشيشانية الثانية، العام 1999، لتجعل نهش المصانع الحربية وبيع ما يمكن بيعه من محتوياتها أمراً معتاداً. وتردد أن الشيشانيين أخذوا يشترون السلاح حتى من ضباط القاعدة العسكرية الروسية في بلدة فازياني في ضواحي العاصمة الجورجية تبليسي، حيث ضبطت السلطات شاحنة محملة بالسلاح الروسي متوجهة إلى الشيشان. وكذبت وزارة الدفاع الروسية الخبر، مشددة على أنه محاولة استفزازية لاستثارة الرأي العام ضد الوجود العسكري الروسي في جورجيا. إلا أن ثمة وقائع أخرى تشير إلى بيع العسكريين الروس السلاح شخصياً وعلى نطاق ملحوظ. وما هو ممكن في خصوص السلاح العادي محتمل في شأن المواد المشعة أيضاً. وطرحت التفجيرات الإرهابية في أميركا تساؤلات عدة، منها أن استراتيجية الدول العظمى كانت ابان الحرب الباردة قائمة على أساس أن السلاح النووي سلاح سياسي للردع فقط، فهل يتقيد الإرهابيون بهذه القاعدة؟ وكان هذا السلاح آنذاك بمثابة تأمين على حياة البشرية، ألن يمزق الإرهابيون ذلك التأمين؟ ألا يزال الدرع النووي وسيلة لضمان الاستقرار العالمي أم أنه فقد مهمته هذه؟ بعد تلك التفجيرات شددت السلطات في روسيا حراسة المحطات الكهرذرية والمطارات ومحطات القطارات، وجرت تدريبات خصوصية على مكافحة الإرهاب في بعض تلك المشاريع. وشاركت قوات المهمات الخاصة التابعة للاستخبارات الروسية في التدريبات اللوجستية لحماية محطة فولغودونسك الكهرمائية الذرية في محافظة روستوف، بهدف التصدي لأي تسلل من إرهابيين قد يداهمون المحطة جواً أو من جهة النهر. وليست هناك معلومات رسمية عن مدى قدرة مفاعل المحطة على تحمل الضربات الجوية، إلا أن الصحف الروسية قالت إنه يمكن أن يتحمل صدمة من طائرة وزنها 20 طناً بسرعة 700 كيلومتر في الساعة. وكان الجنرال ايغور فالينكين رئيس الإدارة الثانية عشرة لدى وزارة الدفاع المسؤولة عن صيانة الذخيرة النووية، أكد لوكالة "ايتار - تاس" ان مستودعات الذخيرة النووية الروسية صممت بحيث تتحمل الضربات النووية. وتابع: "اننا لا نخشى ضربة مباشرة كالتي تعرضت لها الولاياتالمتحدة في 11 أيلول". وفي شباط فبراير الماضي طرحت في روسيا مسألة "اتلاف" مادة البلوتونيوم المشعة المتبقية بعد تقليص برامج التسلح النووي. وكانت وزارة الطاقة الذرية وضعت العام 1998 أسس معالجة كميات البلوتونيوم في سياق نزع السلاح النووي، بهدف تحويله وقوداً للمحطات الكهروذرية في روسيا، إذ أنه بعد تعرضه لعمليات اشعاعية في المفاعلات الذرية، يفقد خاصيته كسلاح نووي. وحقق العلماء أفضل النجاحات في ميدان استخلاص "الوقود المختلط" من أكسيدات اليورانيوم والبلوتونيوم. إلا أن استخدام الوقود المختلط بدلاً من اليورانيوم الخالص في المفاعلات النووية أمر مكلف، لا طاقة للموازنة الروسية بتحمل أعبائه. أما التمويل الأجنبي لهذه البرامج فلا يتجاوز حالياً 5.3 مليون دولار سنوياً، ما يؤمن الصرف فقط على المرحلة الأولى من برنامج "اتلاف" البلوتونيوم الروسي الذي تناهز كلفته الاجمالية بليوني دولار. وإلى ذلك، ثمة مشكلة "تعليب" أو "تجميد" النفايات الحاوية للبلوتونيوم، ففي مستودعات وزارة الطاقة الذرية عشرات الآلاف من الأمتار المكعبة من العجائن المشعة التي تراكمت نتيجة تنفيذ برامج تقليص الأسلحة النووية. وتحتوي هذه العجينة على ما يعادل 1.5 طن من بلوتونيوم الرؤوس النووية. ويكلف خزن هذه النفايات ومعالجتها ما يزيد على 200 مليون دولار. وأمام كل هذه الصعوبات المالية والتقنية، وفي ظل الفوضى التي اعقبت سقوط الاتحاد السوفياتي من يجزم الآن بأن المنظمات الارهابية لم تضع يدها على بعض من هذا المخزون الخطير؟ في الشيشان "مدفن" سوفياتي مهجور للنفايات النووية تتجاوز الاشعاعات فيه الحد المقبول مئات المرات. ولا أحد يحرسه لعدم توافر المال اللازم للصرف على حراسته. والناس تتردد عليه لجمع ما تبقى فيه من معادن بهدف بيعها. ولا يستبعد أن يجد فيه من يشاء عبوات المواد المشعة الفتاكة. ويوجد في روسيا مدفن نووي ضخم قديم في كراسنويارسك سيبيريا، ويجري انشاء مدفن جديد، دولي هذه المرة، للنفايات "المستوردة"، في منطقة جيليزنوغورسك كراكسنويارسك - 26. ولا يستبعد ان يبنى مصنع مماثل في جزيرة نوفايا زيمليا أقصى الشمال الروسي حيث كان يقع الميدان الرئيسي للتجارب النووية. يذكر ان وزارة الطاقة الذرية تشرف على عشر محطات كهروذرية ضخمة، ثلاث منها في محافظة تشيليابنسك. وتتركز في المحطات الثلاث وحدها قدرات نووية تعادل مجمل القدرات النووية في فرنسا وبريطانيا معا. وفي مدينة اوزيرسك تشيليابنسك - 65 مصنع لمعالجة الوقود النووي. وقد استبعد الجنرال فالينكين الارهاب النووي الجوي في روسيا، خصوصاً أن وزارة الدفاع نسبت الى المواقع النووية وحدات آلية تتولى مهام الحماية والدفاع عن المواقع، ونسقت الاتصال بين تلك الوحدات وقوات وزارة الداخلية والاستخبارات. وبدأ ادارياً تجميع المواقع النووية التابعة لشتى اصناف القوات المسلحة ووضعها تحت اشراف الادارة الثانية عشرة في وزارة الدفاع الروسية. وسيتم انجاز هذه العملية العام 2003. وعلى رغم النية في تقليص عدد الرؤوس النووية في روسيا من 5800 الى 1500، فإن جهاز الادارة المذكورة المشرف عليها لن يتقلص. وتجرى فحوص طبية للحالة النفسانية للعاملين في الجهاز. وفي هذا السياق زودت الولاياتالمتحدة هذا العام الادارة الثانية عشرة بأجهزة قيمتها 292 مليون دولار وسددت تكلفة صنع 115 عربة قطار مختصة لنقل الذخيرة النووية، وكذلك تكاليف نقل جميع الرؤوس النووية التي رفعت من مواقع الخفارة وفقاً للمعاهدة الأولى لتقييد الأسلحة النووية. ويذكر ان التكاليف الأخيرة هي العبء الأثقل على موازنة الادارة الثانية عشرة، لأن القطار الواحد لنقل الذخيرة من الشرق الأقصى الى أواسط روسيا يكلفها 8 ملايين روبل حوالي 300 ألف دولار. وبالطبع تسوق هذه المساعدات الأميركية الدليل على قلق واشنطن المتزايد في خصوص السلاح النووي في روسيا. ويؤكد الاعلام الحكومي الروسي ان القوات النووية الاستراتيجية تخضع لحراسة مشددة وان الادارة المسؤولة عنها في وزارة الدفاع تتعهد بسلامة مستودعات الذخيرة النووية. وكان الخطر الاشعاعي ولا يزال قائماً في آسيا الوسطى، حيث هدد الاسلاميون الذين خططوا لاقامة دولة الخلافة في وادي فرغانة بتفجير السدود والبحيرات الجبلية لاغراق الأراضي المنبسطة في اوزبكستان وقرغيزستان وطاجكستان. كما ان تقلبات الطبيعة تمثل خطراً اضافياً في ما يخص الاشعاعات، فهذه المنطقة عرضة للزلازل المتكررة التي قد تؤدي الى تدفق مياه 11 بحيرة جبلية شاهقة، فيما لو افترضنا امكان الحيلولة دون تفجير السدود على يد الارهابيين، مما يؤدي الى كسح المواد الاشعاعية المدفونة ونشرها على مسافات أبعد. فعلى امتداد ضفاف نهر مايلو - سو في قرغيزستان مثلا دفنت في الفترة ما بين 1944 - 1967 كميات هائلة من نفايات فلز اليورانيوم. ويوجد في المنطقة اليوم 23 مدفناً بحاجة الى تقوية. وما أسهل ان يغترف من تلك النفايات المشعة من يشاء. وفي محافظة بافلودار شمال كازاخستان كان سيصار الى دفن 70 طناً من مادة الكلورديفينيل السامة في مدفن الزئبق بالمصنع الكيماوي. وكانت مكثفات هذه المادة جلبت في حاويات نحاسية خصوصاً في الفترة 1992 - 1994 لبناء محطة كهربائية صرف النظر عنها لاحقاً. الا ان لصوص النحاس فككوا الحاويات، مما أسفر عن خطر تبخر المادة السامة. وبالطبع ليس من الصعب سرقة المكثفات نفسها. وفي محافظة نوائي بأوزبكستان مستودعات نفايات تحتوي رملا اشعاعياً، وهي في حالة خطرة، لأن الرياح الشديدة يمكن أن تحمل تلك النفايات الى جميع أراضي اوزبكستان ودول الجوار. علماً بأن جمهوريات آسيا الوسطى كانت المنطقة الرئيسية لاستخراج اليورانيوم في الاتحاد السوفياتي. وفي اوزبكستان توجد قاعدة ضخمة لاستخراج اليورانيوم المركز، وتبلغ احتياطاته المكتشفة في هذه الجمهورية 120 ألف طن تغذي استخراجه هناك على مدى 60 عاماً في أقل تقدير. وفي الجمهورية 40 منجماً حاوياً لليورانيوم، إلا أن القاعدة الاستخراجية الرئيسية هي ال27 منجماً الموجودة في صحراء قزل قوم. وتشغل اوزبكستان المرتبة الثالثة في العالم من حيث مبيعات اليورانيوم والمرتبة الخامسة من حيث استخراجه. وقد لوحظ هبوط الانتاج في منتصف التسعينات، حيث بلغ العام 1996 1.7 الف طن مقابل 3 آلاف طن العام 1994. الا انه عاد الى مستواه السابق في السنوات التالية. وتسيطر الولاياتالمتحدة،، من خلال شركة "فيكيم"، على تسويق اليورانيوم الأوزبكي الذي يتقاسم الروس والاميركيون استيراده، وتنافسهم الصين عليه. وفي تموز يوليو العام 2000 اتفقت روسيا وقرغيزستان وكازاخستان من حيث المبدأ على استثمار منجم "زاريجيه" الكبير لليورانيوم في محافظة جنبول الكازاخية، على أن يتولى مجمع قره بالتين في قرغيرستان معالجة فلزات اليورانيوم الكازاخي. وفي السبعينات والثمانينات كانت مؤسسة "فوستوكريدميت" الطاجيكية تمارس استخراج وتصنيع 500 ألف طن من اليورانيوم في مناجم تابوشار واورسمان وغيرها شمال طاجكستان. وفي الحال الحاضر يعمل هذا المجمع ب30 في المئة فقط من طاقاته لعدم توافر الموارد المالية لاستخلاص اليورانيوم المركز. ولعل ذلك من الأسباب التي جعلت المحللين الروس يؤكدون ان من أولى اهتمامات واشنطن والقوات الأميركية في طاجكستان وضع اليد على مناجم اليورانيوم هناك. وتجدر الاشارة الى اقليم بذخشان الطاجيكي، فهو مشهور بمناجم الياقوت والاحجار الكريمة والذهب، اضافة الى مناجم اليورانيوم. واللافت ان الاقليم يقع على ضفة نهر البنج الضحل في تلك الانحاء. وعلى الضفة الأخرى منه تقع افغانستان. وجرت العادة ان يعبره مهربو المخدرات الى بذخشان ويعودون الى افغانستان مع كميات من الأسلحة و... اليورانيوم. وكانت الوكالة الدولية للطاقة الذرية التي تضع معايير الامن النووي العالمي اعتبرت الأقطار السوفياتية سابقاً منطقة لا تتوافر فيها الرقابة المطلوبة على المواد المشعة، وادرجت جمهورية اوكرانيا أخيراً في قائمة الدول غير المأمونة من حيث الأخطار النووية. غير ان الفلتان يتجلى بوضوح اكبر في جمهورية روسيا البيضاء السلافية حليفة روسيا في دولة الوحدة. فقد تردد انها تبيع السلاح الى اقطار عربية والى متطرفين اسلاميين. وكان الرئيس الكسندر لوكاشينكو أقر بوجود صندوق خاص افتتح العام 1996 لتراكم عائدات مبيعات السلاح البيلوروسي. فصارت تلك الآليات الحربية تحظى بعد تجديدها باقبال واسع في افريقيا والبلقان والشرق الأوسط وجنوب آسيا. وكان في مقدم المشترين، حسب الخبراء العسكريين الاجانب، الجماعات الثورية والمتمردة. وكتبت الصحف البولونية، مثلا، ان روسيا البيضاء باعت الى العراق العام 1995 اجهزة مخصصة لمعالجة الماس، الا انها تستخدم في صنع السلاح النووي والصواريخ البعيدة المدى. وتضيف تلك المصادر انها زودت العراق العام 1998 كمية من الاجهزة التكنولوجية الدقيقة لصنع الادوات البصرية. وكانت المتاجرة مع الأقطار التي فرضت الأممالمتحدة حظراً عليها تتطلب الالتفاف على العقوبات الدولية، كما تتطلب ايجاد مسلسل من الوسطاء غير المباشرين. ولذا كانت الأسلحة والمعدات "تهرب" من روسيا البيضاء الى العراق عبر عبادان. وكان الخبراء العسكريون ينصبونها في العراق، ويتركون أمر اختبارها للمهندسين الصينيين. وفي قائمة مشتري السلاح من روسيا البيضاء السودان والجزائر والمغرب وغيرها. وتقول الصحف البولونية ان روسيا البيضاء باتت في قائمة الدول العشر الكبرى المصدرة للسلاح. وزعم الخبراء الأوروبيون والاسرائيليون ان روسيا البيضاء هي المصدر الأول للسلاح الى الاسلاميين المتطرفين في الشرق الأوسط، وان المواد المشعة التي بيعت وكبست في المانيا قبل عامين أو يزيد كانت قادمة منها. وتقول المصادر الرسمية في العاصمة البيلاروسية مينسك ان الجمهورية تلقت من عائدات بيع السلاح اكثر من مليار دولار خلال الأعوام 1997 - 2000. إلا أن وزير الدفاع البيلاروسي السابق بافل كوزلوفسكي يؤكد ان العائدات ضعف هذا المبلغ، وان قسماً منها أودع في حسابات سرية.