للمرة الأولى أصبح عدد المسلمين الأميركيين الذين قدموا إلى البلاد من الشرق الأوسط والدول الإسلامية الأخرى في افريقيا وآسيا يفوق عدد اليهود الأميركيين. إذ وصل عددهم إلى سبعة ملايين مسلم مقارنة ب4.6 مليون يهودي. كذلك من الملاحظ ان المسلمين أكثر التزاماً بدينهم من اليهود الذين ينقسمون على أنفسهم ما بين ليبراليين ويمينيين متطرفين. لكن المسلمين منقسمون على أنفسهم أيضاً تبعاً لأصولهم القومية وتبعاً لعوامل أخرى، وعلى رغم ذلك، فقد تناسوا أخيراً كثيراً من خلافاتهم ليصبحوا قوة مهمة على الساحة السياسية الأميركية. وأشارت استطلاعات الرأي العام التي جرت فور انتهاء التصويت في انتخابات الرئاسة الأخيرة إلى أن نسبة 72 في المئة من المسلمين الأميركيين صوتوا لجورج بوش، و19 في المئة لرالف نادر، بينما صوتت نسبة 8 في المئة لآل غور ونسبة واحد في المئة ل"مرشحين آخرين". ويقول بول فيندلي الذي خسر مقعده في مجلس النواب الأميركي عام 1982 بسبب الحملة التي شنها اللوبي الصهيوني ضده آنذاك وبسبب تأييد اللوبي لخصمه، ان ترجمة تلك النسب إلى أرقام من الناخبين تعني أن أكثر من 3.2 مليون مسلم صوّتوا لجورج بوش وحوالي 256 ألفاً لآل غور. ويقول فيندلي، الذي أعد دراسة شاملة للتغييرات التي شهدتها المواقف السياسية للمسلمين الأميركيين على مرّ السنين، إن فوز جورج بوش بفارق ضئيل جداً من الأصوات في ولاية فلوريدا، مما ضمن له الفوز على آل غور في الانتخابات، يعود بالدرجة الأولى إلى أصوات الناخبين المسلمين في الولاية أكثر مما يعود إلى تحول الناخبين الليبراليين من غور إلى رالف نادر في تلك الولاية. فقد جرت العادة بين الأقليات في أميركا، مثل اليابانيين والكوريين والهنود، على تأييد الديموقراطيين، اللهم باستثناء أقلية صغيرة جداً من الأثرياء من أبناء تلك الأقليات. كذلك كان الحال بالنسبة إلى المسلمين حتى أشهر قليلة مضت حين وجهت المؤسسات والمعاهد الإسلامية ومجموعات الضغط الإسلامية الأخرى في أميركا نداءات إلى الناخبين المسلمين بالتصويت ضد غور "لأنه بدا إسرائيلياً أكثر منه أميركياً". ووجدت تلك النداءات صدى واسعاً واستجابة كبيرة بين المسلمين. وأشارت استطلاعات الرأي العام أيضاً إلى أن بوش لم يكن يحظى في بداية حملته الانتخابية في العام الماضي إلا بتأييد نسبة 11 في المئة فقط من المسلمين الأميركيين. وبعدما قرر الحزب الديموقراطي تثبيت آل غور مرشحاً له في انتخابات الرئاسة بدلاً من برادلي المعتدل، ارتفع التأييد الإسلامي لبوش إلى نسبة 28 في المئة من المسلمين، واستمر هذا التأييد في الارتفاع. أما في ولاية فلوريدا التي قررت في نهاية المطاف من هو الرئيس المقبل، فيقول فيندلي إن عدد المسلمين الذين كان يحق لهم التصويت في الولاية كان أكثر من 140 ألف شخص. ومن بين هؤلاء أدلى 91 ألفاً بأصواتهم فعلاً في الانتخابات، أي أن نسبة الإقبال على التصويت بين المسلمين كانت 65 في المئة، مقارنة بنسبة إقبال جميع الأميركيين وصلت إلى 39 في المئة فقط. ويقدر فيندلي عدد الأصوات التي حصل عليها بوش بين الناخبين المسلمين بأكثر من 72 ألف صوت، مقابل ما يزيد قليلاً على سبعة آلاف صوت حصل عليها آل غور. وإذا ما أخذنا في حسباننا أن بوش فاز بولاية فلوريدا بحوالي خمسمئة صوت، نرى، كما يقول فيندلي، ان الفضل في فوزه يعود إلى أصوات الناخبين المسلمين في الولاية أكثر مما يعود إلى تعمّد الليبراليين التصويت لرالف نادر بدل غور. ويظهر أن العامل الأساسي الذي أدى إلى هذا التحول هو الاجتماع الذي عقد في 23 تشرين الأول اكتوبر من العام الماضي، أي قبل التصويت في الانتخابات بأسبوعين، وأعلنت فيه مجموعة المنظمات الإسلامية تأييدها لبوش وأصدرت تعليماتها لاتباعها بالتصويت له.