تشهد بلاتوهات السينما والتلفزيون في مصر حالياً تصوير عدد من الاعمال الفنية التي تتناول سير عدد كبير من الشخصيات البارزة في شتى المجالات الدينية والسياسية والاقتصادية والفكرية والادبية والموسيقية وغيرها. وكانت قُدمت شخصيات بارزة في اعمال درامية سينمائية وتلفزيونية طوال الاعوام الماضية وقبل ذلك بكثير ابرزها افلام "الناصر صلاح الدين" ليوسف شاهين و"ناصر 56" و"كوكب الشرق" اخراج محمد فاضل ومسلسلات "ابو حنيفة النعمان" و"ابن حزم" و"عصر الائمة" والذي تناول قصص حياة الائمة "مالك والشافعي وابن حنبل" وكتب معظم هذه المسلسلات بهاء الدين ابراهيم واخرجها حسام الدين مصطفى الى جانب مسلسلات "عمرو بن العاص" و"عمر بن عبدالعزيز" و"هارون الرشيد" و"عبدالله النديم" و"الايام" الذي تناول قصة حياة الدكتور طه حسين، وعُرض خلال رمضان الماضي، اضافة بالطبع الى مسلسل "أم كلثوم" من بطولة صابرين وتأليف محفوظ عبدالرحمن واخراج انعام محمد علي وهو لاقى نجاحاً كبيراً. ومسلسل "نسر الشرق" والذي يحكي قصة حياة صلاح الدين الايوبي. ويُصور حالياً غير عمل يتناول سير شخصيات بارزة ابرزها فيلم "أيام السادات" بطولة احمد زكي وميرفت امين وتأليف احمد بهجت واخراج محمد خان، ويتناول قصة حياة الرئيس الراحل انور السادات. ومسلسل "الحسن البصري" بطولة عزت العلايلي وتأليف عايد الرباط واخراج احمد توفيق. و"هو صحيح الهوى غلاب" تأليف جيلان حمزة وبطولة محمد الحلو واخراج سمير الصدفي، ويتناول قصة حياة الموسيقار زكريا احمد. ومسلسل "ذو النون المصري" من تأليف عبدالسلام امين وبطولة ممدوح عبدالعليم واخراج هاني لاشين ويدور حول شخصية الفقيه الفيلسوف ثوبان ابن ابراهيم الاخميمي الشهير بذي النون المصري الذي درس المنقول من اصول الشريعة الاسلامية والفقة والحديث. ويصور المخرج شيرين قاسم الذي انتهى اخيراً من تصوير مسلسل يحكي قصة حياة عقبة بن نافع عنوانه "الفتح المبين" من تأليف بهاء الدين ابراهيم ومسلسلاً جديداً عن حياة "الظاهر بيبرس" من تأليف طه شلبي الذي انتهى من كتابة مسلسل الموسيقي والمغني "زرياب" الذي يحكي قصة حياة زرياب، الذي انشأ اول معهد موسيقى في الاندلس وتخرج فيه العديد من الشخصيات العربية والاجنبية، واضاف الوتر الخامس الى العود وغير المضراب الريشة من الخشب الى ريشة من قوادم النسر واسس الادوار الموسيقية المسماة الموشحات ويُعد الاساس والمرجع للنهضة الموسيقية في اوروبا. كما انتهى المؤلف محمد ابو العلا السلاموني من كتابة مسلسل "محمد علي" الذي كان مقرراً ان يخرجه حسام الدين مصطفى قبل رحيله، ويتناول هذا العمل قصة حياة محمد علي حاكم مصر ومؤسس أسرة ملوكها في القرنين التاسع عشر والعشرين، منذ قدومه جندياً الى مصر ومروراً بتوليه الحكم في العام 1805 وانتهاء بفتوحاته وتأسيسه الدولة المصرية الحديثة. كما انتهت المؤلفة اميرة ابو الفتوح من كتابة مسلسل "فارس الرومانسية" والذي يتناول قصة حياة الاديب يوسف السباعي. وانتهى المؤلف عبدالسلام امين من كتابة مسلسل عن الشاعر "عمر الخيام" واعلن انه بصدد كتابة مسلسل يتناول قصة حياة الموسيقار محمد الموجي، في الوقت الذي اعلنت فيه المخرجة انعام محمد علي انها اتفقت والمؤلف محفوظ عبدالرحمن على كتابة مسلسل يحكي قصة حياة العندليب عبدالحليم حافظ. عن خلفيات هذا الاتجاه يقول المؤلف بشير الديك ل"الوسط": "ستظل الشخصيات التاريخية او العامة مصدراً مهماً للكثير من الاعمال الفنية حتى الادبية منها. ومرجع ذلك ان هذه الشخصيات قادرة في العادة على عكس ظروف عصرها في شكل جيد، وهذا امر طبيعي ومهم. ولكن الاكثر اهمية هو معالجة هذه الاعمال، هل يمكن دائماً أن تكون اعمالاً فنية جيدة ام لا؟ لأن النية الطيبة وحدها لا تكفي". وحول تدخل ورثة بعض الشخصيات العامة في النصوص الدرامية والمشاكل التي يثيرونها احياناً يقول الديك: "المفروض ان الشخصية العامة ملك للمجتمع طالما انها انتجت اثاراً مسّت هذا المجتمع من هنا قد لا يحق لورثة هذه الشخصيات أن يحتجوا الا احتجاج المتفرج العادي على الرداءة او عدم الامانة او ما شابه من احتجاجات، فالشخصية العامة يمكن تورث أقاربها منقولات مادية ولكنها لا يمكن ان تورثهم فكراً عاماً. فالمواقف الاجتماعية والتاريخية والسياسية غير قابلة للتوريث،" ويضيف الديك: "اتمنى تقديم شخصية احمد عرابي في عمل درامي لانها مثل كثير من الشخصيات قادرة على ان تعكس او تكشف طبيعة الانسان المصري والمرحلة التاريخية". اما المخرج محمد فاضل فيقول: "الناس يشعرون انهم في احتياج الى الاحساس بالانتماء وبالتالي هناك اقبال على تقديم نماذج من الزعامات سواء في مجال الفن او السياسة من اجل تقديم القدوة ايضا، وفي رأىي ان تقديم التاريخ المعاصر في شكل درامي يمثل ظاهرة صحية بغض النظر عن تفاوت المستوى الفني في هذه الاعمال، لأن بعضها قد لا يحالفه التوفيق في تقديم الشكل الفني للمرحلة التي يتعرض اليها"، ويؤكد فاضل: "المهم ان يخرج العمل الفني الى الجمهور في شكل فني جذاب بغض النظر عن كون الشخصية عامة ويعرفها الجميع او يعرفها الخاصة". ويقول المؤلف عايد الرباط الذي قدم شخصيات دينية بارزة ابرزها "البخاري" و"مسلم" و"الترمذي" و"الليث بن سعد" و"الحسن البصري" واكثر من ثمانين شخصية في مسلسل "العشق الإلهي": "لا يوجد مجتمع من دون مَثَل، فنهضة مصر الحديثة، على سبيل المثال، قامت دينياً على اكتاف محمد عبده وسياسياً على اكتاف سعد زغلول ومصطفى كامل ومحمد فريد، واقتصادياً طلعت حرب وادبياً طه حسين والمازني وشعرياً احمد شوقي وحافظ ابراهيم وموسيقياً سيد درويش، وعن نفسي فإنني اتناول منذ فترة الرموز الدينية على مر العصور وبالنسبة اليّ ان اقدم رمزاً لأقول ماذا فعل او اضاف. افضل المغامرة من تقديم شخصية من قلب الخيال او اتتك برواية او حادثة لأحملها ما اريده". ويضيف الرباط: "لن نستطيع التأريخ لامة الا من خلال هذه الشخصيات التي نتناولها في العديد من الاعمال". ويقول المؤلف محمود النجار الذي انتهى من كتابة مسلسلين الاول يحكي قصة حياة مي زيادة عنوان "عاشقة المستحيل" والثاني عن المثال محمود مختار وعنوانه "أنامل من ذهب" ويعكف حالياً على كتابة مسلسل عن "أحمد حلمي": "توجد عوامل كثيرة تدفع المؤلفين الى التصدي للشخصيات العامة منها الاعجاب بالشخصية ولملامستها شيء ما، في داخل المؤلف، الى جانب ان هذه الشخصيات بمثابة القدوة التي تمكن من اعادة المجد القديم، خصوصاً ان الفترة الحالية قليل من ينجح فيها ويكمل المشوار". ويضيف النجار: "الاقتراب من الشخصيات التاريخية تجابهه حساسية شديدة ومن المفترض لمن يتصدى لكتابة الاعمال التاريخية ان يكون دارساً للفترة وابعادها الاجتماعية والسياسية ويعرف لماذا يقدمها في الوقت الحالي الى جانب ايمانه بالفكرة".