بدعوة من منظمة الخليج للاستشارات الصناعية، تستضيف شركة الاسمنت الوطنية في دبي ممثلين عن 23 مصنع للاسمنت تعمل في منطقة الخليج في لقاء يعقد يوم 16 أيار مايو الجاري، لتبادل وجهات النظر والتنسيق بين منتجي الاسمنت في دول مجلس التعاون، في ضوء الواقع الراهن لهذه الصناعة، ومناقشة الاسواق المتاحة والمنافسة الاقليمية والعالمية، والبحث في امكانية دمج مصانع الاسمنت الخليجية. ويعد هذا الاجتماع المتخصص الرابع الذي تعقده المنظمة على صعيد قطاع الاسمنت حيث عقدت في الماضي اجتماعات في كل من قطروالامارات العربية المتحدة وكان آخرها في المملكة العربية السعودية العام 1997. ويبلغ عدد مصانع مواد البناء في دول مجلس التعاون الخليجي 1300 مصنع تستثمر حوالي 9 مليارات دولار ويصل عدد القوى العاملة فيها الى نحو 77 ألف عامل، وتستحوذ هذه الصناعة ومنتجاتها على 70 في المئة من حجم الاستثمار في هذا القطاع اي حوالي 6 مليارات دولار من خلال 650 مصنعاً، وتشغل 52 في المئة من اجمالي العاملين في صناعة البناء اي بما يعادل 38 ألف عامل. بينما يصل عدد مصانع الاسمنت الى 24 مصنعاً تنتج حوالي 27 مليون طن من الاسمنت ويبلغ حجم الاستثمار فيها نحو 5 مليارات دولار والقوى العاملة فيها حوالي 12 ألف عامل. واذا كان تراجع اسعار النفط في العام 1998 قد اعطى صورة سلبية لتراجع حجم اعمال قطاع المقاولات في المنطقة العربية، وساهمت هذه الصورة بدورها في وضع صناعة الاسمنت العربية امام تحديات المنافسة فضلاً عن مستحقات التباطؤ الاقتصادي في دول مجلس التعاون الخليجي، فإن عودة اسعار النفط للارتفاع الى مستويات قياسية في العام 1999، وزيادة عائدات الدول المنتجة، واستمرار الاسعار المرتفعة خلال العام الحالي والتي يراهن كثيرون على عدم تراجعها الى اقل من 20 دولار للبرميل، من شأن كل ذلك ان يساهم في زيادة الانفاق الحكومي على المشاريع، وبالتالي انقاذ صناعة الاسمنت من التدهور وجعلها في موقع جذب للمستثمرين العرب والاجانب. وتؤكد هذه التطورات صحة توقعات منظمة الخليج للاستشارات الصناعية، التي تقدم عادة المشورة الى حكومات دول مجلس التعاون الخليجي، في تقرير اشارت فيه الى وجود آفاق واعدة امام مصانع الاسمنت الخليجية في المرحلة المقبلة على صعيد الاسواق الخارجية اذ ان الدول الافريقية تعاني من نقص كبير في الطاقات الانتاجية فيما تمثل الدول الآسيوية اسواقاً محتملة لصادرات الخليج من الاسمنت. وحضت المنظمة مصانع الاسمنت في دول مجلس التعاون على التفكير جدياً في تطوير الاساليب التسويقية لتصريف فائض الاسمنت لديها في السوق الدولية، ودعت الى تعاون المصانع في المنطقة لاستكشاف فرص التسويق المتاحة في اسواق العالم مع الترويج للمنتج الخليجي بهدف تعريف الاسواق الاستهلاكية بميزاته وخصائصه المهمة تمهيداً لتأمين حصة معقولة ومناسبة للاسمنت الخليجي في الاسواق العالمية مع الاهتمام بجودة المنتج الخليجي لجهة تطابقه مع المواصفات الدولية للجودة. وجاءت هذه التوقعات المتفائلة للمنظمة الخليجية في الوقت الذي توقعت فيه مصادر صناعة الاسمنت في الامارات ان يبلغ حجم الفائض في انتاج مصانع الاسمنت في المنطقة نحو خمسة ملايين طن سنة 2000، بعد استكمال التوسعات في عدد من المصانع القائمة وخاصة في السعودية ودولة الامارات. وأشارت الى ان استهلاك المنطقة من مادة الاسمنت وصل العام الماضي الى 28 مليون طن فيما قدر انتاج مصانع الاسمنت بنحو 30 مليون طن، اتجه جزء منه الى الاسواق الخارجية. وكانت مصانع الاسمنت في الخليج قد استطاعت ان تغطي بمنتجاتها المتنوعة الحاجات الكلية لسوق المنطقة المحلية وأن تحقق فائضاًَ تصديرياً خلال السنوات 1988 - 1992، اذ ارتفع الانتاج من 7.16 مليون طن الى نحو 22 مليون طن مقابل زيادة الاستهلاك من 4.16 مليون طن الى 2.21 مليون طن للسنوات المذكورة. ولفت تقرير وضعته منظمة الخليج للاستشارات الصناعية الى انه نتيجة لإفرازات حرب الخليج وتوقف اعمال البناء والتشييد اثناء تلك الفترة، بدأ الطلب على الاسمنت في الارتفاع مع نهاية عام 1992 وبداية عام 1993 ما ادى الى ارتفاع الاسعار في صورة ملحوظة نتيجة لقلة العرض مقابل الطلب المتنامي، وبالتالي الى تدخل الجهات المسؤولة وفتح باب الاستيراد للاسمنت، كما عملت المصانع على زيادة حجم انتاجها في صورة كبيرة الى جانب التقليل من مخزونها. وأوضح التقرير ان الجهود التنسيقية بين السلطات المسؤولة ومنتجي الاسمنت ادت الى استقرار الاسعار منذ العام 1994 بصورة عامة. واعتبرت المنظمة ان هذا الاستقرار في دول مجلس التعاون، يشير الى نجاح سياسة متابعة استيراد الاسمنت والسيطرة على السوق المتبعة من جهات الاختصاص، والى كفاءة شركات الاسمنت المحلية في زيادة الانتاج ورفعه الى معدلات فاقت الطاقات التصميمية، مع جدولة التوزيع المباشر للعملاء. وكان لاستقرار الطلب وتوافر المعروض الاثر المباشر على استقرار الاسعار وبالتالي خروج السماسرة والوسطاء من دائرة التسويق. وتحتل المملكة العربية السعودية المرتبة الاولى بين دول مجلس التعاون الخليجي في صناعة الاسمنت، وفيها عشرة مصانع يبلغ انتاجها السنوي 23 مليون طن، تغطي حاجة الاستهلاك المحلي وتعاني من مشكلة الفائض الذي يبلغ سنوياً نحو ستة ملايين طن، وهي تفتش عن اسواق للتصدير، وقد تمكنت شركة "اسمنت تبوك" تصدير كمية 34 ألف طن اسمنت الى السودان عن طريق ميناء ضباء شمال غربي السعودية وذلك من اصل 100 ألف طن تم الاتفاق على تصديرها الى السوق السوداني. وعلى رغم فائض الانتاج الذي يشكل 25 في المئة من الطاقة الانتاجية لمصانع الاسمنت في المملكة، فإن "اسمنت تبوك" تسوّق نحو 600 طن يومياً في السوق المحلية ولديها بحوث ودراسات للدخول الى عدد من الاسواق العربية وفي مقدمها مصر والاردن ولبنان، اضافة الى البحث في امكان التصدير الى اسواق جنوب أفريقيا وجيبوتي مستقبلاً. ويبدو ان وجود فائض الانتاج في السوق السعودي لم يمنع من دخول استثمارات جديدة خصوصاً لجهة توسيع بعض المصانع ورفع طاقتها الانتاجية، وقد بدأت شركة "اسمنت تبوك" التشغيل التجريبي لمصنعها الجديد الذي بلغت تكاليفه 1.1 مليار ريال. كذلك تخطط شركة "الاسمنت الابيض" السعودية لبدء التشغيل التجاري لمصنع انتاج الاسمنت الابيض في الصيف المقبل. وقال الامير فيصل بن عبدالمجيد بن عبدالعزيز رئيس مجلس ادارة الشركة "ان الاعمال الانشائية للمصنع المقام في الرياض مستمرة حسب الجدول الزمني المتفق عليه مع الشركة المنفذة للمشروع". وأشار الى ان استثمارات المصنع تصل الى نحو 300 مليون ريال علماً انه يقام على مساحة 500 ألف متر مربع وبطاقة انتاجية تصل الى نحو 200 ألف طن سنوياً. ويواجه مشروع دمج شركات الاسمنت العاملة في السعودية ثماني شركات التعثر تلو التعثر على رغم الصعوبات التي تواجه هذه الشركات في السوق من حيث زيادة المعروض على الطلب. وتدخل دولة الامارات خلال العام الحالي والعامين التاليين مرحلة جديدة من التطور الصناعي في مجال صناعة الاسمنت لتحتل المرتبة الثانية بعد السعودية بطاقة تتجاوز 11 مليون طن في العام، وذلك بعد تشغيل مصنع جديد في المنطقة الحرة لجبل علي بطاقة انتاجية 450 ألف طن، ودخول خط انتاج جديد في شركة "رأس الخيمة للاسمنت" بطاقة انتاجية مليون طن، اضافة الى مصنع قيد الانشاء تابع ل"شركة الشارقة" بطاقة مليون طن اسمنت "كلنكر". وفي حضرموت شرق اليمن تأسست شركة يمنية - عمانية لإنتاج الاسمنت وتسويقه اطلق عليها "شركة المكلا ريسوس للتجارة والصناعة" برأس مال اولي 600 ألف دولار. وتملك مؤسسة سالم عبدالرحمن باجرش اليمنية نسبة 51 في المئة من حصة الشركة ومصنع "ريسوس للاسمنت" في صلالة عمان نسبة 49 في المئة. وفي مسقط، انهت شركة "ريسوت للاسمنت" مشروع توسيع المصنع وانشاء خط الانتاج الثاني. وقد اكد سعيد بن أحمد الرواس المدير العام وعضو مجلس الادارة المنتدب لشركة "ريسوت للاسمنت" انه تم التشغيل التجريبي للآليات والمعدات بدون احمال، وسيصل الانتاج في البداية الى نصف مليون طن من خط الانتاج الثاني وسوف ترتفع الطاقة الانتاجية بشركة "ريسوت للاسمنت" الى سبعمائة وخمسين ألف طن في العام اذ ان الخط الحالي ينتج مائتين وخمسين ألف طن سنوياً. وفي قطر انشئ العام الماضي مصنع جديد الثاني من نوعه في مدينة "ام باب" مما يمكن شركة "قطر الوطنية لصناعة الاسمنت" من الوفاء باحتياجات السوق المحلية من الاسمنت وعدم استيرادها. وتبلغ طاقة المصنع الجديد 2000 طن كلنكر يومياً اما طاقة "المصنع الاول" تبلغ 1000 طن كلنكر يومياً اي ان الطاقة الانتاجية الاجمالية للمصنعين تبلغ مليون طن سنوياً من الاسمنت بنوعيه العادي والمقاوم للاملاح