خلص مؤتمر خصص لمناقشة صناعة الاسمنت في دول مجلس التعاون الخليجي عقد في دبي الى الاقرار بأن هذه الصناعة تواجه مشاكل متعددة اهمها غياب التنسيق بين الشركات المصنّعة واستيراد بعض الدول من الخارج على رغم وجود فائض في دول اخرى، وانخفاض الاسعار الى مستويات متدنية مما أضر بالمنتجين. واوصى المؤتمرون بانشاء شركة موحدة لتسويق منتجات الاسمنت وبيعها محلياً وعالمياً والسير قدماً في خطوات الاندماج بين بعض المصانع في ضوء الحجم الكبير الموظف في صناعة الاسمنت والمقدر بنحو خمسة بلايين درهم 1.3 بليون دولار والتي توظف 77 ألف عامل، وسط تزايد الحاجة الى انشاء مراكز للبحث والتطوير لقطاع صناعة مواد البناء في دول مجلس التعاون باعتبار ان البحث والتطوير هما العمود الفقري لهذه الصناعة الحيوية. واشار الدكتور إحسان علي بو حليقة الامين العام ل"منظمة الخليج للاستشارات الصناعية" التي رعت المؤتمر الى ان عدد مصانع الاسمنت العاملة في دول المجلس ارتفع من 21 مصنعاً عام 1990 الى 24 مصنعاً العام الماضي. كما تطور انتاج الاسمنت في دول المجلس الى 29 مليون طن عام 1999 فيما وصل انتاج الاسمنت في الدول العربية مجتمعة الى نحو 97 مليون طن في حين تجاوز الانتاج العالمي 1540 مليون طن. واكد الامين العام للمنظمة على اهمية التوصل الى حلول تكفل زيادة الانتاج المحلي، وتحدد سبل التعاون والتنسيق بين المنتجين وخصوصاً في مجال اسعار وتصدير الاسمنت الخليجي الى الدول المجاورة والاسواق العالمية الاخرى لما في ذلك من مصلحة اقتصادية مشتركة. وقال ان جهوداً تبذل حالياً لدمج بعض المصانع الخليجية مشيراً الى ان هناك عدداً من العوامل التي ادت الى الاندماجات في العالم منها الرغبة في خفض تكاليف الانتاج واجتذاب زبائن اكثر وزيادة الحصص في الاسواق ورفع قيمة المبيعات لتحقيق المزيد من الارباح، معتبراً انها اهداف مشروعة يسعى اليها كل من يعمل في اي قطاع انتاجي او خدمي. واشار الى ان المنظمة ترى ضرورة التوصل الى الآلية المناسبة لدمج بعض او كل الشركات بهدف خفض التكاليف والاستفادة من وفورات الحجم وزيادة القدرات التنافسية، اضافة الى اصدار قوانين تمنع الاحتكار ودرس جدوى تأسيس شركة اقليمية للتسويق والبيع المشترك للاسمنت. ورأى محمد عبدالله الغرير المدير العام ل"شركة الاسمنت الوطنية" في دبي في مداخلة قدمها للمؤتمر ان المشكلة "لا تتمثل في الصناعة بقدر ما تتمثل في مفهوم اصحاب القطاع لهذه الصناعة لانهم لم يدركوا المشاكل التي واجهتهم. ففي ما يتعلق بمجال التقنية لم يستفيدوا من الامكانات التي كان يوفرها لهم عدد من الشركات العالمية والعربية والخليجية. وفي ما يتعلق بالايدي العاملة كان اعتمادها الاكبر على الايدي العاملة الآسيوية ولم يهتموا بتدريب العمالة الوطنية. وفي مجال المواد الخام فإن الشركات المحلية اتجهت الى استيراد المواد الخام من خارج دول المجلس بدلاً من الاعتماد على المصادر الطبيعية المتوفرة بها". واشار الغرير الى ان "الاسمنت الوطنية" استثمرت خلال الاعوام الثلاثة الماضية نحو 100 مليون درهم في توسعات تقنية وتكنولوجية كان الغرض منها بالاساس الحفاظ على البيئة من التلوث الناتج عن صناعة الاسمنت. واشار كمال احمد عبدالرحيم اخصائي المعلومات الاول في "منظمة الخليج للاستشارات" الى ان طاقات الاسمنت العربية ارتفعت من 93.7 مليون طن عام 1993 الى 122 مليوناً بنسبة زيادة بلغت 3.5 في المئة في حين ان معدل استغلال الطاقة لم يتعد في المتوسط 78 في المئة خلال هذه الفترة مشيراً الى ان طاقات الاسمنت في دول مجلس التعاون شكلت نسبة 38 في المئة من طاقات الاسمنت العربية. وفي ما يتعلق بالانتاج الفعلي في الدول العربية خلال التسعينات فقد ارتفع من 66 مليون طن عام 1991 الى 96 مليوناً عام 1996 بنسبة زيادة بلغت 45 في المئة. وفي المقابل ارتفع الاستهلاك من 66 مليون طن عام 1991 الى 99 مليوناً عام 1999 بزيادة بلغت 4.4 في المئة، مشيراً الى ان الانتاج مقابل الاستهلاك شكل عجزاً بلغ 2.3 مليون طن عام 1999 بسبب عدم استغلال الطاقات بالكامل في كثير من الدول العربية من الاسمنت ولهذا اصبح الانتاج لا يغطي الاستهلاك مما حدا بالكثير من الدول العربية الى التوجه نحو الاستيراد سواء في اطار التجارة العربية ام من الأسواق الدولية. واوضح ان السعودية تتصدر الدول العربية في حجم طاقتها الانتاجية من الاسمنت اذ بلغت في العام الماضي 22.7 مليون طن تلتها الامارات بطاقة انتاجية قدرها 11.1 مليون طن، لافتاً الى ان هذه الزيادة في الطاقات الانتاجية تزامنت مع التوسعات التي شملت معظم المصانع المتكاملة في دول المجلس اضافة الى دخول مصانع جديدة للانتاج في كل من تبوك السعودية و"شركة رأس الخيمة للاسمنت" و"مطحنة جبل علي"، مشيراً الى انه على رغم هذه التوسعات فإن نسبة طاقات الكلنكر الى الاسمنت في الامارات والتي تبلغ 1:2 بقيت كما هي عليه مما حدا ببعض المصانع في الامارات الى الاستمرار في استيراد الكلنكر لكميات تصاعدية بلغت 2.9 مليون طن عام 1999. أما فيما يتعلق بالانتاج فاشارت الدراسة الى انه شهد تطوراً من حوالى 22 مليون طن عام 1992 الى 29 مليوناً عام 1999 بزيادة بلغت 31 في المئة، وقالت ان معدل استغلال الطاقة بلغ 92 في المئة عام 1995 الا انه لم يتعد 72 في المئة عام 1999 بسبب ارتفاع طاقات الاسمنت نتيجة التوسعات والمصانع الجديدة التي تم انشاؤها وهذا يدلّ على وجود طاقات عاطلة على مستوى دول مجلس التعاون بلغت 27 في المئة من اجمالي الطاقات المتاحة فيها. وتتركز الطاقات العاطلة في السعودية اذ بلغت نسبة استغلال الطاقة فيها الى حوالى 72 في المئة وفي الامارات التي بلغ معدل استغلال طاقاتها من الاسمنت 71 في المئة والبحرين وقطر ومعدل استغلال الطاقة في كل منهما بلغ 54 في المئة و4.6 في المئة على التوالي للعام نفسه.