اشربوا ثلاثة أكواب من عصير البرتقال يومياً، فهذا يقي قلوبكم. ففي دراسة كندية انجزت حديثاً تبين ان العصير الذهبي الضارب إلى الوردي يرفع من مستوى الكوليسترول الجيد HDL الواقي للقلب والشرايين بنسبة 21 في المئة. والباحثون الذين أشرفوا على الدراسة يقولون إن هذا يرجع إلى احتواء البرتقال على مركبات الغلافونيد، إضافة إلى ذلك فالعصير ينقص من المادة السامة المعروفة باسم "هيموسيستين" التي تشكل عامل خطر مهما يضرب القلب والشرايين. إن ثلاثة أكواب من عصير البرتقال تكفي، إذ قد يخطر على بال البعض أن يشرب أكبر عدد من الأكواب للحصول على فائدة أكبر، والواقع ان هذا السلوك يعتبر نوعاً من الافراط قد تنتج عنه بلبلة في توزيع الكلس في الجسم، وبالتالي حدوث عرقلة في العمليات الدفاعية لمواجهة الأمراض، خصوصاً الالتهابات. يعتبر البرتقال من الفواكه الشهية التي عرفها الإنسان منذ فجر التاريخ، فهذه الثمرة لاقت اهتماماً كبيراً من الناس في كل العصور، والعلم الحديث اهتم بها عن كثب فاكتشف فيها وما زال العديد من المنافع والفوائد الصحية للإنسان. والبرتقال ثمرة كاملة إذا صح التعبير، فهو يحتوي على الكثير من العناصر الغذائية مثل الحديد والفوسفور والكالسيوم والفيتامين "ب1" و"ب2"، والنياسين والفيتامين "ث"، إضافة إلى سكر الفواكه الطبيعي الذي يقدم للجسم طاقة سريعة يمكنه الاستفادة منها حالاً. والطبيعة منّت على الإنسان بهذه العناصر الغذائية ضمن قشرة سميكة واقية تسمح للبشر بالاستفادة منها في أي زمان ومكان. وإضافة إلى الفيتامينات والمعادن، بينت الأبحاث الحديثة ان البرتقال يحتوي على مركبات معقدة تجعل منه واحداً من أهم الأغذية المضادة للأكسدة، وهذا يعني ان هذه المركبات تستطيع تدمير الجذور الحرة وذلك قبل ان تعمل هذه الأخيرة في الجسم هدماً وتخريباً، خصوصاً إذا عرفنا ان الجذور المذكورة تعتبر المفتاح الرئيسي الذي يفتح الباب على مصراعيه أمام الاصابات الوعائية القلبية والدماغية. ومما لا شك فيه ان البرتقال غني بالفيتامين "ث"، الذي اعتبر منذ زمن طويل أنه يملك فعلاً مضاداً للأكسدة لا يستهان به، لكن العلماء عندما قاموا بقياس الفعل المضاد للأكسدة في كل من المركبات المعقدة للبرتقال والفيتامين "ث" المتوافر فيه، اتضح لهم ان الأولى أي المركبات المعقدة لها فعل مضاد للأكسدة يفوق بثلاث إلى ست مرات ما هو عليه في الفيتامين "ث". وفي إطار دراسة على الجرذان التي اعطيت خلاصة من قشر البرتقال التي تحتوي على مادة معقدة تدعى "هيسبيريدين"، اكتشف ان الخلاصة استطاعت زيادة مستوى الكوليسترول الجيد HDL وفي الوقت نفسه خفضت من مستوى الكوليسترول السيئ الضار بالشرايين، والتجارب الآن تجرى على الإنسان لوضع النقاط على الحروف. لكن فائدة الهيسبيريدين لا تتوقف عند هذا، فالتجارب المختبرية أشارت إلى أنه يملك دوراً في وضع حد للالتهاب. وبناء على ذلك فإن الباحثين يفكرون في استعمال هذه المادة لوقاية الغشاء المخاطي للمعدة لدى الأشخاص الذين يعانون من حساسية في معداتهم لدى تناولهم الأدوية المضادة للالتهاب كالاسبرين مثلاً. وعلى صعيد السرطان، فإن دراسات مختبرية مختلفة نوهت بأن مادة "ليمونين" الموجودة في البرتقال تستطيع أن تثبط سرطانات الرئة والثدي. وفي تجربة تمت على الحيوانات اعطيت أطعمة تحتوي على 10 في المئة من الليمونين، لوحظ هبوط الأورام السرطانية بنسبة 70 في المئة، أما الأورام الباقية فإن 20 في المئة منها وصلت إلى أحجام تعادل نصف ما كانت عليه في البداية، أي قبل إضافة الليمونين. إن الأبحاث على الليمونين مستمرة، وهي واعدة في نتائجها، خصوصاً في إطار سرطان الثدي. إن تأثير الليمونين على الخلايا السرطانية مثير للدهشة، إذ أن هذه الخلايا تدمر نفسها بنفسها، وبكلام آخر، الليمونين يساعد الخلايا على "الانتحار". إن غنى البرتقال بالفيتامين "ث" يجعله في مقدم الأغذية الواقية والشافية، إذ أن برتقالة واحدة يومياً تكفي لسد احتياجات الإنسان منه. فالفيتامين "ث" لا يلعب دوراً في مناهضة الجذور الحرة وحسب، بل انه يساعد على تثبيت الكلس في العظام ويحول دون الاصابة بداء الاسقربوط نزف اللثة ويسرع من التئام الجروح، ويحث الجهاز المناعي على العمل بنشاط للوقوف بالمرصاد أمام الأمراض الانتانية المترافقة مع ارتفاع في الحرارة. كما ان الفيتامين "ث" يساعد على امتصاص الحديد من الأطعمة وهذا التأثير مهم عند النساء اللاتي يفقدون شهرياً كمية من الحديد خلال الدورة الشهرية. والبرتقال غني بالألياف، فبرتقالة واحدة تمد الفرد بثلاثة غرامات منها الألياف، أي ما يعادل 15 في المئة من حاجة الإنسان اليومية. والألياف نوعان: منحلة وغير منحلة. والألياف غير المنحلة تزيد من الكتلة البرازية فتساهم في التخفيف من الاضطرابات المعوية كالإمساك والبواسير وتقلل من الاصابة بالرتوج فتوق على جدران الأمعاء، كما أنها تسرع من عملية الهضم ومن مرور فضلات الطعام بحيث تبقى زمناً أقل بالتماس مع الغشاء المخاطي، وهذا ما يقلل من خطر الاصابة بسرطان القولون. أما الألياف المنحلة، فإنها تتفسخ في الأمعاء الدقيقة لتشكل طبقة هلامية على شكل حاجز يغلف الأمعاء من الداخل، وهناك دراسات تشير إلى أن الألياف المنحلة تساهم في تخفيض الكوليسترول من خلال تنظيمها لمستوى السكر في الدم. وفوائد البرتقال تتجاوز قشره ولبه وعصيره لتشمل أوراقه وزهوره. فأوراقه تستعمل لتهدئة أوجاع الرأس وعلاج الحازوقة والسعال. وزهوره تفيد في إزالة التشجنات وتهدئة الخفقانات ومحاربة الارق والقلق. أخيراً بقي علينا أن نعلم أن أكل سبع برتقالات يومياً يمكن ان يخفض من الكوليسترول الكلي بمعدل 20 في المئة. طبعاً قلة من الناس تستطيع ذلك، والمهم في الموضوع ان نأكل كل يوم خضاراً وفاكهة و... برتقالاً، وعندها فإن الكوليسترول سيهبط لا محال.