بالرغم من المقولات الشائعة حول الدور الاميركي في عملية السلام ما بين مؤيد ومعارض، الا ان وجودها في الصراعات المحلية والاقليمية واطلاق قدرتها العسكرية والاقتصادية يزداد بسرعة وقوة، لا يتيح فرصة امام المعارض الا ان يقبل بما هو واقع، ولقد استثمرت الولاياتالمتحدة وقتاً طويلاً وموارد كثيرة ورأس مال سياسي في عملية السلام العربية - الاسرائيلية، وما زالت ادارة الرئيس كلينتون على استعداد لمضاعفة الجهود للتوصل الى سلام سوري - اسرائيلي. ان قوة الولاياتالمتحدة تتمثل في ثقة شعوب المنطقة لتكون شريكاً في عملية السلام، ومن هنا تطلب منها سورية واسرائيل بأن تمارس ضغوطاً على الطرف الآخر. ان التوصل الى اتفاقية سلام بين سورية واسرائيل سيكون سلاماً ينهي الصراع العربي - الاسرائيلي في المنطقة، وستؤدي الى تغيير أحوال المنطقة وتدفعها الى تغيير النظرة الأمنية. وفي اطار دور الولاياتالمتحدة كوسيط يتضمن تقديمها معونات مالية ضخمة، فهي تدرك ان الاستقرار الاقتصادي في المنطقة هو الدعامة الاساسية للاستقرار السياسي، فبعد الاتفاق السلمي بين مصر واسرائيل حصلت مصر على بليوني دولار وحصلت اسرائيل على ثلاثة بلايين دولار في شكل دعم اقتصادي وعسكري. وفي السيناريو السوري - الاسرائيلي، ستقوم الولاياتالمتحدة بتشجيع الاستثمار بالذات في سورية ومحو اسمها من قائمة الدول راعية الارهاب، وهذه كلها رسائل ايجابية كفيلة بأن تفتح الباب مرة اخرى، وبالنسبة الى اسرائيل فستطالب بالعديد من بلايين الدولارات أو القروض لاعادة توطين 17 ألف مستوطن سيتم اجلاؤهم من الجولان. ستكون فاتورة السلام بين سورية واسرائيل باهظة للولايات المتحدة، لكن ذلك لا مفر منه وهي ستحقق مصالحها الاستراتيجية على المدى الطويل والقصير. أحمد عبدالجواد الخرطوم- السودان