ورش وجلسات حوارية بجامعة مقرن    السعودية في قمة العشرين: موقف ثابت تجاه حل الدولتين وضرورة إحلال السلام    بيل غيتس: السعودية تضطلع بدور ريادي لدعم وتمكين الشباب    الأخضر السعودي يتعثر أمام إندونيسيا بثنائية في تصفيات مونديال 2026    الشورى يطالب بنك التنمية الاجتماعية بالتوسع في المناطق    ضبط شخص في القصيم لترويجه مادة الإمفيتامين المخدر    مانشيني يضع «إعجاب» على منشور خسارة الأخضر    درب العلا يعود بمسارات متنوعة    استعراض 97 مشروعًا ومبادرة تحسين في ملتقى الجودة السنوي لتجمع القصيم الصحي    أمير تبوك يستقبل المواطن ممدوح العطوي الذي تنازل عن قاتل أخيه لوجه الله تعالى    محافظ الأحساء يرعى إطلاق 24 كائناً فطرياً في متنزَّه الأحساء الوطني    بتوجيه من وزير الداخلية.. قرارات إدارية بترقية 1604 أفراد من منسوبي ومنسوبات الجوازات    مؤسسة هيفولوشن الخيرية تخصص 400 مليون دولار لتعزيز الأبحاث العالمية في مجال إطالة العمر الصحي منذ بدء أعمالها في عام 2021    تجمع الرياض الأول يسهم في تعزيز الرعاية الصحية خلال معرض ساند آند فن 2024    أمير المدينة يطلع على الجهود المبذولة في عمليات التسجيل العيني للعقارات    الهيئة العامة للصناعات العسكرية تشارك في الملتقى البحري السعودي الدولي الثالث    نائب أمير مكة يستقبل رئيس الشؤون الدينية بالحرمين الشريفين    الأربعاء.. 3 مباريات من "مؤجلات" دوري يلو    أمير القصيم يستقبل سفير أوكرانيا    أرامكو ورونغشنغ توقعان اتفاقية لتوسعة مصفاة ساسرف    محمد بن عبدالعزيز يطلع على جهود تعليم جازان لانطلاقة الفصل الدراسي الثاني    الجامعة العربية تعقد مؤتمرًا دوليًا بالأردن حول دور المجتمع الدولي في تعزيز حقوق الطفل الفلسطيني    هوكشتاين متفائل من بيروت: هناك فرصة جدية لوقف النار    مجمع الملك فهد يطلق "خط الجليل" للمصاحف    ارتفاع عدد الشهداء الفلسطينيين في العدوان الإسرائيلي إلى 43972 شهيدًا    الهويّة السعوديّة: ماضي ومستقبل    في اليوم ال1000 لحرب أوكرانيا.. روسيا إلى عقيدة نووية جديدة    مركز الملك سلمان للإغاثة ينظم المؤتمر الدولي للتوائم الملتصقة الأحد القادم    «السعودية للكهرباء» و«أكوا باور» و«كوريا للطاقة» توقع اتفاقية شراء الطاقة لمشروعي «رماح 1» و«النعيرية 1»    جودة التدريس ومخرجات التعليم    سماء غائمة تتخللها سحب رعدية ممطرة على جازان وعسير والباحة    القيادة تهنئ أمير موناكو بذكرى اليوم الوطني لبلاده    دراسة: القراء يفضلون شعر «الذكاء» على قصائد شكسبير!    انعقاد أولى الجلسات الحوارية في المؤتمر الوطني للجودة    العتودي الحارس الأخير لفن الزيفه بجازان    اتهامات تلاحق كاتباً باستغلال معاناة مريضة ونشرها دون موافقتها    بعد سيلين ولوبيز وكاميلا.. العالمي هوبكنز يعزف في الرياض    «عكاظ» تكشف تفاصيل 16 سؤالاً لوزارة التعليم حول «الرخصة»    وزير الدفاع ونظيره الفرنسي يبحثان آفاق التعاون العسكري    163 حافظا للقرآن في 14 شهرا    الأخضر «كعبه عالي» على الأحمر    «الإحصاء»: السمنة بين سكان المملكة 15 سنة فأكثر 23.1 %    ChatGPT يهيمن على عالم الذكاء الاصطناعي    سعادة الآخرين كرم اجتماعي    بيع ساعة أثرية مقابل 2 مليون دولار    الاختيار الواعي    صنعة بلا منفعة    (إندونيسيا وشعبية تايسون وكلاي)    في تصفيات مونديال 2026.. ميسي لتجاوز عناد «بيرو».. والبرازيل تسعى لنقاط أورجواي    لبنان نحو السلام    رسالة عظيمة    أصول الصناديق الاستثمارية الوقفية بالمملكة ترتفع إلى مليار ريال    وزير الدفاع يلتقي حاكم ولاية إنديانا الأمريكية    مرحلة الردع المتصاعد    المملكة ومكافحة مضادات الميكروبات !    الاكتناز    البرتقال مدخل لإنقاص الوزن    إطلاق كائنات فطرية بمتنزه الأحساء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"الوسط" حاورت الأمين العام ل "حزب الله" بعد التحرير . نصرالله : قضية المقاومة لا تزال قائمة ، علاقاتنا بالقوة الدولية مرهونة بمهمتها وأدائها
نشر في الحياة يوم 29 - 05 - 2000

قبل أعوام سألت الأمين العام ل "حزب الله" السيد حسن نصرالله عن شعوره وهو يرسل هؤلاء الشبان إلى الموت فأجابني: "صدقني أنهم يتسابقون لإدراج أسمائهم في لوائح العمليات الجهادية والاستشهادية. أنهم لا يذهبون الى الموت. يذهبون إلى النصر ودماؤهم لن تضيع". تذكرت ذلك الكلام حين التقيت السيد نصرالله مجدداً قبل أيام وفي المكان نفسه في ضاحية بيروت الجنوبية. ذهبوا إلى النصر فعلاً وسيتردد دوي هذا الإنتصار في ساحات قريبة وبعيدة وستكون لهذا الانتصار ثماره ومفاعيله وانعكاساته في لبنان. لم تنته رحلة "حزب الله" مع ارتفاع علمه على الحدود اللبنانية الاسرائيلية وسيتردد اسمه واسم زعيمه كثيراً وطويلاً. ففي زمن تآكل الأحزاب يرجع "حزب الله" من انتصاره حزباً قوياً مسلحاً بانجازه وعلاقته بالناس في المياه التي يسبح فيها. وفي زمن لبناني توقف عن انجاب الزعامات والأقطاب والقامات يطل حسن نصرالله في صورة الزعيم الواثق ويفسح الآخرون مكاناً لمن يسلمون اليوم بأنه "لاعب كبير وخطير". ويشرحون: "كبير لأنه حقق انجازاً غير مسبوق وخطير لأنه يجيد القراءة ويجيد التشدد والمرونة معاً ولأنه يجيد السباحة بين الألغام".
سألناه عن النصر وصانيعه ومصير المقاومة وسلاحها فلمعت عيناه وهو يتذكر الشهداء الذين فاتتهم فرصة الاحتفال بنصر صنعوه. قال ان أبرز عملية تأسيسية ل "حزب الله" كانت عملية استشهادية نفذها أحمد قصير حين فجر مقر الحاكم العسكري الاسرائيلي في صور 11 تشرين الثاني نوفمبر 1982 موقعاً 85 قتيلاً في صفوف العسكريين الاسرائيليين. وأضاف أن تلك العملية كانت "أول عملية استشهادية من حيث الشكل والمضمون وكانت قدرتها الاستنهاضية مهمة جداً إذ أعطت أملاً ومعنويات كبيرة للمقاومة ومشروعها". وأوضح أن "حزب الله" تعمد حينها عدم اعلان مسؤوليته لأسباب أمنية.
أصبح الجنوب اللبناني في قبضة المقاومة وأصبحت قواتكم على الحدود مع اسرائيل، كيف ستتعاملون مع الدولة العبرية من الآن فصاعداً علماً ان قضية مزارع شبعا غير محسومة من وجهة نظر مجلس الأمن؟
- نحن نعتبر أن هناك انتصاراً كبيراً تحقق بعودة جزء كبير من الأرض اللبنانية، لكن طالما أن منطقة مزارع شبعا ما زالت تحت الاحتلال فنحن لا نعتبر ما حصل انسحاباً كاملا، فالأمور ليست كذلك، وهذا يعني اننا سنتابع جهادنا لتحرير هذه الأرض المحتلة، وليس مهماً ماذا يعتبرها مجلس الأمن الدولي؟ المهم أن لبنان يعتبرها أرضاً لبنانية، وهذه ليست أرضاً متنازعاً عليها، وإذا كانت هناك دعوى اسرائيلية بأن هذه الأرض لسورية، فسورية تقول ان هذه الأرض لبنانية، وهي حاضرة أن توقع على ذلك وتقدم كل الوثائق لتؤكد ذلك، إذاً في الحقيقة هناك جزء كبير من الأرض اللبنانية تم تحريره، ولكن هناك جزء آخر لم يُحرر، وبالتالي فإن قضية المقاومة ما زالت قائمة.
هل أنتم على استعداد لتسليم الدولة اللبنانية مسؤوليات الأمن في القرى المحررة أم ستكون هذه القرى منطلقاً لعمليات لاحقة ضد اسرائيل؟
- بمعزل عن مستقبل عمليات المقاومة في هذه المنطقة فنحن لا نريد أن نتحمل مسؤوليات أمنية فيها، ولسنا سلطة أمنية، ولم نكن سلطة أمنية في أي يوم من الأيام في لبنان، ولسنا بديلاً عن الدولة، ومن الطبيعي أن تتحمل الدولة المسؤولية الأمنية، هل ترسل الدولة الجيش اللبناني أو قوى الأمن الداخلي؟، وكيف تحافظ على الأمن في هذه المنطقة فهذه مسؤوليتها.
بعد انهيار "جيش لبنان الجنوبي" أي ضمانات ستقدمون للمدنيين هناك بمختلف طوائفهم؟
- نحن أعلنا منذ مدة طويلة أن سكان المنطقة المحتلة هم أهلنا واخواننا، وأكدنا ذلك في أكثر من مناسبة، وكانت هناك اتصالات مباشرة مع فعاليات هذه المنطقة، والتقينا عدداً كبيراً من سكان هذه المنطقة، وعلى كل حال هذه الأيام تشهد أن هذه المنطقة تحررت، ولم تحصل أية مشكلة مع السكان، بل كانت المقاومة موضع ترحيب السكان، ولم تحصل أية اشكالات، واعتقد أن الأمور ستكون على أفضل ما يرام، ونحن عملياً تجاوزنا مرحلة تقديم الضمانات، لأن الأمور في منطقة الشريط الحدودي انتهت لمصلحة هذا الشعب ولمصلحة عملية التحرير.
القوة الدولية معنية بالمحافظة على الاستقرار ومساعدة الدولة اللبنانية على بسط سلطتها كيف ستتعاملون مع هذه القوة؟
- الأمر يتوقف على مهمة هذه القوات وأدائها، المهم أن تكون مهمة هذه القوات هي الدفاع عن المعتدى عليه والمظلوم، وهو لبنان الذي تعرض منذ العام 1948 الى اعتداءات متكررة واحتلال أراضيه وارتكاب مجازر بحق شعبه، المهمة والأداء هما اللذان سيحكمان علاقتنا بهذه القوات، ومن حيث المبدأ ليست لنا مشكلة مع قوات الطوارئ، ونحن همّنا الأساسي تحرير ما تبقى من أرضنا المحتلة.
بماذا شعرت لحظة انسحاب القوات الاسرائيلية وما هو مستقبل عناصر المقاومة بعد الانسحاب؟
- بالتأكيد شعرت بالاعتزاز، وهذا يوم كنا ننتظره بفارغ الصبر، وكنا على يقين من مجيئه، وكنا نعتقد بأنه سيكون قريباً أكثر مما يعتقد العدو أو الصديق.
على المستوى العاطفي، أول ما حضر في ذهني ووجداني هم الشهداء الذين صنعت دماؤهم الزكية هذا النصر بالدرجة الأولى، والذين يجب أن نحفظ لهم هذا الفضل على لبنان وعلى الأمة بكاملها وأن نكون أوفياء لدمائهم وللأهداف التي استشهدوا من أجلها، ونحن اليوم ننعم بالحرية والحياة الكريمة بفضل تضحياتهم العظيمة وفدائهم الكبير.
بالنسبة الى عناصر المقاومة لم يحن الوقت بعد للحديث عن مستقبل هؤلاء الشباب، لأن المسائل لم تنته حتى الآن، فما زالت هناك أراض لبنانية تحت الاحتلال، أعني مزارع شبعا، وما زال لبنان في دائرة التهديد، وبحاجة الى جهوزية هؤلاء الشباب ليحرروا بقية الأرض وليدافعوا عنه في مواجهة هذه التهديدات.
ماذا سيفعل "حزب الله" بعد المقاومة هل ينكفئ الى الداخل اللبناني لرفع مطالب وشعارات اسلامية اسوة بالحركات الاسلامية الأخرى في العالم العربي؟ وهل يطالب بثمن لتضحياته اي بدور أكبر في الحياة السياسية اللبنانية؟
- بمعزل عن مستقبل المقاومة فإن حزب الله له حضور سياسي كبير، وهو يتبنى قضايا الناس والفقراء والمستضعفين والعمال والمناطق المحرومة، ويهتم بكل شاردة وواردة من الحياة السياسية، بالتأكيد في الفترة المقبلة سيكون له اهتمام أكبر وحضور أكبر، من ناحية أخرى، ونتيجة للنصر الذي تحقق، فمن الطبيعي ان يكون لهذه القوى التي صنعت هذا النصر دور وتأثير أهم في الحياة السياسية اللبنانية، وهذا ليس من قبيل الحصول على ثمن وانما من قبيل ممارسة الدور الذي يحتاجه الوطن والمجتمع اللبناني.
من صنع هذا الانتصار؟
- في الحقيقة لا نستطيع القول ان لهذا الانتصار صاحباً واحداً وننسبه الى جهة محددة وحدها لأن ذلك سيكون غير منصف وغير دقيق. هناك مجموعة عوامل أدت الى صنع هذا الانتصار، في طليعتها رأس الحربة المقاومة المسلحة لأن بقية العوامل تصنع في حال توافرها كلها صموداً في لبنان ولكن ليس مقاومة. المقاومة المسلحة أدت الى استنزاف قوات الاحتلال وعملائها. أولا على المستوى البشري أي الحاق أكبر عدد ممكن من الخسائر البشرية بصفوف قوات الاحتلال والعملاء. وثانياً الخسارة المعنوية التي لحقت بالاحتلال وهي لا تقل أهمية عن الأولى ان لم تكن أهم، لأن قوة الجيش ترتبط بالدرجة الأولى بهيبته. ما تعرض له الجيش الاسرائيلي في جنوب لبنان هو كسر لهذه الهيبة واسقاط لهذه الأسطورة الى حد جعل صورة هذا الجيش، في نظرنا مهينة وذليلة.
وهناك صمود الناس واحتضانهم المقاومة، سواء داخل الشريط الحدودي أم في خارجه، خصوصاً سكان البلدات الواقعة على خطوط المواجهة الذين نعترف بفضلهم الكبير، فقد تعرضوا يومياً للقصف والغارات الجوية لكنهم صمدوا واحتضنوا المقاومة وتعاونوا معها واخلصوا لها وحافظوا عليها. وكذلك الموقف الشعبي الذي كان يحتضن هذه المقاومة ويدعمها ويساندها بالدماء والموقف الاعلامي والمال وبتقديم فلذات الأكباد. وكذلك مشاهد عائلات الشهداء واعتزازها بالتضحيات. ثم الموقف الرسمي اللبناني، مع العهد الجديد والحكومة الجديدة، وهو تطور تطوراً كبيراً، وهذا أكد ان رهان المقاومة وطني وحقيقي وكامل وهو ما اسقط الرهان الاسرائيلي الدائم على الفتنة والايقاع بين الدولة والمقاومة.
وهناك سورية التي لا يستطيع أحد أن يتحدث عن النصر بمعزل عنها لأنها، ومنذ سنة 1982، وقفت الى جانب المقاومة وساندتها وحمتها وتعرضت بسبب ذلك لضغوط كبيرة جداً كانت احدى محطاتها الكبرى مؤتمر شرم الشيخ وصولاً الى التطورات الأخيرة. سورية كانت دائماً الى جانبنا. وعندما أقول دعمت المقاومة وحمتها لا أقصد فقط اقليمياً بل ايضاً داخلياً. مساندة سورية للمقاومة عامل أساسي في هذا النصر. ومن أهم العوامل التي كانت سورية تقف وراءها موضوع السلم الأهلي والأمن والاستقرار في لبنان وهو ما اعطى فرصة أكبر كي يتوجه المقاتلون والمجاهدون ببنادقهم وعقولهم وقلوبهم الى جبهة المواجهة مع المحتل. فلو كانت الحرب الأهلية مشتعلة لما كانت المقاومة خلال السنوات التسع الماضية على ما كانت عليه. اذاً هذا النصر لسورية أيضاً.
وعندما نتحدث عن النصر يجب أن نتحدث أيضاً عن الجمهورية الاسلامية في ايران وهي وقفت، منذ 1982، الى جانب المقاومة ودعمتها وساندتها وحمتها.
فحين نتحدث عن أصحاب لهذا النصر نتحدث عن المقاومة والشعب اللبناني والدولة اللبنانية وسورية والجمهورية الاسلامية في ايران. كلهم شركاء. واختم من حيث بدأت فرأس الحربة كان من يستنزف العدو ويؤذيه وينزل به الخسائر التي أدت الى تكوين رأي عام إسرائيلي ضاغط على حكومة العدو الى أن أصبح شعار الانسحاب من لبنان شعاراً انتخابياً يمكن أن يستقطب اعداداً هائلة من الأصوات. المقاومة المسلحة والمجاهدون والشهداء والأسرى والجرحى والمضحّون المباشرون الذين كانوا يقاتلون نيابة عن كل الشعب اللبناني وكل العرب وكل المسلحين هؤلاء أصحاب النصر. طبعا حين أتكلم عن المقاومة لا أتحدث عن "حزب الله" وحده بل عن كل من قاتل. نحن لا ندعي اننا وحدنا صناع هذا النصر وان كنا نعتبر ان "حزب الله" ومقاومته هما من الصناع والأركان الأساسيين في انجاز النصر.
هل استشهد في صفوف "حزب الله" مقاتلون غير لبنانيين؟
- لا أذكر ذلك.
استفادت المقاومة من التفاف وطني واسع حولها، هل تعتقد بأن "حزب الله" يملك التفويض اللازم والدعم نفسه للاستمرار في القتال من أجل مزارع شبعا، علماً أن اسرائيل ستكون أكثر قدرة على الايذاء بعدما سحبت قواتها من جنوب لبنان؟
- اسمع لبنانيين يتحدثون عن موضوع السيادة ومسألة ابطال الاجماع الوطني حول المقاومة. حين يبقى شبر تحت الاحتلال فهذا يعني ان السيادة منقوصة. وعندما تكون هناك أرض لبنانية محتلة لا مبرر لتراجع الاجماع. ثم أقول ان المقاومة حين انطلقت لم يكن هناك اجماع وطني حولها خصوصاً في 1982 إذ كانت هناك حرب اهلية ونزاعات داخلية عميقة جداً. الواقع ان الاجماع الوطني توافر في السنوات الأخيرة ولجزء منه علاقة بإثبات المقاومة جدواها وبأداء "حزب الله" السياسي وانفتاحه على القوى الأخرى. هذا الموضوع معقد. بالنسبة الينا الاجماع الوطني أمر نحبه ونعتبره عنصر قوة أساسياً ولكن ليس سبباً لا لقيام المقاومة ولا لاستمرارها. قد يراهن احدهم على أصوات في الداخل تخالف استمرار المقاومة. هل سيؤدي ذلك الى وقف المقاومة؟ الجواب هو لا. بالنسبة الى المقاومة هناك قضية واضحة وحاسمة قاتلت من أجلها وكانت قلة وغريبة الى ان جاء وقت وأصبح حولها التفاف وطني كبير. قد يكون هناك من يخالف أو لا يوافق على استمرار المقاومة ولكن ليس بالقدر الذي يعني ان المقاومة ستصبح معزولة شعبياً ووطنياً وسياسياً.
من أين ستقاتل المقاومة لتحرير مزارع شبعا في حال انتشار القوة الدولية في المناطق التي انسحبت منها اسرائيل؟
- هذه مشكلة ميدانية فنية وحلها سهل على المقاومة.
من سيتحمل المسؤولية اذا نفذ باراك تهديداته وألحق أذى فادحاً بلبنان بسبب عملية للمقاومة من أجل تحرير مزارع شبعا؟
- السؤال هو: ما هي خيارات لبنان حين يعتبر ان هذه أرض لبنانية محتلة؟ هنا نعود الى اسئلة العام 1982 نفسها. في عام 1982 حين كان الاحتلال الاسرائيلي موجوداً كانت الأرض أوسع. وأذكر حين اقتحم الشهيد أحمد قصير مقر الحاكم العسكري الاسرائيلي في صور في عملية استشهادية، تحدث الاسرائيليون عن مقتل 85 جندياً وأعلن مناحيم بيغن الحداد ثلاثة أيام، اطلق يومها كلام بأن اسرائيل ستدمر لبنان لأنها لا تحتمل خسارة من هذا النوع وأن خيار المقاومة خيار مكلف ومجهد ومتعب. الأسئلة نفسها ستطرح الآن. هل تتصور ان يأتي باراك بهذه البساطة ويدمر ويفعل ما يشاء في البلد، أبهذا القدر الخيارات أمامنا مقفلة؟ لا ليس كذلك.
لكن الظروف مختلفة. هناك فارق بين الاحتلال لمعظم الأراضي اللبنانية وما قالته اسرائيل بأنها تريد تطبيق القرارالدولي الرقم 425، بغض النظر عن احتقارها للقرارات الدولية، ألن تكون المعركة صعبة؟
- لا شك في ذلك. انا لا أنفي صعوبة المعركة. اصلا اي معركة تحرير صعبة. المقاومة في السنوات الماضية ألم تكن صعبة؟ لأكن واضحاً، متى بدأنا نشعر أن هناك موقفاً عربياً رسمياً متفهماً وبعضه مؤيد؟ متى بدأنا نسمع كلمة طيبة؟ في السنتين الأخيرتين، وتحديداً بعد مجزرة قانا. ما هو عمر هذه السنوات من تاريخ المقاومة؟ لبنان كان وحيداً منذ العام 1982 الى ما قبل نحو ثلاث سنوات أو أربع، ويتعرض للقصف والدمار والخراب وأرضه محتلة. أسأل بطريقة أخرى: لو افترضنا ان الاسرائيلي خرج من كل الجنوب وبقي في الناقورة لا في مزارع شبعا، التي لا نقاش بلبنانيتها، هل نسكت نحن، كمقاومة وشعب لبناني ودولة، على بقاء قوات الاحتلال في الناقورة بحجة ان الاسرائيلي انسحب؟ ومن يتحمل الآن مسؤولية الخراب والدمار؟ ما الفرق بين مزارع شبعا والناقورة بالنسبة إلينا كلبنانيين؟ قد يكون هناك فارق من وجهة نظر الآخرين اما من وجهة نظرنا فهذه أرضنا.
هناك انطباع بأن موضوع مزارع شبعا، على رغم لبنانيتها، قد يكون المبرر لاستمرار ربط لبنان بما تبقى من الشق العسكري من النزاع مع اسرائيل، وورقة في المواجهة الاسرائيلية - السورية؟
- اقتراحي هو انسحاب اسرائيل، من مزارع شبعا أيضاً. لا اعتقد بأن أحداً تبقى لديه حجة بهذه الحيثية عندما نقول لم تعد هناك أرض لبنانية محتلة، والأمور في الاعتبار اللبناني أصبحت واضحة، وعندها إذا أراد أحد أن يقاتل اسرائيل لن يقاتلها بالاعتبار اللبناني بل سيتحدث بلغة ثانية، موضوع فلسطين أو غيره، يقاتل أو لا يقاتل. تذهب الأمور الى مكان آخر. لكن في الموضوع اللبناني اذا كانوا يعتبرون هذه النقطة كذلك، أنا أقول بسيطة. فمن خرج من كل جنوب لبنان يمكنه أن يخرج من مزارع شبعا. نحن اللبنانيين نقول انها أرض لبنانية، وسورية تقول هذه ليست أرضاً سورية بل لبنانية. والحمد لله ان مزارع شبعا ليست على حدود فلسطين ليأتي أبو عمار ويقول انها فلسطينية. هذه نحن مرتاحون منها. ولبنان وسورية يتفاهمان. الحل الأفضل، إذا كان هذا الموضوع، بهذا القدر، يحدث عقدة في مسألة الانسحاب الاسرائيلي ويربك مجلس الأمن الدولي والأمم المتحدة، ليخرجوا منها. وعندما تقف حكومة العدو الاسرائيلي وتقول: هل هناك شبر من الأراضي اللبنانية احتلها؟ فيقول لبنان: لا. وبذلك يكون هذا الموضوع منتهياً.
هناك من يقول ان خروج اسرائيل الكامل من الأراضي اللبنانية سيفقد سورية ورقة الضغط الرئيسية في مفاوضاتها مع اسرائيل؟
- في النهاية، بالنسبة الى الاخوة السوريين، صحيح انهم مشوا في هذا المسار لكن ثمة نقطة أساسية لديهم وهي ان الحل الذي يبحثون عنه يضمن لهم الحصول على كامل الأرض وكذلك حقهم في المياه وبسيادتهم. اما ان المقاومة كانت عاملاً مساعداً فلا شك في ذلك. من جملة الأسباب التي كانت دائماً تدفع الاسرائيليين الى طلب ود سورية والدولة اللبنانية انها تريد ضمانات أمنية لها علاقة بشمالها. الآن الاسرائيليون ينسحبون ولكن لا ضمانات أمنية لديهم لا من لبنان ولا من سورية، ولا يزال انسحابهم تحت عنوان المغامرة. هناك نقاش وسط المؤسسة العسكرية الاسرائيلية، الانسحاب إذا كان كاملاً يعني ان واحداً من المواضيع التي كانت دائماً من الدوافع للحديث والتفاوض تراجعت نسبة أهميته بدرجة كبيرة. لا أقول انتهى لأن أحداً لم يعط ضمانات أمنية ولا أحد يعرف ماذا سيحصل على الحدود. فسورية لا تنشر الجيش لتضمن الحدود، ولا لبنان في جو ارسال جيشه ونشره على الحدود ولو في المرحلة الأولى. ممكن أن يحصل أي شيء على الحدود من أي أحد. لا أحد منا نحن اللبنانيين سيعمل حرس حدود. وبالتالي ثمة مشكلة ستبقى قائمة. حساسية هذا الموضوع تراجعت بدرجة كبيرة لكنها لم تنته. على كل حال بالنسبة الى الاخوة السوريين أظن ان نقاط قوة مهمة ما زالت لديهم. ووحدة المسارين ما زالت قائمة، لأن لبنان لن يوقع صلحاً ولا اتفاق سلام مع اسرائيل اذا لم يتم التوصل الى اتفاق سلام مع سورية، كحكومات.
السلام الذي يتحدثون عنه، تسوية شاملة في المنطقة لا يمكن أن تحصل من دون لبنان وسورية، والوضع الفلسطيني أموره واضحة وهو يتجه تدريجاً نحو الانفجار في شكل أو آخر. لأن الآن وقت ساعة الحقيقة. نستطيع ان نكذب على الناس بأننا نتفاوض ونبحث. هذه تسع سنوات مرت. وماذا بعد؟ ففي النهاية لاسرائيل وللولايات المتحدة مصلحة كاملة في انجاز مشروع التسوية في المنطقة لأنه حتى هذه اللحظة يتم انجازه بشروط اسرائيل وليس بشروط عربية. مصلحتهم ان يكملوا في هذا الاتجاه. هذه نقطة الحاجة الأميركية - الاسرائيلية ولا يمكن أن تتحقق من دون استرضاء سورية والصلح معها ومع لبنان لاحقاً، وبالتالي القول بأن سورية فقدت أهم أوراقها، لا. نعم أحد العوامل الأساسية التي كانت مساعدة يمكننا أن نقول ان أهميته تراجعت.
قيل ربما يذهب الفلسطينيون وينفذون عمليات. وأي شخص في البلد يعرف أن المخيمات مطوقة أمنياً وأن هذا تهديد بورقة غير مقبولة؟ هل يطلق "حزب الله" النار على اسرائيل بعد انسحابها، لأسباب فلسطينية؟
- بما فيها مزارع شبعا.
بما فيها مزارع شبعا، بما فيها أي شيء يقول لبنان انه أرضه. هل يطلق "حزب الله" النار على اسرائيل لأسباب فلسطينية؟
- هذا لم يحن أوانه. هل يطلق "حزب الله" النار أم لا. وإذا كان سيطلق النار ما هي حيثياته واعتباراته ودوافعه. هذه كلها تبحث لاحقاً.
لنفترض أن اسرائيل انسحبت من كل الأراضي اللبنانية بما فيها مزارع شبعا ما مصير أسلحة "حزب الله" وتركيبته الأمنية؟ لنقل ان دور المقاومة انتهى، وعاد القول ان "حزب الله" تنظيم شيعي، ولبنان بلد متعدد بتركيبته ووجود سلاح كثيف وخبرات قتالية وتركيبة أمنية لدى طرف تثير المخاوف. ما هو مستقبل سلاح "حزب الله" بعد انسحاب اسرائيلي كامل من جنوب لبنان؟
- هناك صورتان. مرة هناك انسحاب، كما هي الحال الآن، ومرة هناك عملية تسوية في المنطقة. القائم الآن هو الصورة الأولى الانسحاب وطالما ان هذا الانسحاب حصل من دون توافق مع لبنان وسورية، اتحدث كتفصيل سياسي ولا أعطي رأيي بأنه يجب أن يكون هناك توافق أو لا، انسحاب تحت غطاء التهديد اليومي أي إذا حصل شيء نقصف ونفعل... حصل الانسحاب الكامل بما فيه من مزارع شبعا، سأفترض فرضية ان "حزب الله" لن يفعل شيئاً، وان العنصر الفلسطيني عولجت مشكلته أو ضرب بشكل حديدي وهذا غير متيسر الآن، وأصبحت هناك حدود هادئة - ايضاً فرضية - اذا كان الاسرائيلي راسماً مشروعاً ورأى ان المفاوضات مع سورية لا تتزحزح، ولديه ترتيب معين له علاقة بالمنطقة، مَن الذي يضمن ان لا يرمي متعامل مع اسرائيل شيئاً الى الداخل، شمال فلسطين المحتلة. وتستغل اسرائيل الحادث وتعتدي على لبنان. وأذكر في اجتياح 1982 كانت الحدود هادئة وكان هناك اتفاق هدنة بين منظمة التحرير الفلسطينية واسرائيل ولم تكن تطلق طلقة نار أو صاروخ كاتيوشا أو عملية عسكرية، جرت محاولة اغتيال السفير الاسرائيلي في لندن، وهو لا يزال حياً الى الآن، فقامت اسرائيل باجتياح لبنان سنة 1982 ودخلت العاصمة بيروت. هذا يعني ان لبنان مهدد في شكل يومي، باعتداء اسرائيلي قد يحصل في لحظة يكون فيها الناس نائمين ويحصل شيء في بلد من بلدان العالم وتحمّل اسرائيل لبنان المسؤولية وتعتدي عليه. ولبنان في ذلك الوقت يجب أن يدافع عن نفسه. وفي الدفاع عن نفسه يجب أن يستفيد من كل القوى المتوافرة لديه وفي طليعتها المقاومة. أي أريد أن أقول انه طالما لبنان في دائرة التهديد الاسرائيلي اليومي يجب أن يحتفظ بالمقاومة ويجب ان يحافظ على جهوزية المقاومة وعلى سلاحها للتمكن من مواجهة هذا الخطر. وبالنسبة الى الموضوع الطائفي هناك السرايا اللبنانية لمقاومة الاحتلال. ويمكننا ان نجهز مقاومة من كل الطوائف لتكون مستعدة لمواجهة خطر من هذا النوع.
هل مستقبل سلاح "حزب الله" له علاقة بالانسحاب الكامل، أم بالتسوية أم بزوال التهديدات؟
- بحد أدنى اسمه لبنان في دائرة التهديدات. طالما اسرائيل تهدد لبنان كل يوم بالضرب والاعتداء والعقاب والحساب من حق لبنان ان يحتفظ بكل عناصر القوة التي يمكن أن تواجه هذه التهديدات الاسرائيلية.
هناك من يتهم "حزب الله" بأنه يتحمل مسؤولية اسقاط بيريز؟
- هو اسقط نفسه وليس نحن من اسقطه. جيد إذا كنا اسقطناه نحن نفتخر بذلك.
هذا يعني ان "حزب الله" قد يحرك الجبهة لأسباب اقليمية؟
- كل شيء ممكن في التحليل النظري. تستطيع ان تقول ما تريده نظرياً.
نظرياً كل شيء ممكن لكن عملياً، يمكن اجراء محاكمة لاداء المقاومة الاسلامية منذ بدايتها في عام 1982 الى هذه اللحظة. ثمة ظروف كثيرة مرت عليها ولو كانت المقاومة تعمل على غير معركة التحرير ومشروع المقاومة الواضح والصريح، لو كانت تعمل حسابات اقليمية خارج هذا المشروع، لكانت كل يوم تقدر ان تهز المنطقة المحتلة. كل يوم. انها لا تفعل ولم تفعل ذلك حتى في أشد لحظات الغضب.
سورية تقول ان الباب غير مقفل، هل تعتقد ان ثمة امكانية لاستئناف المفاوضات السورية - الاسرائيلية في الأسابيع المقبلة؟
- الاحتمال قائم وان كانت نسبته ضئيلة.
هناك تصور ان السلام آت ولو تأخر سنة أو اثنتين. ماذا سيكون شعورك حين يرتفع العلم الاسرائيلي فوق سفارة اسرائيل في بيروت. ماذا ستقول ل"حزب الله" وللشهداء ولعائلاتهم؟
- في الشق الأول لدي نقاش. قد يحصل اتفاق، يوم ذهبت الوفود الى مدريد كان لنا موقف، نتيجة لخلفيتنا العقائدية، من مجمل عملية التسوية. لكن حتى في الاطار الوطني، إذا أردنا ان نتحدث سياسياً بمعزل عن الخلفية العقائدية، وقتها قلنا مع غيرنا، اذا أراد العالم الذهاب الى مدريد ماذا سيذهب لبنان ليفعل وليس لديه شيء. وكانت الدولة اللبنانية تقول بتنفيذ القرار 425. إذا أردنا التحدث لبنانياً نحن يكفينا تنفيذ ال425 وماذا سنفاوض؟ يوم ذهبوا الى مدريد كان يقال ان الأمور ستنتهي في ثلاثة أشهر وان كل شيء مرتب خلف الكواليس وان الأمر يتعلق بقليل من المخارج والسيناريوهات والتمثيليات من أجل تهيئة الرأي العام. الآن نحن في العام 2000، الموضوع ليس بالبساطة التي يتم تناوله فيها احياناً. والقول ان هناك ارادة اميركية صحيح. نحن لا نستهين بقوة تأثير أميركا في الأحداث لكن اميركا ليست إلهاً تقول للشيء كن فيكون. وحتى الآن اذا اريد تسجيل فشل سياسة أميركا في كثير من المناطق في العالم يمكن الحصول على نماذج كثيرة. من هنا نحن تقديرنا أن الأمور لا تتجه في هذا الاتجاه. الاسرائيلي ليس حاضراً لتسوية يقدم فيها بعض الحقوق المقنعة. انه يسعى الى تسوية بشروطه وليس كل العرب يقبلون بتسوية مع اسرائيل بشروط اسرائيلية، وفي مقدمتهم سورية. وقبل قليل أشرت الى الموضوع الفلسطيني، وهو أساس كل الصراع في المنطقة. حتى ولو جرى صلح مع سورية ولبنان والموضوع الفلسطيني لم يحل فمعنى ذلك ان التسوية غير قائمة، وان الصراع في المنطقة مستمر. أنا من الذين يعتبرون ان الموضوع الفلسطيني لا امكان لمعالجته بالطريقة التي تدار بها الأمور الآن. ربما الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات أو بعض الناس في منظمة التحرير يقول في يوم من الأيام للناس ان القدس ذهبت وانتهى الأمر، نحن نعرف الشعب الفلسطيني جيداً ونعرف شبابه، هذا موضوع لا يسكت عنه ولا يترك. ليس في هذه البساطة يقرر عرفات أن يقنع الشعب الفلسطيني بعدم وجود حل لأربعة ملايين فلسطيني في الشتات، في الوقت الذي سيستقبل فيه باراك المهاجر الرقم مليون من الاتحاد السوفياتي السابق ويعلن استعداد اسرائيل لاستقبال مليون مهاجر يهودي آخر. هنا نحن نفترض ان الشعب الفلسطيني مات ولم تعد هناك حياة ولا ارادة ولا إيمان ولا عقيدة ولا شهامة ولا رجولة في الشعب الفلسطيني أي أنه استسلم، في هذا الشعب الذي قاوم خمسين عاماً اناس تعبوا وقيادات تعبت. والقيادة التي تعبت يمكنها أن ترتاح. ولكن بالأمس شاهدنا على التلفزيون الشبان الذين نزلوا الى الأرض ورشقوا بالحجارة جنوداً مسلحين، خصوصاً ان رصاصة المطاط اذا أصابت القلب تقتل وإذا اصابت العين تعمي. هذا الجيل من الشباب يضحي ولم يتعب في كل الظروف القاسية والصعبة.
اعتقد، والأيام ستثبت ذلك، أولاً ان الأمور لا تتجه على هذا النحو. واذا حصلت هذه الفرضية فنحن نعمل تحت عنوان معركة لا تقل أهمية عن معركة القتال المسلح وهي معركة التطبيع. مواجهة التطبيع مع العدو الاسرائيلي.
قبل مدة قرأت عن مؤتمر لمواجهة التطبيع في الكويت تشكلت له هيئات في كل دول الخليج واليمن ومصر والأردن ولبنان، وسيبذل جهد كبير في مواجهة التطبيع. واعتقد، كما حدّت المقاومة المسلحة، أو جمدت، مشروع اسرائيل الكبرى الممتدة عسكرياً وجغرافياً، اذا استطعنا انجاز مشروع مقاومة التطبيع كاملاً وكبيراً فإنه سيحد من مشروع اسرائيل العظمى. وهذا لا يقل أهمية.
أما ماذا سأقول لعائلات شهدائنا وقواعدنا، فأقول لهم: أولاً هؤلاء الشهداء انجزوا عملية التحرير وهذا لا نقاش فيه وهو موضع اعتزاز كل عوائل الشهداء الذين يشاركون في انجاز هذا النصر الذي تحقق. وحين يأتي يوم تصالح فيه الدول اللبنانية اسرائيل ويرفع علم على سفارة، بالطبع، ليس أنا مَن صالح اسرائيل، سأقول لقواعدي هذا جزء من المعركة نحن حررنا أرضاً واليوم ثمة عملية تطبيع وعلينا مواجهتها. هذا الموضوع لن يخصني أنا وحدي وهناك الكثير الكثير من الأحزاب والشخصيات والفعاليات الموجودة في العالم العربي لديها استعداد لمقاومة هذا الأمر. هذا سيكون جزءاً من مواجهة الموقف. نحن موجودون في المجلس النيابي والشارع وساحات مختلفة. وسنبذل جهدنا كي لا يكون هناك تطبيع بين لبنان واسرائيل
قصة الكوتيوشا
لعب سلاح الكاتيوشا دوراً بارزاً في المواجهة الطويلة بين "حزب الله" واسرائيل. واستخدم الحزب هذا السلاح لردع اسرائيل عن مهاجمة المدنيين. وكان الكاتيوشا في طليعة العوامل التي أدت الى قيام "تفاهم نيسان" 1996.
"الوسط" سألت الأمين العام ل"حزب الله" السيد حسن نصرالله عن المرة الأولى التي استخدم فيها هذا السلاح والسبب ومن اتخذ القرار فأجاب: "المرة الأولى كانت في اليوم التالي لاستشهاد الأمين العام السابق للحزب السيد عباس الموسوي. القرار اتخذته قيادة "حزب الله" وكنت فيها. السبب ان القراءة الاسرائيلية في اليوم التالي لاغتيال الموسوي كانت خاطئة على عادة اسرائيل مع "حزب الله". افترضوا ان استشهاد السيد عباس سيسبب تفككاً داخلياً في الحزب وانهياراً معنوياً لدى المجاهدين. تصوروا ان الحزب مركب على شخص وهو لم يكن كذلك سابقاً ولا هو الآن. والحقيقة انهم ان قتلوا أميناً عاماً جاء الثاني وان قتلوا الثاني جاء الثالث. اعتبر الاسرائىليون الفرصة مناسبة فهاجموا على محور كفرا - ياطر. كان مشروعهم ان يدخلوا هذه البلدات وان يعتقلوا عدداً من شبان "حزب الله" وان يدمروا المنازل. أي انهم أرادوا اتباع اغتيال السيد عباس بضربة تأديبية مؤلمة جداً وعلى أمل انهيار المقاومة. قاوم الشباب بشراسة وببسالة عالية جداً وتم تدمير عدد من الآليات وسقط قتلى وجرحى اسرائيليون وبدأ القصف على داخل البلدات وعلى المدنيين. يومها وأمام هجمة قاسية من هذا النوع، طرحت فكرة قصف المستعمرات وتهديدهم، اذا لم يوقفوا القصف على المدنيين سنستمر في قصف المستعمرات. الضربة الأولى كانت مؤلمة جداً لأنها كانت مفاجأة للاسرائيليين. ورأينا بعد اطلاق الكاتيوشا على المستعمرات ان العدو استجاب وأوقف القصف على المدنيين ومن يومها التقطنا هذا السر.
وسألنا الأمين العام عما تردد عن ان ايران زودت "حزب الله" صواريخ يفوق مداها مدى الكاتيوشا فأجاب: "باعتبار ان هذا الكلام قاله الاسرائيليون فأنا لا أنفي أو أؤكد. فليظل هذا الاحتمال قائماً وهكذا يحسب لنا الاسرائيليون حساباً أكبر".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.