دكتور الحقني، معي كوليسترول في الدم... - لحسن الحظ أن معك كوليسترول. كيف ذلك؟ أليس الكوليسترول ضاراً؟! - الكوليسترول بحد ذاته ليس ضاراً، لكن ارتفاعه عن حد معين هو الضار... يعتقد الكثيرون بأن وجود الكوليسترول هو "شر" لحق بالجسم، وبالتالي لا بد من شن الحرب عليه لازالته من الجسم ومنعه من تحقيق نياته العدوانية الكثيرة. والواقع ان الكوليسترول يعتبر من المواد المهمة والأساسية لجسم الانسان. فهو يدخل في تركيب كل خلية من خلاياه، ويساهم في صنع الأملاح الصفراوية التي يفرزها الكبد الضرورية لهضم الدهون الآتية من الغذاء. وهو أيضاً يعد المصدر الرئيسي لتركيب معظم الهرمونات الذكرية والانثوية والستيروئيدات، خصوصاً الكورتيزون والالدوستيرون، كما أنه يدخل في تركيب وتحرير الفيتامين "د" في الجلد بتأثير الأشعة فوق البنفسجية للشمس. والكوليسترول الموجود في جسم الانسان نوعان: الأول يأتي مباشرة من الطعام، حيث تتولى الأمعاء مهمة امتصاصه، وهو يشكل نسبة 20 الى 30 في المئة من الكوليسترول الكلي في الدم. أما النوع الآخر فيشكل نسبة 70 الى 80 في المئة من الكوليسترول الكلي، وخلايا الجسم، خصوصاً خلايا الكبد هي التي تصنعه من الدهون الحيوانية المنشأ. ماذا يعني وجود ارتفاع في كوليسترول الدم؟ قبل الاجابة لا بد من معرفة الحد الطبيعي للكوليسترول في الدم. فمعظم الباحثين والعلماء يجمعون على أن مستوى الكوليسترول الطبيعي في الدم يتأرجح ما بين غرامين وغرامين ونصف في كل ليتر من الدم. ولكن هذا المستوى يتباين باختلاف الأعمار. ففي الثلاثين من العمر يجب أن لا يتجاوز الكوليسترول الغرامين في الليتر، وفي سن الأربعين 2.20 غرام في الليتر، وفي سن الخمسين وما فوق يجب أن لا يتعدى حدود 2.50 غرام. ان وصول الكوليسترول الى عتبة 2.50 غرام/ ليتر يعني في الوسط الطبي الوصول الى خط أحمر لا يجب أن يتجاوزه. وعند هذا الحد بالذات فإن خطر الاصابة بأزمة قلبية - وعائية ضعيف. أما إذا تخطى الكوليسترول حدود 2.50 غرام/ليتر فهنا يمكن القول بأن مستواه مرتفع، وعلى المصاب به أن يستشير طبيبه، وأن يأخذ جانب الحذر من الأغذية التي تؤثر، بشكل أو بآخر، على مستوى الكوليسترول في الدم. ان القول بوجود ارتفاع في كوليسترول الدم من النظرة الأولى، أي من أول فحص للدم، هو قول خاطئ، اذ لا بد من تكرار تحليل الدم مرة ثانية لا بل ثالثة، فإذا جاءت النتائج متشابهة يتأكد ارتفاع مستوى الكوليسترول. يتجول الكوليسترول في الدم بواسطة نوعين من الليبوبروتينات، الأول ليبوبروتين عالي الكثافة يعرف باسم HDL، وظيفته جمع الكوليسترول الفائض وحمله الى الكبد حيث يعمل على تحويله وإزالته عن طريق مادة الصفراء. ويلعب هذا النوع من الليبربروتين دوراً واقياً للقلب والشرايين لأنه يمنع الكوليسترول من الترسب داخل الأوعية الدموية ولهذا فهو يبعد عنها شبح الاصابة بالتضييقات والانسدادات. ويطلق على الكوليسترول المحمول على هذا النوع من الليبوبروتين اسم "الكوليسترول الجيد". أما النوع الآخر من الليبوبروتين فهو منخفض الكثافة ويعرف باسم LDL. ومهمته حمل الكوليسترول الى الخلايا التي تستعمله لإنجاز مهماتها. وفي حال ارتفاع هذا النوع من الكوليسترول فإنه يترسب على جدران الشرايين مسبباً ما يعرف بالعصيدة الشريانية. ويسمى هذا النوع بالكوليسترول السيء لأنه يقود الى تضييق الشرايين وانسدادها. ما هي النصائح الواجب اتباعها في حالة ارتفاع كوليسترول الدم؟ عند التأكد من ارتفاع الكوليسترول وثباته في الدم تصبح الحرب عليه ضرورة لا بد منها، والحرب على الكوليسترول هي أولاً وقبل كل شيء غذائية، فإذا كنا فعلاً نرغب في وقاية قلوبنا وحماية شرايينا من شر الكوليسترول المرتفع فلا بد من القاء نظرة واقعية وموضوعية على ما تحتويه صحوننا من أطعمة، فهذه يكمن فيها سر الوقاية. ويجب أن لا يغيب عن بالنا بأن كل انخفاض في مستوى الكوليسترول المرتفع، حتى ولو كان طفيفاً، هو شيء مفيد في الوقاية من الآفات القلبية الوعائية. وهنا بعض النصائح: يجب على المصاب بارتفاع الكوليسترول ان يحد من استهلاك الأغذية المحشوة بالكوليسترول، ومن أهمها: النخاعات وصفار البيض والكافيار والكبد والكلى والزبدة والقشدة والدهون الحيوانية. يجب على المصاب أن يرجح كفة الدهون الغنية بالحموض الدهنية غير المشبعة التي لها الأثر الكبير في خفض نسبة الكوليسترول الضار LDL في المقابل يجب الابتعاد عن الدهون الغنية بالحموض المشبعة التي ترفع من الكوليسترول الضار LDL. تناول الأسماك ثلاث مرات اسبوعياً بمعدل 300 غرام في كل مرة، فالسمك يخفض الكوليسترول ويحمي القلب والشرايين. الإكثار من النباتات التي تحارب ارتفاع الكوليسترول ومن أهمها التفاح والأرضي شوكي والقمح والهندباء وفول الصويا والفصة والملفوف والقنبيط. وبالنسبة الى التفاح، فإن تناول ثلاث تفاحات يومياً يخفض مستوى الكوليسترول في الدم، بسبب غنى التفاح بمادة البكتين. والجدير بالذكر أن انخفاض الكوليسترول لوحظ بشكل أكبر عند اولئك الذين أكلوا التفاح بقشره بالمقارنة مع اولئك الذين تناولوه من دون قشر. تناول الأغذية الغنية بالألياف وبالفيتامين A والفيتامين E. إن الألياف تزيد من حجم كتلة الطعام من دون أن تساهم في زيادة طاقته الحرارية، ولهذا فهي بالاضافة الى أنها تساعد في انقاص الوزن فانها تخفض من كوليسترول الدم لأنها تحتجزه وتعرقل عبوره عبر الأمعاء الى الدم. ممارسة الرياضة بتكرار واستمرار، فهذه تخفض من أضرار الكوليسترول لأنها ترجح كفة الكوليسترول الجيد HDL الواقي للشرايين. لا ننسى دور العوامل الخطيرة الأخرى التي تساهم مع الكوليسترول في زعزعة صحة الجسم، خصوصاً القلب والشرايين، وأهمها التدخين وارتفاع الضغط الشرياني وقلة الحركة والضغوط النفسية والبدانة. أخيراً وليس آخراً لا بد من التشديد على نقطة مهمة جداً، ألا وهي الصبر، فالحمية الغذائية لا تعطي نتيجة ملموسة ما بين ليلة وضحاها، اذ لا بد من مرور أشهر عدة للحكم عليها وعلى نتائجها، ويجب اعطاء فترة 6 الى 12 شهراً قبل الحصول على تغيرات ظاهرة للعيان... وعند فشل الغذاء في إعادة مستوى الكوليسترول الى حدوده الطبيعية فعندها يمكن الاستعانة بالأدوية التي هي سلاح ذو حدين.