عجبت أشد العجب من خطاب لقارئ أردني في بريد العدد 459 من "الوسط" تعليقاً على موضوع الرئيس الراحل أنور السادات نشر مع حوار لابنته السيدة رقية. وسبب عجبي المتزايد يتمثل في النقاط التالية: غير مقبول اطلاقاً - عدلاً ومنطقاً - كلمة "رد اعتبار" للسادات، لأن اعتباره لم يهتز لحظة واحدة، وان كان لا بد من "اعتبار" مفقود فهو لمعارضيه ومخالفيه، لأن الزمن يثبت ان البطل كان دائماً على حق. يحاول صاحب الرسالة الايحاء بأن ذلك رأي السيدة رقية وحدها كابنة، متجاهلاً انه تم استفتاء وافقت فيه مصر بالاجماع على قرار السادات، وأكدته جموع المصريين عندما خرجت عن بكرة أبيها تستقبله كبطل ظافر عند عودته من القدس. ليس ذلك فقط، بل ها هي آخر انتخابات مصرية تجمع على تأييد الحزب الوطني الذي أسسه السادات بسياساته وخلفه فيه الرجل الذي اختاره نائباً له الرئيس حسني مبارك، ولم تظفر المعارضة الا بمقاعد برلمانية لا يتخطى عددها اصابع اليد الواحدة. صاحب الرسالة يقلب الحقائق للنقيض: فالسادات وحّد العرب في حرب أكتوبر 73، ثم وحّدهم ايضاً في سياسة السلم عندما تابعوه فيها بعد سنوات من رحيله، وبعد ذلك كله يخون التعبير كاتب الرسالة المذكورة فيجري قلمه بكلمة "شق الصف العربي"، والسياسة العربية كلها الآن لا تجد درباً تسير فيه الا ما شقه ومهده السادات! ثم غالبت ضحكي فلم أستطع عندما تابعت كلماته بأنه اتفق مع العدو وحده. ألم يصنع ذلك الفلسطينيون في أوسلو؟ وألم يصنع ذلك بلده الأردن؟ وألم يصنعه كل بمفرده من أقام علاقات تمثيلية او تجارية قطعوها اخيراً بعد انتفاضة القدس. هل وجد اتفاق واحد جماعي يا رجل؟! الفرق الوحيد ان المعروض من العدو - ولو بكلمات على الورق - طبقاً لاتفاق السادات هو اضعاف ما يتسوله البعض الآن ولا يجدون جزءاً بسيطاً منه؟ ان عرض التاريخ لن تلوثه او تنال منه مثل هذه الكلمات والآراء، فقد قال العزيز الحكيم وقوله الحق "فأما الزبد فيذهب جفاء، وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض". انني أمثل أغلبية صامتة تتعالى عليها أصوات تاهت في الطريق، وهدفي فقط هو الاتجاه للمستقبل الذي سيحق فيه الله الحق بكلماته، وحتى لا يقرأ البعض مثل هذه الكلمات، فيتساءلون بمنتهى العجب: كيف قيل ذلك؟ ولماذا صمتوا ازاءه؟ وحتى أبرّئ ساحات جموع المصريين والعرب من ان يندرج احد منهم ضمن المقصودين في الحديث الشريف: "لعن الله قوما ضاع الحق بينهم". مصطفى كمال أحمد عضو اتحاد الكتاب المصري القاهرة - مصر