استمراراً لمسلسل المشاكل بين الورثة وصناع مسلسلات السير الذاتية، احتدم الصراع بين أسرة الرئيس المصري الراحل أنور السادات متمثلة في زوجته جيهان السادات وابنته رقية السادات وبين مؤلف العمل الكاتب الصحافي انيس الدغيدي على خلفية إعلان الأخير التحضير لمسلسل عن السادات يقوم ببطولته الممثل الأميركي نيكولاس كيدج. ونفت رقية السادات الابنة الكبرى للسادات الموافقة على تناول سيرة والدها في مسلسل تلفزيوني، مؤكدة أن ما ذكره الدغيدي في المؤتمر الصحافي الذي عقده قبل أيام لا أساس له من الصحة. وأشارت إلى أنها أقامت دعوى أمام محكمة القاهرة ضد الدغيدي ومنتج العمل يسري عكاشة. وقالت:"يجب قراءة السيناريو كاملاً وموافقة جميع الورثة قبل البدء في التصوير لأنه سيتناول مواضيع تدخل ضمن نطاق الحياة الخاصة، وبالضروري سيتعرض لحياة شخصيات من العائلة". وكذبت جيهان السادات ادعاء الدغيدي بأنها وافقت على إنتاج المسلسل ونفت أن تكون أعطته أو أعطت لغيره الضوء الأخضر للبدء في العمل. أما الدغيدي الذي تناول حياة بعض الزعماء العرب وحادثة إعدام صدام حسين في كتبه وأخيراً قضية مقتل المغنية اللبنانية سوزان تميم - فقال إنه حصل على موافقة الرقابة على المسلسل سنة 1998 وكتب عنه 66 حلقة تتناول كل تفاصيل حياة السادات، إذ تعرض للسلبيات كما تعرض للإيجابيات. وأكد الدغيدي أنه لا ينتظر موافقة أحد من الورثة لأن"الشخصيات العامة ليست ملكاً لعائلتهم فقط طالما أن العامة هم من صنعهم، ولا يحق لجيهان السادات أو رقية السادات أن تمنعاه من تقديم المسلسل". وطالب الدغيدي جيهان السادات بمنع فيلم"فرعون"الذي صور السادات على انه خائن بينما احتفى بقاتله خالد الاسلامبولي، موضحاً أنه يرغب بتصحيح صورة السادات لدى العالم. وقال الدغيدي:"حصلت على موافقة أسرة السادات قبل الإعلان عن المسلسل إذ وافق ابن أخ الرئيس نائب البرلمان طلعت السادات، ووافقت جيهان السادات في حديث تلفزيوني مسجل، كما وافقت ابنته رقية السادات في مكالمة هاتفية مسجلة أيضاً". وأوضح المخرج يوسف شرف الدين الذي رشح لإخراج العمل، أنه لا يزال يدرس الموضوع ولم يبدِ بعد موافقته النهائية لأنه منشغل بمسلسل آخر بدأ تصويره. وقد تفجرت الأزمة بين الأسرة وصناع العمل عندما أعلن الدغيدي في مؤتمر صحافي عقده في القاهرة انه بصدد إنتاج مسلسل تلفزيوني عن سيرة حياة السادات من المقرر البدء في تصويره منتصف 2009، ولكن اتهمه الحاضرون في المؤتمر باختلاق مشروع غير قائم مستغلاً اسم الرئيس السادات. كما أعلن وقتها المنتج المصري يسري عكاشة أن المسلسل سيكون مدبلجاً، وستقدم منه نسختان"الأولى بالإنكليزية والثانية مدبلجة بالعربية على غرار ما تم في فيلمي"الرسالة"و"عمر المختار"، مشيراً إلى أن شخصيات هوليوودية ستشارك في المسلسل. يذكر انه تردد منذ فترة أن الكاتبة المصرية أميرة أبو الفتوح انتهت من كتابة مسلسل"السادات بطل الحرب والسلام"بداية من مولد السادات حتى حادث المنصة مروراً بصراعه مع مراكز القوى وحرب أكتوبر ومعاهدة السلام. كما تردد أن أبو الفتوح ما زالت تتمسك بأحقيتها في كتابة المسلسل، خصوصاً بعد حصولها على موافقة كتابية على حسب ادعائها من جيهان السادات، سجلتها بالشهر العقاري. كما كانت شركة"الجابري"للإنتاج صرحت بأنها ستتولى تنفيذ مسلسل"السادات بطل الحرب والسلم"من تأليف محسن الجلاد بموازنة تصل الى 25 مليون جنيه، وهي موازنة غير مسبوقة في تاريخ الدراما المصرية. وكانت أسرة السادات وافقت على إنتاج الفيلم السينمائي"أيام السادات"الذي تناول قصة حياته من دون أدنى مشاكل أو نزاعات، بل وأبدت إعجابها به حتى انه سمح للفيلم بالتصوير في شقته، ولم تعترض الأسرة على إبراز مواقف اختلفت حولها الآراء، مثل ذهاب السادات ليلة ثورة 23 يوليو إلى السينما لمشاهدة فيلم واعتقاله لعدد كبير من المثقفين والسياسيين المصريين والمخالفين له في الرأي. وسبق للدراما التلفزيونية والسينمائية أن تناولت بعض ملامح من حياة السادات، ولكن من خلال مساحات ضيقة إذ قدم الشخصية عبد الله غيث في مسلسل"الثعلب"ومحمد كامل فى مسلسل"دموع صاحبة الجلالة"وأحمد بدير في مسلسل"أوراق مصرية"، والممثل الأميركي لويس جوسيت في الفيلم التلفزيوني"سادات"من إنتاج شركة كولومبيا في 1983، ورشح عنه لجائزتي"إيمي"و"غولدن غلوب". وكانت السيدة جيهان السادات قد ظهرت على شاشة قناة"المحور"في برنامج"90 دقيقة"مع الإعلامي معتز الدمرداش في تشرين الأول أكتوبر الماضي، وتحدثت بإعجاب عن الفنان خالد صالح، مرشحة إياه لتجسيد شخصية الزعيم الراحل. ويبقى السؤال: هل اعتراض الورثة قبل كل مسلسل سيرة هو رغبة منهم في إخراج الشخصية في صورة ملائكية بعيدة من النواقص أو العيوب أم تطلعاً لجني عائد من المسلسل؟ نشر في العدد: 16706 ت.م: 30-12-2008 ص: 38 ط: الرياض