يتعرض وزير الداخلية الجزائري نورالدين زرهوني إلى حملات منسقة، تجد صداها بين الحين والآخر على صفحات بعض الجرائد وثيقة الصلة بجهات نافذة في جهاز الحكم. في البداية ركزت هذه الحملات على "مرضه" المفترض وتنقلاته للعلاج في الولاياتالمتحدة، حيث كان سفيراً لبلاده في النصف الأول من التسعينات. وتشيع الأوساط التي تحرك هذه الحملات ان "اصابته خطيرة"، أي يمكن ان تقعده عن أداء مهامه، أو تحد من طموحاته. وتكشف القراءة المتأنية لهذه المرحلة من حملات بعض الأوساط عليه، أن مكانة الرجل في مسلك الأمن العسكري طوال عهد الرئيس الراحل هواري بومدين، فضلاً عن علاقته المتميزة بالرئيس بوتفليقة، تثير مخاوف هذه الأوساط. ويبدو ان هناك دوائر أمنية تخشى أن يستغل الرجل علاقاته - ماضياً وحاضراً - فيفكر أو يمرر تنظيماً جديداً لمصالح الأمن باتجاه العودة إلى نوع من المركزية، أو احياء مشروع انشاء جهاز على غرار "مديرية مراقبة الاقليم" الفرنسية. يذكر أن هذا المشروع كان تبناه وزير الداخلية السابق العربي بالخير مدير الديوان الرئاسي، وسعى إلى تحقيقه بمساعدة العقيد اسماعيل العماري اللواء حالياً اثناء فترة الرئيس الراحل محمد بوضياف القصيرة. وكانت هذه المخاوف تترجم رغبة التخلص من الرجل كوزير للداخلية وترشيحه إلى منصب فخري تقريباً في رئاسة الجمهورية. وفي الفترة الأخيرة، تجددت الحملة على زرهوني من الأوساط نفسها، لكن بشكل يدعو إلى الاستغراب، لأن المنطلق هذه المرة هو موقفه من قضية "حركة الوفاء والعدل" التي يتزعمها الدكتور أحمد طالب الإبراهيمي وزير الخارجية السابق. ويستند أصحاب الحملة إلى الآتي: - تأكيد زرهوني أن هناك عناصر من جبهة الانقاذ المحظورة في قائمة مؤسسي حركة الوفاء، من دون أن يقدم دليلاً على ذلك. وتنفي هذه الأوساط الأمنية ذلك، وبنوع من التحدي تحث زرهوني على نشر قائمة المؤسسين وتقديم البينة على ما يؤكده. - وصفه في تصريح أمام مجلس النواب رداً على استفسار عدد من الأعضاء حول عدم اعتماد حركة الوفاء الدكتور طالب الإبراهيمي ورفاقه ب"النازيين". وتستنكر الأوساط المذكورة هذا الشطط اللفظي، وتعتبر صاحبه "أضعف وزير داخلية عرفته الجزائر منذ استقلالها". وتتباين تفسيرات المراقبين لهذه الحملات المتكررة على وزير الداخلية، فهناك من يعتبرها "ضرباً من الازعاج، يستهدف الرئيس بوتفليقة من خلال أحد رجاله"! وهناك من يرى فيها "نوعاً من الدفاع عن موازين القوى الراهنة" التي تحد كثيراً من مبادرات الرئيس ورجاله. وتتباين الآراء أيضاً بخصوص رفض اعتماد حركة الوفاء، فبعضهم يرى في هذا الرفض "خطأ مقصوداً، يراد به تلميع زعيم الحركة كشخصية احتياطية يمكن الاستعانة بها عند الضرورة"! في حين يرى بعضهم الآخر فيه "مجرد حيلة لتغطية هذا الرفض أمام الرأي العام المحلي والدولي".