بتقديم الدكتور سعد بن طفلة العجمي استقالته من منصبه كوزير للاعلام يتأكد ان المنصب الوزاري في الكويت يحتفظ بسماته "الحارقة" لصاحبه على المستوى الشعبي، وهو امر تكرر مع المزيد من الوجوه الشعبية التي خاضت غمار التجربة عبر التوزير، سواء كانت فازت في الانتخابات ام لم يحالفها الحظ. وابن طفلة كان من النجوم الاعلامية الكويتية الصاعدة، وخاض تجربة الانتخابات العام 1996 وكاد ان يخطف الفوز في دائرته، ثم عمل بعد ذلك مستشاراً اعلامياً في البرلمان قبل ان يختاره الشيخ سعود ناصر الصباح مديراً للمكتب الاعلامي الكويتي في لندن. وحقق الدكتور سعد نقاطاً مهمة لدى احد رموز القيادة السياسية الكويتية وهو الشيخ سالم الصباح عندما افلح بمهمة معقّدة تمثّلت بلقاء عقده مع علاء حسين رئيس الحكومة الموقتة التي نصبها العراق في الكويت بعيد غزوه لها العام 1990. وانتهت بعودة علاء الى الكويت حيث ما زال ينتظر حكم محكمة التمييز، وهي آخر درجات التقاضي امامه، لخفض العقوبة المقررة عليه وهي الاعدام. وكوفئ ابن طفلة بتوليته حقيبة وزارة الاعلام، لكنه سرعان ما اصطدم بوكيلها فيصل الحجي ويبدو انه دفعه نحو الاستقالة مما ترك اثراً مبكراً على ادائه الذي ازداد حساسية جراء الحذر الذي واجهته به الصحافة التي اتهمته بأنه تهاون ولم يرفع صوته مدافعاً امام قرار حكومي جمح نحو عقوبات مشددة على صحيفتين يوميتين هما "الوطن" و"السياسة". وزاد في الطين بلّة ان الدكتور ابن طفلة ظل على مسافة خصومة جرى تبريدها معظم الوقت لعوامل قبلية مع التيار الاسلامي، وان كانت وضعته تحت مجهر متابعة حثيثة من خصم برلماني لدود هو النائب الدكتور وليد الطبطبائي. وعبر خطوات ملحوظة بدأ ابن طفلة يلمس ان مستقبله السياسي لا يكمن بالمنصب الوزاري، فماذا يفعل شخص في مثل حالته ان ترك حقيبة الوزارة وهو في هذه السن المبكرة من عمره، فأعاد العمل على بلورة قاعدة انتخابية تراعي الظروف السائدة في الكويت وصولاً الى السنة 2003، حيث يرجح ان يخوض الانتخابات في دائرة الرقة التي تهيمن عليها قبيلته ويرجح له مع بعض التحالفات والتكتيكات ان يحقق فيها موقعاً متقدماً. وباستقالته التي لا عدول عنها او تراجع يدخل ابن طفلة التاريخ الكويتي كونه اول وزير اعلام في تاريخ التشكيلات الوزارية يقدم استقالته ويرحل. وليس ببعيد أن ينهمك الوزير المستقيل خلال السنتين المقبلتين بعمل استشاري مع إحدى الجهات الاعلامية الخليجية في فترة وقت ضائع يقضيها قبل الانتخابات المقبلة، لكن من المفيد بل من المرجح ان يكون استقال او انه "استقيل" لأسباب تتعلق بعملية توازن وتعاون يتم رسمها حالياً في الكويت لتغلف المرحلة السياسة المقبلة التي يقودها رئيس الوزراء بالنيابة وزير الخارجية الشيخ صباح الأحمد، ويتوقع معها قرارات سياسية حاسمة، حكومياً... وبرلمانياً.