تحل مطلع تشرين الأول اكتوبر المقبل الذكرى الخمسون لاندلاع الثورة الصينية التي فجرها الزعيم الراحل ماو تسي تونغ العام 1949. واعادت المناسبة الى الأذهان نشاط الزعيم الصيني الذي لم يهدأ، بدءاً من "القفزة الكبيرة للامام" 1958 - 1960 مروراً بالثورة الثقافية 1966 وانتهاء بالمواقف الدولية التي اتخذتها "الصين الشيوعية" في عهد ماو الذي توفي العام 1976. وفي ذكرى مرور نصف قرن على إعلان الصين دولة شيوعية، تجدد الجدل حول شخصية ماو تسي تونغ. والأخطاء التي شابت "قفزاته الكبيرة" الى الأمام، خصوصاً إرغام الفلاحين على تذويب آلياتهم الزراعية، مما أدى - حسب من ينتقدون التجربة - الى حصول مجاعة على نطاق واسع. ولا تزال "الثورة الثقافية" تثير نقاشاً ساخناً حول جدواها وأخطائها وقيام عدد من جنود "الحرس الأحمر" بتدمير كنوز فنية تاريخية لا تعوض ولا تقدر بثمن. وفي ذكرى الثورة الصينية تقفز الى الواجهة صورة رئيس الوزراء الراحل شوان لاي الذي يصفه كثير ممن تعاملوا معه بالحكمة والدهاء. وقد كان من أخلص معاوني الزعيم ماو تسي تونغ. ويذكر له الصينيون ديبلوماسية المكوك التي انتهجها خلال السنوات الممتدة من 1949 الى 1958، وشملت جولاته معظم بلدان العالم، محاولاً تقديم الوجه الأكثر تحضراً للصين الشيوعية. وتوفي شوان لاي العام 1976. وتولى الحكم بعد وفاة ماو الزعيم الراحل دينغ شياو بينغ الذي اقتاد بلاده على مهل لتخرج من مرحلة التنظير الراديكالي المتشدد الى رحابة الواقعية الاقتصادية، وان حرص على ابقاء الحزب الشيوعي الصيني تحت قبضة يده. ولم يمنع استئثار الحزب الشيوعي بحكم الصين الناشطين ودعاة حقوق الانسان من شن حملات ضد الفساد، والدعوة الى مجتمع أكثر انفتاحاً في البلاد التي أغلقتها "الثورة الثقافية" وتركتها أسيرة لثقافة الحزب الحاكم. وكان ذلك أكبر تحد يواجهه دينغ شياو بينغ الذي توفي العام 1997. وقد التقطت الصور المنشورة مع هذا التحقيق في 1956 اثناء الزيارة التي قام بها الرئيس الاندونيسي الراحل الجنرال أحمد سوكارنو الذي كان يعد هو نفسه أحد أبرز ثوار تلك الحقبة. وتزامنت زيارته لبكين في 8 تشرين الأول اكتوبر 1956 مع احتفالات الصين بمرور سبع سنوات على الثورة الكبرى التي قادها ماو تسي تونغ. وكانت الصين قد نجحت آنذاك في إقصاء فلول قوات الجنرال تشان كاي شيك ومطاردتها حتى لاذت بجزيرة تايوان التي أعلنت دولة مستقلة لا تزال الصين - بعد مرور 50 عاماً على ثورتها - تسعى الى استعادتها وضمها الى البر الصيني. وحين حل الجنرال سوكارنو في بكين عامذاك كانت الصين تنعم بأفضل فتراتها: بلا حرب أهلية، وبلا مجاعات، وبلا طاعون يفتك بأهلها. وكان الزعيم ماوتسي تونغ في ال62 من عمره، فيما كان عمر شوان لاي لا يتجاوز ال58