إنسانية عبدالعزيز بن سلمان    تميز المشاركات الوطنية بمؤتمر الابتكار في استدامة المياه    الملك يضيف لؤلؤة في عقد العاصمة    إطلاق أول «بودكاست» في المسؤولية المجتمعية    اجتماع قادة الصناعة المالية الإسلامية في اللقاء الاستراتيجي الثاني لمناقشة الابتكار المستدام    أنا ووسائل التواصل الاجتماعي    الذكاء الاصطناعي والإسلام المعتدل    الفيحاء يواجه العروبة.. والأخدود يستقبل الخلود.. والرياض يحل ضيفاً على الفتح    وزير الرياضة: دعم القيادة نقل الرياضة إلى مصاف العالمية    نيمار يقترب ومالكوم يعود    التركي: الأصل في الأمور الإباحة ولا جريمة ولا عقوبة إلاّ بنص    النضج الفكري بوابة التطوير    برعاية أمير مكة.. انعقاد اللقاء ال 17 للمؤسسين بمركز الملك سلمان لأبحاث الإعاقة    نور الرياض يضيء سماء العاصمة    قيصرية الكتاب تستضيف رائد تحقيق الشعر العربي    الشائعات ضد المملكة    الأسرة والأم الحنون    سعادة بطعم الرحمة    بحث مستجدات التنفس الصناعي للكبار    مستشفى الدكتور سليمان الحبيب بالريان يُعيد البسمة لأربعينية بالإنجاب بعد تعرضها ل«15» إجهاضاً متكرراً للحمل    في الجولة الخامسة من يوروبا ليغ.. أموريم يريد كسب جماهير مان يونايتد في مواجهة نرويجية    خادم الحرمين الشريفين يتلقى رسالة من أمير الكويت    بهدفين في الدوحة| الاتفاق ينفرد بالصدارة عبر بوابة العربي القطري    قمة آسيا للذئاب    أمير حائل يعقد لقاءً مع قافلة شباب الغد    محمد بن عبدالرحمن يشرّف حفل سفارة عُمان    باحثة روسية تحذر الغرب.. «بوتين سيطبق تهديداته»    سعود بن بندر يستعرض إستراتيجية «تطوير الأحساء»    الزميل رابع يحتفل بزفاف إبنه د. صالح    الزميل العويضي يحتفل بزواج إبنه مبارك    احتفال السيف والشريف بزواج «المهند»    إشادة أوروبية بالتطور الكبير للمملكة ورؤيتها 2030    أكدت رفضها القاطع للإبادة الجماعية بحق الفلسطينيين.. السعودية تدعو لحظر جميع أسلحة الدمار الشامل    "الأدب" تحتفي بمسيرة 50 عاماً من إبداع اليوسف    60 صورة من 20 دولة للفوتوغرافي السعودي محتسب في دبي    المملكة ضيف شرف في معرض "أرتيجانو" الإيطالي    تواصل الشعوب    ورحل بهجة المجالس    تقليص انبعاثات غاز الميثان الناتج عن الأبقار    التويجري: السعودية تُنفّذ إصلاحات نوعية عززت مبادئها الراسخة في إقامة العدل والمساواة    دشن الصيدلية الافتراضية وتسلم شهادة "غينيس".. محافظ جدة يطلق أعمال المؤتمر الصحي الدولي للجودة    إعلاميون يطمئنون على صحة العباسي    «مساعد وزير الاستثمار» : إصلاحات غير مسبوقة لجذب الاستثمارات العالمية    اكتشاف الحمض المرتبط بأمراض الشيخوخة    مشروعات طبية وتعليمية في اليمن والصومال.. تقدير كبير لجهود مركز الملك سلمان وأهدافه النبيلة    أمير الرياض يرفع الشكر والتقدير للقيادة على إطلاق «مشروع قطار الرياض»    ميقاتي يحذر النازحين من العودة السريعة.. وإسرائيل تعلن اعتقال 4 من حزب الله    وزير الرياضة : 80 فعالية عالمية زارها أكثر من 2.5 مليون سائح    البنيان: رصدنا أكثر من 166 مشروعا تعليميا في 2025    رئيس مجلس الشيوخ في باكستان يصل المدينة المنورة    أمير تبوك يقف على المراحل النهائية لمشروع مبنى مجلس المنطقة    هيئة تطوير محمية الإمام تركي بن عبدالله الملكية ترصد ممارسات صيد جائر بالمحمية    الشتاء يحل أرصادياً بعد 3 أيام    هنآ رئيس الأوروغواي الشرقية.. خادم الحرمين الشريفين وولي العهد يعزيان القيادة الكويتية    هؤلاء هم المرجفون    اكتشاف علاج جديد للسمنة    أهمية الدور المناط بالمحافظين في نقل الصورة التي يشعر بها المواطن    نوافذ للحياة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



النائبة التركية المحجبة تعتبر أن على بلادها الاقتداء بالحضارة الغربية . مروة قاواقجي ل "الوسط": أرفض دعم ايران لي لأنها تنتهك حقوق الانسان
نشر في الحياة يوم 24 - 05 - 1999

لم تهدأ بعد الضجة التي أثارها دخول النائبة التركية المنتخبة مروة قاواقجي مبنى البرلمان محجبة. وقد اتهمت بأنها عميلة ومحرّضة. وسعت اليها "الوسط" لتسألها عن حقيقة ما حدث، وعن آرائها وطريقة تفكيرها. وكان الانطباع الذي تركه اللقاء معها الذي استمر قرابة ساعتين ان هذه السيدة الشابة 30 عاماً طموحة وواقعية وصلبة، فعلى رغم اسقاط مواطنتها فهي تذكر ان ذلك لم يحملها على البكاء.
ودافعت مروة في حوارها مع "الوسط" عن مفهومها للديموقراطية والعلمانية. وكانت كلمة "الحرية" أكثر الكلمات التي رددتها في سياق اجاباتها. ورفضت التأييد الذي أبدته ايران لقضيتها. ودافعت عن ضرورة تمكين المرأة من القيام بدورها في المجتمع. وهنا نص المقابلة:
* ما معنى الحجاب بالنسبة اليك؟ هل هو رمز سياسي؟
- لقد بدأت بارتداء الحجاب بعدما أكملت الدراسة الثانوية في سن السابعة عشرة. إن ارتداء الحجاب ليس حادثة تحققت بعد دخولي وسط مجموعة محددة من الزميلات. فعندما يتم إلقاء نظرة على عائلتنا لمدى أربعة أجيال، يلاحظ بأننا ننتمي لعائلة متدينة جداً ومثقفة في الوقت نفسه، وتولي أهمية للعلوم مثلما تهتم بالعلوم الدينية. كان جدي ضابطاً برتبة نقيب ومحارباً في حرب الاستقلال، وقد أصيب بجروح في جبهتين من جبهات الحرب. كما ان جدتي كانت تجيد اللغة العثمانية مثلما تجيد اللغة التركية الحديثة. والى جانب ذلك فإن عائلتنا اهتمت بمواكبة التجديدات والتغيرات الحاصلة في تركيا.
أما في ما يتعلق بالملابس، فإنني أنتمي الى عائلة تحاول اظهار تدينها من خلال ملابسها كذلك. لقد أكملت والدتي دراستها في مدرسة سانت جورج التي تعتبر من المدارس التبشيرية، ثم درست في الجامعة الأدب الألماني. ومن المحتمل ان والدتي كانت أول سيدة درست مرتدية الحجاب في تلك الفترة، وهي من مواليد العام 1940، وقد أكملت دراستها بالحجاب. ومارست التدريس في الجامعة، واضطرت لتغيير غطاء رأسها بسبب الحظر الذي فرض على الحجاب في 1980، الا ان المشكلة استمرت، فتركت وظيفتها بسبب ذلك. ولقد واجهت أنا المشكلة نفسها، فدخلت في عام 1986 كلية الطب في جامعة أنقره، وصدر بعد شهر الحظر على ارتداء الحجاب. نحن كعائلة واجهنا هذه المشكلة منذ 1980. وقد صدرت أخبار في الصحف التركية تزعم بأنه تم إبعادي من كلية الطب بسبب فشلي في الدراسة. ولكن من المعروف ان كلاً من جامعتي أنقره وحاجة تية لم تقدما أي تنازلات في شأن الحجاب والحظر المفروض على ارتدائه. وكان الوضع أخف وطأة في جامعة اسطنبول في تلك الفترة، فحاولنا ان ننتقل اليها فلم نوفق. لقد نجحت في الصف الأول، الا انني لم أتمكن من الجلوس للامتحانات النهائية للصف الثاني 1987 - 1988. وفي تلك الفترة حصل والدي على عرض من اميركا، فاتخذنا القرار العائلي بالسفر اليها، لأنني كنت أعيش الصعوبات نفسها التي واجهتها والدتي في السابق.
* هل كان الحجاب من العوامل المؤثرة في قرار انتقالكم الى الولايات المتحدة؟
- كان الحجاب العامل المؤثر الوحيد في قرار هجرتنا الى اميركا. وكان ذلك موضوع لقاءات صحافية، والجميع يعرف سبب مغادرتنا.
كان من الواضح آنذاك انه من غير الممكن ان تحل مشكلتنا في تركيا. والجميع ليسوا محظوظين مثلنا، اذ اننا تمكنا من السفر الى الخارج بفضل حصول والدي على عقد للعمل. وكنت قد اعتبرت كلية الطب في أنقره الخيار الثاني لي عند ترجيحي للدراسة في الجامعة، وكان اتخاذ هذا القرار صعباً جداً.
ان تركيا ليست هي التي أفسحت المجال أمامي للدراسة مثلما أنا عليه، بل ان اميركا هي التي فتحت أحضانها لي. لقد درست في اميركا من جديد لأنها لم تعترف بدراستي السابقة التي استمرت عامين في تركيا، ولذلك كان يقتضي ان أبدأ بدراسة جديدة ومكلفة لمدة 6 أعوام في كلية الطب. فبدأت بالتفكير في المهنة التي يمكن ان تكون بأهمية الطب في هذا العصر، فوجدت ان من المناسب أن أدرس هندسة الحاسب الآلي.
* هل أنت طموحة الى هذه الدرجة دوماً؟
- كلا، لكني كنت متفوقة بشكل مستمر، مثلما كنت طالبة ناجحة، ولهذا السبب فإن الادعاءات القائلة بأني كنت طالبة فاشلة ولذلك ابعدت من الكلية تؤلمني جداً. وانني أدعو الأشخاص للتفكير في شأن كيف تسمح لهم ضمائرهم بذكر هذه الاكاذيب بهذه السهولة.
* لماذا دخلت المجال السياسي، وما هو هدفك، وهل كنت ستدخلين السياسة في حال تلقيك عرضاً من حزب سياسي آخر؟
- دخلت الحقل السياسي بعد عودتي من اميركا، ولم أكن قد فكرت في السابق بأني سأختار هذا المجال. وعندما كنت طالبة في المرحلتين الابتدائية والمتوسطة، صدرت بعض كتاباتي في الصحف الخاصة بالأطفال. انني من النوع الذي يحب التفكير بشكل مستمر وأعتبر السياسة من المجالات التي تستقطب اهتمامي. كما أفكر بضرورة القيام بدور فعال في المجتمع، وهذا التفكير لا يقتصر على شخصي فقط، بل يجب على كل شخص أن يقوم بدور فعال في المجال الذي يرى انه قادر على التعامل معه، وليس من الضروري ان يكون هذا المجال السياسة وحدها.
في ما يتعلق بسبب عودتي الى تركيا، فهو رغبتي في ان تعيش طفلتاي في البيئة التركية لكي تتعرفا على العادات والاعراف التركية وتقيمان في تركيا الى ان تبلغا سناً معينة. وعندما وصلت لتركيا وجدت نفسي مشغولة بالسياسة، وبدأت بالعمل في اللجنة النسائية لحزب الرفاه. وتطورت نشاطاتي من تلقاء نفسها، اذ ان بعض السيدات اللواتي كنت اعرفهن، بدأن بتوصية السيدات الاخريات في شأني.
اما في شأن قضية الانتماء الى حزب آخر، فقد انتميت الى حزب الفضيلة لأني شعرت بارتياح في هذا الحزب، ولأنه تقبلني مثلما انا. ولا أعرف هل سأجري اي تقييم لحزب آخر لو اقترح علي الانتماء اليه. لكني لا أحب الحديث عن الفرضيات.
* ما هي باعتقادك المشكلة الرئيسية التي تواجهها بلادك؟ وماذا كان هدفك من دخول المعترك السياسي؟
- توجد مشكلتان رئيسيتان في تركيا. قبل كل شيء، يجب توطيد الديموقراطية بكامل معناها وبشكل غير مزدوج. أريد القول انه توجد مشكلة الازدواجية في كل الساحات، ولا أعرف من أين أبدأ الحديث. ان هذا الموضوع معقد، وعلى رغم ان الدستور والقوانين معروفة، فإنه يتم تفسير بعض المسائل بشكل مختلف في بعض الاحيان. ولا يتم تقليص حرية التفكير بالنسبة الى الاشخاص الذين يفكرون مثلي. ويوجد حالياً رجب طيب أردوغان وأشبر ياغمور دره لي في السجن بسبب تحديد حريتهما. انني لا أقتسم المعتقد السياسي نفسه مع ياغمور دره لي ولا أؤيد أفكاره، إلا انني مضطرة لإظهار الاحترام له.
ويجب ان يعبر عن أفكاره بكل حرية. كما أرى أني اختلف عن الذين يدعون أنهم ديموقراطيون ومثقفون من ناحية، أني أرغب بوجوب اطلاق حرية الفكر والإيمان للجميع سواء أن كانوا يفكرون مثلي أم لا. كذلك توجد مشكلة مهمة أخرى تواجه تركيا، وهي المشكلة الاقتصادية.
* لكن الحزب الذي تنتمي اليه لم يظهر أي اهتمام في شأن قضية الحريات؟
- المعروف ان مسيرة التطور السياسي، خصوصاً في تركيا تحدث فيها تطورات كبيرة بين ليلة وضحاها. وأعتقد بأنه يجب علينا ان نستخلص الكثير من العبر من التجارب التي يمر بها الانسان وان نستمر في طريقنا، وان التطور السياسي في تركيا يسير في الاتجاه نفسه. والحديث عن ان السياسيين الذين يحملون أفكار حزب الفضيلة لم يظهروا الحساسية اللازمة في شأن هذا الموضوع، لا يعني أنهم غير حساسين ازاءه، لأنهم لم يفصحوا عن ذلك ولم يتمكنوا من القيام بالدعاية بشكل جيد. كما اننا كنا نواجه مشكلة في التعريف بأنفسنا، لأنه توجد أحكام مسبقة ضدنا، لذلك لم نتمكن من شرح أنفسنا.
* ما هو سبب ازدياد عدد الذين يختارون نهج الحياة الاسلامية في تركيا.
- هناك أسباب عدة وراء ذلك، في السابق كان يتم تحميل كثير من الاخطاء في العادات والتقاليد والأعراف والتطبيقات على الاسلام. وقد يكون من المحتمل انه فُهم ان الاسلام مفتوح للتطور والتعليم والثقافة وان هذه الامور مفروضة على الجميع دون أي تفريق بين الذكور والإناث. وظهر كثيرون ممن يدعون انهم سيكملون دراستهم ويبقون ملتزمين بدينهم في الوقت نفسه. وعندما نلقي نظرة على الماضي، فعلى سبيل المثال، نجد جيل والدتي من اللواتي كن لا يلبسن الحجاب يتحولن بعد سن معينة الى سيدات متدينات. لكن عائلتي لم تكن كذلك، كما أود الإشارة الى انه لا يجب ان يكون الجميع متدينين، والمهم هو ما يؤمن به كل شخص واخلاصه في ذلك وحفاظه على مبادئه.
* ما هي أهم مشكلة في العالم بنظرك؟
- كيف يمكن إلقاء نظرة شاملة الى المشاكل العالمية؟ العولمة والتطور التقني أديا الى حدوث بعض الايجابيات والسلبيات، كما ان قضية إزالة الحدود في أوروبا أكسبت الناس، الى حد ما، فكرة الوحدة.
ولكن من الصعب جداً القول ان مشكلة العالم هي كذا أو كذا، لأن هناك اختلافات كبيرة في العالم، ففي جنوب افريقيا ما زالت الجهود تبذل للحصول على أبسط حقوق الانسان، لأن كثيرين لا يحصلون على قوت يومهم ويموتون جوعاً، مثلما يحدث في الصومال. أنا لا أفهم هذا الأمر وأشعر بالعار إزاء ذلك. وفي اميركا الجنوبية توجد مشاكل مختلفة. ومن ناحية أخرى فإننا نعيش في عالم غير حساس. لذلك لا يمكنني ان أحدد المشكلة التي يواجهها العالم، لأنها تختلف من مكان الى آخر.
* هل تأثرت بزعماء دوليين؟ ومن هي الشخصيات التي تأثرت بها من التاريخ الاسلامي؟ وما السياسة التي اخترتيها نموذجاً تقتدين به؟
- لا توجد أي سيدة تعمل في المجال السياسي تأثرت بها، لكنني متأثرة بالزعيم غاندي لأنه خرج من الشعب وتواجد معه، ويجب ان يكون الزعماء كذلك. ويوجد في تركيا عدنان مندريس ورجب طيب أردوغان، ومن المعروف ان مندريس أعدم، لكن اعتباره الشخصي أعيد بعد ذلك. كما يوجد السلطان محمد الفاتح في الامبراطورية العثمانية. وفي المقام الأول سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وعمر بن الخطاب، أنا متأثرة بصبر الأول وبتسامح الثاني. كما توجد شخصيات اخرى كثيرة تأثرت بها.
* هل هناك زعيم نموذجي ينال إعجابك في العالم الاسلامي؟
- كلا.
* ما هو تقويمك للرجال الذين يحملون أفكارك نفسها وانتخبوا لعضوية البرلمان؟ وإذا كن إناثاً، هل رؤوسهن مغطاة بالحجاب مثلك؟
- نعم، اعتقد ذلك، لكن المشكلة ليست مشكلة الرجل والمرأة، أود ان يشارك كل شخص كفء في الاسهام في حل المشاكل وفي المجلس الذي يختاره الشعب، فالشعب هو الذي ينتخب الأشخاص بإرادته ويرسلهم للبرلمان. وكان بعض السياسيين والمؤسسات التي تمثل المهن في المجتمع تتهم حزب الفضيلة بعدم ترشيح أي سيدة لعضوية البرلمان. وكان الجميع يوجهون الانتقادات لهذا الحزب في هذا الشأن ويؤكدون وجوب منح السيدات حقوقهن. ولكن نرى الآن هذه الأوساط نفسها تصرخ قائلة ان العلمانية تواجه الخطر. إنني أولي أهمية كبيرة لتمثيل النساء في البرلمان، وتمثيل السيدات مشكلة في تركيا والعالم. ونرى ان الوضع في اميركا وأوروبا ايضاً ليس مختلفاً. وأينما تذهبون ترون ان الوضع نفسه سائد. ولا يوجد سوى نموذج السويد حيث يتم تمثيل السيدات بنسبة 30 و40 في المئة.
* ما هي الاسهامات التي يمكن للمرأة ان تقدمها للسياسة؟
- هذا السؤال مهم جداً، فالعالم يتكون من الرجال والنساء. ومما لا شك فيه انه يجب ان تشارك السيدات ايضاً في جميع نشاطات المجتمع، بما فيها النشاطات السياسية. وتواجه السيدات مشكلة في المجال السياسي، لأن العمل في هذا الحقل يقتضي صرف جهد كبير. ونرى ان العمل المنزلي يلقي على السيدات في كل المجتمعات الاسلامية واليهودية والمسيحية والملحدة كذلك، ولهذا السبب فإنهن لا يتمكن من الخروج الى الساحة السياسية. لكننا نرى اليوم ان المرأة حريصة على أداء مهماتها وتتحلى بالصبر وتبذل جهوداً كبيرة لتحقيق ما ترغب تحقيقه. وقد يكون من الصعب ان تصل المرأة للسلطات التي يتحكم فيها الرجال حالياً في هذا العالم، إلا انها عندما تتمكن من الوصول الى ذلك، فإنها ستؤدي مهمتها على أكمل وجه، وأود ان أشير الى وجوب مشاركة المرأة في عدد من القضايا والأمور. ولا أعني أنه يجب ان تشارك في القضايا التي تهم المرأة فقط، لأن ذكاء المرأة مثل الرجل، لكني لا أريد القول أنها يجب ان تتسابق مع الرجل. فالكفاءة هي النقطة المهمة، فعلى سبيل المثال أنا درست هندسة الحاسب الآلي ولهذا السبب استطيع ان اتحدث في هذا المجال. ولكن ليس باستطاعتي ان اتحدث عن الطب. وهكذا يجب على كل شخص ان يتحدث في مجال اختصاصه.
* استطاعت تانسو تشيللر زعيمة حزب "الطريق القويم" ان تصبح رئيسة للوزراء. فهل تمكنت من فتح الطريق أمام السيدات؟
- يجب توجيه هذا السؤال الى السيدات المنتميات الى حزب الطريق القويم واللاتي يدعمن تشيللر.
* تم اتهامك بالعمالة والتحريض. هل كنت تتوقعين ذلك. كذلك أعلن اسقاط جنسيتك التركية...
- لم أكن أتوقع ردود الفعل بهذا الحجم. وجاء أول رد فعل من حزب اليسار الديموقراطي في البرلمان، وهذا الحزب علماني، كنت أتوقع ان يصدر رد الفعل من هذا الحزب وكنت اتفهم ذلك، لأن كل الناس ليسوا مرغمين على التفكير مثلي، فهذا من متطلبات الديموقراطية، ومن الطبيعي جداً ان يبدوا رد فعلهم، إلا أن ما حدث في البرلمان في ذلك اليوم كان عملاً غير ديموقراطي، وما قام به في ذلك اليوم رئيس الوزراء أمر لا يليق بسنه وبماضيه السياسي، اذ قال: "اوقفوا هذه السيدة عند حدها". وبهذه الوسيلة تسبب في بدء حملة القتل السياسي ضدي من قبل اجهزة الصحافة والاعلام. ويُعرف عن أجاويد انه شاعر ولطيف، ولا اعرف سبب موقفه ازائي. اما ما قاله الرئيس التركي بحقي بأني عميلة ومحرضة، فهو مخيب للآمال. ولا استطيع ان اقول اي شيء آخر، لأني لست عميلة ولا محرضة.
* هل لجأت الى دموعك؟
- كلا، لم أبك، لكني صدمت. وانا استنكر بشدة عملية القتل السياسي الموجهة ضدي وضد أطفالي وأبي وأمي. ومن المؤكد اني تألمت بسبب اتهام والدي بأنه نبي مزيف، وبالقول ان والدتي طردت من الجامعة، وانني ابعدت من الجامعة بسبب فشلي. كيف يتمكن الناس من اصدار احكام مسبقة؟
* ما هو تقويمك للدعم الايراني لموقفك؟
- لا يوجد اي نفع للدعم الذي يأتي من دولة تُقلص فيها الحريات. هذا الدعم لا يهمني. يجب ان لا تقوم المنظمات غير الشرعية ودولة مثل ايران ببث الدعاية ضد تركيا عن طريقي. لقد جاءني الدعم من اميركا، ولكن لا يجب على دولة مثل ايران لا تحترم حقوق الانسان ان تستغل قضية حجاب مروة قاواقجي كأداة لبث الدعاية ضد تركيا. وحبذا لو لم يعرقل أدائي للقسم الدستوري في المنبر الديموقراطي الذي أتيت اليه بإرادة الشعب. ليته لا يحدث شيء من هذا القبيل في العالم. ان ما حدث أمر يعاب على تركيا. وجاء في تعليق لإذاعة "بي. بي. سي" ان تركيا فقدت عقلها وعليها ان تنسى الاتحاد الأوروبي. فلماذا سمحنا بحدوث هذا الأمر؟ ان هذه القضية هي قضية الديموقراطية التي يجب ترسيخها في تركيا.
* الحفاظ على الجنسية الاميركية وعضوية البرلمان التركي... لأيهما الأولوية بالنسبة إليك؟
- أنا تركية. أحب تركيا وأود أن أخدم وطني. ولو كنت لا أحب بلادي، لما عدت اليها، على رغم انها لم تمنحني حق الدراسة، ولكنت بقيت في اميركا وخدمتها. لقد فتحت دولة أخرى أحضانها لي، وحصلت على حق الجنسية بسبب الزواج هناك. وهذا أمر لا يبعث الاستغراب. ان القضية هي ايقاف مروة قاواقجي عند حدها، وإلا فإن هناك اكثر من 20 برلمانياً يحملون الجنسية المزدوجة.
* ما هو تقويمك للفرق بين الغرب والشرق، وقد أمضيت فترة مهمة من حياتك في الغرب؟
- الناس كافة في الغرب يتمتعون بالديموقراطية وحقوق الانسان في يومنا هذا، وتركيا ايضاً ستصبح كذلك، لأن هذا الأمر ضروري لانضمامنا لمجموعة الدول المتطورة. وتركيا تهدف للحصول على عضوية الاتحاد الأوروبي، كما ان أتاتورك استهدف الرقي بتركيا الى مستوى الحضارة المعاصرة. لقد اظهر الشرق تطوراً في الحقل التقني، فهناك نموذج اليابان في هذا الصدد. ولكننا نرى النموذج الغربي فقط في ما يتعلق بتحقيق التطور التقني والتطور الحاصل على صعيد الديموقراطية وحقوق الانسان جنباً الى جنب. وبما ان تركيا تستهدف الانتماء الى الاتحاد الأوروبي، وإذا كنا نرغب بالتطور فيجب علينا ان لا نترك الديموقراطية مهتزة، ولا يمكن توطيد النظام الديموقراطي من خلال القول: "هذا الحق ليس لك لكنه لي".
ووفق الدستور يجب ان يتمتع الجميع بالحريات بشكل متساو وان لا تحد حرية شخص من حرية شخص آخر. والديموقراطية هي المستقبل، ولكن يجب ان نكافح من أجل ذلك. ومن المعروف ان ثمن الأمور التي تتحقق بنتيجة كفاح معين يدرك بشكل أفضل. ولم يتم منح العديد من المفاهيم في بلادنا كحق الترشيح والانتخاب أو العلمانية، بل تم الحصول عليها بعد كفاح. وربما لهذا السبب نواجه الازدواجية في حرية الدين والوجدان. فالعلمانية تعني الفصل بين شؤون الدين والدولة، الا تتدخل احداها في شؤون الاخرى. وقد تم اضفاء نوع من المطاطية على مفهوم العلمانية في تركيا، اذ يتم تفسيره بشكل يعني تقليص الحريات الدينية. وقد عشت ورأيت الدول التي خرج منها هذا المفهوم، ورأيت انه غير موجود في تركيا.
* أعلن قرار اسقاط المواطنة التركية عنك لأنك حصلت على المواطنة الاميركية من دون الحصول على موافقة تركيا...
- هذا الموقف بمثابة اصدار حكم الإعدام بحق شخص دخل البرلمان بإرادة الشعب، دون محاكمة ورغماً عن الديموقراطية. ان الشعب يدرك الحقائق، ويدرك ان الاذهان التي تمارس الضغط والقوة تدخل بيني وبين الشعب. انا لست غاضبة على بلادي، لكني غاضبة على القائمين بهذا العمل. فالحاكمية تعود للشعب من دون قيد أو شرط. فقد نسيت تركيا التضخم والارهاب وعبدالله اوجلان وبدأت تتحدث عن اسقاط جنسيتي التركية. ويقال ان هذه الامور كلها تعني الكمالية، لكن أتاتورك اكد ان الحاكمية، أي السلطة، تعود للشعب من دون قيد أو شرط.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.