محكمة الاستثمار العربية التي انشئت في 29/8/1984 بموجب قرار صادر عن المجلس الاقتصادي والاجتماعي التابع لجامعة الدول العربية، عاطلة عن العمل منذ 15 سنة، ورئيسها القاضي فايز حسين المبيضين يشكو من البطالة مع اعضاء هيئة المحكمة الخامسة، ويتساءل: لماذا لم يعرض على هذه المحكمة اية دعوى او نزاع على رغم كل المزايا الكثيرة التي توفرها والتي من شأنها ان تشجع المستثمرين في حالة وجود خلاف او نزاع ان يلجأوا اليها لتسويته، نظراً إلى سهولة اجراءاتها وتسهيل عملية التقاضي وتقصير أمد الفصل في الخلاف وتسوية النزاع؟ جاءت شكوى رئيس محكمة الاستثمار في "مرافعة" قدمها الى المؤتمر الثامن لرجال الاعمال والمستثمرين العرب الذي عقد في تونس، وأجاب فيها على سؤاله عن سبب عدم عرض اي نزاع بين المستثمرين على المحكمة، بأنه يعود الى "عدم إلمام الكثيرين من المستثمرين العرب والعديد من الجهات الرسمية بهذه المحكمة وخصائصها، كما جاء ذلك في رصد اللجنة التحضيرية لهذا المؤتمر". وقال القاضي فايز حسين المبيضين: "على كل حال لا يهمنا في هذا المجال مناقشة اسباب هذا الجهل، بقدر ما يهمنا البحث عن الوسائل التي تساعد على التعرف بهذه المحكمة وابراز اهم خصائصها الكفيلة بسرعة الفصل في المنازعات بشكل لا يخل بسير العدالة من اجل توفير المناخ الاستثماري الذي هدفت اليه الاتفاقية الموحدة لاستثمار رؤوس الاموال العربية في الدول العربية، لأجل تشجيع الاستثمار وخلق الاجواء والآليات المناسبة والمشجعة لتحقيق ذلك". في الواقع، انشئت محكمة الاستثمار العربية بموجب المادة 28 من الاتفاقية الموحدة لاستثمار رؤوس الاموال العربية والتي ابرمت من قبل حكومات معظم الدول العربية، وذلك لتحقيق هدف تشجيع الاستثمار والتوجه نحو معاملة المستثمر العربي مهما كانت جنسيته المعاملة نفسها التي تطبقها اي دولة على مواطنيها سواء في تقرير حرية انتقال رؤوس الاموال العربية داخل الدول العربية او تحصينها بضمانات كافية من المخاطر غير التجارية. وقد اصدر المجلس الاقتصادي والاجتماعي التابع لجامعة الدول العربية قرار تشكيل هذه المحكمة في 29/8/1984، وأصدرت بالتالي الهيئة العربية لاتفاقية الاستثمار الممثلة لدول الاتفاقية النظام الاساسي للمحكمة، وفي 3/3/1986، وعملاً بأحكام المادة 6/28 من الاتفاقية الموحدة، قامت الجمعية العامة لهيئة المحكمة بوضع اللائحة الاجرائية، وبذلك اصبحت مستكملة شرائط تكوينها وأسس قيمه وجاهزيتها للقيام بالاعمال والمهام التي انشئت من اجلها. وبما ان محكمة الاستثمار العربية تم تشكيلها بالاستناد الى اتفاقيات ملزمة للدول الموقعة عليها، والاتفاقيات الدولية هي اعلى مرتبة من قوانين الدول المشتركة فيها وأولى بالتطبيق من القوانين المحلية اذا تناقضت معها، لذلك يرى رئيس المحكمة "ان نظم هذه المحكمة الاساسي ولائحتها الاجرائية فيه من الضمانات وسهولة الاجراءات في حل المنازعات على نحو يتميز كثيراً عن المحاكم العادية، بسبب عدم وجود محاكم استئناف او تمييز للتعقيب على احكامها الذي يستغرق بطبيعته الكثير من الوقت، بالاضافة الى عدم وجود تراكم في القضايا امامها نظراً لطبيعة قضاياها وأعمالها تُفرغ اعضائها لهذا النوع من القضايا". وقد احاط النظام الاساسي قضاة هذه المحكمة بالرعاية الكافية والحضانة الديبلوماسية الكاملة وضمان حيادهم واستقلالهم وعدم مساءلتهم عن الاعمال المتعلقة بأعباء وظائفهم وهم مستقلون لا سلطان عليهم لأحد، كما اعطى النظام الاساسي للجمعية العامة للمحكمة صلاحية وضع مشروع موازنتها الذي يحال الى الامانة العامة لإدراجه في موازنتها. وهذا يعني ان هذه المحكمة ليست مرتبطة بأحد ولا تنتمي الى اي دولة من الدول الاعضاء في الجامعة العربية ولا سلطان عليها في اعمالها لأي طرف بما يضمن حيادها الفعلي في اصدار احكامها. وأخيراً يبقى على المستثمرين العرب الذين يواجهون خلافات استثمارية، الاستفادة من ميزات محكمة الاستثمار العربية، التي تتخذ من جامعة الدول العربية في القاهرة مقراً، وقد انشئت من اجل ضمان مصالحهم، ويجب اللجوء اليها لتشغيل هيئتها التي لا تزال عاطلة عن العمل منذ 15 سنة، في حين ان دعاوي الاستثمار مكدسة امام المحاكم الوطنية في مختلف الدول العربية وينتظر اصحابها سنوات وسنوات للبت فيها