أكد وزير العدل السعودي الدكتور محمد بن عبدالكريم العيسى أن دعم وزارته لمحكمة الاستثمار العربية سيكون بضم قاض سعودي إلى منظومة قضاء الدول العربية، معتبراً أن وجود القاضي السعودي سيضفي عليها البُعد والضمانة الشرعية، مبيناً «مخالفة القاضي السعودي لأحكامها هو بمثابة تحفظ على قضائها في القضية محل التحفظ»، فيما أكد محافظ الهيئة العامة للاستثمار المهندس عبداللطيف العثمان أن القضاء السعودي يدعم الاستثمار. وقال العيسى في تصريح ل«الحياة»على هامش افتتاحه ليل أول من أمس ندوة «محكمة الاستثمار العربية ودورها في تنمية الاستثمار العربي»، التي عقدت في الرياض، إلى جانب رعاية اجتماع الجمعية العمومية للمحكمة: «إن قضاء التنفيذ السعودي يرتبط بمحكمة الاستثمار العربية من خلال تنفيذ أحكام قضائها على أراضي المملكة، لكن بعد التحقق من استكمال كل أوضاعه الإجرائية وعدم مخالفة النظام العام للدولة وفي طليعة ذلك أحكام الشريعة الإسلامية». وأشار العيسى إلى سعيهم عبر تحقيق العدالة في مسارها الاقتصادي التجاري إلى حماية القضاء للاستثمار، فالهدف هو تحقيق العدالة لا إرضاء الناس، مضيفاً: «من عدالة قضائنا الوطني أنه ينصف الجميع، المستثمر له ومنه، لأن الشريعة الإسلامية تقضي بذلك، ولا يراعي قضاؤنا إلا منطق العدالة»، مؤكداً أن التنوع في تشكيل أعضاء محكمة الاستثمار العربية يعزز ضمانات استقلالها وحيادها ويترجم المزيد من الثقة بها. من جهته، أوضح محافظ الهيئة العامة للاستثمار المهندس عبداللطيف العثمان في افتتاح الندوة أن «استطلاعات الهيئة أكدت استبعاد كون قضاء السعودية ضمن التحديات الاستثمارية، ما يشير إلى نجاح القضاء السعودي في التصدي للقضايا الاستثمارية، بل كان عاملاً مساعداً وداعماً للاستثمار»، مبدياً امتنانه للمنظومة العدلية السعودية، لما حققته للمملكة من ثقة للمستثمرين في منظومة القضاء، مشيراً إلى أن وزارة العدل شريك استراتيجي للهيئة. وأضاف أن هيئة الاستثمار الذراع التنفيذية لبرامج التنمية، وفتحت المملكة المجال للاستثمار الأجنبي المنظم على أوسع أبوابه، كي يكون أحد أهم دعائم الاقتصاد للإسهام في تنويع مصادر الدخل ونقل التنمية وتنمية الصادرات والموارد البشرية وتحسين الخدمات والمنتجات وتعزيز المناسة والتنمية المتوازنة مع المحافظة على تطور استثمار المملكة ليصنف ضمن أكبر 20 اقتصاداً في العالم. من جهته، أشاد رئيس محكمة الاستثمار العربية المستشار جلول شلبي بالقفزة النوعية الذي شهدها القضاء السعودي، داعياً إلى الاقتداء باستراتيجية وزارة العدل السعودية بإصلاح منظومة القضاء، مضيفاً أن المحكمة أنشئت لتعزيز التنمية العربية ودعم التنمية المشتركة، في إطار نظام قانوني واضح وموحد يعمل على تسهيل انتقال رؤوس الأموال العربية بين الدول، بحيث يعامل المستثمر العربي بالأحكام نفسها التي يعامل بها المستثمر في بلده. وخلال الندوة ناقش القضاة والقانونيون المشاركون خلال جلستين واقع وتطلعات محكمة الاستثمار عبر ورقة قدمها القاضي عضو محكمة الاستثمار العربية الدكتور عيسى بن عبدالله الغيث، مؤكداً أهمية انعقاد ندوات تعريفية على هامش انعقاد الجمعية العمومية لمحكمة الاستثمار العربية في اجتماعاتها المعقدة سنوياً. وأشار إلى أن السعودية تستهدف باستضافتها الجمعية العمومية والندوة الخاصة بمحكمة الاستثمار العربية التعريف بها وآلياتها وأعمالها وما لها من مهمات للتحاكم لديها بدلاً من التحكيم الأوروبي والغربي، داعياً المستثمرين العرب داخل المملكة وخارجها إلى تسجيل بند في عقودهم يفضي إلى التحاكم إلى محكمة الاستثمار العربية. ورسم القاضي في محكمة الاستئناف التجارية بديوان المظالم عبدالله بن عبدالرحيم الزهراني، وفي ورقة خلال الندوة معالم واضحة لآليات وإجراءات حل النزاعات التجارية في المملكة، مستعرضاً أهم البنود والإجراءات المتبعة في النظام لحل النزاعات التجارية بين المستثمرين. من ناحيته، أوضح المدير العام لإدارة أنظمة وإجراءات الاستثمار بالهيئة السعودية للاستثمار الدكتور عايض العتيبي دور الهيئة في تعزيز الاستثمار البيني بين المملكة وبقية الدول العربية، وعرض نظرة عامة عن الاستثمارات العربية المرخصة من الهيئة، وتقارير تنافسية الدول العربية في ممارسة الأعمال وتقرير التنافسية العالمية. كما استعرض الوضع الراهن للاستثمار في المملكة والمؤشرات الاقتصادية، وأهداف الاستثمار في المملكة. دعوة إلى تفعيل دور محكمة الاستثمار العربية شرح رئيس محكمة الاستثمار العربية المستشار جلول شلبي في ورقة قدمها خلال الندوة النظام الأساسي لمحكمة الاستثمار العربية، داعياً إلى تفعيل دورها والتعريف بها على ضوء الاتفاقات العربية المتعلقة بالاستثمار العربي وبالنظامين الأساسي والداخلي للمحكمة، وتسليط الضوء على الدور الذي تقوم به المحكمة للمستثمرين العرب في الدول العربية، ودور أعضاء المحكمة في اتخاذ الإجراءات اللازمة لتنشيط محكمة الاستثمار العربية وتفعيل دورها، وإعلام جميع الغرف التجارية في البلاد العربية بأهمية المحكمة والخدمات التي تقدمها. وفي ما يتعلق بضمانات تنفيذ أحكام محكمة الاستثمار العربية، كان هناك ورقة خلال الجلسة الثانية للندوة أكد فيها رئيس المحكمة التجارية في الدار البيضاء عضو محكمة الاستثمار العربية عبدالواحد صفوري أن محكمة الاستثمار العربية تعد آلية قضائية عربية لفض المنازعات بين المستثمرين العرب. وقال إن هذه المحكمة جاءت ترجمة لأهداف اتفاقات العمل الاقتصادي العربي والقرارات الصادرة عن المجلس الاقتصادي لجامعة الدول العربية لأجل تعزيز التنمية العربية الشاملة والتكامل الاقتصادي العربي، واقتناعاً من المجلس بأن توفير مناخ ملائم للاستثمار العربي المشترك يتطلب وضع قواعد وأسس الاستثمار القانونية في إطار نظام قانوني واضح وموحد ومستقر. وأكد المحامي الدكتور ماجد محمد قاروب في ورقة أخيرة خلال الندوة أن الاتفاق الموحد لاستثمار رؤوس الأموال العربية في الدول العربية عمد إلى توفير ضمانات الاستثمار الموضوعية والإجرائية لاستثمار رؤوس الأموال العربية، من خلال أمور عدة تمثلت في السماح بانتقال رؤوس الأموال العربية، وحماية المستثمر والاستثمارات وعوائدها، مع ضمان حرية الاستثمار في إقليم أية دولة طرف.