باشر قسم الجراحة التجميلية في مستشفى تشلسي ووستمنستر باستخدام العلق لسحب الدم من أطراف الجسم المزروعة عندما يعجز الدم المضخوخ داخلها عن الجريان. وقد نجح العلق في امتصاص الدم وتسهيل جريانه داخل الأطراف المزروعة حديثاً، واستمر في تنفيذ تلك المهمة الى أن برزت أوردة دموية جديدة داخل الأطراف وأصبح بامكانها نقل الدم وتسهيل جريانه لانعاش أطراف الجسم المزروعة. ومكنت هذه التقنية الطبيعية بعض المصابين ممن فقدوا القدرة على المشي أو استخدام أطرافهم الأخرى من استعادة القدرة على تحريك أطرافهم بعد فترة متفاوتة من العلاج. والعلق نوع من الديدان المخنثة التي تتميز باقتنائها ماصات أمامية وخلفية تساعدها على الحركة والالتصاق. وقد انتشر الاستخدام الطبي للعلق لسحب الدم من المرضى منذ قرون عديدة قبل الميلاد، ودونت الحقائق الخاصة باستعمالاته الطبية في السجلات التاريخية القديمة للمصريين واليونان والرومان والهنود والصينيين. وبلغت هذه الممارسة أوجها في القرن التاسع عشر عندما كان استعمال العلق من وسائل العلاج الضرورية لإعادة التوازن الى سوائل الجسم كالدم والبلغم، ولعلاج أمراض الصدر والجهاز الهضمي والأمراض الجلدية المعدية. وكان الأطباء الفرنسيون أكثر الناس استخداماً للعلق إذ ارتفع عدد ديدان العلق المستعملة بين عامي 1837 و1846 من 19 مليوناً الى 57 مليوناً. واستورد أكثر من 6 ملايين علقة من هنغاريا لعلاج جنود نابليون بونابرت. لذا فإنه من غير المستغرب عودة الاهتمام باستخدام العلق للأغراض الطبية، بحيث يتم توظيفها لتفريغ الأورام الدموية وتصريفها وإزالة الانسداد الناتج عن تجلط الدم بعد العمليات الجراحية للاسراع في نجاح زراعة الأنسجة والتحام الأعضاء والأطراف المقطوعة التي يعاد وصلها جراحياً. كما تستخدم ديدان العلق لعلاج داء النخر أو موت الخلايا بعد انسداد مجرى الدم وعجزه عن الوصول الى مواقع الجروح، مما يؤدي أحياناً الى الاصابة بالغنغرينا، ويمتص العلق الكتل المتجلطة التي تعترض مجرى الدم فيسمح له بالوصول الى المواقع المتضررة. من جهة أخرى، يحتوي لعاب العلق على مادة الهيرودين التي تعتبر أقوى مادة طبيعية مضادة لتجلط الدم في العالم. وهي مادة مهمة جداً تساعد في التخلص من تجلط الدم ويستخدمها الأطباء بكميات كبيرة في أوروبا. كما يحتوي لعاب العلق ايضاً على مادة الهيستامين التي تساعد في توسيع الأوعية الدموية، وعلى مواد أخرى مضادة للالتهاب. ويقال ان لعاب العلق يحتوي على مواد مسكنة للأوجاع، إلا أن معظم مستخدميها كان يشكو من آلام متفاوتة إثر العلاج بها. وتقوم مجموعة من الشركات المصنعة للأدوية باستهلاك كميات كبيرة جداً من العلق في تحضير بعض منتجاتها مما يهدد وجودها بالانقراض، خصوصاً أن البيئة الطبيعية التي يعيش العلق فيها، كالمستنقعات والبحيرات والأراضي الرطبة، آخذة بالاختفاء تدريجاً مع ازدياد درجة الحرارة في العالم أو ما يعرف بظاهرة الاحترار العالمي.