تؤكد الدراسات الطبية ان 25 في المئة ممن يعانون من الاعاقة في العالم هم ضحايا الاصابة بالسكتة الدماغية التي تعتبر من أكثر أسباب الوفاة شيوعاً بين كبار السن في الغرب. والسكتة الدماغية حال مرضية يتعرض فيها جزء من الدماغ للعطل أو الضرر نتيجة عدم وصول الدم الحامل للأوكسيجين اليه8 ما يؤدي بدوره الى تعطيل وظائف منطقة أو مناطق معينة في الجسم يتحكم فيها الجزء المصاب من الدماغ. ويحدث ذلك عادة لسببين رئيسيين: اما نتيجة لانفجار أحد الأوعية الدموية في الدماغ وحدوث ما يعرف بالنزيف الدماغي Cerebral Haemorrage في 20 أو 25 في المئة من الحالات، أو نتيجة لانسداد أحد الأوعية بجلطة دموية. وهناك نوعان من الجلطات التي تسبب السكتة، التجلط الدماغي Cerebral Thrombosis الناتج عن تجمد الدم داخل أحد شرايين الدماغ ويمثل 40 أو 50 في المئة من الحالات، والانسداد الدماغي Cerebral Embolism الناتج عن تسيب أو فلتان احدى الجلطات الدموية عبر مجرى الدم والتصاقها أو انحشارها داخل أحد الشرايين الدماغية، كما يحدث في 30 إلى 35 في المئة من الحالات. تتراوح حدة الاصابة بالسكتة بصورة كبيرة بين اصابة عابرة تزول أعراضها بعد 24 ساعة، وبين اصابة خطيرة تسبب اعاقة دائمة أو وفاة. وتدل الاصابة العابرة غالباً على وجود فاقة دموية احتباسية تنذر بعدم وصول كميات وافية من الدم الى أحد أجزاء الدماغ. أما حرمان أنسجة الدماغ من الاوكسيجين فإنه يؤدي الى تعطيلها وموتها، ما يسبب اضطراباً أو تعطيلاً لوظائف جزء الجسم الذي تتحكم فيه خلايا الدماغ المصابة. وتؤدي السكتة الدماغية بدرجات متفاوتة الى فقدان القدرة على الاحساس والقيام بالوظائف الجسدية الروتينية. وغالباً ما تصاب منطقة معينة من الجسم بأضرار جسيمة كشلل الذراع والساق اليمنى إذا كان الجزء الأيسر من الدماغ هو المتأثر بالسكتة أو العكس. العوامل والأعراض تزداد خطورة الاصابة بالسكتة الدماغية مع تقدم الانسان في السن وارتفاع ضغط الدم، وازدياد مستوى الشحوم والكوليسترول في مجرى الدم، والاصابة بمرض السكري والتدخين واستخدام حبوب منع الحمل بعد سن الأربعين وارتفاع مستوى وكمية كريات الدم الحمراء في الجسم. أما الأعراض فتشمل الاصابة بصداع شديد مفاجئ مع الارتباك والتوهان والدوار وفقدان الوعي واضطراب البصر، وعدم وضوح النطق، وصعوبة البلع وفقدان الاحساس، والاصابة بالشلل في أحد جانبي الجسم مع فقدان القدرة على التحكم بالمثانة والأمعاء. التشخيص والعلاج يتم تشخيص السكتة الدماغية داخل المستشفى بوسائل عدة أهمها التصوير الطبقي والمقطعي المبرمج بالكومبيوتر للدماغ "CT Scan"، وتحليل عينة من سائل النخاع الشوكي، وتخطيط كهربائية القلب "ECG"، وتصوير الأوعية الدموية "Angiography"، والتصوير الدقيق المثلث الأبعاد للدماغ بالرنين المغناطيسي "MRI". وبعد التأكد من التشخيص يشمل العلاج استخدام الأدوية المضادة لتجلط الدم، وحبوب الاسبيرين لتخفيف خطر تجمد الدم أو عودة تجلطه، مع تعريض المريض لجلسات خاصة من العلاج الطبيعي لتمكينه من استعادة القدرة على الحركة واستخدام أطرافه المعاقة. كما يتم توفير علاج خاص لتدريب المريض على استعادة النطق بوضوح ومقاومة الخلل الحاصل نتيجة الاصابة بالسكتة. الاسعافات الأولية والوقاية الغاية الرئيسية من الاسعافات الاولية للمصابين بالسكتة الدماغية هي تحضيرهم وتجهيزهم لنقلهم الى المستشفى بأسرع وقت ممكن مع الحرص على اتخاذ الاجراءات الكفيلة بالحد من تردي حالتهم الصحية لحين وصول المساعدة الطبية. فإذا كان المصاب بالسكتة صاحياً ولم يفقد وعيه يستحسن تمديده على الأرض ورفع رأسه وكتفيه فوق وسادة أو وسادتين مع الاستمرار في التحدث اليه ومحاولة طمأنته ورفع معنوياته. كما أنه من الضروري ادارة رأسه جانباً حتى ينساب اللعاب من فمه كلياً. ولمساعدة المريض على التنفس وتسهيل دوران دمه ينصح بفك أزرار وأحزمة الملابس من حول الرقبة والصدر والخصر. اما اذا اشتكى المريض من العطش فيمكن ترطيب شفتيه بالماء من دون التسرع في اعطائه شراباً أو طعاماً مهما كانت الظروف. وعلى القائم بالاسعافات الاولية ان يراقب حركة تنفس المريض وسرعة نبضه ومدى استجابته للكلام. وفي حال انقطاع التنفس وتوقف القلب عن النبض والخفقان يستحسن المباشرة بعملية الانعاش القلبي الرئوي "CPR" بطريقة صحيحة حتى يستعيد المريض القدرة على التنفس لحين وصول سيارة الاسعاف. وينصح بعدم تحريك أطراف المريض المصابة بالشلل الا في الظروف الطارئة جداً كابعاده عن خطر الحريق مثلاً، لأن تحريك الساعد أو الساق المتضررة يزيد من تدهور حالتها. إن افضل طريقة لتفادي الاصابة بالسكتة الدماغية او تكرار حدوثها هي الحرص على قياس ضغط الدم والمحافظة على مستواه الطبيعي. وقد اثبتت الدراسات الطبية العالمية ان قياس ضغط الدم بصورة منتظمة لفئات الناس المهددة بالاصابة بالسكتة الدماغية، وعلاج حالات ارتفاع ضغط الدم بالأدوية المناسبة، تحد من الاصابة بالسكتة وتنقذ العديد من المرضى من أخطارها التي تهدد بالاعاقة أو الموت. كما ان التزام المرضى الذين سبق وأصيبوا بأمراض ارتفاع ضغط الدم أو السكتة، بتناول الأدوية التي يصفها لهم الاطباء باستمرار، حتى عندما يكونون في أوج صحتهم، يساعد في وقايتهم من تكرار حدوث الاصابة ويحميهم من الأعظم.