قبل فترة كنتُ عبّرت عن فكرةٍ تقول بأن الشعر العربي هو الآن عند نقطة الصفر. لم أكن أعني، بالمطلق، ان شعرنا انتهى. كنت احاول ان أرصد حركية النص الشعري الراهن. لكنّ بعضهم قام بتأويل فكرتي تأويلاً غير دقيق. هل مات الشعر؟ لماذا يطرح السؤال اليوم؟ هل الأمّة العرب، من دون سواها، يموت شعرها؟ هل السؤال متصل بتقدم التكنولوجيا التي تغيّب الشعر كما يزعمون؟ في الولاياتالمتحدة اطلعتُ على مكانة الشعر، وعدد مجلاته المتخصصة، ونواديه... التقدّم ليس المتهم الأوّل إذاً. لكن، يحقّ للمرء ان يلحظ سكونية المشهد الشعري العربي، وأنا أرى أن السكونية طبيعية في هذه المرحلة. كيف؟ قبل نصف قرن، قدّم بدر شاكر السياب ونازك الملائكة اسهاماتهما العظمى في تحديث الشعر العربي. اما من تلاهما: ادونيس، البياتي، عبدالصبور، بلند الحيدري ، نزار قبّاني، فبين متوفى ومتوقف، أما من تلا هؤلاء وانا منهم فقد بلغ الستين. حسناً، والآن: اين الموجة الجديدة؟ اين من يرثون الارض، ويرفعون الراية؟ أبيننا اسمٌ مجيدٌ، مُغيّر، مثل بدر ونازك وأدونيس؟ بل مثل محمود درويش؟ نحن في الارتباك، لكنه الارتباك الساكن. غمائم كثيرة، اما الاصوات فنادرة، نادرة، نادرة.