سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
بعد أن شرع صدره للرصاص في أسيوط ... "زعيم الغلابه" يذهب قريباً إلى الجزائر . عادل إمام في حديث متفجر ل "الوسط" : لن أترك "طيور الظلام" تتحكم فينا وسأحقق القومية العربية على طريقتي الخاصة
"أنا ذاهب إلى أصدقائي في الجزائر، إلى الطاهر وطار وسائر الأدباء والصحافيين والفنانين، إلى الناس البسطاء". فاجأ عادل إمام جمهوره بهذا القرار، وانقسمت القاهرة كالعادة إلى مؤيّد ومنتقد. لكنّ النجم الكوميدي المصري الذي خاطر بحياته قبل سنوات، وتحدّى المتطرّفين في عقر دارهم حين قدّم مسرحيّته السابقة "الواد سيد الشغال" في أسيوط، يعتبر أن هذه الخطوة مسؤوليّة أخلاقيّة وقوميّة وانسانيّة يضطلع بها كفنّان يحبّه الناس من المحيط إلى الخليج، ويذكّر أن "الخطر في كل مكان والأعمار بيد الله". وفي هذا الحديث الشامل، خاض عادل إمام بصراحة في قضايا فنيّة منها ما يقال عن تراجع شعبيّته، وفي مسائل سياسيّة واجتماعيّة سجاليّة، معبّراً عن أمله في تقديم أعماله في كلّ أنحاء العالم العربي. فوجئ الوسط الفني المصري بإعلان عادل إمام قرار السفر إلى الجزائر في أيلول سبتمبر المقبل. اكتفت الأغلبية بالصمت أمام هذا القرار الخطير، فيما انتاب القلق كثيرين خصوصاً بعد اغتيال لوناس معطوب. أما محبّو النجم المصري فاعتبر بعضهم أن المغامرة تليق بفنّان من طينة عادل إمام، مذكّرين أن هذا النوع من المواقف الجريئة ليس جديداً عليه. ألم يسافر قبل سنوات إلى أسيوط عاصمة الصعيد المصري، مخترقاً الحواجز الأمنية، قبل أن يعرض مسرحية "الواد سيد الشغال" في قرية صغيرة مجهولة كودية الاسلام، متحدياً الجماعات المتطرفة التي كانت قد اعتدت على الفنّانين ومارست ضغطها على الرأي العام بالوسائل الارهابيّة المعروفة؟ واعتبر المنتقدون، ممن يتصدّون لسيطرة عادل إمام على الساحة الفنية المصرية في المسرح والسينما، أن هذه المبادرة محاولة أخيرة من قبل "الزعيم" لقب إمام في القاهرة الآن للبقاء في دائرة الضوء، بعد أن أخذ يفقد ألَقَه وشعبيّته، خصوصاً أن فيلمه الأخير "رسالة إلى الوالي" لم يحقق النجاح المعتاد. ولعلّه في رأي بعضهم يقامر بحياته من أجل الاحتفاظ بمكانته كنجم الكوميديا العربية. لا بل ان بعض منتقديه يذهب أبعد من ذلك، معتبراً أن الفّنان خرج عن دوره المسرحي الشهير، وأصبح يتعامل كأنّه زعيم بحق وحقيق. رفض عادل إمام كعادته الردّ على هذه الحملات، فهو يتجنّب دوماً الدخول في معارك صحافية، وسافر بمسرحية "الزعيم" إلى الاسكندرية كما اعتاد أن يفعل كل عام، لتشكّل عروضه الصيفيّة نوعاً من بروفة حية قبل الانطلاق إلى الجزائر في رحلة كلّ المخاطر. "الوسط" قصدت عادل إمام في الفيلا الصيفية التي يقطنها في منطقة البيطاش في العجمي. وسألناه عن قرار الذهاب إلى الجزائر، وحمامات الدم في أوجها هناك. كانت إجابته مباشرة: "هذا واجبي وذلك جزء من مشروعي"، ثم أضاف: "الأعمار بيد الله". أدرنا آلة التسجيل وكان هذا الحوار على حافة حمام السباحة الذي يتوسط الفيلا، ويخفف من وطأة الصيف السكندري القائظ. كانت فكرة الذهاب إلى الجزائر تراود عادل إمام حين قدّم له السفير الجزائري عرضاً مشابهاً: "كنا وبرفقتي وزير الصحة المصري الدكتور اسماعيل سلام في حفلة السفارة المغربية، وهنا تعرفت إلى السفير الجزائري الذي خاطبني قائلاً: "ليتك تأتي إلينا". أجبته: أتمنّى أن أذهب إلى هناك. "لو أرسلنا لك دعوة هل تحضر؟" سأل. طبعاً بالتأكيد، أجبت. وهكذا كان". لماذا كل هذا الحماس للسفر إلى العاصمة التي يفر منها الجميع، ويسقط فيها الفنانون والمثقفون بيد الغدر والتعصّب، كما يذبح فيها وحولها الأبرياء بالمئات؟ أليست مخاطرة خصوصاً من قبل نجم له حجمك ومكانتك وشهرتك؟ - لي سوابق في هذا النوع من المخاطرة كما تعرف. سافرت إلى أسيوط والإرهاب كان يحاصرها والدماء تسيل في شوارعها. وسافرت أيضاً إلى السودان حيث عرضت في الخرطوم وواد مدني. لم يكن هناك مسرح في واد مدني، فارتجل العمّال مسرحاً وعرضنا. مشروعي أن أعرض في كل الدول العربية، وأتمنّى أن أعرض في السعودية وسورية، كما أتمنى أن أصل بفني إلى قبائل اليمن. أنا ذاهب إلى أصدقائي في الجزائر، إلى الطاهر وطار وسائر الأدباء والصحافيين والفنانين، إلى البسطاء الذين يرسلون إلي آيات الشكر والإعجاب. سأذهب بفني إلى كل قطر عربي، سأحقق القومية العربية على طريقتي الخاصة. فني يتخطى الحواجز، وإذا كانت الوحدة حلماً سأحققها بفني. لكنّ الأحلام لا تكفي كمؤونة للرحلة... - لا أملك غير الأحلام! ربما ستكون لزيارتي نتائج ايجابيّة، ولو ضئيلة. سأذهب لأضفي السعادة على هؤلاء الناس. صحيح أن فني يذهب إليهم عن طريق وسائل الإعلام، لكن لا بد أن يشعروا أن هذا الفنان موجود معهم، ومتعاطف معهم، ويقف إلى جانبهم، ويدين بشدّة ما يجري. عندما ذهبت إلى أسيوط كنت تدرك حجم الخطر. هل يمكن أن نقول عنك الشيء نفسه وأنت تستعد للسفر إلى الجزائر؟ - نعم في أسيوط كنت أعرف حجم الخطر. يومها سألت الفنّان عمر الحريري، وكان معي في المسرحية: أستاذ عمر أنت خايف؟ قال: نعم يا عادل خايف. قلت له: وأنا كمان خايف. ولكن عندما تدافع الناس والتفوا حول السيارة، لم أملك سوى أن أخرج إليهم وأرفع يدي في الهواء وصدري مشرّع. كنتُ أعرف أن هناك بندقية مصوبة نحوي، وقلت لنفسي سأطلع إلى الناس ولو كلفني ذلك عمري. اذا استشهدت يكفي أنني قدمت عملاً كبيراً. خائف على وطني هل يراودك هذا الإحساس الآن؟ - الخوف شعور إنساني، والخطر موجود هنا وهناك وفي كل مكان. الذين حاولوا اغتيال عميد الرواية العربية نجيب محفوظ، كانوا في مصر، وفي وسط شارع مزدحم. المكتوب مكتوب. ثم إنني لا أفكر بطريقة خائف أو غير خائف، هذا السؤال لا أحبه، ولا أطيق سماعه، الأعمار بيد الله. واجهت التطرّف من خلال مشروع خاص، تمثّل في سلسلة من الأفلام والمواجهات الفكرية. هل توصلت إلى تفسير لهذه الهجمة على الفن والفنانين؟ - ليس الفن وحده هو المستهدف. أهل الظلام لا يريدون لنا أن نضحك، يصادرون أحلامنا. في أحد الأقطار العربيّة حاولوا منع الأغاني في الفنادق، فتصدى لهم الشعب. وقبل سفري إلى الكويت هوجمت بشدّة هناك، فعندما ذهبت استقبلني البسطاء بكل ترحاب. هناك من يرى أنها مشكلة اقتصادية، أو سياسية أو اجتماعية. أنا أقول: هؤلاء الأولاد مضحوك عليهم، عقولهم مغسولة. كيف يمكن للذين بقروا البطون في الدير البحري في الأقصر أن يتصوروا أنهم سيدخلون الجنة ؟ لا بد من التعامل مع هذه المشكلة بفعالية، ولا بدّ أن يكون التحرّك جماعيّاً. لا يكفي أن تقف المعارضة على الحياد، معتبرة أن مواجهة التطرّف مشكلة الحكومة. على الجميع التعاون من أجل القضاء على تلك الآفة، وتجاوز الظاهرة السلبية التي تثقل على مجتمعاتنا. ومن جهة أخرى لا يكفي أن يقول الحاكم نريد ديموقراطية. إذا قالها يكون مشكوراً، لكن لا بد من أن نكون نحن على استعداد لممارسة هذه الديموقراطية. يتعامل أهل الفنّ بسلبيّة مع تلك الظاهرة... - يا صديقي، أين هم الكتاب؟ لا يوجد بين كتّاب السينما والمسرح المصريين من يذهب في هذا الاتجاه سوى وحيد حامد ولينين الرملي. أعتقد أنهما الوحيدان اللذان تطرقا لهذا الموضوع بجدية. هل سلبية الوسط الفنّي ناتجة عن الخوف أو المصالح؟ - الفنان الجيد لا يخاف. والمفكر الحقيقي لا يعرف الخوف، كما أن العالِم لا يهادن. واجه الفلاسفة والمفكرون في كل العصور، أبشع أشكال الاضطهاد والتنكيل والسجن والقتل، لكنّهم لم يتراجعوا. على المستوى الفردي أنا أعيش مجتمعي بكل مشاغله وقضاياه. أحمل هموم أسرتي، أنا خائف على أولادي، خائف على وطني. وبحكم موقعي أتصرف وأتحرك. لا بدّ أن يتحرك الجميع، الحجاب يفرض على الأطفال، تصور أننا لم نحسم بعد قضية ختان البنات. فيلمك الجديد "الواد محروس بتاع الوزير" عودة إلى الكوميديا. هل تعبت من السياسة أم وصلت إلى طريق مسدود؟ - العودة إلى الكوميديا لها تفسير واحد. فهي الأصل عندي : حتى السياسة أقدمها من خلال الكوميديا. بكل صدق إنني لم أتعب من السياسة ولم تسبب لي مشاكل. ولا بد أن تعلم أنني فنان كوميدي أولاً وأخيراً، ولست رجل سياسة. هناك من يردّ تلك العودة إلى ضآلة ايرادات فيلمك السابق "رسالة إلى الوالي"؟ - إيرادات أفلامي متقاربة. والناس واثقة في عادل إمام، وتعلم جيداً أنها سترى الجديد الذي تدفع من أجله. كما ان فيلم "رسالة إلى الوالي" ما زال يحقق الايرادات في الخليج وتونس... كسب المنتج كثيراً من هذا الفيلم، ولا أعرف من أين أتوا بكلمة الاخفاق التي يتشدقون بها. صرح محمد الماغوط أخيراً أن فيلمك "الواد محروس..." مسروق من أحد أعماله؟ - ليست المرة الأولى التي يقول فيها الشاعر والكاتب المسرحي السوري ذلك. قال الكلام نفسه في فيلم "الإرهاب والكباب"، وسيقول كلاماً مشابهاً مع كل فيلم جديد. أخاف أن أرجع إلى بيتي ذات يوم، لأجد محمد الماغوط جالساً في الصالون، يدّعي أن سيّدة الدار زوجته ورامي ومحمد وسارة أولاده! وعلى فكرة ليس الماغوط وحده من يقول هذا الكلام، هناك كثيرون يطمعون في حصد ثمار نجاح عادل إمام. هل خلافك مع الماغوط وراء تعطل مشروع "وطن في السماء" مع الفنان الكبير دريد لحام ؟ - المشروع مجرد حلم. وأعتقد أن الخلاف الحقيقي هو بين دريد لحّام والماغوط. وكان دريد بأيّة حال سيكتفي باخراج ذلك الفيلم من دون التمثيل فيه، وكان سعيداً بالفكرة كما كنت سعيداً بها. وبعد الخلافات بينهما، صار المشروع مجرد حلم نذكره في الأحاديث الصحافية. يكثر الحديث عن أزمة الكوميديا في الوطن العربي... - لست من أنصار الحديث على الأزمة، ولا أعتقد بوجودها. الأزمة أن نترك "طيور الظلام" تتحكم فينا. أنا ممثل عالمي لكن الكوميديا العربية ما تزال أسيرة محليتها! - لا داعي للتمييز بين كوميديا عربية وأخرى عالمية. أنا ممثل عالمي إذا كان المقياس هو الجمهور. جمهوري 400 مليون عربي، هل هناك ممثل في العالم له جمهور بمثل هذا الحجم. الكوميديا كالكيمياء ابداع ليس له وطن. سؤالك هذا يذكرني بمقولة "القنبلة الاسلامية": هل القنبلة لها دين؟ لو كان هذا صحيحاً، فهناك قنبلة يهودية وأخرى هندوسية. كلا، كلها مصطلحات مرفوضة! أنت ترفض أيضاً ما يذهب إليه بعض أهل المهنة والنقاد من وجود حرب فنية بين القاهرة وبيروت؟ - يا صديقي لا توجد أية حروب. الوطن يتسع للجميع. الذين يختلقون الحرب هم ضعاف النفوس، وأصحاب المواهب المزيّفة من الجهتين. بعض الناس يعتبر أن قدوم المطربين العرب إلى القاهرة يشكل منافسة، أما أنا فأرى في هذا الحضور تمجيداً لدور مصر الريادي. فالمطرب العربي الأصيل مقتنع بأنّه لن يحقق نفسه إلا في القاهرة. تصوّر أنّني سمعت مرّة سجالاً يضع الدراما السورية في مواجهة الدراما المصرية. الدراما هي الدراما، لم يعد ينقصنا إلا أن نفرّق بين دراما يمنية وأخرى سودانية، وبعدها نطالب ب "وحدة الدراما العربية". ولا أستبعد بعدها تشكيل "جامعة الدول الدرامية". ثم يحدث انفصالات أو انشقاقات بين "الدراميات". يا أخي هؤلاء الناس مغرمون بالمشاكل والحروب، وأحقادهم شخصية لا علاقة لها بالواقع. يكثر الحديث هذه الأيّام عن "العولمة"، فما موقفك منها؟ - عندما تذهب إلى فيلم "الواد محروس" ستتفرّج على العولمة. كل فترة يخرجون علينا بكلمات جديدة، مرة شرق أوسطية، ومرّة ثانية عولمة. طيب فهمونا حكاية العولمة هذه! نفسي واحد يطلع في التلفزيون ويقول لنا معنى العولمة. هل سنستفيد منها أم لا؟ حكاية العولمة بالضبط مثل الصراع بين الدراما السورية والمصرية. تعرض الآن مسرحية "الزعيم" في الاسكندرية، وستنتقل بها إلى الجزائر. هل تعتقد أن الزعامة لها وجود الآن في الوطن العربي؟ - عاود مشاهدة المسرحية وستجد الإجابة. الزعامة موجودة دائماً، على امتداد التاريخ البشري. كانت ولا تزال موجودة. في المسرحية قال لهم الواد زينهم شبيه الزعيم أنا ماشي، بعد أن أدّى دوره وتخلصوا من الزعيم الفاشيستي. حاول الشعب أن يصنع من زينهم زعيماً لكنه رفض. على فكرة زينهم شخص حالم، أما في الواقع فلا أحد يرفض السلطة. أعتقد أن الشعب العربي مغرم بالزعامة، وفي تراثنا العربي زعماء كثيرون. ربما كان السرّ في التقاليد الموروثة، لكن ضروراتنا الاقتصادية والاجتماعية تملي علينا الأخذ بالديموقراطية. وهل هناك أزمة ديمقراطية في الوطن العربي؟ - دعنا لا نتكلم عن الحكم الحالي على وجه التخصيص. هناك أزمة حقيقية حتى على مستوى فكرة العروبة. إذا بقيت العروبة على هذا الشكل فسأكفر بها. أيّة عروبة تلك التي لا تصبّ في صالح المواطن العربي؟ موقفك من مسيرة السلام يبدو غير واضح. وحديثك في معرض الكتاب عن اسرائيل قبل عامين زاد المسألة غموضاً... - شوف، السلام أن يأخذ كلّ صاحب حقّ حقه، فيرضى الجميع. وأنا أناشد أنصار السلام ألا يتطرفوا كما أنصار عدم التطبيع، لأن السلام لا يمكن أن يتحقّق إذا لم نحصل على حقوقنا. أنا مواطن عربي تعب من الحروب يريد أن يرتاح، من زمان وأنا أحارب. لماذا لا يحقّ لي أن أعيش في راحة بال، مثل الناس على الضفّة الأخرى من المتوسط؟ السلام الذي أنشده هو السلام العادل. ما زال نتانياهو بعيداً حتى الآن عن مخالبك المسرحية... - قد يكون نتانياهو موضوع نكتة، سطراً في رواية، لكن لا يصلح أن يكون رواية في حد ذاته. مديح لطفي الخولي لعادل إمام أخيراً عبر سلسلة مقالات في "الاهرام"، هل هو محاولة لجرك إلى جمعية القاهرة للسلام؟ - لا أعتقد ذلك. والأستاذ لطفي الخولي ليس الرجل الذي تتكلم عنه، وليس بالضرورة كما يصوّره أو يتصوّره أعداؤه ومنتقدوه. ما موقفك إذاً من هذه الجمعية التي يهاجمها الجميع الآن؟ - كل واحد حر في آرائه. وما دامت الحكومة المصريّة أبرمت معاهدة سلام مع اسرائيل، وتبادلت معها السفراء، فمن حق المواطن أن يتبع الحكومة، ومن حقّه أيضاً أن يعارضها. المسألة كلها قابلة للمناقشة. ولكن لا يحقّ لي أن أذبح هذا المثقّف أو ذاك المبدع لمجرد كونهما مع التطبيع، كما فعلوا مع علي سالم الذي طُرد من النقابة. المسألة مرتبطة بالحرية الشخصية والفكرية، فتعالوا نتناقش أولاً. وإذا كانت قرارات المقاطعة من جانب النقابات ملزمة؟ - من حقنا أن يكون عندنا نقباء أشداء، وأن تكون هناك قرارات. ولكن لا بد من الاستفادة من أنصار السلام. دعونا نلعب لعبة اسرائيل نفسها، وأن نلزمها بقرارات. أين أنت تحديداً من هذه القضية؟ - موقفي هو موقف المواطن المصري البسيط نفسه. أريد أن أعيش بسلام. ثم ما قيمة موقفي اذا كانت الحكاية كلها كلام في كلام؟ الوحيد الذي يفعل هو نتانياهو، المستوطنات لا تزال تبنى، الاتفاقيات لا يتمّ احترامها، هدم البيوت على رؤوس الفلسطينيين مستمر. أنا قلق على فلسطين كلها، لا تستطيع أن تذهب إلى فلسطين من دون تأشيرة من إسرائيل. حتى عرفات يأخذ تأشيرة من إسرائيل! المسألة واضحة: هناك عدو قوي واقف ضدك وانت معتمد على أميركا، ولا تعرف حتى كيف تتعامل معها. نضع فلوسنا في أميركا ونشتمها ليل نهار، ونريدها أن تحل القضية. وهذا ما يطلق عليه تسمية ال "شكيزوفرينيا" أو الازدواجيّة في الشخصيّة. تاريخك المسرحي محدود، إذ لم تقدّم حتّى الآن سوى أربع مسرحيات... - مسرحياتي تستمر طويلاً نتيجة نجاحها. والنجاح يدفع المرء إلى الكسل. والناس تريد دائماً أن ترى المسرحية نفسها. ماذا عن "بودي جارد"، مشروعك الخامس على المسرح؟ - يتم تحضيره حالياً. يقولون إنك تبخل على المسرح بمدرسة ترعاها؟ - لا أريد أن أسب أحداً، لكنّني لست تاجراً. ما دور المدرسة؟ يعني أجيب ثلاثة أربعة عيال واعلمهم التمثيل، هي دي المدرسة التي تقصدها؟ المدرسة في نظري هي مدى تأثيرك في الناس. فأيهما أنفع للمجتمع؟ ما سرّ الهجوم المستمر عليك ؟ - طول عمري أهاجم. تصور كان هناك حظر على اسمي وصورتي، يقولون فيلم "المولد" بطولة عبد الله فرغلي ويسرا. وجمهوري وأنا نضحك من الذي يحدث. وأنا بطبيعتي لا أشغل نفسي بهذا الهجوم، وكلما ازداد الهجوم يزداد حب الناس لفني، والاشياء من هذا النوع تزيدني صلابة، كله عبث، يشتمونك لشخصك لا ينظرون إلى الموضوع. ألا يهزك ما يحدث؟ - بالعكس، كل مرة أخرج منتصراً من دون أي مجهود خارق، وأخرج أفضل حالاً. تصور مرة جابوا اقباط يشتموني، تلك حرب قذرة ووضاعة وخسة، ولست وضيعاً لارد عليهم. على ذكر الاقباط كيف ترى الأزمة الحالية؟ - الشعب المصري أوعى من أن يقع في فخّ الفتنة. أمي مثلاً كانت مثل أم نجيب محفوظ، بعد ولادتي لم تعد تنجب، فصارت تذهب إلى الأضرحة وأيضا تذهب إلى سانت تريزا لتتبرك. لم تفرّق بين الأديان السماويّة، بل كان عندها كما يقول نجيب محفوظ مخزون من الموروثات الثقافية الجميلة. لا أفرّق بين أصدقائي بين قبطي ومسلم. وأعتبر أن وجود الكنيسة القبطية أحد مكاسب مصر. هناك باباوات عظام في تاريخ مصر لا يمكن اغفالهم. أرسل لي مرة البابا شنوده رسالة حب وود، ودعا لي بالخير. وأنا أشكره من كل قلبي. وعلاقتك بالشيخ الراحل محمد متولي الشعراوي؟ - كانت علاقة مرتبكة. كنت أحب أن أتفرج عليه، وتكلم عني مرة وقال أحب مشاهدة عادل امام. كان ظريفاً لكنني اعترضت مرّة على ظهوره في أحد اعلانات شركات توظيف الأموال. كان يجب ألا يعرض نفسه لذلك. بعدها شتموني وقالوا إنني أرنب من أرانب "شاهد ماشفش حاجة". واليوم أصحاب هذه الشركات في السجن، لكنّ ذلك لا يعفي الحكومة من المسؤولية لأنها سمحت بهذا النشاط وقالت إنها شركات جيدة. وأنت أين تضع فلوسك؟ في الخارج؟ - يا ابني في الخارج فين؟ أبداً، خالص، نهائي... المسألة ليست محتاجة لا تودّي بره ولا تودّي جوه، انا مستور والحمد الله. لست تاجر مخدرات، ولا تاجر سلاح، ولا رئيس شركة قابضة. ولم آخذ قروضاً من البنوك. عمري ما اخذت قرضاً، وفلوسي من مهنتي. ما رأيك بالهجمة الشرسة على شيخ الأزهر الدكتور طنطاوي؟ - هو رجل متفتح، واعتقد انه سيتعرض للمزيد، كما تعرض الشيخ علي عبد الرازق صاحب كتاب "الاسلام وأصول الحكم". وأعتقد أن طنطاوي لا يقل تفتحاً واستنارة عن عبد الرازق. ومقابلة الحاخام الاسرائيلي؟ - لماذا لا يقابله؟ وزير الخارجية المصري يقابل وزير الخارجية الاسرائيلي. ما دمنا أقمنا علاقات، فلا مانع من المقابلات. هناك دول عربيّة تراهن على تحقق السلام، وتقيم العلاقات بدلاً من أن تدعو إلى الحرب. هذه اسرائيل فيها تنوّع كبير: من غلاة المتشددين إلى غلاة أنصار السلام. لا بدّ أن تتوضّح المسألة عندنا بشكل أفضل. وماذا لو قرر فنان اسرائيلي أن يزورك؟ - لا أحب كلمة "لو" هذه. في فيلم "الواد محروس" تبدو صورة الوزير مهزوزة أمام فكر الفلاح "محروس" الذي يبهدله ويجره وراءه في كل مكان. كيف تنظر إلى الوزراء الآن؟ - الوزراء اليومين دول غلابة بيشتغلوا ليل نهار، والله بيصعبوا عليّ. الوزارة لم تعد أبهة، والوزير بيتشتم عيني عينك. زمان كنت لا تقدر أبداً على هذا. ما كان الخطأ الفادح الذي ارتكبه السادات في تقديرك؟ - موقفي موقف المواطن البسيط، وهو أذكى خلق الله، يعرف مصلحته فين. كان مع عبد الناصر في الثورة والتأميم ونهاية الاقطاع وحلم القومية وتقارب الطبقات، ومع السادات في حرب اكتوبر واتاحة تعدد المنابر، وهو مع مبارك في انقاذ الاقتصاد الوطني من الانهيار. أما خطأ السادات إضافة إلى اعتقالات أيلول سبتمبر، فكان السماح للتيار المتطرّف أن ينشط مرة أخرى. هو المسؤول عن التطرف لأنه تصور أنه سيدجّنهم وسيكونون تحت يديه فقتلوه. زعلت قوي من عبد الناصر وخطأ عبد الناصر؟ - سيطرة الضباط ونكسة 1967، أنا زعلت منه قوي. إزاي يقول لي بعد النكسة "سلامو عليكو"؟ صحيح أنني لم اخرج في تظاهرة، ولكن صعبت عليّ البلد، كنت اعتبر عبد الناصر مصر. أليس غريباً أنك لم تنتمِ إلى حزب؟ - إذا اردت تصنيفي سياسياً، فأنا مصري. أما سبب عدم انتمائي إلى حزب، فكوني سأجد نفسي مضطراً لاتباع تعاليم الحزب، وربما اخرج عليها في وقت من الأوقات. في فني سأكون مشتتاً، وربما تحصل لي سكيزوفرينيا. ما هو الحزب الذي تنتمي إليه فكرياً؟ - حزب المصريين. يقولون إن هناك احزاب رئيسية عدة في مصر، منها حزب الكورة، وحزب عادل امام؟ - يضحك. لا تنس "حزب الله" في لبنان الشقيق، إنّه الوحيد الذي يواجه اسرائيل. وعموماً لو قلت إن للاهلي حزباً وللزمالك حزباً فأنا لي حزب أيضاً، هو حزب الفن. يقال إنك تآلفت مع دورك في "الزعيم" حتّى أصبحت تتصرّف كأنك زعيم حقيقي... - أنا زعيم الغلابة، زعيم المهضومين، زعيم البسطاء، زعيم الناس اللي ما اخدوش حقهم. وسأظل معهم حتى النهاية. هل هناك جفوة بينك وبين المثقفين؟ - لست في جفوة مع المثقفين. لكن هناك فجوة بيني وبين أدعياء الثقافة. أنا لا أحب مدعي الثقافة، وهؤلاء موجودون بكثرة. لا أحب الطفيليين وغير المنتجين ممن يحسبون أنفسهم على الثقافة. الفلاح المصري هو المثقف الحقيقي لأنه منتج... قلت في السابق إن الرقابة لا تستطيع إسكات عادل امام لأن الجماهير تسنده... - أحقاً قلت هذا الكلام ؟ لا أذكر. على الأقلّ لم أقله بهذا المعنى. ألا تخشى الرقابة؟ - لا توجد محظورات بالمعنى الحقيقي سوى بعض المسائل الدينية والجنسية. تساهل الرقابة معك يدفع كثيرين إلى اعتبارك "عميلاً للحكومة"؟ - الذي يقول ذلك، عاجز عن القيام بأي شيء. ولا يستطيع أن يفعل ما أفعله. فماذا يبقى له سوى الطعن والتجريح والتجني على الناس وتلفيق الاتهامات؟ الرقابة ليست متسامحة، الرقابة رقابة. أفلامك تبدو فيها نبرة الجنس عالية؟ - هذا أيضاً كلام مغلوط. عملت فيلماً عن الجنس "النوم في العسل" ليس فيه مشهد اباحي واحد. على ذكر الجنس هل ل "الفياغرا" دور في فيلمك الجديد؟ - أحلى حاجة في "الفياغرا" النكت التي طلّعها المصريون. وماذا عن الفضائح الجنسيّة التي تلاحق الرئيس كلينتون؟ - هذا الرجل رئيس جميل وقوي، ورجل لذيد خالص. وأنا معجب به جداً، إنّه رئيس خال من العقد، متزوج ويقيم كل تلك العلاقات. على فكرة معظم الرؤساء يريدون أن يفعلوا مثله. وهنا أيضاً أحلى ما في المسألة نكات المصريين عليها. أما زال المصريون قادرين على الضحك والتنكيت؟ - مصري يعني ابن نكته... وإذا قابل أي مواطن عربي مصرياً في الطريق، بدلاً من "سلام عليكم" يقول له: آخر نكته إيه؟