شيتزايد القلق العالمي على مستقبل الطاقة بسبب الطلب المتنامي المترافق مع تناقص المصادر التقليدية للطاقة، إذ تشير الإحصاءات الى أن الإستهلاك العالمي للطاقة بلغ قبل 25 عاماً ما يعادل 5.2 مليار طن نفط، في حين بلغ العام 1992 مايعادل 8.7 مليار طن نفط، لذا كثفت الدول الكبرى جهودها للإستفادة من مصادر الطاقة المتجددة خصوصاً الطاقة الشمسية وطاقة الرياح. وتتميز الطاقة الشمسية بعدم النضوب وإنعدام التلوث، وسهولة تركيب الأجهزة المستخدمة وصيانتها، وقلة الضوضاء، كما تتميز بإستخداماتها المتعددة في الإنارة وتحلية المياه والتسخين والإتصالات الى جانب الإستخدامات الصناعية والزراعية لها بل وحتى في الفضاء. ويعتبر الإشعاع الشمسي أكبر مصدر من مصادر الطاقة التي تم إستغلالها منذ آلاف السنين، وتبلغ طاقة الإشعاع الشمسي الساقط على سطح الأرض مايعادل عشرة آلاف ضعف الإستهلاك العالمي للطاقة. وعلى رغم الإمكانات الهائلة التي تملكها السعودية من الطاقة النفطية26 في المئة من الإحتياطي العالمي، إلا أن ذلك لم يمنعها من البحث عن مصادر بديلة للطاقة خصوصاً أنها تقع في منطقة جغرافية غنية بالطاقة الشمسية. وكان أول إستغلال الطاقة الشمسية في السعودية العام 1960 عندما قامت شركة فرنسية بتركيب اشارة ضوئية تعمل بواسطة الخلايا الكهروضوئية في أحد المطارات الصغيرة، وفي العام 1969 أنشأت السعودية أكبر نظام تسخين شمسي في العالم في احدى المدارس، أما العمل المنظم للبحث والتطوير فلم يبدأ إلا بعد إنشاء مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم التقنية عام 1977 التي أسند اليها اجراءات البحوث العلمية والتطبيقية في مجال الطاقة الشمسية ومسح وتصنيف السعودية من حيث توافر الإشعاع الشمسي. ويعمل السعوديون على تطوير أبحاثهم الخاصة بالطاقة الشمسية للإستفادة منها في انتاج الكهرباء لإضاءة المساكن النائية والبعيدة عن شبكات الكهرباء، وضخ المياه في المناطق النائية لتوفير المياه للتجمعات السكنية الصغيرة وتحلية مياه الآبار وتنقيتها لغرض الشرب، الى جانب الإستخدامات الصناعية، وتدفئة البيوت المحمية، وتجفيف المحاصيل. وتسعى السعودية من وراء تطوير إستغلال الطاقة الشمسية الى ترشيد إستهلاك النفط المصدر الرئيسي للدخل لتوفيره للصناعات البتروكيماوية، كما يمكن تصدير الطاقة الشمسية بصورة كهربائية الى مراكز الإستهلاك في أوروبا إذا ثبت جدواها الإقتصادية وتطورت سبل إنتاجها. وطبقاً للخبراء السعوديون فإن السعودية تتمتع بمعدل إشعاع شمسي عالٍ يصل إلى 3000 ساعة إشعاع شمسي سنوياً، ما يساوي 2000 كيلووات ساعة من الطاقة الشمسية الساقطة سنوياً على المتر المربع الواحد من مساحة الأرض. كما تستحوذ السعودية على مخزون كبير لمادة السيليكون التي تستخدم في صناعة الخلايا الكهروضوئية، ويقول الخبراء أن 10 في المئة من مساحة السعودية كاف لمد العالم بحوالي 1.5 مرة من إحتياجه من الطاقة مايعزز قدرتها على إنتاج هذا النوع من الطاقة خصوصاً أن تقنية توليدها واستخدامها بسيطة وليست معقدة. وتقوم السعودية بتنفيذ برنامج وطني للبحث والتطوير ومحاولة إكتساب المهارة التقنية من خلال تنفيذ برامج دولية مشتركة تتكلف مئات الملايين من الدولارات، وقد تم ابرام إتفاقيتين دوليتين احداهما مع الولاياتالمتحدة سوليراس، والثانية مع ألمانياهايسولار. وهدف البرنامج السعودي - الأميركي الى التعاون في مجال الطاقة الشمسية ونقل التقنية المتطورة، وركز على تحسين الأحوال المعيشية لسكان المناطق الحارة عن طريق إستخدام التطبيقات الشمسية في التبريد، ومحاولة إستخدامها في البيوت المحمية والتطبيقات الصناعية التي تحتاج الى طاقة كهربائية أو حرارية. ونتج عن هذا البرنامج تنفيذ العديد من المشاريع البحثية التي حققت نتائج جيدة على المستويين العلمي والعملي تبشر بإمكان التوسع المستقبلي لمثل هذه المشاريع مثل القرية الشمسية مجمع بحوث متكامل لمختبرات الطاقة على مسافة 45 كيلومتراً شمال غرب الرياض، ومصنع تجريبي لتحلية مياه البحر. أما التعاون السعودي الألماني المشترك فيهدف الى تطوير تقنيات انتاج الهيدروجين بالطاقة الشمسية بإعتباره المصدر الرئيسي للطاقة في القرن المقبل، وتحقيق إنتاج تجاري للهيدروجين للإكتفاء الذاتي، وتسهيل عملية نقل التقنيات المطورة الى المجتمع العلمي والمواطنين، ومن أجل ذلك أقامت السعودية العام 1989 أول وحدة في العالم لإنتاج الهيدروجين بالطاقة الشمسية بقدرة 350 كيلووات. وبدأت السعودية في جني ثمرات هذه البرامج بخروج هذه الابحاث الى حيز التنفيذ والتطبيق من خلال العديد من المشاريع اهمها انارة نفقين يقعان في احدى المناطق النائية بالمنطقة الجبلية الغربية يبلغ طولهما 712 مترا، كما تم استخدام انظمة تسخين المياه في مجمعات سكنية في انحاء البلاد، ويقوم احد هذه المشاريع بتوليد 68.5 ميغاوات ساعة يوميا من طاقة التسخين. ويعتبر مجال الاتصالات اهم المجالات التي استفادت من الطاقة الشمسية اذ تقوم احدى الشركات السعودية بتنفيذ مشروع يتعدى 2 ميغاوات لخدمة الهاتف بكلفة 12 مليون دولار. كما تم انشاء العديد من المشاريع لمصلحة وزارات الدفاع والداخلية والاعلام. واذا كانت الكلفة العالية لمشاريع الطاقة الشمسية اهم مشكلة امام سرعة انتشارها 16- 22 سنتاً للكيلووات ساعة في مقابل 8.01 للطاقة البترولية الا ان الخبراء يؤكدون انخفاض اسعارها في العام 2010 لتصبح في متناول الجميع. ويقولون ان تلوث البيئة الناتج عن استخدمات مصادر الطاقة الاخرى سيحسم الأمر مستقبلا لمصلحة الطاقة الشمسية