أثار النجاح الذي آخر حفلة اقامتها الفنانة السورية ميادة الحناوي تساؤلات عن أسباب اختفائها او ربما عدم حماستها لاحياء الحفلات الساهرة. ومع انها ترفض اتهامها بالانقطاع عن تقديم الجديد، لكنها تقر بأنها مقلّة في التواصل مع عشاق غنائها وموسيقاها. وهي - على رغم انها لا تزال متشحة بالسواد حزناً على وفاة والدتها - تخفي عدداً من المفاجآت والمشاريع الفنية، اهمها عدد من الاغنيات خليجية صاغ الحانها الفنان السعودي طلال مداح، واتفاقات لتعاون مع ملحنين سوريين ولبنانيين، الى جانب الاستعداد لتقديم ادوار غنائية مفعمة بالتطريب وعبق التراث والماضي. في منزلها في العاصمة السورية دار الحوار التالي مع ميّادة الحناوي: بعد فترة الانقطاع البسيطة التي ابتعدت فيها بعض الشيء عن الوسط الفني، ماذا تقولين عن آخر اخبارك الفنية؟ - لا اعتبر انه كان هناك اي انقطاع من جانبي، او اقلال في انتاجي الفني، فأنا مواظبة على الظهور في الساحة الغنائية العربية بانزال البومين سنوياً، يضم كل منهما ما بين 8 و10 اغنيات، وباعتقادي هذا الانتاج والنشاط كافيان. سمعنا بتعاقدك خلال الايام الماضية، مع ادارة مهرجان قرطاج… - نعم، وقعت عقداً مع ادارة مهرجان قرطاج الدولي لاحياء حفلتين، مع احتمال امتدادهما الى ثلاث حفلات، وهذه هي المرة الاولى التي اشارك في مهرجان قرطاج، لكنها ليست الزيارة الاولى لتونس، فقد سبق ان اقمت فيها حفلات كثيرة، وسأحاول أن أنوع في الاغاني اثناء الحفلات، لاقدم شيئاً من اغانيّ القديمة، وشيئاً من الجديدة كما انوي ان اغني شيئاً من ادوار الفنان الكبير صالح عبدالحي، لأن الجمهور التونسي مثلما نقول في حلب "سميع" ويحب الموشحات والادوار وغيرها من اغاني التراث القديم. ماذا عن جديدك في مجال الالبومات السمعية؟ - لي في الاسواق حالياً البوم "انا مغرمة" للاستاذ خالد الامير، ويضم اربع اغنيات صورت احداها على طريقة الفيديو كليب، وتنوعت الاغاني بين الايقاع السريع والمحافظة على الطابع الشرقي. وهناك البوم جديد في طور التحضير من المتوقع ان يضم 4 أو 5 اغنيات وقد توجهت للتعامل فيه ومن باب التغيير مع ملحنين شباب منهم عصام كاريكا وسمير صفير وصلاح الشرنوبي. وبالنسبة الى الكلمات هناك اغنيات لعمر بطيشة الشاعر المفضل عندي لأنه يعطيني اجمل الكلام. ومن المتوقع ان اتوجه لتسجيل هذا الشريط في القاهرة. هناك حديث عن اتجاهك الى التعامل مع ملحنين لبنانيين… - تمنيت منذ زمن ان اتعامل مع ملحنين لبنانيين. لكن الفرصة لم تأت الا اخيراً، بعدما اجتمعت مع الاستاذ نور الملاح وهو من الملحنين اللبنانيين المخضرمين، وعرض عليّ اكثر من لحن، وقد اعجبتني وقبلت بعضها، كما التقيت بالشاعر الكبير ميشيل جحا واتفقنا على مشروع فني مشترك، وسمعت الحاناً مميزة من ابنه جوزيف الذي وعدني بوضع الحان خاصة تناسب صوتي. وهل هناك مشاريع للتعاون مع الفنان السوري الياس كرم؟ - تحدثنا اخيراً. واسمعني الحاناً عدة، وقد كلفته اعداد اغنية لي وهو الآن في مرحلة البحث عن الكلمات وآمل ان نقدم اغنية سورية مميزة، واتمنى التعاون والتعامل مع الملحنين السوريين المخضرمين لكنهم للاسف لم يعودوا يقدمون أي شيئاً جديداً، مميز ومبتكراً. وها انا اكرر مجدداً بأنني لن أغني أغنية سورية لن تنطلق على مستوى الوطن العربي، اذ لدينا في سورية ملحنون، وكثيراً ما ابدع بعضهم في الماضي ولكن نلاحظ الآن ان نوعاً من الكسل ينتابهم، وأهم شيء انه يجب علينا ان ننضم في سورية الى جمعية حماية حقوق المؤلفين والملحنين اسوة ببقية البلدان العربية المجاورة كلبنان، الاردن، مصر. ولمن تستمع ميّادة من المطربين او من يعجبها من الاصوات الجديدة؟ - لقد نشأت في بيت يحب الطرب ويسمع دائماً أم كلثوم وعبدالوهاب وفايزة أحمد وعبدالحليم... كغيره من بيوت زمان. وما زلت حتى الآن مستمرة في استماعي لهؤلاء العباقرة الذين لن يعّوضوا مطلقاً، فهم مخلدون في أعمالهم العظيمة، وأنا شخصياً لا اعتبرهم أمواتاً، بل موجودون وسيبقون عشرات السنين أيضاً. أما من الأصوات الجديدة فأحب ملحم بركات وهاني شاكر وسميرة سعيد وصابر الرباعي والياس كرم ومحمد الحلو. هل هناك أي اتجاه لديك إلى أداء القصائد الفصحى؟ وهل في النيّة أي مشاريع للغناء بلهجة غير السورية؟ - بحثت في هذا المشروع مع شركة "عالم الفن" المصرية التي تدير أعمالي الفنية. واستقر الرأي على تكليف الفنان كاظم الساهر بهذا المشروع. ولا أدري حالياً إلى أين وصلت الاستعدادات، مع أنني سمعت من بعض الأصدقاء بأن كاظم أعلن انتهاءه من هذا المشروع. من ناحية أخرى، احيطكم بأنني سأغني - للمرة الأولى - اللون الخليجي، وذلك في ألبوم مقبل سيضم أربع اغنيات، لحن اثنتين منها الفنان السعودي الكبير طلال مداح، أما الكلمات فلعدد من الشعراء السعوديين، وسيتوجه هذا الألبوم خصيصاً لجمهور الخليج العربي. وآمل أن يلاقي استحسانهم لأنني شخصياً متفائلة وسبق أن غنيت باللهجة الليبية ووفقت. والألبوم جاهز الآن بعد ان استمرت التحضيرات له مدة سنة كاملة. دائماً يحب القراء أن يعرفوا شيئاً عن حياة فنانهم الشخصية، فماذا تقول لهم المطربة ميادة الحناوي؟ - في حياتي الاجتماعية أنا عادية جداً، أحب الهدوء والاستقرار، كما أحب الأمومة هذا الحلم الذي يراود كل سيدة. أحب المقربين إليّ، ولديَّ صداقات عدة. أنا ست بيت طيبة ومحبة جداً، عصبية في بعض الأحيان وقلقة في كل الأوقات. أخاف الوحدة وأحب عائلتي ومرتبطة بها، إضافة إلى حبي لفني. أليس هناك أي مشروع قريب للزواج؟ - أتمنى ذلك. إن شاء الله. ما رأيك في الفيديو كليب؟ - شغلة جديدة وحلوة، خصوصاً إذا كانت الفكرة جميلة ومدروسة ومؤكد أنه سيخدم الأغنية، واستطيع أن أقول إنه موضة. ووسيلة مهمة لنشر الأغنية، فدرجة انتشار أي أغنية ترتبط كثيراً هذه الأيام بتصويرها فيديو كليب. وبالنسبة إليَّ أترك أمور الفيديو كليب سابقاً لشركة الانتاج والمخرج. لكنني مع التطور الذي حدث في هذا المجال، صرت أدقق وأتدخل في فكرة السيناريو وأتناقش مع المخرج، فأبدل في بعض الفقرات إذا لم تَرُقْ لي، مع ان الوقت الذي أمضيه في مصر قصير ومليء بالأعمال التي يجب أن أنهيها على أكمل وجه كحفظ كلمات الأغاني وتسجيلها في الاستديو وتصوير الأجزاء الخاصة بيّ لفيديو كليب الأغاني. على فكرة، أنا لا أرى الأغنية مصورة وجاهزة إلا مع الجمهور عند عرضها على شاشات التلفزيونات والمحطات الفضائية. وكثيراً ما أعدت تصوير بعض الأغاني لأنها لم تعجبني كأغنية "كبريائي" التي عدت خصيصاً للقاهرة لإعادتها. وإذا سمحتم لي أرغب بالتوجه عبر مجلتكم بملاحظة مهمة أصبحت تهاجمنا هذه الأيام، فلقد قيل لي اسمعي كاسيت "رومانسيات" الجديد الذي نزل على السوق، وبعد استماعي له فوجئت بأن غالبية ألحانه مسروقة من الأغاني التركية واليونانية. وأنا استغرب هذه الممارسات؟ أليس لدينا تراث غني لننهل منه؟ ألم يكن الغرب ينهل من تراثنا الفني الشرقي والأندلسي العربي الكثير من الألحان؟ ألم يبق لدينا مغن ومطرب والحان حتى نسرق من غيرنا؟ لا أدري! أين الاغاني التراثية الطربية الأصيلة؟ يقولون هذه الأغاني شبابية، ألم تكن أمي شابة وعبدالوهاب وأم كلثوم وعبدالحليم شباباً ويستمعون ويؤدون أجمل وأروع الألحان. بلى كانوا شباباً وكانت الأصوات الشابة البديعة نجاة وفايزة أحمد وليلى مراد وشادية واسمهان وفريد الأطرش يغنون أعذب الكلمات. أنا أيضاً ضد أن يغني أي فنان لفنان كبير راحل. هذه الموضة منتشرة هذه الأيام، فلا نرى ونسمع إلا ألبوماً لعبدالحليم أو أم كلثوم وبصوت هذا المطرب أو ذاك، لماذا؟ هذا شيء معيب ويجب ألا يحدث، لأنهم بهذه الأعمال يشوهون جيل الكبار، خصوصاً في أذهان الجيل والنشء الذي قد لا يعلم جيداً، مثلاً من هو عبدالحليم أو ما هي ملكات صوته ونبضات احساسه، وعذوبته في الغناء، فينشأ على سماع النسخة المشوهة من أعمال هؤلاء العباقرة.