من الأصوات الغنائية الشابة التي برزت أخيراً في الساحة الغنائية صوت غادة رجب، فهو يتمتع بخامة رقيقة تدخل القلب من دون استئذان. عرفها الجمهور العربي طفلة تركت ألعاب الصغار وهجرت عرائسها وانشغلت بالغناء فتابعت الأغاني بشغف، وحفظتها بمتعة، ورددتها بأداء الكبار. وحين كبرت نمت معها موهبتها، فاتخذت قرارها بالاحتراف، وراحت تشق طريقها في عالم الغناء بصبر وإرادة. طموحاتها تتميز بالإصرار وخطواتها ترتبط بالتأني، وموهبتها تحمل الأصالة. أصدرت غادة رجب ألبوماً جديداً تقدم فيه أغنيات جديدة لحنها موسيقيون من مصر، وفي هذه المناسبة أجرينا معها هذا الحوار: في ألبومك الحديث غنيت للمرة الأولى قصيدة "لماذا" فهل هي مواكبة لموضة غناء المطربين للقصائد؟ - القصيدة لم تكن يوماً موضة، فهي أرق أنواع الغناء. ولا يستطيع أي مطرب أن يغنيها. ومنذ فترة وأنا أتمنى غناء هذا النوع من الغناء ولا سيما بعد نجاحي في إعادة غناء قصيدتين هما "لا تكذبي" و"أيظن" للمطربة نجاة. وبعد نجاحي في غناء أغنية "أبعد عني يا ابن الناس" ألحان الفنان كاظم الساهر، اتفقنا أن يكون اللقاء الثاني عبر قصيدة. واتفق الساهر مع السيدة هباء ابنة الشاعر نزار قباني على غنائي لقصيدة "لماذا" التي جذبني اسمها، وعندما قرأتها شعرت أنها مكتوبة لأغنيها، وتحمس الساهر لغنائي فأحب أن يظهرها في شكل جديد. فسجلناها مع أوركسترا كاملة وكورال ضخم. البعض انتقدك للكثافة الإعلانية عن قصيدة "لماذا" في الوقت الذي تجاهلت انيتين في الألبوم نفسه لملحنين كبيرين هما محمد الموجي وسيد مكاوي؟ - بالعكس أعلنت كثيراً عبر الصحف واللقاءات الإذاعية والتلفزيونية عن أغنيتيّ "قلبي شاريك" و"أضيع من أيديك" وهما من ألحان الملحنين الكبيرين محمد الموجي وسيد مكاوي. ومنذ طرح الألبوم في الأسواق قبل عام ونصف العام، وأنا أغني أغنية "أضيع من ايديك" لسيد مكاوي على المسرح في كل حفلاتي. لكن "لماذا" تجربة جديدة مختلفة وكان يجب أن نبرزها بشكل جيد. ما ظروف تعاونك مع الملحنين الراحلين محمد الموجي وسيد مكاوي في ألبومك هذا؟ - من أكبر صدمات حياتي وفاة هذين الملحنين الكبيرين اللذين ربطتني بهما قبل وفاتهما بسنوات قليلة صلة أبوة. وتعرفت إلى الملحن الكبير محمد الموجي عندما استمع إليّ وأنا أغني أغنيته "الليالي" عام 1994 وأعجب بأدائي ووعدني بالتلحين لي في أقرب فرصة. لكن ظروف مرضه منعته من تنفيذ هذا الوعد. لكنه أتصل بي وهو في العناية المركزة في المستشفى ليسمعني لحناً أعده لي. وأثناء إعدادي ألبومي الأخير عرض عليّ ابنه الموزع يحيى الموجي ألبوماً يحوي ثلاث أغنيات لم تغن من قبل للموجي فوقع اختياري على أغنية "قلبي شاريك"، ووزعها يحيى في شكل جديد على طريقة "التانغو" فكانت حالاً رومانسية جميلة في الألبوم. أما بالنسبة للملحن سيد مكاوي فكان دائم الاتصال بنا، وكان يشيد بي في كل وسائل الإعلام. وفي إحدى الحفلات في دار الأوبرا أصر أن أغني معه، وكان اللقاء الأخير معه من خلال لحن "أضيع بين ايديك" الذي لحنه لي ورحل قبل خروجه إلى النور. في ألبومك الأخير أغنية بعنوان "وأنا مالي" لحنها ملحنان هما رضا رجب ومحمد مصطفى، فكيف حدث هذا؟ - نظراً للصداقة التي تربط والدي الملحن رضا رجب بالملحن الشاب محمد مصطفى، ولدت فكرة الأغنية. ولكن كان التنفيذ الكامل والتوزيع لمحمد مصطفى. يلاحظ في أغانيك ارتفاع نسبة الشجن لماذا؟ - لأنني أعشق الرومانسية الحالمة المليئة بالشجن، حتى في اختياراتي لأغاني الغير، اختار أغاني مثل "جبار" و"الليالي" و"أحضان الحبايب" و"حكايتي مع الزمان" و"لأ مش أنا اللي أبكي" وغيرها من الأغاني التي تمس القلوب برقتها وعذوبتها. على رغم أن الملحن عمار الشريعي كان أول من لحن لك وأنت طفلة إلا أنكما لم تتعاونا بعد احترافك الغناء.. لماذا؟ - نظراً لانشغاله الشديد في تلحين أغاني المناسبات الوطنية والأعمال الرمضانية، في خلاف ظروفه الصحية التي مر بها أخيراً. لكنني أعتبره أبي الروحي ويشرفني أن يلحن لي! هل اختياراتك الغنائية نابعة من اختيار شخصي، أم أن والدك الملحن رضا رجب يتدخل فيها؟ - أنا مسؤولة مسؤولية كاملة عن كل اختياراتي. لكن هذا لا يمنع أن أطلب نصيحة أسرتي عندما أكون مترددة في غنائي أغنية معينة. وعلى رغم ذلك لو لم اقتنع بوجهة نظرهم، أنفذ رأيي. يلاحظ أنك تكثرين من غناء أغاني الغير، لماذا؟ - أغاني الغير غنيتها في مناسبات معينة مثل تكريم موسيقار الأجيال محمد عبدالوهاب، وكذلك أم كلثوم. بالإضافة إلى أن من شروط مهرجان الموسيقى العربية في القاهرة أن تقدم أعمال من التراث. وحتى اثناء غنائي أغاني الآخرين احتفظ بشخصيتي المستقلة البعيدة تماماً عن تقليد أولئك العمالقة الذين أغني لهم. ولكن في كل حفلاتي الخاصة أغني اغنياتي الخاصة مثل "أحلام البنات" و"ووقع الورق" و"أغلى حب" و"لماذا" و"تشبهلي" وغيرها. يلاحظ في ألبوماتك الأربعة انك تعاملت في كل ألبوم مع ملحنين وشعراء كثيرين هل هذا مقصود منك؟ - مقصود تماماً، لأنني أحب أن يكون ألبومي متنوعاً. وقد عانيت كثيراً حتى أقنع الملحنين أن أغني لكل منهم أغنية واحدة في ألبومي الأخير. لماذا أعمالك مع الملحنين الشباب قليلة؟ - هذا غير مقصود، ولم تعرض عليّ أعمال من الملحنين الشباب. وعلى رغم هذا في ألبومي الأخير تعاونت مع اثنين من الشباب وهما أمير عبدالمجيد ومحمد مصطفى. وفي النهاية أنا سعيدة بتعاملي مع أكبر الملحنين والشعراء على رغم صغر سني. وستشهد الفترة المقبلة تعاوناً مع زياد الطويل وعمر خيرت ووليد فايد. على أي أساس تختارين أغانيك التي تصور كفيديو كليب؟ - على أساس اتفاقي مع مخرج الفيديو كليب. وأحياناً نشترك في إحساس واحد بأغنية معينة وأحياناً أشعر أن كلمات أغنية ما تصلح أن تكون فيديو كليب. وهذا ما حدث في أغنيتي الأخيرة "لماذا" التي صورتها كفيلم قصير مدته خمس دقائق. خلال رحلتك الفنية التي اقتربت من 10 سنوات هل هناك اغنيات ندمت على غنائها؟ - لم أندم على أي أغنية غنيتها لأن أهلي غرسوا في داخلي حس الاختيار وأنا لا أغني إلا الأغنية التي تصنف لي. ولكن بالطبع هناك أغنيات لم تكن خبرتي كافية فيها. ما أقرب اغنياتك إلى قلبك؟ - أغنيات ألبوم "لماذا". هل تفكرين في خوض تجربة التمثيل؟ - عرضت علي الفكرة أكثر من مرة لكنني أخشى التجربة حتى لا أصادف الفشل، لأنني غير موهوبة في التمثيل. ولكن إذا عرض علي فيلم سينمائي غنائي، فلا مانع لديّ من خوض التجربة. لماذا السينما وليس المسرح؟ - لأن السينما تاريخ، والمسرح رائع، لكنه غير مناسب لي على الإطلاق. الحفلة التي لا يمكن أن تنساها غادة رجب؟ - حفلة أحييتها في باريس لتكريم أم كلثوم. وما مشاريعك الفنية المقبلة؟ - إحياء ختام مهرجان قرطاج للمرة الأولى إضافة إلى تعاوني للمرة الأولى مع الملحنين سامي الحفناوي وهاني مهنا.