إستضافت جامعة قطر مهرجاناً للصحافة النسائية يقام لأول مرة في دول الخليج، نظمه قسم الاعلام - كلية الإنسانيات والعلوم الاجتماعية تحت رعاية مدير جامعة قطر الدكتور ابراهيم النعيمي. وأقيمت خلال المهرجان ندوة بعنوان "الصحافة النسائية الخليجية على أبواب القرن الحادي والعشرين" شاركت فيها صحافيات من مختلف اقطار الخليج: الباحثة نورة الخاطر، والصحافيّة نعيمة المطاوعة جريدة "الراية" من قطر، الدكتورة خيرية السقاف والشاعرة والصحافية هدى الدغفق من السعودية، أسماء الرويشد رئيسة تحرير مجلة "الفرحة" من الكويت، الصحافيّة حليمة الملا جريدة "الاتحاد" من الامارات، والصحفية طاهرة عبدالخالق جريدة "الوطن" من عُمان. إفتتحت الندوة بكلمة ألقتها منسِّقة المهرجان أماني الدوسري كلية الانسانيات، أكدت فيها ضرورة الاهتمام بإعلام المرأة. وقالت "لا يمكن مضاعفة ايجابيات ذلك التغير الاجتماعي وتفادي سلبياته في غياب المرأة وغياب إعلامها. وإسهامات المرأة العربية الخليجية في الإعلام، وفي مجال الإعلام المقروء تحديداً، لا ينكرها إلا جاحد... هذا المهرجان جاء ليبرز اسهامات المرأة الخليجية في صحافة الأمس، ويدعم دورها اليوم، ويستشرف آفاق مشاركتها الفعالة في بناء غد الإعلام الخليجي خاصة والعربي عامة". وأدارت الندوة الدكتورة وضحى السويدي، وقدمت د. خيرية السقاف ورقتها التي تحدثت فيها عن تاريخ الصحافة النسائية السعودية من واقع تجربتها كمديرة تحرير سابقة في جريدة "الرياض". كما تطرقت إلى الاهداف التي حققتها المرأة في الصحافة السعودية. وتحدثت أسماء الرويشد بشكل خاص عن تجربتها في الصحافة الكويتيّة، وتطرقت إلى الموضوعات التي تشملها مجلّتها "الفرحة" المتخصصة في شؤون الحياة الزوجية، وأكدت أن تلك خطوة جديدة وجريئة في مجتمع خليجي محافظ، تطمح إلى تحقيق الترابط والاستقرار الزوجي من خلال طرح أساليب علمية لحماية الأسرة ابتداءاً من التخطيط للزواج. وعددت نورة الخاطر متطلبات الصحافة بشكل عام وابعادها القومية والفكرية والموضوعية التي ينبغي أن تلتزم الصحافة بادائها: "اختيار الصحافة لحدث معين وطرحه على القارئ هو الذي يحدد طبيعة الصحيفة الجادة والهادفة، وسيتحدد تبعاً لذلك مستوى قرائها". وتوقفت نورة الخاطر عند عنوان الندوة صحافة نسائية ما يفترض وجود صحافة رجالية، في حين أن الصحافة واحدة اسماً وعنواناً، فيما للصحيفة أن تكون نسائيّة متخصّصة، أو علميّة، إلخ. وفي عرضها تجربة الصحافة العمانية، اكدت طاهرة الخالق انتفاء المعوقات التي تشل حركة المرأة في بلادها: "لم يكن شيئاً غير عادي ان تأخذ المرأة مكانها في كل مؤسسات الدولة، إلى أن نالت العضوية في مجلس الشورى العماني". وأشادت بمرونة الرجل العُماني في مساعدة المرأة وتمكينها من أداء دورها باقتدار. وأشارت حليمة الملا إلى مصاعب البدايات، لافتة إلى محدودية خوض المرأة مجال الاعلام في بلادها: "لم تستطع أن تدخل في هذا الميدان بشكل مكثف لأن مشاركتها ترتبط ارتباطاً وثيقاً بمرحلة النمو والتطور التي يعيشها مجتمعنا. إنّها في الأساس قضية مفاهيم اجتماعية وحضارية عامة". وتابعت: "المرأة أفضل من يستخدم علامات الاستفهام والسؤال مع الزوج والأبناء والجيران، فهي إذاً قادرة على التقاط الخبر". وفي مداخلتها عن "موقع الصحافية الخليجية من المؤسسات الصحافية"، التقت هدى الدغفق مع الملا في مناقشة المهارات التي تتحلى بها المرأة وتناسب مهنة الصحافة كقدرتها على التقاط الخبر: "القول الشائع بعدم دقة المرأة في نقل الخبر هو ضد الحقيقة، ويناقض مسيرة المرأة على مرَّ التاريخ... بل لعل في اتجاه كثير من المبدعات الخليجيات إلى القصة على حساب الشعر، ما يوحي باقتدار المبدعة الخليجية في مجال السرد". وتطرقت هدى الدغفق إلى المعوقات التي تواجه الصحفية الخليجية، ومنها النظرة الدونية ازاء المجتمع. كما اشارت إلى بعض المضايقات التي تتعرض لها تلك المرأة الاعلاميّة. وانتقدت الاعتقاد السائد لدى مسؤولي الصحف الخليجية بضعف المرأة، وعجزها عن خوض ميدان التغطية الساخنة للحدث. وتساءلت: "لماذا لا تستطيع الصحافية الخليجية ما تستطيعه زميلتها الأجنبية، بل والعربية، الحاضرتان دائماً في موقع الحدث؟". وعلقت على بعض المجالات الصحفية التي لا يمنحها مجتمعها فرصة القبول والرضا، كالكتابة في المجال الرياضي مثلاً. ووجهت نقداً إلى الصحافيات الناشئات في الخليج، معتبرة أن "اشتغالهن في الحوار الصحفي ليس مبنياً على أساس. فقد تحاور احداهن شخصية تجهلها من دون ان تسعى إلى جمع معلومات دقيقة وكافية عنها". ووجهت اللوم إلى المسؤولين في الصحف الذين لا يوجهون او يرفضون مثل تلك الاعمال الهزيلة. وتطرقت الدغفق إلى أزمة تعيشها الصحف الخليجية حالياً بشكل عام: "امتلاء الصحيفة أو المجلة بكتّاب الزوايا... مع أن الزاوية تمثل رأياً أو صوتاً واحداً، فيما يمثل العمل الصحفي أكثر من رأي... وهذه مرونة وتكيف يحسبان لمصلحة المادة الصحفية". وأشارت الدغفق إلى مشكلة أخرى في الصحافة الخليجية: "الوظيفة المتوافرة دائماً في الصحف، تغري فئة تعاني البطالة وتجد فرصتها في الصحافة، من دون أن تملك احساساً حقيقياً وميلاً إلى المهنة". ودعت الشاعرة السعوديّة المسؤولين في دول مجلس التعاون، إلى تبني فكرة إنشاء مقر للصحافيات في كل دولة، يكون ملتقى بين الصحافيات الناشئات والصحفيات الخبيرات لتطوير أساليبهن. وسردت نعيمة المطاوعة تاريخ الصحافة في قطر، كما تناولت تجارب بعض الصحافيات القطريات، مثل زكية مال الله، وشيخة فخرو، وعائشة الملا، وعائشة الكواري، وعائشة الدرهم... وتساءلت نعيمة عن سبب تردد المرأة القطرية في خوض مجال الصحافة، فعلى رغم الظروف المتاحة لهن ما زال بعضهن يكتب بأسماء مستعارة. وأشارت إلى دور جامعة قطر البارز في مجال تشجيع المواهب الصحفية. وكان استقطاب الصحف القطرية لبعض الأقلام النسائية العربية، بين الملاحظات التي تطرّقت إليها نعيمة المطاوعة. فبعد التأكيد على أهميّة هذا الوجود، لفتت إلى الحاجة الماسة لدى صحف قطر إلى صحفيات قطريات ينقلن تجربة المرأة القطرية ويعبرن عن وعيها وقدراتها. وألمحت إلى أحد الأسباب المهمة التي غيَّبت وما زالت تسهم في تغييب الصحافية القطرية، ألا وهو تقصير المؤسسات الاعلاميّة في قطر عن تقديم التجشيع المادي والمعنوي. وأكدت نعيمة المطاوعة ان الثورة الحالية التي تعيشها قطر في المجال الصحفي في ظل رفع الرقابة عن الصحف، من أهم العوامل التي تعين الصحافية القطرية على تجاوز أزمة مجتمعها المحافظ، وغياب التشجيع والدعم الكافيين من قبل المؤسسات. واختتمت الندوة بمداخلات ومناقشات اعضاء التدريس في الجامعة، وغيرهم من الحاضرين القليلي العدد نسبيّاً، ما يدفع إلى القول بأن الإعلام يخدم بلعبته الدعائية كلّ قطاع ما عدا نفسه. فالمهرجان لم يحظ بالتغطية الإعلامية الكافية، حتّى أن مجموعة كبيرة من الصحافيات القطريات لم يعرفن به، حسب ما علمت "الوسط". فكيف بالأحرى الجمهور العريض؟! 0