عندما خاض السيد محمد خاتمي معركة رئاسة الجمهورية الاسلامية الايرانية العام الماضي، لم تكن حظوظه بالفوز كبيرة، لأنه لم يكن استند الى حزب قوي في مواجهة الاحزاب الاخرى التي تتمترس في مختلف مؤسسات النظام الايراني وتقف بقوة وراء منافسه ناطق نوري، ولذا شكل انتصاره مفاجأة كبرى قلبت كثيراً من الحسابات السياسية وآذنت بحدوث تطورات جديدة. ومع ان خاتمي اصبح دستورياً رئيساً أعلى للسلطات الثلاث، التشريعية والتنفيذية والقضائية، الا انه عملياً ظل يفتقد الى موقع القيادة العليا، مع اصرار القوى المهيمنة على جعله "رئيساً" تابعاً للولي الفقيه وخاضعاً لرئيس مجلس تشخيص المصلحة الشيخ هاشمي رفسنجاني الذي رشح خاتمي خلفاً له في رئاسة الجمهورية. كان خاتمي عضواً في تنظيم صغير هو جماعة رجال الدين المناضلين "روحانيون مبارز" وهو تنظيم يتألف من مجموعة من رجال الدين الشباب، ويقف على هامش التنظيم الآخر لرجال الدين، الأكبر والأقدم، وهو "معيت روحانيت مبارز" التي يرأسها الشيخ مهدوي كني رئيس الوزراء السابق. وقد التقط رفسنجاني - الذي أسس في أواخر سني عهده تنظيم "كوارد الاعمار والبناء" - السيد خاتمي من صفوف رجال الدين الشباب ليرشحه للرئاسة ليستطيع التأثير فيه وتوجيهه كما يشاء. من جهة اخرى كان المرشد السيد علي خامنئي يطالب خاتمي بصراحة بالخضوع لولاية الفقيه، كما كان هو يخضع للإمام الخميني عندما كان رئيساً للجمهورية في الثمانينات. وهنا لم يجد الرئيس الجديد خاتمي الذي يحاول ان يكون رئيساً فعلياً للبلاد حتى يستطيع الوفاء بوعوده للشعب الايراني، بدا من تحويل التأييد الشعبي الواسع الذي حظي به في الانتخابات 20 مليون صوت الى تنظيم سياسي يعطيه مزيداً من القوة والمناورة في وجه القوى التقليدية المهيمنة، وقد دعا أخيراً الى تشكيل حزب جديد تحت اسم "حزب الدفاع عن المجتمع المدني المسالم" ورشح لأمانته مساعده الشيخ عبدالواحد الموسوي اللاري. فهل سينجح خاتمي في تكوين معادلة جديدة راسخة تقاوم المعادلات القائمة وتأذن بدخول مرحلة متقدمة؟ ام تنجح القوى المهينة بتدجينه او بتهميشه في المستقبل؟ الحركة الحجتية تودع الساحة ان الاجابة على هذا السؤال تتوقف على عوامل كثيرة، منها عنصر الشباب والشيخوخة في التيارات المختلفة وقوة كل منها ونجاحه او فشله في تحقيق اهدافه ووعوده وإخلاصه لشعاراته وصدقيته امام الجماهير وأسلوبه في التعامل مع القوى المنافسة. واذا القينا نظرة على ظروف الحركات والتيارات التي دخلت الساحة السياسية الايرانية او غادرتها منذ انتصار الثورة لاكتشفنا اسرار النصر او الهزيمة التي لحقت بها. أحد تلك التيارات كان تيار حركة "الحجتية"، التي نشطت في عهد الشاه بقوة وامتد نفوذها الى صفوف الجيش ومعاهد التربية والتعليم والسوق البازار اضافة الى الحوزة العلمية، خصوصاً فئة "الخطباء الحسينيين" العريضة والمؤثرة في المجتمع الايراني. وهي حركة انشأها الشيخ محمود الحلبي توفي في الشهر الماضي عن عمر يناهز المئة سنة قبل اكثر من نصف قرن في مواجهة الحركة البهائية التي كانت تهيمن على مراكز السلطة في عهد الشاه محمد رضا بهلوي، وكان من ابرز رجالها رئيس الوزراء السابق أمير عباس هويدا. ومن المعروف ان البهائية او البابية هي حركة فكرية سياسية انشأها علي محمد الشيرازي الباب، الذي اعدم في مدينة تبريز شمالي ايران في سنة 1850، لكن حركته استمرت في التغلغل والانتشار في بعض الاوساط. وجاءت الحركة "الحجتية" لترد على الباب الشيرازي وترفض دعواه في المهدوية، وتصر على حصرها في الإمام الغائب محمد بن الحسن العسكري ولم تكن الحركة تقوم بأي نشاط سياسي معارض للشاه، مم وفر لها حرية اكبر في الدعوة والعمل حتى في صفوف الجيش والقوات المسلحة. لكنها كانت تشكل عقبة في طريق الثورة بقيادة الامام الخميني الذي كان يدعو الى المبادرة والعمل. وقد اعربت الحركة الحجتية عن نفسها في اضخم تظاهرة احتفالية اقامتها بعد ستة اشهر من انتصار الثورة في منتصف شعبان من عام 1399 هجري ذكرى مولد الإمام المهدي، حيث اقامت المهرجانات الخطابية وزينت الشوارع والمساجد والمحلات ووزعت الحلويات والورود بهذه المناسبة، لكن الإمام الخميني كان يحمل كرهاً عميقاً لهذه الحركة ورئيسها الشيخ محمود الحلبي الذي كان يعتبره "مخدراً للأمة ومسانداً صامتاً" لنظام الشاه، وراح يشن على نظريته "الانتظار" حملات شعواء منذ ان كان في النجف الاشرف. وقد شن عليه بعد الثورة هجوماً اعلامياً أدى الى تحجيم نشاطه وعزله. وعندما توفي قبل اسابيع منعت الشرطة الايرانية اقامة تشييع ضخم له وأوصت بدفنه بهدوء. الا ان النظام الاسلامي استفاد من اتباعه وعناصره، خصوصاً العسكرية منها حيث سلمها قيادة الجيش، باعتبارها افضل من العناصر اللامتدينة وكان على رأسها اللواء قرني رئيس اول اركان للجيش الايراني في ظل الثورة. وعلى رغم ان هذه الحركة لم تنقرض تماماً حيث لا يزال الكثير من اتباعها يرفضون الاعتراف بشرعية النظام القائم باعتبار "ان كل راية تخرج قبل راية المهدي هي راية ضلالة وصابحها طاغوت" كما تقول رواية مشهورة لهم يتشبثون بها، الا ان الحركة لم تقاوم النظام الاسلامي الثوري، بل لم تجد مانعاً من التعاون معه وخدمة البلاد كما كانت تتعاون مع النظام الشاهنشاهي السابق. وقد انتقل كثير من افرادها الى الايمان بنظرية ولاية الفقيه كنظرية للحكم في ظل غيبة الإمام المهدي وبالنيابة عنه. الى جانب حركة "الحجتية" كان يقف في الطرف الآخر تيار يتألف في معظمه من الشباب والشابات وطلبة المدارس الثانوية والجامعات وبعض رجال الدين، وهو تيار "مجاهدي الشعب" الذي يجمع بين الاسلام والفكر اليساري الاشتراكي، والمتأثر بكتابات المفكر الاسلامي وعالم الاجتماع الدكتور علي شريعتي توفي سنة 1978. ولم يكن هذا التيار يؤمن بنظرية ولاية الفقيه ولا بدور خاص لرجال الدين في السلطة والمجتمع، وقد رفض زعيمه مسعود رجوي التوقيع على الدستور الاسلامي لهذا السبب، مما أدى بالإمام الخميني الى منعه من الترشيح لرئاسة الجمهورية بعدما كان قد هيأ نفسه لها. وعلى عكس تيار "الحجتية" اتجه تيار "مجاهدي الشعب" الذي كان يمتلك قاعدة شعبية عريضة وقوة مسلحة ومنظمة، الى الاصطدام بالنظام، وتحالف مع رئيس الجمهورية الاول أبو الحسن بني صدر، وقام بتفجير مقر الحزب الجمهوري الاسلامي حيث قتل 73 من قادة الحزب بمن فيهم زعيمهم بهشتي، كما قام باغتيال رئيس الجمهورية الثاني رجائي ورئيس وزرائه باهنر وعدد كبير من أئمة الجمعة والقضاة والمسؤولين الكبار في الدولة، وكان يأمل في السيطرة على النظام واقامة مشروعه الخاص، لكنه دفع في المواجهة المسلحة التي شنها عام 1981 ثمناً باهظاً تمثل بتصفية عدد كبير من اعضائه وهروب قادته الى الخارج. وكان هذا التنظيم قد شن بعيد توقيف الحرب العراقية - الايرانية سنة 1988 هجوماً مسلحاً كبيراً من العراق بهدف الاستيلاء على السلطة، لكنه مرة اخرى مني بهزيمة فادحة. ولو لم يلجأ تنظيم "مجاهدي الشعب" الى العنف والسلاح لكان اليوم يشكل قوة شعبية اكبر قد تكون اقدر على تطوير النظام او احداث تحولات ايجابية اكثر في صفوفه، الا انه وبعدما جرى من دماء بينه وبين النظام فمن المستبعد جداً ان يسمح النظام القائم بعودة "مجاهدي الشعب" الى الحياة السياسية في ايران في المدى المنظور. كانت الثورة الاسلامية الايرانية في وجه من وجوهها ثورة المراجع ضد نظام الشاه، حيث كان الإمام الخميني واحداً من مراجع الدين الفقهاء لدى الشيعة، وكانت الى جانبه مجموعة كبيرة منهم مثل شريعتمداري والمرعشي النجفي والكلبايكاني وعبدالله الشيرازي الذين كانوا يؤيدون الإمام في حركته المعارضة ويصدرون البيانات التحريضية. وقد استطاع الإمام الخميني ان يقوم بالثورة ويجمع حوله الناس بقوة المرجعية الدينية التي تشكل ملجأ وقطباً معاكساً للسلطة، وكان من الطبيعي ان يصطبغ النظام الاسلامي بنظرية المرجعية وولاية الفقيه، وان يمثل المرجع الأعلى السلطة العليا في النظام ويهيمن حتى على رئيس الجمهورية، كما كان يهيمن على الشاه في النظام الملكي، منذ ان اعتنق الشاه الصفوي طهماسب بن اسماعيل في القرن العاشر الهجري نظرية المرجعية وخضع للشيخ علي عبدالعالي الكركي الذي استدعاه من النجف وقدم له مراسيم الولاء والطاعة باعتباره نائباً عاماً عن الإمام المهدي الغائب. ومع ان الإمام الخميني استوعب كثيراً من انصار المراجع الأخرى شرط الولاء له، الا انه لم يشرك بقية المراجع الكبار في السلطة ولم يشكل مجلساً خاصاً لهم، وقد صفى مرجعية شريعتمداري الذي اسس حزب الشعب الجمهوري الاسلامي وأخذ ينافسه على السلطة فاتهمه بالتآمر وحل حزبه وحجزه في بيته الى ان توفي، وهجم السيد الخوئي لأنه استقبل زوجة الشاه في العراق ايام الثورة. وقد دفع الإمام الخميني تلميذه الاول الشيخ حسين علي المنتظري الى ان يتبوأ مركزاً علمياً في الحوزة لكي يكون خليفته في المستقبل، لكنه عزله في اواخر ايامه ورشح بدلاً منه السيد علي خامنئي رئيس الجمهورية لكي يتولى منصب الولاية العامة على رغم انه لم يكن معروفاً بالاجتهاد والمرجعية. وقد حاول خامنئي ان يعقد صفقة مع المرجع الاعلى الذي صلى على جثمان الإمام محمد رضا الكلبايكاني لكنه رفض ان يكون واجهة "مرجعية" شكلية للنظام في مقابل ان يمنح خامنئي الشرعية في الحكم او درجة الاجتهاد، فما كان من النظام الا ان لجأ الى مرجع هرم جداً هو الشيخ الأراكي فاتخذه واجهة مرجعية الى ان توفي بعد ثلاث سنوات ريثما استتب له الأمر. في هذه الاثناء كان الخوئي والكلبايكاني والسبزواري قد توفوا وتركوا الساحة الايرانية والشيعية لعدد من المراجع الصغار كالروحاني والشيرازي السيستاني والوحيد الخراساني ومحمد جواد التبريزي وغيرهم. ومع ان المراجع لا يشكلون تحدياً جدياً للنظام ويقتصرون عادة على الافتاء في المجالات العبادية والشخصية، خصوصاً في ظل النظام الاسلامي، الا انهم في بعض الاحيان قد يعارضون بعض القرارات السياسية والاقتصادية كقرار الاستمرار في الحرب مع العراق، او البند "ج" من قانون الاصلاح الزراعي او قانون العمل وما شابه. وهناك من يطالب منهم كالسيد محمد الشيرازي بشورى الفقهاء التي تعني ضرورة اشراك جميع المراجع في قيادة الدولة واصدار الفتاوى والقرارات المهمة. ولذا فقد اتسمت سياسة الدولة تجاههم بالامتعاض والعمل على الحد من نموهم وانتشارهم، وقد أجبرت وزارة الاستخبارات الشيخ الوحيد الخراساني على لملمة مرجعيته وسحب "رسالته" والانكفاء الى التدريس في الحوزة العلمية في قم. الا ان الدولة لم تستطع القضاء على المرجعية، خصوصاً مرجعية الفقهاء الذين يقطنون في النجف او لبنان خارج حدود ايران، كما لم يستطع خامنئي ان يقنع عدداً كبيراً من العلماء باجتهاده ومرجعيته، وقد تعرض في الشهور الماضية لحملة من بعض الفقهاء كالشيخ القمي ومنتظري الذين شككوا في مؤهلاته العلمية. مما دفع مجلس الخبراء الايراني الذي يتألف من 83 فقيهاً برئاسة الشيخ المشكيني ويمتلك صلاحية انتخاب المرشد او تنحيته، الى ان يعقد جلسة طارئة في مشهد قبل ايام ليبحث في مسألة التشكيك في مؤهلات خامنئي العلمية، وأصدر بعدها بياناً تلاه رفسنجاني نائب رئيس المجلس الأعلى اكد فيه صلاحية المرشد وقال انه "الأنسب حالياً" لتولي المنصب. ويبدو انه ترك الباب مفتوحاً امام مراجعة المسألة مرة اخرى ولم يغلقها نهائياً، حيث لا يزال الجدل محتدماً في اوساط رجال الدين من اليمين واليسار على صلاحية المرشد خامنئي. فيما يقول بعض المطلعين ان رفسنجاني 68 عاماً الذي يكبر خامنئي بعشر سنين يتطلع الى منصب المرشد الأعلى ويتحين الفرصة لازاحة خامنئي والحلول محله. لقد كان يفترض بعد قيام النظام الاسلامي ان يتم تنظيم الحوزة ومعاهد الدراسات العلمية الدينية بشكل جديد تذوب فيه الحوزة في مؤسسات النظام الجامعية والتشريعية والتنفيذية وتعمل من خلالها، لكن النظام استوعب المؤيدين والموالين فقط فأدخلهم في مجالس الشورى والخبراء والسلطة التنفيذية القضائية، وترك المرجعية تعمل في خارجه وفي موازاته، ولم يستطع عدد كبير من المراجع ان يهضم التحول الكبير الذي حدث باقامة الدولة التي تقتضي تجاوز آليات وأساليب المرجعية الدينية. الفردية القديمة، والمعارضة الدائمة للسلطة. وربما كان رجال في الحوزة من المراجع ينأون بأنفسهم عن الانخراط في اجهزة الدولة انتظاراً عن أهدافه الثورية الاسلامية او اخضاعه لاعطائهم حصة اكبر في المشاركة السياسية. وربما كانت استقلالية الحوزة والجهاز الديني والمرجعي عن الدولة ميزة يحاول المراجع الحفاظ عليها حتى مع قيام دولة ولاية الفقيه. دور البازار السياسي يشكل كبار التجار في بازار طهران قوة سياسية واقتصادية كبرى تهيمن على غرفة تجارة وصناعة طهران، وعلى لجنة الإمام الخميني للمساعدات "كميتة إمداد" التي تضم شركات ومصانع ومؤسسات كبيرة، وكذلك على "مؤسسة المستضعفين" التي ورثت اموال الشاه وأعوانه المصادرة. ولهؤلاء التجار نفوذ واسع في اجهزة القضاء والادعاء والسجون ومحاكم الثورة، كما لهم علاقة متينة بجماعة العلماء المجاهدين "روحانيت مبارز" وقد تمثلوا في الحزب الجمهوري الاسلامي الذي كان يعبر بالدرجة الاولى عن قوتهم. وكان البازار قد أفرز في مرحلة معارضة الشاه منظمات ثورية مسلحة قامت باغتيال عدد من الوزراء ورؤساء الوزارة كمنظمة فدائيي الاسلام بقيادة نواب صفوي. ومن أبرز وجوه البازار الوزير السابق والمرشح لرئاسة الجمهورية عسكر أولادي وأخوانه ووزير الحرس الثوري السابق رفيق دوست واخوانه وشفيق ومير محمد صادقي وكريمي نوري والمدعي العام الثوري لاجوردي ومهدي العراقي. ويصدر تجار البازار بالتحالف مع الشيخ الآذري القمي جريدة "رسالت"، وهم يطالبون فيها بالحرية التجارية وتقليص دور الدولة في الخدمات العامة والتعليم والصحة وتسليمها لهم. ومن هنا فإنهم يتناقضون جداً مع الرئيس خاتمي الذي ينتمي الى مجموعة الشباب من رجال الدين المناضلين المعروفة ب "روحانيون مبارز" والمؤيدة لرئيس الوزراء السابق حسين موسوي الذي اصبح كبير مستشاري الرئيس. والتي تميل الى تنشيط دور الدولة في الاقتصاد والتجارة الخارجية والداخلية، ويتهمها البازار بالتأثر بالأفكار الاشتراكية. اذن فإن القوة الرئيسية التي تهيمن على الحياة السياسية هي البازار المتحالف مع رجال الدين المناضلين "جمعيت روحانيت مبارز" وهو يضم تيارات يمينية ومعتدلة تقف جميعها خلف نظرية ولاية الفقيه والمرجعية الدينية، واذا كان خاتمي قد استطاع ان يفوز ضد مرشحها ناطق نوري رئيس مجلس الشورى فإنه لن يستطيع بمفرده ان يواجه قبضاتها الحديدية المهيمنة في مجلس الشورى والقضاء والبازار، ومن المرجح انه سيخوض معها في السنوات المقبلة معركة شرسة من اجل تحقيق الانفتاح السياسي والثقافي والاقتصادي. وربما كانت خطوة الرئيس نحو تأسيس حزب جديد ينظم القوى الشابة المؤيدة له هي اول خطوة على هذا الطريق. ويواجه الرئيس خاتمي في معركته قوة تعرف ب "حزب الله" تقوم بالهجوم على الصحف ومكاتب الاحزاب وأساتذة الجامعات المعارضين وحتى على شخص الرئيس وسياساته المختلفة، خصوصاً موقفه من الحوار مع الولاياتالمتحدة، وهو في الحقيقة ليس حزباً بالمعنى المعروف للكلمة، وانما هو تجمع من الشباب المتطرف يستغل شعار "حزب الله" الذي استخدم في بداية الثورة للتعبير عن الحالة الشعبية العفوية للتظاهرات وأعمال المقاومة، ونظراً الى استغلال المتطرفين لهذا الشعار وقيامهم بتجاوز القانون والاعتداء على حريات الآخرين وحرماتهم كالاعتداء على مكتب منتظري الذي انتقد المرشد قبل شهور، فقد انتقدهم خاتمي ودعاهم الى احترام القانون وعدم التناقض مع مواصفات "حزب الله" الحقيقي. ويتوقع المراقبون للوضع الايراني ان ينجح خاتمي في معركته مع القوى المحافظة السياسية والاقتصادية اذا ما أدار المعركة بهدوء وسلام واستطاع ان يحافظ على رصيده الشعبي وينميه، خصوصاً اذا اشتبكت القوى المحافظة في ما بينها واحتدم صراعها على السلطة، لأن الأجيال الجديدة من الشباب المسلم في ايران تتطلع الى مزيد من الحرية والعدالة والتنمية الاقتصادية، وهي التي انتخبت خاتمي من اجل تحقيق هذه الاهداف، ولن ترضى بأقل من ذلك. 2229 كلمة