سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
الأمير عبدالله افتتحه في جو ربيعي يعطره الخزامى . أمسيات شعبية للأبنودي وطلال حيدر وفهد عافت والشرقاوي . مهرجان الجنادريّّة بين تشجيع التفاعل وتأصيل التراث
"واقع الثقافة العربيّْة ومستقبلها" كان أبرز محاور الاهتمام في برنامج الجنادريّة هذا العام. وجاءت الدورة الثالثة عشرة لتؤكّد أهميّة هذه التظاهرة خليجيّاً، وعربيّاً، وعالميّاً، اذ احتضنت مئات المبدعين والمفكّرين الآتين من آفاق شتّى، واشتملت على ندوات فكرية وأمسيات شعرية ومحاضرات ومسرحيات ومعارض تشكيلية وحرفية وفوتوغرافيّة ومسابقات في حفظ القرآن الكريم، اضافة طبعاً إلى النشاطات التراثيّة والتقليديّة وعروض الفروسية والرقصات الشعبية... سنة بعد سنة يكتسب مهرجان الجنادرية للتراث والثقافة ابعاداً جديدة وسعت دائرة نشاطاته وعمّقتها. فالمهرجان الذي كان قبل عشر سنوات لا يتجاوز اقامة سباق سنوي للهجن، بات اليوم تظاهرة ثقافية فنية ضخمة يلتقي فيها المثقفون والمفكرون العرب والأجانب لمناقشة القضايا الثقافية والسياسية والحضارية على المستويين المحلي والعربي والعالمي. وخلافاً للمهرجانات العربية الأخرى التي تقتصر نشاطاتها على مجال ابداعي أو ثقافي محدد، لا يدعى إليه غير عدد محدود من المهتمين، يتميز مهرجان الجنادرية بشمولية نشاطاته وكثافة ضيوفه المدعوين والمشاركين، فضلاً عن الحفاوة التي يلقونها من المسؤولين السعوديين الذين يحرصون على الالتقاء بالمفكرين لمناقشتهم وسماع اقتراحاتهم وآرائهم. والمهم في الجنادرية انها ليست مناسبة تستغل للترويج والدعاية للبلد المضيف. بل هي فرصة لتجديد مناخ الحرية والفكر والابداع وبلورة الصيغ الثقافية الجديدة في المجتمع السعودي. وفي جو ربيعي تعطره أزهار الخزامى افتتح الأمير عبدالله بن عبدالعزيز ولي العهد النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء رئيس الحرس الوطني، نيابة عن خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز، مهرجان الجنادرية الثالث عشر للتراث والثقافة، في قرية الجنادرية قرب الرياض. وقدّمت في الاحتفال الافتتاحي أوبريت "كتاب مجد بلادنا" التي كتب كلماتها الأمير عبدالرحمن بن مساعد بن عبدالعزيز، ولحّّنها محمد شفيق، وغناها المطربون طلال مداح، محمد عبده، عبدالمجيد عبدالله وعبدالله رشاد. والجديد في أوبريت هذا العام ادخال مشاهد درامية بين الفقرات الغنائية، أداها الممثلون راشد الشمراني ومحمد الطويان وعبدالعزيز الحماد، وكذلك توظيف قرابة 1200 من أفراد الفرق الپ24 المشاركة في الرقصات في تمثيل المشاهد، بجهد من عامر الحمود مخرج الأوبريت. واشتمل مهرجان الجنادريّة على ندوات فكرية وأمسيات شعرية ومحاضرات ومسرحيات ومعارض للفنون التشكيلية والحرفية والوثائق والصور ومسابقات في حفظ القرآن الكريم. وأزهرت قرية الجنادرية بالبيوت التي تغطي تراث المناطق والمدن السعودية كافة، كما احتضنت عروض الفروسية والألعاب والرقصات الشعبية وعروض المعوقين. وحظي المهرجان باهتمام رسمي وشعبي واسع. النهوض بالثقافة وفي مجلس الوزراء، أشار الأمير عبدالله بن عبدالعزيز الى أن موقع المملكة العربية السعودية عند مفترق الطرق جعل منها موطناً لمأثورات وثقافات متراكمة تجمع الصحراء والبحر والقرية والمدينة. وأعتبر أن مهرجان الجنادرية "تجربة ناجحة في تأصيل التراث الوطني واتاحة فرص اللقاءات العربية بين الأدباء والمفكرين من البلدان العربية والاسلامية والصديقة". ودعا الأمير عبدالله المشاركين إلى الاسهام بالنهوض بمعطيات الثقافة على نحو ينسجم مع المنجزات التنموية. ضيوف المهرجان الذين تجاوز عددهم الپ400، كانوا على موعد مع الندوات والأمسيات في ثاني أيام المهرجان. حيث رعى الأمير بدر بن عبدالعزيز نائب رئيس الحرس الوطني رئيس اللجنة العليا للمهرجان بدء الفعاليات الثقافية في قاعة الملك فيصل. وأكد أمام الضيوف أن "الثقافة العربية اليوم هي التي تشكل ضمير أمتنا". وقال: "إن المفكرين والمبدعين ورجال العلم والثقافة والاعلام، وأنتم نخبة كريمة منهم، هم الذين يخوضون معركة الدفاع عن شخصيتنا العربية وثقافتنا الاسلامية". "الثقافة العربية... الواقع والمستقبل" كان العنوان الرئيسي الذي عقدت في اطاره خمس ندوات، أولاها "ظاهرة الغلو والتطرف"، وشارك فيها شيخ الأزهر محمد سيد طنطاوي، وإمام وخطيب المسجد الحرام صالح بن عبدالله بن حميد، والشيخ مناع القطان، والأمين العام لمنظمة رابطة المغرب والسنغال عضو المجلس التأسيسي لرابطة العالم الاسلامي ابراهيم محمد وجوب. وبعدها جاءت ندوة "الثقافة العربية والمستقبل"، وشارك فيها عبدالله الطيب وفهد الحارثي وفوزي منصور، ثم ندوة "الحوار بين تيارات الثقافة العربية المعاصرة" التي ضمت أحمد صدقي الدجاني وعلي عقلة عرسان وأنور عشيقي وفتحي يكن، وندوة "واقع الثقافة العربية بين الايجابيات والسلبيات" التي شارك فيها مصطفى الشكعة ومنح الصلح ومنصور الحازمي وسعيد حارب، وأخيراً ندوة "الثقافة العربية والثقافات الأخرى" التي شارك فيها محيي الدين صابر وعبدالعزيز التويجري ونبيل شبيب. الأدب الشعبي وإلى جانب الندوات ألقيت محاضرات عن "الأمن القومي : رؤية ثقافية في مسيرة مجلس التعاون" أحمد علي فعرو، و"أشكال القصيدة العربية الحديثة" حسن الوراكلي، و"المتغيرات الدولية والأمن العربي" أحمد طالب الابراهيمي، و"الرؤية المستقبلية للتربية والتعليم في السعودية" خالد العنقري، وزير التعليم العالي في السعودية. وعلى صعيد الشعر تم تكريم الشاعر السعودي محمد حسن فقي، في ندوة اشترك فيها حسن الهويمل، عبدالله مناع، محمد بن سعد بن حسين، وعبدالله المعطاني. كما أقيمت أمسيتان أحياهما الشعراء محمد الفيتوري، عبدالله الرشيد، خالد البرادعي، عبدالعزيز العجلان، صالح الزهراني، عمر الفرا، وعبده بدوي. الأدب الشعبي الذي رعى انطلاقة فعالياته الأمير بدر بن عبدالعزيز كان له ايضاً حضوره اللافت في التظاهرة الثقافية. وفي الأمسية الشعبية الأولى ألقيت قصائد نبطية وعامية لعبدالرحمن الأبنودي مصر ومحمد المر بالعبد الامارات ومساعد الرشيدي وفهد عافت السعودية. وفي الثانية استمع الجمهور إلى طلال حيدر لبنان، وعلي الشرقاوي البحرين، وعلي المفضي ومسفر الدوسري السعودية. أما الأمسية الثالثة فاقتصرت على قصائد الشاعرين النبطيين المعروفين خلف بن هذال العتيبي وأحمد الناصر الأحمد السعودية. وتميزت الأمسيات الشعبية بحضور جماهيري ونقل تلفزيوني واذاعي مباشر. كما أقيمت ندوة عن "الكلمة الشعبية المغناة" شارك فيها محمد عبده مطرب وابراهيم خفاجي شاعر غنائي وعبدالرب ادريس ملحن وسيد حجاب شاعر غنائي. وعرضت على مسرح قصر الثقافة أربع مسرحيات: "الوصية" قدمتها جمعية الثقافة والفنون في الباحةجنوب السعودية، وهي من تأليف واخراج محمد ربيع الغامدي. و"البروفة الأخيرة" قدمتها جمعية الثقافة في الطائف من تأليف واخراج أحمد الأحمدي. و"رحلة هويدي" التي قدمتها جمعية الثقافة في القصيم، وهي من تأليف ماجد البشري واخراج تيسير العاتقي. و"مطبق مالح" التي قدمتها جمعية الثقافة في جدة وألفها محمود تراوري وأخرجها عثمان أحمد حمد. الاهتمام بالمرأة السعودية من ناحية أخرى تواصل الاهتمام بالمرأة السعودية في برنامج المهرجان. وافتتحت الأميرة نوف بنت عبدالعزيز فعاليات النشاط الثقافي النسائي في قاعة مكتبة الملك عبدالعزيز العامة. وتلت حفلة الافتتاح أمسية "شعبية" أحيتها الشاعرات مضاوي الهطلاني ومنيرة المبارك والجوهرة الطمرة. وعقدت ثلاث ندوات كانت الأولى عن "الاستقرار الأسري ومقوماته" قدمت أوراقها الأميرة مشاعل بنت محمد آل سعود وعزيزة المانع ونورة الناهض. والثانية عن "التفكك الأسري… عوامله ومظاهره" أعدت ورقتها طريفة الشويعر وعلقت عليها أسماء الرويشد ودينا الجودي. أما الثالثة فكانت عن "نتائج التفكك الأسري"، واشتركت فيها الجوهرة الدريس والجوهرة بنت سعود ودلال الحربي. وبالنسبة إلى مهرجان الجنادرية للعام المقبل الذي يصادف الذكرى المئوية لدخول الملك عبدالعزيز مدينة الرياض ومن ثم توحيد المملكة، تقرر ان يكتب كلمات الأوبريت الأمير الشاعر بدر بن عبدالمحسن بن عبدالعزيز. ويبدو أن الأوبريت المقبلة بدأت تشغل عدداً من المثقفين والاعلاميين منذ الآن، إذ توالت في الصحف الكتابات التي تطرح آراء واقتراحات حول كتابة ملحمة الأوبريت الشعرية.