أكدت زيارة الأمير سلمان بن عبدالعزيز أمير منطقة الرياضلدمشق تطور العلاقات السورية - السعودية في المجالين السياسي والاقتصادي. وتظهر الأهمية التي أعطتها دمشق لزيارة الأمير سلمان من خلال البرنامج السياسي الذي أعدته الخارجية السورية، اذ ان وزير الدولة لشؤون الرئاسة السيد وهيب فاضل كان في استقبال الضيف السعودي في المطار ممثلاً الرئيس حافظ الأسد. وفور وصوله التقى الأمير سلمان وزير الخارجية السيد فاروق الشرع ثم الرئيس حافظ الأسد، وبعد ذلك نائب الرئيس السيد عبدالحليم خدام، وخصص اليوم الأخير للقيام بجولة في دمشق القديمة. وتناولت المحادثات السورية - السعودية عملية السلام والجمود الذي آلت اليه بسبب سياسة رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتانياهو و"سبل مواجهة التحديات التي تواجه الدول العربية، والمخاطر الناجمة عن أزمة السلام"، اضافة الى "تقويم الوضع" بعد جولة وزيرة الخارجية الأميركية مادلين أولبرايت في الشرق الأوسط. وقال الأمير سلمان: "لن اجري محادثات مع المسؤولين السوريين بالمعنى التقليدي للكلمة، بل انه حديث بين أخ وأخيه". وأجمعت المصادر على أن زيارة الامير سلمان لدمشق التي تلتها زيارة لبيروت تناولت ثلاثة ملفات هي: العلاقات الثنائية، وعملية السلام، والتطورات الاقليمية. وفي اطار العلاقات الثنائية، اشارت المصادر الى أن وفداً من "البنك الاسلامي للتنمية" اجرى مفاوضات تمهيدية مع وزارة المال السورية للمساهمة في سداد متأخرات القروض السورية الخارجية لدول اجنبية أو تعويض المبلغ الذي سددته وزارة المال ل "البنك الدولي" في بداية الشهر الجاري وقدره نحو 270 مليون دولار أميركي. وبالنسبة الى العملية السلمية، تشير المصادر الى دعم الرياض موقف دمشق التفاوضي وشروط العودة الى طاولة المفاوضات من النقطة التي توقفت عندها في شباط فبراير الماضي، اذ أن المسؤولين السوريين أطلعوا الأمير سلمان على نتائج جولة اولبرايت "وفشلها في استئناف المفاوضات بسبب الموقف الاسرائيلي المتشدد". وكان الأمير عبدالله ولي العهد السعودي حذر من سياسة نتانياهو الذي يملك "مفاهيم عاجزة" للسلام تهدد بدفع الشرق الأوسط الى "التطرف"، مشدداً على "الدعم الكامل لمواقف سورية الصامدة"، فيما قال مسؤول سوري ان سورية تحاول "حشد موقف عربي ضد سياسة نتانياهو العدوانية". وقالت المصادر ان "وجهات النظر" كانت متفقة اذ أنه "لا يمكن القول ان عملية سلام موجودة الآن في المنطقة بل ان الأمور تسير في الاتجاه المعاكس بسبب سياسة الحكومة الاسرائيلية وتجاهل خطورة الوضع مع مرور الوقت". ونوه مسؤول سوري كبير في هذا المجال بالموقف السعودي في اجتماع وزراء خارجية مجلس التعاون الخليجي. ولاحظ المسؤولون السوريون ان وزراء خارجية الدول الخليجية الست أعربوا لاولبرايت عن الارتياح لزيارتها دمشق ومحاولتها احياء مفاوضات المسارين السوري واللبناني. وتعتقد المصادر بأن موضوع قمة الدوحة شغل حيزاً من محادثات الأمير سلمان مع الرئيس الأسد ونائبه بسبب وجود اعتقاد سوري بأن اولبرايت شاركت في اجتماع أبها لمحاولة اقناع الدول الخليجية بحضور مؤتمر الدوحة "وهذه هي النقطة الأهم في جولة الوزيرة الأميركية" حسب قول مصادر سورية. وفيما ربط الأمير سلمان حضور المؤتمر بمدى المصلحة العربية في ذلك متسائلاً عن المصلحة العربية من انعقاد المؤتمر في هذه الظروف، قال خدام: "إذا كانت الولاياتالمتحدة تريد خدمة اسرائيل بعقد القمة يجب أن لا يكون ذلك على حساب العرب". ولفتت المصادر السورية الى ان دمشق استطاعت الحصول على موقف واضح من الجزائر واليمن خلال محادثات الرئيسين اليمين زروال وعلي عبدالله صالح مع الرئيس الأسد، وذلك بعد تأكيد المسؤولين السعوديين عدم حضور القمة في حال استمر الوضع على حاله الى تشرين الثاني نوفمبر المقبل. وبالنسبة الى التطورات الاقليمية، أعاد المسؤولون السوريون تأكيد خطورة المناورات البحرية التركية - الاسرائيلية و"التحالف" العسكري بين البلدين. وعلى رغم التطمينات التي حصل عليها الرئيس حسني مبارك من نظيره التركي سليمان ديميريل ونقلها الى الرئيس الأسد، فإن المسؤولين السوريين جددوا دعوة أنقرة الى "تأجيل موعد المناورات في أضعف الإيمان إذا لم يكن الغاؤها مهماً"، والى "اعادة النظر" في التحالف مع "عدو العرب". وعن الدور السوري في التقارب الايراني - الخليجي خصوصاً، قال مسؤول سوري كبير ان دمشق لعبت "دوراً ايجابياً" في هذا المجال بهدف "تحسين مناخ العلاقات بين الطرفين. ولمسنا تجاوباً من الطرفين وكان الرئيس الأسد زار طهران في تموز يوليو الماضي لتوديع الرئيس الايراني السابق هاشمي رفسنجاني وتهنئة الرئيس الجديد محمد خاتمي، وأكدت المصادر ان الأسد طرح موضوع تحسين العلاقة الايرانية مع دول الخليج. وخلص المسؤول الى القول ان الاتصالات السورية - السعودية تؤدي "الى اعطاء دفع للعمل العربي المشترك لمواجهة الوضع الحالي والدفاع بنجاح عن قضايا الأمة العربية