سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
برنامج "الصواري 2" يكرس التعاون الدفاعي البحري بين البلدين . البحرية السعودية تحصل على فرقاطات المستقبل من فرنسا البحرية السعودية تحصل على فرقاطات المستقبل من فرنسا
أعلنت المملكة العربية السعودية رسمياً في أواخر شهر أيار مايو الماضي عن اتفاق مع فرنسا لتزويد القوات البحرية الملكية السعودية فرقاطة صاروخية ثالثة من فئة "ف - 3000" المتطورة والمعدلة عن فئة الفرقاطات الصاروخية "لافاييت" التي تنتج حالياً لحساب سلاح البحرية الفرنسي. وأكد الأمير سلطان بن عبدالعزيز النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع والطيران السعودي "ان موافقة خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز على تحقيق رغبة وزارة الدفاع بشراء فرقاطة ثالثة من فرنسا انما جاءت في اطار سياسة تدعيم القوات المسلحة السعودية بما يمكّنها من الوفاء بالتزاماتها تجاه أمن المملكة". وأضاف الأمير سلطان "ان الملك فهد وولي عهده الأمير عبدالله حريصان على تلبية احتياجات القوات المسلحة السعودية من الأسلحة والمعدات الحديثة، وتعزيز قدراتها الدفاعية والتسليحية حتى تظل قادرة على الدفاع عن أمن الوطن والمواطنين وعن مقدسات المملكة وانجازاتها". وشدد الأمير سلطان في معرض تعليقه على هذا الاتفاق على الطابع الدفاعي لجهود التسلح السعودية، قائلاً: "ان القوات السعودية ستظل دائماً وكما عرف عنها قوات سلام لا قوات اعتداء، ولن تبخل قيادتها عليها بشيء يمكن له أن يساهم في تحقيق هذا الهدف". ويعتبر الاتفاق السعودي - الفرنسي الجديد امتداداً لبرنامج "الصواري - 2" الجاري العمل على تنفيذه حالياً، والذي تعاقد عليه البلدان العام 1994 بعد مفاوضات تفصيلية دامت سنوات عدة، وجاء ثمرة مذكرة تفاهم توصل اليها الجانبان العام 1989، وشكل توقيعه انتصاراً مهماً للصناعات الدفاعية الفرنسية على نظيراتها العالمية التي نافستها على الفوز بهذا البرنامج السعودي الضخم. كما جاء ليكرس الدور المتميز الذي لعبته فرنسا تقليدياً منذ مطلع الثمانينات في مجال تطوير القوات البحرية السعودية وتحديث معداتها. وتضمن عقد "الصواري - 2"، الذي بلغت قيمته الأصلية عند توقيعه نحو 19 مليار فرنك فرنسي حوالي 3.5 مليار دولار أميركي حصول القوات البحرية الملكية السعودية على فرقاطتين صاروخيتين من فئة "ف - 3000" المطورة عن فئة الفرقاطات "لافاييت" العاملة في صفوف سلاح البحرية الفرنسي حالياً، وأبقى الخيار متاحاً أمام الرياض للحصول على فرقاطة ثالثة من هذه الفئة متى رغبت الحكومة السعودية في ذلك. برنامج "الصواري - 1" ومن الوجهة العملية، فإن عقد "الصواري - 2" هو بمثابة المرحلة الثانية من برنامج "الصواري" الذي وقعته المملكة وفرنسا العام 1980 وشكل بداية التعاون بين الجانبين منذ ذلك الحين في المجال البحري. وكان هذا البرنامج واحداً من أهم برامج البناء الدفاعي التي نفذتها السعودية خلال الثمانينات، إذ نجح الأسطول السعودي بفضله في تحقيق قفزة نوعية في تجهيزه وقدراته، وتحول عند استكمال تنفيذ بنوده في أواسط الثمانينات الى قوة بحرية اقليمية رئيسية مزودة بعض أحدث أنواع السفن والمعدات القتالية في العالم. وحصلت القوات البحرية الملكية السعودية بموجب برنامج "الصواري - 1" على 4 فرقاطات صاروخية من فئة "ف - 2000"، وسفينتي دعم وإسناد لوجستي، و24 طائرة هليكوبتر هجومية بحرية من طراز "دوفان - 2". كما اشتمل هذا البرنامج، الذي بلغت قيمته الاجمالية حوالي 4 مليارات دولار، على خدمات التدريب والتجهيز والصيانة وقطع الغيار والأسلحة والذخائر المتنوعة الخاصة بالسفن والطائرات التي تم شراؤها، وكان من أهمها صواريخ سطح - سطح مضادة للسفن من طراز "أوتومات" البعيدة المدى حتى 80 كلم، وصواريخ سطح - جو مضادة للطائرات وللصواريخ من طراز "كروتال البحري" المخصص لمهمات الدفاع الجوي ضد الأهداف المحلقة على مسافات قريبة وارتفاعات منخفضة، وصواريخ جو - سطح مضادة للسفن من طراز "أ. س - 15" يصل مداها الى 15 كلم. وبينما شكلت هذه الأخيرة التسليح الهجومي الرئيسي لطائرات الهليكوبتر "دوفان - 2"، شكلت صواريخ "أوتومات" و"كروتال البحري" التسليح الرئيسي للفرقاطات "ف - 2000" التي دخلت الخدمة السعودية تحت اسم فئة "المدينة". ولا تزال هذه الفئة تعتبر حتى الآن واحدة من أكثر فئات السفن القتالية الرئيسية العاملة في منطقة الشرق الأوسط حداثة وفاعلية، الى جانب كونها من بين الأثقل تسليحاً والأفضل تجهيزاً رادارياً والكترونياً من نوعها في العالم. وتعمل هذه السفن كفرقاطات متعددة الأغراض ضد مختلف أنواع الأهداف البحرية والساحلية والجوية بفضل تسليحها وتجهيزها المتكاملين هجومياً ودفاعياً. وتبلغ زنة هذه الفئة 2500 طن، وسرعتها القصوى 30 عقدة، في حين يصل مدى عملها الى 8 الاف ميل بحري 15 ألف كلم. وهي لا تزال تشكل في الوقت الحاضر عماد الأسطول السعودي ورأس حربة قواته القتالية الضاربة. ومع استكمال تنفيذ بنود عقد "الصواري - 1" العام 1986، بدأ التخطيط في المملكة لتنفيذ المرحلة التالية من هذا البرنامج الشامل والبعيد المدى لبناء القدرات البحرية السعودية وتطويرها. وسرعان ما حازت هذه الخطط على الاهتمام المعهود من جانب الصناعات الدفاعية العالمية التي قدمت عروضاً متنافسة. لكن التوصل العام 1989 إلى مذكرة تفاهم بين الحكومتين السعودية والفرنسية في هذا الشأن كان مؤشراً واضحاً على اتجاه الرياض نحو باريس وتفضيلها الاستمرار في التعاون معها لتنفيذ خطط التطوير الدفاعي البحري. برنامج "الصواري - 2" وهذا ما حدث فعلاً بعد خمس سنوات من المفاوضات الفنية والمالية التفصيلية التي أجراها خبراء الجانبين وتوجت العام 1994 بتوقيع الأمير سلطان ووزير الدفاع الفرنسي آنذاك فرانسوا ليوتارد في باريس على العقد الجديد الذي حمل اسم "الصواري - 2" للدلالة على أنه يشكل عملياً المرحلة الثانية من برنامج "الصواري" للتعاون البحري الذي بدأ بين البلدين العام 1980، والذي تم الاتفاق أخيراً على توسيعه ليشمل ثلاث فرقاطات عوضاً عن اثنتين مع خدمات التدريب والتجهيز والتأهيل والصيانة وأنظمة التسليح والذخائر الملحقة. كما أن الاتفاق الجديد ينص أيضاً على تزويد البحرية الملكية السعودية أنظمة تسليحية جديدة لم يتضمنها عقد "الصواري - 2" بشكله الأصلي، ومنها ما لم يكن الجانب الفرنسي وافق على تصديره الى الخارج قبل الآن. وليس معروفاً على وجه الدقة بعد ماذا ستكون عليه الكلفة الاضافية التي ستترتب على هذا الاتفاق، علماً بأن تكاليف عقد "الصواري - 2" الأصلي كانت تقدر بحوالي 19 مليار فرنك فرنسي. لكن المصادر الدفاعية الفرنسية قدرت أن تصل القيمة الاجمالية الجديدة للبرنامج في صيغته النهائية الى حوالي 25 مليار فرنك فرنسي، أو ما يعادل 4.5 مليار دولار. وستحصل القوات البحرية الملكية السعودية بموجب البرنامج الجديد على 3 فرقاطات من فئة "ف - 3000" التي تم تطويرها خصيصاً بناء على المتطلبات والمواصفات القتالية والعملياتية السعودية بالاستناد الى تصميم فئة الفرقاطات "لافاييت" التي لم تبدأ في دخول خدمة الأسطول الفرنسي إلا قبل سنوات قليلة وتعد من بين الأكثر حداثة وتقدماً من نوعها في العالم على الاطلاق. ومثل فرقاطات "لافاييت" الأساسية العاملة لدى الأسطول الفرنسي، فإن السفن السعودية من فئة "ف - 3000" المطورة عنها ستكون معدة للاستخدام أساساً كفرقاطات دفاع جوي، وستتركز مهماتها في هذا المجال على تأمين الحماية الاستراتيجية للأسطول وللمياه الاقليمية والأهداف الساحلية الحيوية والمجال الجوي الوطني ضد أي هجمات بالطائرات أو الصواريخ المحلقة على جميع الارتفاعات والمسافات. لكن مواصفات السفن السعودية وأغراضها القتالية ستتجاوز تلك المحددة لنظيرتها الفرنسية الأساسية، إذ أنها ستكون قادرة بفضل التعديلات والتحسينات وأنظمة التسليح والتجهيز الالكتروني الاضافية التي طلب الأسطول السعودي ادخالها على فرقاطاته من هذه الفئة على تنفيذ إطار كامل من المهمات القتالية الأخرى، بما في ذلك العمل ضد السفن والغواصات، وهي جوانب تفتقر اليها فئة "لافاييت" الفرنسية. الأفضل في العالم وستكون فئة فرقاطات "ف - 3000" أضخم سفن القتال الرئيسية التي تدخل خدمة الأسطول السعودي وأثقلها على الاطلاق، كما أنه لن تكون هناك أي سفن قتالية توازيها من حيث المواصفات والقدرات لدى أي من بحريات المنطقة والدول المجاورة. وتبلغ زنة إزاحة هذه الفئة 4400 طن، وطولها 133 متراً، وعدد أفراد طاقمها 180 ضابطاً وبحاراً. وتصل سرعتها القصوى الى 30 عقدة ومداها العملياتي الى 15 ألف كلم. ويتألف تسليحها الرئيسي من نظام الدفاع الجوي الصاروخي المضاد للطائرات وللصواريخ من طراز "أستر" الذي لم يسبق أن صدّر الى أي دولة خارج فرنسا حتى الآن، ويعتبر على نطاق واسع كأفضل نظام دفاع جوي محمول على السفن في العالم حالياً. كما يشتمل تسليحها على صواريخ سطح - سطح مضادة للسفن من طراز "إكزوسيت" يصل مداها الى 60 كلم، الى جانب أنظمة مضادة للغواصات وطوربيدات ومدافع قصف آلية ومدافع مضادة للطائرات وللصواريخ، بالاضافة الى قدرتها على حمل طائرة هليكوبتر هجومية بحرية من طراز "دوفان - 2" أو "كوغار" مسلحة بدورها بصواريخ جو - سطح مضادة للسفن من طراز "إكزوسيت" أو "أ. س - 15" الأقصر مدى. وإلى جانب تجهيزها الراداري والالكتروني الشامل الذي يتضمن أنظمة رصد وانذار وكشف وتتبع بعيدة المدى وأجهزة تشويش وتنصت ومكافحة تشويش ونظاماً مركزياً الكترونياً لإدارة العمليات والتحكم بالنيران، فإن هذه السفن تتمتع أيضاً بميزة فريدة من نوعها بالمقارنة مع غيرها من فئات السفن القتالية الرئيسية العاملة في العالم حالياً، وهي القدرة على تلافي خطر الانكشاف على أنظمة الرادار المعادية بفضل طبيعة تصميمها الانسيابي ونوعية المواد الخاصة المضادة للإشعاعات الرادارية المستخدمة في انتاجها. وهذه القدرة تجعل من فرقاطات "لافاييت" و"ف - 3000" المطورة عنها أول سفن من نوع "ستلث" الخلسة تدخل الخدمة العملية في العالم، الأمر الذي يمنحها أفضليات قتالية وعملياتية حيوية في أي مواجهة فعلية قد تضطر الى خوضها. وكما كان الحال بالنسبة الى عقد "الصواري - 1"، فإن عقد "الصواري - 2" هو بدوره اتفاق موقع رسمياً بين الحكومتين السعودية والفرنسية، وينص في صلبه على جانب رئيسي من برامج التوازن الاقتصادي والصناعي والتكنولوجي الملحقة به والمتفرعة عنه. وتتولى شركة "طومسون سي. س. ف" الفرنسية المسؤولية العامة عن تنفيذ بنود هذا البرنامج والاشراف عليه في صورة شاملة. وتساهم معها في ذلك مجموعة من الشركات الفرنسية الأخرى أهمها أحواض "د. سي. ن" الحكومية لبناء السفن التي ستكون مسؤولة عن انشاء الفرقاطات الثلاث من فئة "ف - 3000"، وشركة "ايروسباسيال" المنتجة لصواريخ "إكزوسيت"، وشركة "جيات" التي ستتولى انتاج المدافع والذخائر والطوربيدات، وشركة "داسو" التي ستكون مسؤولة عن انتاج الأنظمة الالكترونية، بالاضافة الى تجمع "يوروسام" الأوروبي المسؤول عن انتاج صواريخ "أستر". وحسب الخطط الموضوعة حالياً، بدأ العمل على تنفيذ بنود برنامج "الصواري - 2" العام الماضي، وذلك في الوقت الذي من المقرر أن تبدأ القوات البحرية الملكية السعودية تسلم سفنها القتالية الجديدة والأسلحة والمعدات الملحقة بها بحلول نهاية التسعينات ومطلع القرن المقبل .