بعد هدنة ناجحة على جبهات القتال الكردية - العراقية استمرت اكثر من ستة اشهر، نتيجة وساطة اميركية - تركية مشتركة تجددت الاشتباكات العسكرية الى شمال العراق. وعلى رغم ان الحزب الديموقراطي الكردستاني بزعامة مسعود بارزاني ليس طرفاً مباشراً في الصدامات التي تنحصر بين قوات الاتحاد الوطني الكردستاني بزعامة جلال طالباني وحليفه الحزب الاشتراكي الديموقراطي بزعامة محمد الحاج محمود من جهة، والحركة الاسلامية لكردستان العراق بزعامة الشيخ عثمان عبدالعزيز من جهة ثانية، فإن انتقال جبهات القتال من مدينة حلبجة ومحيطها شرق السليمانية القريبة من الحدود الايرانية الى اطراف مدينة اربيل، يهدد باتساع رقعة القتال وتورط قوات بارزاني فيها. وتميل مصادر كردية مستقلة للاعتقاد بأن "ايران تشجع بشكل غير مباشر استمرار العمليات القتالية بين حليفيها طالباني والاسلاميين، على امل ان يفضي ذلك الى تحقيق هدفين: الأول، افشال مهمة قوات حفظ السلام المؤلفة من مقاتلين تركمان وأشوريين ينتشر افرادها حوالى 40 مقاتلاً على خطوط التماس في شمال العراق منذ فترة قصيرة بتعليمات صادرة عن اللجنة الراعية للسلام في انقرة وبدعم لوجستي اميركي". اما الدافع وراء ذلك فهو "اعتقاد الايرانيين بأن واشنطن وأنقرة تقفزان فوق دورهما بين اكراد العراق عبر استبعاد احزاب ومنظمات اسلامية شيعية عراقية متعاونة مع طهران. والهدف الثاني، زيارة طالباني للقاهرة في ظل توارد معلومات عن نية مصر اقناعه بالتخلي عن التحالف مع إيران والتوجه بدل ذلك للتنسيق مع بارزاني في خصوص التعاون والاتفاق مع بغداد. وفي هذا الصدد لا يمكن استبعاد احتمالات الربط بين الاعلان عن زيارة طالباني للقاهرة واندلاع العمليات القتالية في اطراف مدينة حلبجة. خصوصاً ان الايرانيين غير مرتاحين من استعجال طالباني في موافقته على تنفيذ الزيارة شخصياً، في وقت تجنب فيه غريمه بارزاني مثل تلك الزيارة، قبل شهرين، وأرسل وفدا على مستوى قيادي متدن على رغم ان الدعوة كانت موجهة اليه. واستناداً الى توقعات المصادر الكردية فإن "قبول طالباني بمقترحات الدخول في اي تفاوض سياسي مع بغداد يمكن ان يجر عليه غضباً ايرانياً، يتجاوز حدود تشجيع الاسلاميين على مقاتلة قواته ويصل الى احتمال تجميد التحالف معه ووقف دعمه في وجه غريمه بارزاني الذي يتحين انقطاع التعاون الايراني مع طالباني للاستفراد به ودفع قواته الى خارج المنطقة الكردية". وأياً تكن نتائج زيارة الزعامة الكردية العراقية الى القاهرة فالواضح ان اندلاع القتال مع الاسلاميين يمكن ان يضعف موقف طالباني عسكرياً، خصوصاً انه يفتح جبهة ثانية في قتاله مع بارزاني يصعب عليه ادارتهما معا في حال قرار الاخير الدخول الى جانب الاسلاميين في القتال الدائر.