"عِلم" ترسم ملامح مستقبل الحلول الذكية في معرض ليب 2025 وتستعرض خدماتها الريادية    نيمار: سأرد على جيسوس في الملعب    وزارة الرياضة تعلن فوز مصرف الإنماء بعقد استثمار حقوق تسمية ملعب مدينة الملك عبدالله الرياضية بجدة    الحميدي الرخيص في ذمة الله    خطة لترمب لإنهاء الحرب بين موسكو وكييف.. وفرنسا تسلم أول مقاتلة لأوكرانيا    إحباط تهريب 30 ألف قرص خاضع لتنظيم التداول الطبي    3 مواجهات في انطلاق الجولة ال 19 من دوري روشن للمحترفين    أمير القصيم يستقبل مديري المجاهدين السابق والجديد    البديوي: قادة دول المجلس تؤمن أن صحة المواطن والمقيم في مقدمة الأولويات    ترمب: إسرائيل ستسلم غزة لأمريكا بعد انتهاء القتال    إنجاز عالمي لمصور سعودي على لائحة الجوائز العالمية    تسارع وتيرة نمو مبيعات التجزئة في اليورو خلال ديسمبر    ولي العهد يطلق تسمية "مجمع الملك سلمان" على منطقة صناعة السيارات بمدينة الملك عبد الله الاقتصادية    انتخاب المملكة عضوًا في اللجنة التنفيذية للرابطة الدولية لسلطات مكافحة الفساد (IAACA).    القتل تعزيراً لمهرب الإمفيتامين في مكة    «الأمن البيئي» يضبط مخالفين للنظام    مجموعة تداول السعودية تنظّم النسخة الخامسة لملتقى الأسواق المالية في الرياض    ثبات محمد بن سلمان    مصرف الراجحي يعلن عن شراكة مع منصة محايد للتوثيق والحوكمة القانونية    «8» سنوات للأمير سعود في خدمة المدينة المنورة    توقيت نومك.. يتحكم في مزاجك    انطلاق منافسات "LIV Golf الرياض" بمشاركة نخبة لاعبي الجولف عالميًا    مستشفى سعودي يحصد المرتبة ال 15 عالمياً ويتصدر منشآت الشرق الأوسط وشمال أفريقيا    رونالدو: حلمي امتلاك عدة أندية    تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين ونيابة عن سمو ولي العهد.. أمير منطقة الرياض يتوج الفائزين في مهرجان خادم الحرمين الشريفين للهجن    القيادة تهنئ رئيس بوروندي بذكرى يوم الوحدة    خلال لقاء وزير خارجيتها ورئيس الوزراء محمد مصطفى.. مصر تطالب بتمكين السلطة الفلسطينية وإدارتها لغزة    إطلاق برنامج التعداد الشتوي للطيور المائية في محمية جزر فرسان    2.6 مليار ريال لإنشاء محطة «رأس محيسن»    الرديني يحتفل بعقد قران نجله ساهر    آدم ينير منزل شريف    الشريف والمزين يزفان محمد    إزعاج من الصف المجاور    الرئيس عون يتعهد وزيارة أميركية مرتقبة لبيروت.. حراك داخلي وخارجي لتسريع تشكيل الحكومة اللبنانية    الموت يغيب الفنان صالح العويل    تراث الأحساء كنز أصيل يبهر العالم    إطلاق معرض «آرت نهيل» لدعم الحرفيين    لبلب شبهها ب «جعفر العمدة».. امرأة تقاضي زوجها    رعي الحفل الختامي لمسابقة التحفيظ .. أمير الرياض: القيادة تهتم بالقرآن الكريم وحفظته والقائمين عليه    النزاهة مفهوم عصري    مفتي عام المملكة يستقبل المشرف على وحدة التوعية الفكرية بجامعة الملك فيصل    تحالف مجري للاستثمار التقني في المملكة    أخضر تحت 20 يواجه إيران ودياً    «الصحة»: إحالة مدعي الطب البديل لجهات الاختصاص لمحاسبته    رفقاً بمحاربي السرطان    معادلة السعودية «الذهبية»    الترجمة تلاقح ثقافي بين الحضارات    مركز القرار.. السياسة الإنسانية الحصيفة تنشر السلام    حسام بن سعود يعتمد نتائج جائزة الباحة للإبداع والتميز    هيئة فنون الطهي تنظّم مهرجان ثقافة الطعام    التأسيس عز وفخر    قاعدة: الأصل براءة الذمة    صفحة بيت    إقامة ورشة عمل حول " توسيع أفق بحوث العلاج في أمراض الروماتيزم " الملتقى العلمي الدولي ٢٠٢٥    خادم الحرمين وولي العهد يعزيان القيادة الكويتية والرئيس الألماني    بيئة حيوية    بقعة زيت قلبت سيارتها 4 مرات.. نجاة ابنة المنتصر بالله من الموت    الرئيس السوري أحمد الشرع يغادر جدة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الحرب الكردية - الكردية "تفضح" السياسة الأميركية
نشر في الحياة يوم 21 - 10 - 1996

هل تتحول المواجهات الكردية - الكردية في شمال العراق الى خط تماس ساخن بين العراق وايران يحمل في طياته خطر اندلاع حرب جديدة بين البلدين؟ وهل يتحول القتال بين طالبان وخصومها في افغانستان الى خط تماس ساخن بين ايران وباكستان فضلاً عن توزع الأطراف الاقليمية والدولية الأخرى على جانبيه؟ سؤالان قفزا الى الواجهة بعد التطورات الأخيرة في افغانستان وشمال العراق.
قبل اسابيع منيت السياسة الخارجية الايرانية بانتكاستين متلاحقتين. تمثلت الأولى بنجاح مسعود بارزاني زعيم الحزب الديموقراطي الكردستاني في السيطرة على كردستان العراق استناداً الى دعم عراقي دفع الادارة الأميركية الى رد عسكري محدود. ولم يكن سراً ان خسارة جلال طالباني زعيم الاتحاد الوطني الكردستاني شكلت خسارة أكيدة لطهران واستقبلت بالترحاب في تركيا التي رأت في انتصار بارزاني ضربة لزعيم حزب العمال الكردستاني بزعامة عبدالله اوجلان والأطراف الداعمة له.
وتمثلت الانتكاسة الثانية في تمكن حركة "طالبان" التي تدعمها باكستان من السيطرة على كابول والامساك بثلثي الأراضي الافغانية وسط تعاطف غير معلن من الولايات المتحدة.
وبدا للوهلة الأولى ان التطورات المتسارعة سددت ضربة قوية لطموح ايران في أن تكون لاعباً كبيراً في رسم مستقبل العراق عن طريق التسلل من "النافذة" الكردية ولطموحها في أن تكون طرفاً يستحيل تجاهله في أي صيغة مستقرة للمستقبل الافغاني. لكن هذه الصورة سرعان ما تبدلت. فعلى الجبهة الافغانية لعبت ايران دوراً في تسهيل قيام تحالف الأقليات في وجه طالبان مستفيدة من المخاوف التي أثارتها لدى روسيا ممارسات الطالبان واحتمالات انتقال العدوى الى آسيا الوسطى. وأظهرت المواجهات العسكرية الأخيرة ان محاولة طالبان فرض سيطرتها على الأراضي الافغانية برمتها هي حلقة في حرب طويلة يصعب حسمها، وان باكستان لن تستطيع فرض سلامها في افغانستان بمنأى عن اللاعبين الروسي والايراني.
وعلى جبهة كردستان العراق أكد نجاح طالباني في استعادة السليمانية ومناطق أخرى مجاورة لها ان انتصار بارزاني كان موقتاً وهشاً. ومرة جديدة بدت كردستان مسرحاً لتجاذبات اقليمية ودولية تفوق حساباتها المعقدة قدرة المتحاربين الأكراد على الافادة من حاجة هذه القوى الى لاعبين مباشرين.
واتهم حزب بارزاني ايران بالمشاركة عسكرياً في اطلاق هجوم طالباني. وتحدثت نائبة رئيس الوزراء التركي وزيرة الخارجية تانسو تشيلر للمرة الأولى عن وجود "ايرانيين في صفوف قوات طالباني" واتهم العراق ايران بالتدخل في شؤونه الداخلية لكن وزير الدفاع الأميركي وليام بيري قال ان لا معلومات لدى واشنطن تثبت وجود قوات ايرانية في شمال العراق.
وبدا الوضع أشبه بالمأزق. فتحرك العراق عسكرياً لدعم بارزاني سيستدعي رداً أميركياً. ومحاولة طالباني حسم المعركة ستعتبر انتصاراً ايرانياً فائقاً. ومحاولات احياء الحوار بين بارزاني وطالباني تشبه تجريب المجرّب. واستمرار الاقتتال سيرسخ مخاوف تركيا ورغبتها في ضمان أمن حدودها عبر "حزام أمني". والولايات المتحدة غارقة في الانتخابات مع محاولتها انقاذ العلاقات الفلسطينية - الاسرائيلية من انهيار كامل.
ويقول سياسي كردي عراقي بارز هو الدكتور محمود عثمان الذي شغل لسنوات منصب عضو المكتب السياسي للحزب الديموقراطي الكردستاني بقيادة الملا مصطفى بارزاني عندما كان جلال طالباني عضواً في المكتب السياسي للديموقراطي قبل أكثر من عقدين أن ليس أمام زعيمي الحزبين الكرديين العراقيين غير الجلوس مع بعضهما البعض للتفاهم وحل مشاكلهما أو الذهاب الى بغداد والتفاهم برعاية الرئيس صدام حسين.
معركة الرئاسة الأميركية
ويضيف السياسي الكردي العراقي الذي يقيم علاقات قوية مع أركان الحزبين الكرديين المتنازعين ان الولايات المتحدة غير مهتمة بحل الأزمة في شمال العراق، وأن ما يدفع مسؤوليها الحاليين الى اجراء الاتصالات مع بارزاني وطالباني هو عدم افساح المجال أمام بوب دول المرشح الجمهوري والرأي العام الأميركي لاستغلال ما يجري في شمال العراق واتهام الادارة الأميركية بالتقصير في معالجة القضايا الدولية.
ويقول مسؤول اميركي معني بملف الأكراد في شمال العراق ل "الوسط" ان روبرت بلليترو مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأوسط حرص في المكالمتين الهاتفيتين اللتين أجراهما مع كل من بارزاني وطالباني من واشنطن الى شمال العراق بعد ظهر يوم الثلاثاء الماضي على أن يتخذ الزعيمان الكرديان خطوات من شأنها أن تمهد لاعادة الحوار بينهما.
ويضيف المسؤول الأميركي: "لقد رحب بارزاني وطالباني بالمبادرة الأميركية، بعدما نصحهما بلليترو بعدم الانسياق وراء رغبات كل من بغداد وطهران". ويعتبر المسؤول الأميركي ان أول امتحان لحسن نيات الطرفين وتوجهاتهما هو في قبولهما اتفاقا لوقف اطلاق النار، لافتاً الى أن بلليترو سمع من طالباني وبارزاني اتهامات يكيلها كل طرف للآخر.
مصالح عراقية وايرانية
وتقول مصادر أميركية أخرى ان الولايات المتحدة على اتصال مستمر مع اصدقائها وحلفائها في المنطقة للتشاور في ما يمكن عمله لتسوية الأوضاع، خصوصاً أن التقارير الواردة اليها تتحدث عن تحركات للقوات العراقية فهم على أنها اشارة الى عزم العراق على اتخاذ خطوات عملية للتدخل.
وتقول شخصية كردية على اطلاع كامل على خفايا الأزمة بين الحزبين والدور الأميركي لاحتوائها انها ليست المرة الأولى التي تتدخل فيها الولايات المتحدة لحل الأزمة، فقد حاولت في السابق لكنها فشلت، وعزت الشخصية الكردية هذا الفشل الى عدم وجود استراتيجية أميركية واضحة حيال القضية الكردية، لأن واشنطن تعتمد في تقديراتها على تقارير تأتيها أولاً بأول وتتعامل معها على ضوء ردود الفعل والتطورات. وأوضحت ان عمليات الكر والفر بين الاتحاد الوطني والحزب الديموقراطي ليست جديدة بل هي بدأت في العام 1994. لكن ما حصل هذه المرة هو أن الأمور وصلت الى مدى أخطر وأوسع وأكثر ضرراً على الأكراد ومستقبلهم نتيجة توافق المصلحتين العراقية والايرانية.
ولا يملك الأكراد لوحدهم القدرة على وقف التدخل الخارجي الذي ازداد بشكل أكبر مما اعتادت عليه المنطقة في النزاعات السابقة، بسبب ضعفهم الاقتصادي والسياسي والعسكري، ما يعني في كثير من الأحوال انه كلما ازداد التدخل الاقليمي كلما كان القتال الذي ينشب بين الأطراف المتخاصمة أكثر ضراوة.
وتقول أوساط كردية عراقية أن الأكراد يقدرون أنه ليس في وسع الولايات المتحدة أن تقدم لهم دعماً عسكرياً أو سياسياً، لكنهم يستغربون عدم اقدامها على طرح خطة توفر على الأكراد المعاناة والألم، معتبرين ان هذه الخطوة مطلوبة وضرورية حالياً لأن الوضع أخطر بكثير مما تعرض له الأكراد في ربيع العام 1991 حين لجأ حوالي ثلاثة ملايين كردي الى الجبال هرباً من القصف العراقي، بل لأن في شمال العراق أربعة ملايين كردي يدفعون ثمن الصراع على السلطة بين بارزاني وطالباني.
ويقول مسؤول في الاتحاد الوطني الكردستاني ان قيادة حزبه مقتنعة بأنه لا سبيل لحل أزمة شمال العراق بغير الحوار، وأن المدخل لذلك يكون عبر اعلان بارزاني قطع علاقاته ببغداد خصوصاً أن الظروف الآن مؤاتية لأسباب عدة أبرزها أن بغداد لم تهب لنجدة بارزاني اضافة الى أن الولايات المتحدة "أفهمته" بأنه لا يمكن أن يستمر في تعاونه مع بغداد، فلذلك عواقب وخيمة، الى جانب وقوف تركيا موقفاً حيادياً على عكس موقفها السابق أثناء سيطرة قوات بارزاني على اربيل بمساعدة القوات العراقية قبل بضعة أسابيع.
وأشار المسؤول في الاتحاد الوطني الى أن الموقف التركي الحالي يصر على حل الأزمة بين الحزبين بالحوار، والى التعامل مع الاتحاد الوطني كأحد الحزبيين الرئيسيين في شمال العراق اضافة الى ان أنقرة أبدت قلقها على مصير التركمان الذين لا يزال 29 منهم على الأقل مجهولي المصير بعد اقتحام قوات الديموقراطي والقوات العراقية أربيل.
ولا يتوقع المطلعون على الوضع الكردي أن يقطع بارزاني وطالباني علاقاتهما بكل من بغداد وطهران الأمر الذي يجعل احتمالات التوصل الى سلام ترعاه الولايات المتحدة ضئيلة جداً.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.