تفتح السعودية أبوابها سنوياً لاستقبال ما يزيد على مليوني حاج ومعتمر. لكن المشكلة السنوية أن نسبة مهمة من هؤلاء تختفي بعد انتهاء مدة التأشيرة لتبقى في السعودية بحثاً عن عمل أو القيام بالتسول وتهريب المخدرات ومخالفات أخرى. وتتمركز هذه الفئات، بدرجة أساسية، في المنطقة الغربية مكة، المدينة، جدة، الطائف لأن التأشيرة لا تسمح لهم بدخول مناطق أخرى من المملكة، ومع ذلك ينجح بعضهم في التسلل إلى المدن الأخرى عن طريق التهريب أو التنقل عبر القرى مستفيدين من كثافة العمالة النظامية المنتشرة في مناطق السعودية كافة. هذه العمالة المقيمة بصورة غير نظامية، والمسماة "متخلفة"، تطاردها وزارة الداخلية سنوياً، لكنها إذ "تصطاد" البعض، فإن الآخرين المنتشرين في القرى والأرياف والمختبئين في أردية زملائهم النظاميين والعاملين داخل المنازل يفلتون غالباً من هذه المطاردات وبالتالي يتزايدون سنوياً. هذه المرة شددت الداخلية السعودية حملتها معلنة أنها حملة مفتوحة ومستمرة طوال العام، وأعلنت عزمها الأكيد القضاء على هذه الظاهرة ومعاقبة المتورطين فيها من السعوديين والمقيمين نظامياً. وقامت الوزارة بحملة مكثفة تمثلت في استخدام وسائل الإعلام المختلفة لدعوة المتسترين والمتخلفين للاستفادة من هذه المهلة مع التحذيرات المتكررة للمتراخين، مؤكدة عدم توانيها عن تطبيق العقوبات لكل من يتأخر ولو يوماً واحداً، ما دفع عشرات الآلاف للتزاحم أمام سفارات بلدانهم وتسجيل اسمائهم للمغادرة. وتأمل السعودية أن تتعاون الحكومات المعنية في ضبط مسائل التخلف الناتجة عن الحج والعمرة، إضافة إلى أنها تضع حالياً قانوناً ينظم عمليات التدفق السنوية ويحجم حالات التخلف. وقد حققت الحملة المكثفة نتائج مشجعة، إذ أكدت التقارير الأولى ترحيل حوالى نصف مليون فرد غالبيتهم من الهند والسودان واليمن ومصر واندونيسيا ونيجيريا وباكستان. فيما صححت أوضاع حوالى 200 ألف شخص معظمهم من العمالة المنزلية. وكانت السعودية منحت هذه الفئات من العمالة مهلة ثلاثة أشهر للمغادرة من دون مساءلة انتهت 16/10/1997، أما من يتأخر عن هذه المهلة فستطبق عليه العقوبات المحددة، وهي بالنسبة إلى المتخلفين السجن لمدة لا تزيد على ستة أشهر أو الغرامة المالية التي لا تقل عن عشرة آلاف ريال ولا تزيد على مئة ألف ريال 667،26 دولار أو بعقوبتي السجن والغرامة المالية معاً، والسجن لمن يشغل غير مكفوليه من المقيمين نظامياً لمدة لا تزيد على الثلاثة أشهر أو غرامة مالية لا تقل عن خمسة آلاف ريال ولا تتجاوز خمسين ألف ريال 323،13 دولار لكل عامل. وسعت الحملة أيضاً في الوقت نفسه للقضاء على التستر، وهو نمط مشابه للتخلف، إذ يقوم شخص سعودي بكفالة عدد من العمالة ثم يتركهم يعملون ما يشاؤون شريطة ان يدفعوا له شهرياً أو سنوياً مبلغاً معيناً. وإذا كان التخلف ينحصر أساساً في المنطقة الغربية، فإن التستر يغطي أطراف السعودية نظراً إلى حرية العامل في التنقل لنظامية مستنداته. وتتجاوز نظرة السعودية إلى التخلف والتستر كونها مسألة اقتصادية على رغم أهميتها، بل هي مرتبطة بمضاعفاتها الاخلاقية والاجرامية، ومن هنا كانت تشكل قلقاً أمنياً متصاعداً، خصوصاً مع وجود الملايين من العمالة النظامية ذات المستوى الاجتماعي المتدني. وتندرج هذه الخطوة في إطار حملة السعودة، إذ فتحت الباب للكثيرين من المواطنين للدخول في المهن البسيطة التي عانت من نقص في الأيدي بعدما كانت متخمة إلى أقصى حد. كما ارتفعت الأجور بشكل ملحوظ في كثير من النشاطات التجارية والخدماتية نتيجة تقنينها في الأطر الرسمية بعدما تبخرت العمالة المتخلفة التي كانت تقبل بأبخس الأجور ويقبل على خدماتها الكثيرون على رغم غياب الضمان وعدم وجود مرجعية في حالة الجريمة بأشكالها. وفي خطوة لتشجيع السعوديين والمقيمين على المساهمة في سوق العمل وسد الثغرة وتحقيق دخول اضافية، وافق خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز أخيراً على السماح ل "المستخدمين والمعينين على بند الأجور في الجهات الحكومية بالعمل في الشركات أو المؤسسات التجارية أو مزاولة الأعمال الحرفية أو قيادة سيارات الأجرة والحافلات والشاحنات خارج أوقات الدوام الرسمي على ألا يتعارض ذلك مع واجبات أعمالهم". وانشغل المجتمع السعودي بانتشار العمالة حتى أصبحت من أولوياته، خصوصاً مع تراجع مداخيل الأسر بعيد انقشاع مرحلة الطفرة، فهي التي تعيق عملية السعودة في بعض جوانبها، لأنه منذ اللحظة التي بدأ فيها المجتمع السعودي يعرف العمالة ويحتك بها تغيرت لديه قيم وظيفية واجتماعية كثيرة. الرعي والليموزين وتعاني نظرة السعوديين إلى الأعمال المهنية من ازدواجية فرضتها تقسيمات المجتمع لتحديد تراتبية اجتماعية لأفراده. فالسعودي قد يعمل سائقاً لسيارة أجرة، لكنه يمتعض من العمل في سيارة الليموزين لأن ثقافة الليموزين عندما اخترقت تركيبته الاجتماعية جلبت سائقيها أيضاً، وهكذا تولّد في الحس الاجتماعي التقليدي تصور بأن سائق الليموزين لا بد أن يكون في الغالب آسيوياً. ويجد المسافر، في كل مطار سعودي، نوعين من السيارات: سيارات الأجرة التقليدية الصفراء اللون مع أصحابها السعوديين، وسيارات الليموزين بسائقيها الوافدين، وهذا يوضح عجالة المجتمع وتراكم التغيرات عليه في وقت قصير ما جعل فرزه وتصنيفاته عشوائية، ولكنها تمتلك سطوة لا يمكن كسرها على رغم أن سائق السيارة كان قبل حوالى أربعين سنة بمثابة "الساحر" أو الخبير، وكان له مساعد يخدمه تعبيراً عن تطلع المجتمع إلى هذه المهنة الجديدة. ارامكو أيضاً فتحت الباب لآلاف العمال السعوديين الذين مارسوا كل المهن المطروحة وارتدوا الأزياء الرسمية التي تحددها الشركة لكل مهنة ودرجة وظيفية من دون حرج أو تردد. بدايات الغزو وقبل ذلك كله، كان المواطنون يرعون أغنامهم بأنفسهم ويفلحون الأرض ويبنون بيوتهم، لكن الطفرة النفطية صنعت منهم مجتمعاً مترفاً معوضاً سنوات حرمانه بامتهان الكثير من المهن الميدانية، حتى ان البدوي المرتبط وجدانياً مع حيواناته أصبح يستجلب عاملاً من الهند يرعى نياقه وأغنامه. لقد أوجدت التنمية مهناً جديدة كانت منذ اللحظة الأولى للعمالة الوافدة اعتبرها السعوديون لا تتناسب وضعهم الجديد. وتمثل أول أشكال العمالة الوافدة من المدرسين والأطباء بحكم الحاجة إليهم لبناء مجتمع بالكاد بدأ يتآلف جزء كبير من أفراده مع السكن الحضري، ثم تزايد الطلب على الموظفين الإداريين للقيام بالأعمال الكتابية والفنية في الوزارات والمؤسسات، وكان هؤلاء في معظمهم من العرب، باستثناء بعض العقود الانشائية التي تجيء بطاقمها وتذهب به من دون أثر واضح. لكن مع تحسن المردود النفطي وبدايات خطط التنمية سرت في جسد البلاد السعودية رعشة كبرى هزت كل أوصاله، فهنا طرق تعبد وجسور تشيد، وهناك مدارس وجامعات ومستشفيات تبنى. واتسعت المدن فاحتاجت إلى أعمال تنظيف وصيانة وكهرباء وهاتف، ودخلت العوائل السعودية المتوسطة والمحدودة الدخل مرحلة الراحة المادية، فمالت إلى تقليد الأسر الثرية واستجلبت السائقين والخادمات والمربيات، وانتعش القطاع الخاص برأسماله وليس بامكاناته، فاحتاج إلى من يدير رؤوس الأموال ويشغلها، وهكذا يوماً بعد يوم تضخمت العمالة حتى استيقظت السعودية فوجدت أن فيها ما يزيد على ستة ملايين عامل أجنبي يشكلون حوالى 35 في المئة من تعداد السكان وينتمون إلى 190 جنسية مختلفة، ومنذ تلك اللحظة أعلنت السعودية حربها ضد العمالة الأجنبية لمصلحة السعودة، إلا أن الاجراء العملي تأخر، فلقد وجدت الخطة التنموية الرابعة 1985 - 1990 ان عدد العمالة يتجاوز ثلاثة ملايين وطالبت بالتنبه إلى هذه القضية والبدء في تقليصها، أما الخطتان الخامسة والسادسة فجعلتا السعودة من أولوياتهما، وركزتا كثيراً على تزايد أعداد الخريجين في جميع المجالات وحاجتهم للعمل، لكن ما حدث هو أنه في العام 1996 تجاوز العدد ستة ملايين، ومن هنا تقريباً بدأت الحرب على كل الجبهات. وتبنى الأمير نايف بن عبدالعزيز وزير الداخلية رئيس مجلس القوى العاملة، دفة القيادة في هذه المعركة التي استقطبت جزءاً كبيراً من اهتماماته حتى وصل الأمر أخيراً إلى اعلان جائزة باسمه لأنشط شركة في مجال السعودة. ومن الواضح أن السعودة ستظل الهاجس الرئيسي للحكومة حتى العام 2000، فهي تريد تصحيح ما اهمل في الخطة الخامسة. وكانت السعودية قد أصدرت العام 1995 قراراً ينص على أن يكون النمو السنوي للعمالة السعودية في القطاع الخاص بحدود خمسة في المئة، إضافة إلى قصر بعض الوظائف على السعوديين لتوافر الأعداد الكافية منهم في سوق العمالة، لكن القطاع الخاص تباطأ في تنفيذ هذه الاجراءات لأسباب كثيرة، منها رخص العمالة الوافدة وسهولة التحكم فيها وعدم ضمان استقرار السعوديين في الوظائف وميلهم إلى الوظائف "الناعمة" ونفورهم من أية وظائف تتطلب تطويراً دائماً في المهارات والتزاماً بالوقت والتنقل، في وقت اعتادت أعداد كبيرة من الخريجين السعوديين على الوظائف الحكومية التي توفر أماناً وظيفياً غير محدود، إضافة إلى أنها، في كثير من الأحيان، لا تتطلب انتاجية محددة، وساعات العمل الفعلية فيها محدودة، على عكس القطاع الخاص المتشدد في مسألة الانتاجية. لكن بعض الدراسات المحلية يشير إلى أن هناك سعوديين يتعرضون لمضايقات داخل القطاع الخاص تهدف الى ابعادهم، سواء من قبل المشرفين او العمالة التنفيذية في المنشأة لأن الاجنبي لا يمثل تهديداً للمراكز التنفيذية. وتؤكد هذه الدراسات ان السعوديين تخلوا عن أَنَفِهم تجاه القطاع الخاص، بل اصبحوا الآن يقبلون بممارسة وظائف كانت في السبعينات والثمانينات مرذولة ومرفوضة، مثل السكرتارية وأمن الشركات والبنوك وموظفي الاستقبال في الفنادق اضافة الى حمل الحقائب للنزلاء، وهو تحول ناتج عن تغير القيم الوظيفية بشكل كبير خلال السنوات القليلة الماضية بسبب التبدلات الاقتصادية وارتفاع تكاليف الحياة وشح الوظائف الحكومية مع قلة دخلها الشهري. ويستند هذا الرأي الى قبول المدرسات الانتقال الى قرى نائية للقيام بالتدريس على رغم تحفظات المجتمع التقليدية، ما يدل على استجابة المجتمع للضغوط الاقتصادية وتأقلمه معها بعد انحسار فترة الوفرة المادية. ويرى احمد اليحيى عضو مجلس الشورى سابقاً ان شروط العمل في القطاع الحكومي ايسر وأخف، ولذا يقبل عليها الشباب اضافة الى توافر فرص التدريب والابتعاث في القطاع الحكومي، ولعل تلك الامور تعدّ اسباباً قوية لعزوف فئة كبيرة من الخريجين الشباب عن الدخول الى سوق العمل في القطاع الخاص للارتباط بوظيفة والبقاء فترة طويلة في الانتظار حتى الحصول على وظيفة في القطاع الحكومي. ولدى السعوديين مفهوم استقوه من المصريين من خلال القول الشائع: "اذا فاتك الميري تمرغ في ترابه". فهم يرون ان العمل الحكومي اكثر ضماناً، فالفصل فيه عسير جداً ومتطلبات المتابعة وتقييم الاداء محدودة اضافة الى كثرة الاجازات وامكانية القيام بنشاطات تجارية تمنع الانظمة الحكومية الموظف من ممارسة التجارة لذا يلجأ الى دخولها عن طريق زوجته او احد اقاربه. لكن الظرف الاقتصادي تغيّر الآن ولم يعد امام الشباب سوى البقاء في البيوت او القبول بالعمل في القطاع الخاص، ومن هنا تحركت الدولة للضغط على القطاع الخاص حتى يفتح الباب امام هذه العمالة حتى لا تتراكم البطالة. أنانية القطاع الخاص لقد نما القطاع الخاص في السعودية من خلال تقديم الخدمات للدولة التي كانت تقدم مشاريعها على اختلافها لمقاولين سعوديين، وهي مشاريع مربحة جداً، لكن المقاولين يميلون في الغالب الى مضاعفة ارباحهم، لذا يستقدمون عمالة رخيصة حتى في مجالات المحاسبة والإدارة والاشراف، ولا تزال الشركات التي تشغّل بعض المستشفيات، مثلاً، تهمل السعوديين على رغم انها أحياناً تدفع رواتب ضخمة للمستقدمين. وتعيش هذه القطاعات عالة على الدولة، إذ قد لا تستمر من دون مشاريعها. اما القطاعات الاقتصادية الاخرى فهي تحظى بقروض ميسرة من الدولة من دون فوائد ولا يتم دفع الاقساط الا بعد بداية الانتاج، اضافة الى عدم دفع اية ضرائب مع الاستفادة من الخدمات الحكومية المجانية حتى في المجال الصحي، لذا فان القطاع الخاص يتحمل مسؤولية كبيرة خصوصاً انه لا يبادر ذاتياً لحرصه على المصلحة الذاتية وسعيه المستمر لتحقيق الارباح. السعودة 70 في المئة وعندما اشترطت الدولة ان يكون رجال الامن في البنوك والشركات من السعوديين اقبل هؤلاء على العمل باندفاع على رغم تدني الاجور مقارنة بكلفة المعيشة ومستلزماتها، ما يثبت قابلية احلال السعوديين في معظم القطاعات ومعظم حجج القطاع الخاص حول عدم اهلية السعوديين للعمل فيه غير صحيحة اذ ان السعودة في شركتي أرامكو وسابك تتجاوز سبعين في المئة، وهما تضمان جميع النشاطات الفنية المختلفة بدرجاتها المتنوعة. وأشار الأمير نايف بن عبدالعزيز في كلمة له الى ان "تجاوب القطاع الاهلي لا يزال يسيطر ببطء في هذا الجانب ولا تزال امامنا في هذا المجال متطلبات كثيرة لا بد من انجازها". وفي رسالة واضحة الدلالة للقطاع الخاص اكد ان المواطنة الحقة "كما نفهمها وتفهمونها هي تغليب المصلحة الوطنية والاجتماعية على المصلحة الذاتية، فالوطن ليس هو ما تحقق لنا من مصالح اقتصادية ولكنه باختصار هو الحياة، ان المواطنة الحقة كما نفهمها وتفهمونها هي العمل المخلص الجاد على تحمّل كل فرد مسؤوليته الوطنية والاجتماعية للمحافظة على المنجز وصيانته والاسهام في مواصلة البناء وتوطين التقنية". ثم اوضح الأمير نايف مرة اخرى دلالة السعودة بالنسبة الى الدولة اذ اكد ان "احلال العمالة السعودية وتشغيلها استراتيجية الدولة وستنفذ، مسؤوليتها ملقاة على المسؤولين، وعلى رجال الاعمال والمواطنين ان يتعاملوا مع هذا الواقع". المحاذير الامنية واتخذت الدولة اجراءات عملية منها منع اعلانات توظيف غير السعوديين ومحاربة التستر، بما في ذلك السجن والغرامة مع التشهير لكل من: يفتح محلاً باسم سعودي لمصلحة اجنبي، وكل من جلب مجموعة من العمالة ويتركهم للعمل الحر، وكل من يعمل في تشغيل العمالة الهاربة. كما دعا مجلس الوزراء مراراً الى الاهتمام بالسعودة ووضع ضوابط للمتخلفين والمقيمين في السعودية بصورة غير شرعية، وآخر هذه الاجراءات الرسمية تمثل في اعلان الأمير نايف استبدال السعوديين بالاجانب في الادارات الحكومية حال انتهاء عقودهم، وكانت الدولة حددت 15 وظيفة يقتصر العمل فيها على السعوديين. وتشير آخر تقارير وزارة الداخلية الى ان في السعودية 6.328.643 اجنبياً يقيمون بشكل نظامي وينتمون الى 190 جنسية مختلفة، منهم 4.630.000 عمالة، والبقية من المرافقين الذين ينجح اكثرهم في الدخول الى سوق العمل بشكل او بآخر، يضاف الى ذلك ان معدل الاستقدام لا يزال عالياً بمعدل شهري يقارب 36 الف تأشيرة اذ تمت الموافقة على 327.959 تأشيرة خلال الخمسة أشهر الاولى من العام 1995. ورغم ضخامة الرقم الا انه يشير الى تحسن واضح في معدلات الاستقدام مقارنة بالعام الذي سبقه اذ كان المعدل الشهري التقريبي 65 الف تأشيرة. وما يزيد الخطورة الامنية ان معظم عمليات الاستقدام في السنوات الاخيرة تركزت على العمالة العادية، ففي العام 1415ه استقدمت السعودية حوالي 267 الف عامل عادي، يضاف الى ذلك تأشيرات الحج والعمرة وتدفق الملايين سنوياً لهذا الغرض وتخلّف اعداد كبيرة منهم عن المغادرة في الوقت المحدد اذ ان السعودية ترحّل سنوياً بين 350 و400 الف متخلّف وهذه المتابعة تتطلب تركيزاً وانتشاراً كبيرين وتشكّل عبئاً على السلطات الامنية التي تواجه اصلاً مناطق متسعة ومساحات سكنية ضخمة وتكتلات اجتماعية متباينة. ويمتص القطاع العام معظم العمالة الوافدة لان نسبة 94.5 في المئة من الرقم المذكور في القطاع الخاص حيث تشكل حوالي 80 في المئة من طاقة هذا القطاع بينما لا يمثل السعوديون سوى 20 في المئة حسب احصاءات العام 1995 متراجعة بما يقارب واحداً في المئة عن وضعها في العام 1991. خلط هائل ويبدو هاجس وزارة الداخلية مبرراً نظراً الى العبء الأمني، فالعمالة الوافدة تنتمي في معظمها الى مستويات اجتماعية وثقافية دنيا، وترى ان هذه الفرصة مناسبة لزيادة الدخل بكل الفرص الممكنة كما انها ادخلت انواعاً جديدة من الجرائم الى السعودية، ويكفي انه خلال العام 1994 دخل السعودية من الاجانب حوالى سبعة ملايين شخص، وخلال العام نفسه منحت السعودية اقامات لحوالى مليون شخص وجددت الاقامة لأكثر من مليون وثمانمئة ألف شخص، بينما عدد الذين منحوا خروجاً نهائياً كان حوالى 500 ألف ما يعني ان سكان المملكة من الاجانب زاد خلال سنة واحدة حوالي المليون شخص. وتقع كل هذه الضغوط على عاتق الجهات الامنية خصوصاً ان هذه الفئات المستقدمة تنقل معها ثقافتها وديانتها وسلوكياتها بحيث يصبح من الصعب المتابعة والرصد وسط هذا الخليط الهائل، ويختلف الاجانب في المملكة عن غيرهم في الدول الاخرى فالذي يحظى بفرصة الدخول اليها لن يغادرها مختاراً الا نادراً، لذا يسهم بعضهم في النشاطات الاجرامية وهي حالة متزايدة خصوصاً مع صعوبة الظروف المادية. ويزيد الامر سوءاً تكتلهم في تجمعات خاصة وانغلاقهم وتكاتفهم فيما بينهم مما يعرقل عملية الاختراق، ومن هنا قد تستخدم بعض البيوت السكنية لأغراض منافية للتقاليد والقوانين. وما انتشار عمليات التهريب اخيراً التي كشفتها سلطات الجمارك السعودية غير تأكيد لهذا الخطر تهريب السيولة العمال الاجانب ليسوا كالسياح فهم يدخرون كل ما يستطيعون خلال فترة وجودهم، الامر الذي ينعكس سلبياً على نمو رأس المال الوطني ويسهم في تقليل فرص العمل والاستثمار المتاحة امام المواطن السعودي بما يؤدي الى ارتفاع حجم البطالة بين المواطنين. واذا كان حجم البطالة الفعلي غير معروف، إلا أنه ازداد خلال السنوات الاخيرة. ويشير بعض التقارير الى ان البطالة تشكل حوالي 20 في المئة وبالتالي زادت نسبة الجرائم التي ساهم فيها عاطلون عن العمل اذ بلغت العام 1995 حوالى 13.3 في المئة مقارنة ب 3.1 في المئة العام 1986 تقريباً. اما تحويلات المقيمين في السعودية الى الخارج فارتفعت من 4093 مليون دولار العام 1980 لتبلغ 15268 مليون دولار العام 1994. وتشير التقديرات الى انها في العام 1995 وصلت الى ما يقارب 18 ألف مليون دولار عدا الارساليات النقدية والذهب وغير ذلك وهذا الرقم له دلالته في الاقتصاد المحلي ما يبرر حرص الدولة على معالجة هذه المسألة سريعاً قبل ان تتفاقم لأن استمرارها يعني ثلاثة امور اساسية: ارتفاع البطالة بين السعوديين، وتسرّب رأس المال المحلي، وتباطؤ نموه واستثماراته، واخيراً ازدياد معدلات الجريمة بما تتضمنه من تغلغل اخلاقيات اجرامية في المجتمع. جدول تقريبي بأعداد ونسب ابرز الجنسيات في السعودية حسب احصاءات 1994 / 1995 الجنسية العدد النسبة $ الهند 1228652 19.6 مصر 1195189 19.1 باكستان 778668 12.4 الفيليبين 450967 7.2 بنغلاديش 446282 7.1 اليمن 424398 6.8 اندونيسيا 249458 4.0 السودان 242508 3.9 سورية 168354 2.7 الاردن 155410 2.5 سيريلانكا 135246 2.2 الكويت 122519 1.9 فلسطين 92258 1.8 تركيا 110611 1.5 لبنان 75.000 1.0 قبائل النازحة 61246 1.5 اميركا 32710 0.8 بريطانيا 288685 5،0 أما بقية الجنسيات وعددها 173 فإن نسبها اقل من 0.5 في المئة.