أمير حائل يعقد لقاءً مع قافلة شباب الغد    محمد بن عبدالرحمن يشرّف حفل سفارة عُمان    سلمان بن سلطان يدعو للاستثمار في المدينة المنورة    الكهموس: مكافحة الفساد ركيزة أساسية لتحقيق رؤية المملكة    المملكة ترأس المجلس التنفيذي لمنظمة "الأرابوساي"    إعلاميون يطمئنون على صحة العباسي    التأكيد على توازن أسواق النفط    دشن الصيدلية الافتراضية وتسلم شهادة "غينيس".. محافظ جدة يطلق أعمال المؤتمر الصحي الدولي للجودة    اللجنة السياسية بالاتحاد الأوروبي في مجلس الشورى    موقف المملكة ثابت في التعاون لحظر أسلحة الدمار الشامل    مفتي المملكة يستقبل رئيس مجلس الشيوخ بجمهورية باكستان    تقليص انبعاثات غاز الميثان الناتج عن الأبقار    «واتساب» تختبر ميزة لحظر الرسائل المزعجة    التويجري: السعودية تُنفّذ إصلاحات نوعية عززت مبادئها الراسخة في إقامة العدل والمساواة    في الجولة ال 12 من دوري روشن للمحترفين.. ديربي يجمع الشباب والهلال.. والاتحاد في ضيافة الاتفاق    في الجولة الخامسة من يوروبا ليغ.. أموريم يريد كسب جماهير مان يونايتد في مواجهة نرويجية    خادم الحرمين الشريفين يتلقى رسالة من أمير الكويت    الاتفاق يتمسك بالصدارة الخليجية    قمة آسيا للذئاب    سعود بن بندر يستعرض إستراتيجية «تطوير الأحساء»    الزميل رابع يحتفل بزفاف إبنه د. صالح    الزميل العويضي يحتفل بزواج إبنه مبارك    احتفال السيف والشريف بزواج «المهند»    قيادة القوات المشتركة تشارك في المؤتمر السعودي الثالث للعلوم الطبية الشرعية    60 صورة من 20 دولة للفوتوغرافي السعودي محتسب في دبي    "الأدب" تحتفي بمسيرة 50 عاماً من إبداع اليوسف    المملكة ضيف شرف في معرض "أرتيجانو" الإيطالي    تواصل الشعوب    ورحل بهجة المجالس    اكتشاف الحمض المرتبط بأمراض الشيخوخة    مشروعات طبية وتعليمية في اليمن والصومال.. تقدير كبير لجهود مركز الملك سلمان وأهدافه النبيلة    ترحيب دولي بوقف النار بين حزب الله وإسرائيل    أمين الرياض : تدشين قطار الرياض يعكس حجم الطموح الذي تحمله القيادة الرشيدة لمستقبل العاصمة    أمير الرياض يرفع الشكر والتقدير للقيادة على إطلاق «مشروع قطار الرياض»    مجلس شؤون الأسرة يرعى كرياثون "الإبداع في الأسرة"    وزير الثقافة يوجه بتمديد معرض "بنان" حتى 30 نوفمبر الجاري    استطلاع: 60 % سيستخدمون مترو الرياض للذهاب للعمل والمدارس    ميقاتي يحذر النازحين من العودة السريعة.. وإسرائيل تعلن اعتقال 4 من حزب الله    طريف تسجّل أدنى درجة حرارة بالمملكة    خادم الحرمين يدعو إلى إقامة صلاة الاستسقاء في جميع أنحاء المملكة يوم غدٍ الخميس    أمير تبوك يستقبل رئيس وأعضاء اللجنة الوطنية لرعاية السجناء والمفرج عنهم بالمنطقة    وزير الرياضة : 80 فعالية عالمية زارها أكثر من 2.5 مليون سائح    رئيس مجلس الشيوخ في باكستان يصل المدينة المنورة    أمير تبوك يقف على المراحل النهائية لمشروع مبنى مجلس المنطقة    شراكة تعاونية بين جمعية البر بأبها والجمعية السعودية للفصام (احتواء)    هيئة تطوير محمية الإمام تركي بن عبدالله الملكية ترصد ممارسات صيد جائر بالمحمية    الملك يتلقى دعوة أمير الكويت لحضور القمة الخليجية    7 مفاتيح لعافيتك موجودة في فيتامين D.. استغلها    أنشيلوتي: الإصابات تمثل فرصة لنصبح أفضل    مشاعر فياضة لقاصدي البيت العتيق    هنآ رئيس الأوروغواي الشرقية.. خادم الحرمين الشريفين وولي العهد يعزيان القيادة الكويتية    هؤلاء هم المرجفون    الدفاع المدني: استمرار هطول الأمطار الرعدية على معظم مناطق المملكة    اكتشاف علاج جديد للسمنة    أهمية الدور المناط بالمحافظين في نقل الصورة التي يشعر بها المواطن    حقوق المرأة في المملكة تؤكدها الشريعة الإسلامية ويحفظها النظام    زاروا المسجد النبوي ووصلوا إلى مكة المكرمة.. ضيوف برنامج خادم الحرمين يشكرون القيادة    نوافذ للحياة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الطموح العربي .. إلى أين ؟
نشر في الحياة يوم 06 - 10 - 1997

كان الطموح في وجداننا العربي القديم أحد أسباب انتشار الاسلام وتوحيد الجزيرة العربية، وعصر الفتوحات، من الأندلس غربا الى أواسط آسيا شرقا. وكان الفاتح العربي لا يرضى بأقل من الجهاد في سبيل الله وإعلاء كلمة الله في الأرض، وتوحيد العالم تحت شعار "لا إله إلا الله". فإذا ما فتح مدينة فإنه يبني قصره أما في وسطها أي في قلبها أو يبني قلعته على قمة الجبل تعبيراً عن الطموح العربي.
وكان عبد الرحمن الداخل بتأسيسه الدولة الأموية في الأندلس عبورا اليها من دمشق عبر شمال افريقيا يريد العودة الى دمشق عبر اسبانيا وفرنسا واوروبا الوسطى وتركيا عائدا الى دمشق من الشمال بعد ما غادرها من الجنوب حتى يصبح البحر الأبيض المتوسط قلب العالم القديم بحيرة عربية اسلامية.
واستمر الطموح العربي، فانتقل الى العلم والثقافة حتى ورث العرب حضارات الشرق القديم اليونان والرومان غربا وفارس والهند شرقا وبابل واشور شمالاً، واصبح العالم العربي مركز الحضارات تشع منه العلوم والمعارف للغرب في العصر الوسيط.
ثم تجلى هذا الطموح مرة ثالثة في صد الغارات على العالم الاسلامي غربا من الصليبيين وحملاتها وشرقا من التتار والمغول، ولم يتوقف طموح صلاح الدين حين استرد القدس ولا توقف طموح سلاطين المماليك إلا بعد صد هجمات التتار والمغول في مرج دابق وعين جالوت.
واستمر الطموح العربي في عصر التحرر من الاستعمار بفضل طموح جمال الدين الأفغاني في توحيد الأمة ومحمد علي في وراثة الدولة العثمانية في مصر واستئناف الثورات العربية على الاستعمار حتى تجسيد جمال عبدالناصر لطموح الأمة نحو الحرية والاشتراكية والوحدة في عصر ازدهار القومية العربية.
ثم بدأ الطموح العربي في الخفوت والانكماش بدعوى تغير نظام العالم ونهاية عصر الاستقطاب والحرب الباردة وغلبة الاقتصاد على السياسة والمحلية على الاقليمية والاقليمية على التكتلات الكبرى وباسم الواقعية السياسية "خذ وطالب" وتمت ذريعة تفكك العرب وحروب الخليج الأولى والثانية وصعود اليمين الاسرائيلي وحصار ليبيا والعراق وتهديد السودان وايران وتهميش مصر ورغبة العرب في السلام.
وقد تجلى هذا الانكماش في تصورنا للقضية الفلسطينية على مدى نصف قرن، فقد رفض العرب قرار التقسيم في 1947 ثم قبلوا دولة اسرائيل في 1948 على اكثر مما اعطاها لها قرار التقسيم وظل شعار العرب تحرير فلسطين من الأراضي التي احتلتها اسرائيل في حرب 1948 من النهر الى البحر، كل فلسطين.
وبعد هزيمة 1967 واحتلال اسرائيل كل فلسطين وسيناء والجولان انكمش الطموح العربي الى ازالة اثار العدوان وضرورة العودة الى حدود الخامس من حزيران وتطبيق قرارات الأمم المتحدة خصوصا القرارين 242 و338 التي على اساسها تدور محادثات السلام الحالية "الأرض مقابل السلام".
ثم تقلص الطموح العربي اكثر فأكثر بعد محاولات تهويد القدس وشق النفق. فتركزت فلسطين في القدس اولى القبلتين وثاني الحرمين محط انظار مليار من المسلمين خصوصاً في اسيا. فالقدس مدينة عربية منذ فتحها عمر بن الخطاب، عاصمة موحدة لفلسطين العربية.
ثم تقلص الطموح العربي من القدس الى القدس الشرقية بعد استبعاد القدس الغربية، التي تشكل اكثر من نصف المدينة واصبح الحديث كله عن القدس الشرقية عاصمة لدولة فلسطين المستقلة، ففبها الأماكن المقدسة وفبها الأحياء العربية وهي المدينة القديمة التي تهيج لها الذكريات وتغني لها فيروز وتدعو للصلاة فيها.
وبعد الاستيطان في جبل ابو غنيم تقلص الطموح العربي الى رفض الاستيطان في جبل ابو غنيم واشترط المفاوض الفلسطيني عدم العودة الى طاولة المفاوضات قبل توقف الاستيطان فوق الجبل. لا مفاوضات إلا بعد سكون الجرافات.
ولما بدأ الاستيطان في حي رأس العمود في وسط المدينة القديمة تقلص الطموح العربي الى وقف الاستيطان في رأس العمود ومعارضة اقامة المستوطنين في منزل اغتصبه يهودي اميركي مليونير من فلسطيني مهاجر وتزوير اوراق بيعه. وهكذا يتقلص الطموح العربي من فلسطين كلها الى ما تبقى منها بعد هزيمة 1948، الى ازالة اثار العدوان والعودة الى حدود حزيران 1967 الى القدس، الى القدس الشرقية، الى الأماكن المقدسة الى جبل ابو غنيم، الى حي رأس العمود. فاذا ما تحقق مشهد من الطموح التقلصي الأخير احس العرب بالنصر.
وهذا بالضبط ما تؤكده الروايات التلمودية، فقد اشتكى يهودي الى أحد الأحبار ضيق العيش هو وزوجته وأولاده في غرفة واحدة وهم عشرة اشخاص. فطلب منه الحبر ان يضع، دجاجه وأرنبه معه في الغرفة ولما ضاق الحال اكثر واكثر اشتكى اليهودي الى الحبر من جديد ان الحياة اصبحت امر واقسى، فطلب منه الحبر ان يضع حماره وبقرته معه في الغرفة حتى يصلح الحال فلما فعل لم يعد اليهودي يطبق الحياة، فرجع الى الحبر يشتكي انه اصبح على هاوية الموت هلاكا ولابد من حل. فطلب منها الحبر اخراج الحمار والبقرة من الغرفة فلما فعل اليهودي شعر بارتياح نسبي ولكنه عاد الى الحبر يشتكي من ضيق المكان فأمره الحبر بإخراج الطيور منها فلما فعل اليهودي شعر بارتياح أعظم وذهب الى الحبر شاكرا له حسن النصيحة. فالحياة مع زوجته وأولاده الثمانية الآن ارحب واوسع واهنأ واسعد.
هكذا تفعل اسرائيل مع العرب تضيق الخناق عليهم يوما وراء يوم حتى يقل الطموح العربي. فاذا ما تحقق ايقاف الاستيطان في رأس العامود حمد العرب الله على تحقيق الآمال وتحقيق النصر.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.