تتميز سياسة معظم الحكومات العربية، ومنذ نيلها الاستقلال بأنها عبارة عن ردود أفعال فقط على الأحداث السياسية المختلفة، بدل ان تكون سياسة واقعية علمية تتنبأ بما يمكن ان يحدث من حروب أو مصاعب اقتصادية أو مشاكل بيئية وتحاول ان تتجنبها قبل وقوعها. فالدول العربية تتدافع الى عقد مؤتمرات وزارية أو مؤتمرات قمة بعد سقوط "الفأس على الرأس"، كما يقول المثل العربي أو بعد سقوط الرضيع في البئر كما يقول المثل الألماني. وهذا ما حدث بعد اندلاع الحرب الأهلية اللبنانية، وبعد غزو العراق للكويت وبعد نكسة حزيران 1967… اما اليوم فالمسؤولون العرب يصمون آذانهم على ما يحدث في السودان، رغم التقارير المذهلة التي تطلعنا عليها الصحف والمجلات ووسائل الاعلام المختلفة حول الوضع السياسي والاقتصادي المتدهور هناك، والتي تنذر بوقوع حرب اهلية في السودان بين قبائله وعشائره وطوائفه المختلفة. وان حدثت مثل هذه الحرب لا سمح الله فإنها ستكون أخطر وأقسى من الحرب الأهلية اللبنانية أو الصومالية. فالسودان هو أكبر دول افرقيا ويمر نهر النيل عبره وهو كما نعرف اوكسيجين الشعب المصري وعصب حياته. ومن الممكن فيما لو حدثت فوضى في السودان ان يقوم أي فصيل ما بتسميم مياه النيل أو القاء الجثث فيه فيتسبب بموت ملايين المصريين عطشاً!! فلنهتم نحن العرب بالحروب التي لم تبدأ بعد والتي من المحتمل ان تقع في أية لحظة بدلاً من تكريس الاهتمام كله للحروب التي بدأت "فدرهم وقاية خير من قنطار علاج" فهذا المثل العربي الفصيح ينطبق على الطب والسياسة معاً. بسام نصري الخوري جمهورية ألمانيا الاتحادية