هل لاحظ القارئ شيئاً في موضوع ملابس المرأة و"الموضة"؟ لاحظت انه كلما زاد العمر نقص الفستان، وبما ان "الموضة" عادت الى القصير، مثلها في أواخر الستينات، فقد عاد معها وجع القلب، خصوصاً ان الذين شهدوا موضة الستينات وقصّروا عنها، لا يمكن ان يستفيدوا هذه المرة. وللمتنبي رأي في غير "الموضة" إلا انه يصحّ فيها ايضاً هو: اذا المرء اعيته المروءة يافعاً فمطلبها كهلاً عليه شديد متطلبات الموضة شديدة علينا فعلاً، والمثل المصري يقول: "لبِّس البوصة بتصير عروسة" وبقيته "ويفلس العريس". ولكن لماذا يتزوّج الواحد منا "بوصة" او خيشة ويفلس لأنها بحاجة الى ثياب ثمينة تحول الانظار عن تفاصيلها الأخرى؟ لماذا لا يتزوج عروسة فعلاً ويوفر ماله؟ لا أعرف الجواب، فآخر همومي ان أغير ثيابي لتماشي "الموضة"، وأكثر الرجال يلبس الثياب نفسها حتى تعود الموضة اليه، بنطلوني الواسع الفتحة من تحت هو هو منذ الستينات، وقد عادت "موضته" مرتين حتى الآن، ولعلها تعود مرة ثالثة قبل ان يبلى. وخشية ان يشفق عليّ القارئ ازيد ان عندي سترة لكل يوم في السنة... والمشكلة انها سترة واحدة لكل هذه الأيام. على كل حال، هناك حدود لتعامل الرجل مع "الموضة"، اما المرأة فتعاملها من دون حدود، وهي اذا لم تقم بغزوة الشتاء والربيع والصيف، للمتاجر ذات العلاقة، فوقعة زوجها "سودة". والمرأة تستطيع ان تناسب قطع الثياب، احداها مع الأخرى، لتأتي بشكل متناسق جميل، وهو فن دون متناول الرجل الذي اذا لم تراقب زوجته ارتداءه ثياب السهرة فربطة العنق الكرافات لا يمكن ان تليق بالجاكيت الا صدفة. ولا يعني هذا الكلام ان كل امرأة تتقن فن ارتداء الثياب واختيار الألوان، فهذا ينطبق على الغالبية، الا انه تبقى اقلية ضالة، كأنها مصابة بعمى ألوان، وتبدو المرأة وكأنها ارتدت ثيابها امام محرك طائرة "داكوتا". والمرأة الاقلية هذه عادة ما تكون من نوع يرفض الاعتراف بأنه كبر عمراً وقدراً وحجماً، لذلك تنسى المبدأ القائل "لا ترتدي ميني اذا كان شكلك ماكسي". واشفق على امرأة من هذا النوع، واشفق اكثر على شابة ارتدت فستاناً عاري الظهر لتلقط العريس، ولقطت زكاماً شديداً. ثم اشفق على نفسي امام حسناء ارتدت فستاناً ضيقاً الى درجة انه قطع لي نفسي. وسمعت في متاجر الثياب التالي: الرجل: أريد ان اشتري معطف فرو. البائع: هل تريد شيئاً لزوجتك، أو شيئاً ثميناً فعلاً. وأيضاً: الزوجة: ليس عندي فستان "محترم" واحد. زوجها: لو كان عندك لما ارتديته. وغير ذلك: المشترية: البطاقة على هذا المعطف قالت "ضد الماء". البائع: نعم، البطاقة ضد الماء، ولكن المعطف ليس كذلك. ومثله: المشترية: انظر الى هذا المايوه، كيف انكمش بعد الاستعمال. البائع: لازم تكوني نزلت فيه الى الماء. وايضاً: المشترية: عايزة فستان للبيت. البائع: كم حجم بيتك؟ وبعده: الأول: هل زوجتك تنظف ثيابك؟ الثاني: تنظف جيوبها فقط. وأخيراً، الحديث عن "الموضة" ذو شجون، خصوصاً ان هذه "الموضة" عادت لتقصر، وتقصِّر عمر الرجال، والمرأة اليوم تحاول ان تكشف كل شيء في الفستان ما عدا عمرها. وعندما قالت مشترية للبائع انها تريد فستاناً أقصر، قال انه لو كان الفستان اقصر لأصبح حزاماً، ما يذكرني برجل قال ان زوجته تذكره بسكرتيرته، فهي تبدأ متأخرة وتنتهي مبكرة. ولعل الفائدة الأكبر في الموضوع اننا لا نستطيع ان نحكم على المرأة من ثيابها... لأن الأدلة غير كافية.