ساعات طويلة قضتها لميس في مخزن الاغراض القديمة على سطح المنزل قبل ان تتمكن من ترتيب المخزن وتقوم باخراج ملابس والدتها التي كانت ترتديها في شبابها بعدما باتت من نصيبها. الجولات الاخيرة التي قامت بها لميس مع والدتها في أشهر أسواق بغداد، واطلاعها على نوعيات البضائع والملابس المعروضة، جعلتها تكتشف ان والدتها كانت ترتدي الموديلات ذاتها تقريباً قبل اكثر من ثلاثين عاماً فقررت استكشاف اكياس الملابس القديمة بحثاً عن الغنيمة. ساعات البحث الطويلة أسفرت عن ثلاثة فساتين بألوان زاهية وبعض البناطيل والقمصان والاكسسوارات، بل انها وجدت بين أكوام الملابس مفاجأة غير متوقعة إذ عثرت على فستان زفاف والدتها الذي كانت الأخيرة اعتقدت انه سرق منها عند انتقال العائلة الى منزل جديد قبل بضعة اعوام. المتاعب التي واجهتها الفتاة الجامعية باتت شيئاً لا يذكر مقابل ما عثرت عليه من أغراض ولا سيما ان الأم سبق وأخبرتها بأنها احتفظت بثوب زفافها لترتديه هي، ابنتها البكر، في عرسها الذي تستعد له لما بعد شهر رمضان... لكنها عادت لتخبرها بفقدانه! امهات أخريات احتفظن بثياب الشباب وفساتين الزفاف لبناتهن اللاتي وجدنها كنزاً كبيراً مع عودة الموضة القديمة الى الظهور في الاسواق بأشكال حديثة وببعض التفاصيل الإضافية. وتقول لميس: «حينما اخبرتني والدتي انها تملك ثياباً جميلة بنفس موديلات الموضة المطروحة في الاسواق لم اصدق. لكنني عثرت عليها بنفسي لاحقاً بين اغراض المخزن المتراكمة». فتيات اخريات وجدن في عودة بعض موديلات الفساتين القديمة فرصة لسحب البساط من تحت اقدام الأمهات اللاتي احتفظن بأثواب شبابهن بعدما زادت اوزانهن وبرز الشيب في رؤسهن حتى باتت تلك الثياب جزءاً من مرحلة مضت إلى غير عودة. بعض الامهات بادرن بأنفسهن على تشجيع بناتهن على ارتداء ملابسهن القديمة التي عادت موضتها وما زالت تحتفظ ببريقها الجميل على رغم تردد البنات. وفي المقابل، فإن الاعتزاز الكبير بتلك الاشياء الخاصة من قبل بعض الامهات دفعهن الى رفض منحها الى بناتهن واعتبارها جزءاً من الماضي الشخصي للأم غير الخاضع للمساس به، لكن نسبة هذا النوع من الامهات اقل بكثير من اولئك اللواتي شجعن بناتهن على ارتداء فساتينهن بعد عودة موضتها. فغالباً ما تعتقد الامهات إن الثياب وان كانت ذكرى جميلة من مرحلة الشباب الا ان ارتداء بناتهن لها يجعلها اكثر جمالاً ويعيدهن بدورهن إلى تلك المرحلة العمرية. سرى فاضل واحدة من الفتيات التي تعترض والدتها على منحها فساتينها التي كانت ترتديها في شبابها فهي ترى ان تلك الفساتين ملك خاص لها ولا يحق لأي امرأة غيرها ان ترتديها حتى لو كانت ابنتها. تقول سرى: «جميع عماتي وخالاتي وزعن فساتينهن التي عادت موضتها على بناتهن، اما أمي فترفض دائماَ حتى انني قررت ألا اطلبها منها مجدداً». فتيات أخريات وجدن في تلك الفساتين فرصة في الاطلاع على ما كانت ترتديه الامهات والمقارنة بينها وبين اعتراض بعض اشقائهن على أزيائهن في الوقت الحالي. شدن جميل تقول: «حينما فتحت اغراض أمي القديمة لم اتوقع ان هذه المرأة المحافظة التي تلومني على كل ما ألبسه كانت ترتدي هذه الملابس التي تكشف أجزاء كبيرة من جسدها». بل انها فاجئت شقيقها علي الذي كان دائم الاعتراض على طبيعة ملابسها بارتدائها بعض تلك الملابس ونسبتها إلى أمها. وشدن التي تواجه اعتراضات متكررة من شقيقها اكتشفت لاحقاً ان هذه الاعتراضات لم تكن موجودة في زمن أمها حين كانت ترتدي فساتين قصيرة تحت انظار اشقائها وكان الأمر طبيعياً. وتقول: «كلما واجهت أمي بالحقيقة تحججت ان زمنهم كان أجمل وأخلاق الشباب كانت افضل من اليوم، لتبرر رفضها لارتدائي بعض أنواع الملابس».