القيادة الكويتية تهنئ خادم الحرمين بمناسبة اليوم الوطني ال (94) للمملكة    المركز الإحصائي لدول مجلس التعاون يشيد بالمنجزات المحققة للمملكة بمناسبة اليوم الوطني ال 94    فيصل بن سلطان: المملكة نجحت في صناعة نهضة فريدة في مختلف الأصعدة    سقوط 17 قتيلاً.. إسرائيل توسع التوغل في رفح    الأرقام ترجح كفة ميتروفيتش على رونالدو    سلطان عمان يهنئ خادم الحرمين الشريفين بمناسبة اليوم الوطني ال (94) للمملكة    من أعلام جازان.. الشيخ الدكتور "سليمان بن علي بن محمد الفيفي    تأهب إسرائيلي .. هل حانت «ساعة الصفر»؟    السعودية تشارك في جلسة الآمال الرقمية ضمن مؤتمر قمة المستقبل    شيخ شمل قبيلة السادة والخلاوية: نستلهم في اليوم الوطني ال94 النجاحات المُحققة للمملكة على مرّ الأجيال    إيران: 51 قتيلاً ضحايا انفجار منجم الفحم    "فلكية جدة": اليوم "الاعتدال الخريفي 2024" .. فلكياً    البديوي يؤكد أهمية دور المجتمع الدولي في دعم الأمم المتحدة لتنفيذ قراراتها الأممية    "الأرصاد" استمرار هطول الأمطار على جازان وعسير والباحة ومكة    نائب أمير الرياض يؤدي صلاة الميت على هذال بن سعيدان    الموت يغيب مطوف الملوك والزعماء جميل جلال    رايكوفيتش: كنا في غفوة في الشوط الاول وسنعود سريعاً للإنتصارات    أخضر تحت 20 عام يبدأ التصفيات الآسيوية بالفوز على فلسطين    وزير الخارجية يبحث مع نظيره الجزائري الأوضاع في غزة    ريال مدريد يسحق إسبانيول برباعية ويقترب من صدارة الدوري الإسباني    في كأس الملك.. الوحدة والأخدود يواجهان الفيصلي والعربي    ولي العهد يواسي ملك البحرين في وفاة خالد آل خليفة    279,000 وظيفة مباشرة يخلقها «الطيران» في 2030    مئوية السعودية تقترب.. قيادة أوفت بما وعدت.. وشعب قَبِل تحديات التحديث    صناديق التحوط تتوقع أكثر السيناريوهات انخفاضاً للديزل والبنزين    أمانة القصيم توقع عقداً لنظافة بريدة    وداعاً فصل الصيف.. أهلا بالخريف    «التعليم»: منع بيع 30 صنفاً غذائياً في المقاصف المدرسية    "سمات".. نافذة على إبداع الطلاب الموهوبين وإنجازاتهم العالمية على شاشة السعودية    دام عزك يا وطن    بأكبر جدارية لتقدير المعلمين.. جدة تستعد لدخول موسوعة غينيس    "متحالفون من أجل إنقاذ الأرواح والسلام في السودان" يؤكد على مواصلة العمل الجماعي لإنهاء الأزمة في السودان    "قلبي" تشارك في المؤتمر العالمي للقلب    فريق طبي بمستشفى الملك فهد بجازان ينجح في إعادة السمع لطفل    اكتشاف فصيلة دم جديدة بعد 50 عاماً من الغموض    لا تتهاون.. الإمساك مؤشر خطير للأزمات القلبية    "الداخلية" توضح محظورات استخدام العلم    "الداخلية" تحتفي باليوم الوطني 94 بفعالية "عز وطن3"    مركز الملك سلمان: 300 وحدة سكنية لمتضرري الزلزال في سوريا    ضبط 22716 مخالفا لأنظمة الإقامة والعمل وأمن الحدود خلال أسبوع    يوم مجيد لوطن جميل    أحلامنا مشروع وطن    مسيرة أمجاد التاريخ    صور مبتكرة ترسم لوحات تفرد هوية الوطن    الملك سلمان.. سادن السعودية العظيم..!    خمسة أيام تفصل عشاق الثقافة والقراء عنه بالرياض.. معرض الكتاب.. نسخة متجددة تواكب مستجدات صناعة النشر    تشجيع المواهب الواعدة على الابتكار.. إعلان الفائزين في تحدي صناعة الأفلام    مجمع الملك سلمان العالمي ينظم مؤتمر"حوسبة العربية"    إقامة فعالية "عز الوطن 3"    مصادر الأخبار    تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين.. تنظيم المسابقة المحلية على جائزة الملك سلمان    فأر يجبر طائرة على الهبوط    حل لغز الصوت القادم من أعمق خندق بالمحيطات    الابتكار يدعم الاقتصاد    تعزيز أداء القادة الماليين في القطاع الحكومي    مستشفى الدكتور سليمان الحبيب بالفيحاء في جدة يستأصل بنجاح ورماً ضاغطاً على النخاع الشوكي    أبناؤنا يربونا    خطيب المسجد النبوي: مستخدمو «التواصل الاجتماعي» يخدعون الناس ويأكلون أموالهم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



افتتح دورته التاسعة والاربعين . عاد الكبار ... فعاد العز الى "كان"
نشر في الحياة يوم 06 - 05 - 1996

بين التاسع والعشرين من ايار مايو الجاري تقام في مدينة كان في الجنوب الفرنسي، الدورة التاسعة والاربعون لمهرجان المدينة السينمائي الذي صار، على مدى السنوات، أهم عيد للسينما في العالم. دورة هذا العام تحمل الكثير من المفاجآت ومن النجوم، وعشرات الافلام الجديدة التي يتوقع لبعضها ان يكون مفاجآت حقيقية، في مناخ عودة لبعض كبار نجوم الاخراج من برناردو برتولوتشي، الى مايكل يشيمينو، ومن روبرت آلتمان الى شتين كيفي وبيتر غراناوي وآلان تانر. اما من الناحية العربية فكاد الغياب ان يكون كاملاً لولا "حيفا" رشيد شهراوي و"سلاماً يا ابن العم" للجزائري مرزاق علواش.
لو كانت المخرجة التونسية مفيدة التلاتلي انجزت فيلماً جديداً بعد فيلمها الأول "صمت القصور"، ولو كان لذلك الفيلم ان يعرض ضمن اطار احدى تظاهرات الدورة التاسعة والأربعين لمهرجان كان السينمائي، لكان لدينا، نحن العرب، الثلاثي العربي نفسه الذي انقذ حضوره في مهرجان كان، قبل عامين، الحضور العربي في كان. ففي ذلك العام 1994، كانت المشاركة العربية في كان مثلثة: مفيدة التلاتلي، رشيد مشهراوي ومرزاق علواش، وكان من حسن حظ السينما العربية في ذلك العام، ان فاز كل فيلم من افلام هؤلاء بجائزة مهمة. هذا العام لن يحضر من الثلاثي سوى: مرزاق علواش، عبر فيلمه الجديد "سلاماً يا ابن العم!" ضمن تظاهرة اسبوعي المخرجين، ورشيد مشهراوي في فيلمه الجديد "حيفا" ضمن تظاهرة "نظرة ما!". وغير هذين لا شيء، فيكون جيل جاكوب مفوض عام المهرجان، ومعاونوه، رفضوا بالتالي اكثر من دزينتين من افلام عربية كان اصحابها سعوا لعرضها في كان. ومع هذا، من المؤكد ان الحضور العربي في كان سيكون، كالعادة، كبيراً، فمنذ الآن نعرف ان عدداً لا بأس به من نجوم السينما العربية سيحضرون، والى جانبهم عشرات النقاد والصحافيين والفضوليين ناهيك عن عدد ضئيل من مخرجين لايزال يهمهم ان يشاركوا في المهرجان وان يشاهدوا بعض أفلامه اضافة الى هذا ستشارك مصر، مجدداً، في سوق الفيلم، وسيكون مهرجان كان المناسبة التي تمكن سعد الدين وهبة، الكاتب ورئيس مهرجان القاهرة من عقد مؤتمره الصحافي التقليدي الذي يطلق فيه الدورة الجديدة لمهرجان القاهرة السينمائي الدولي.
اذن، كل شيء كما كان في السنوات السابقة؟
نعم، باستثناء الافلام نفسها، فحسب ما اعلن جيل جاكوب في مؤتمر صحافي عقده، في باريس، قبل أيام، سيكون جديد هذا المهرجان كثيراً، ولربما حمل الكثير من المفاجآت، حيث تشهد دورة هذا العام، عودة بعض اصحاب الاسماء الكبيرة الذين كانوا غابوا منذ سنوات، من أمثال برناردو برتولوتشي الذي يعود الى كان، في المسابقة الرسمية، عبر فيلمه الجديد "الجمال السارق" الذي شهد، على أي حال، عودته للعمل في ايطاليا، بعدما كان غاب عنها طوال عقد ونصف العقد من السنين لمرحلة مقبلة الى المغرب والصين وشرق آسيا، حيث حقق روائعه الاخيرة. فيلم برتولتشي الجديد، هل سيكون حدث المهرجان الكبير، كما يتوقع البعض، ام سيأتي ليؤكد ما يراه البعض الآخر من ان عودة برتولتشي الى ايطاليا ليست انتصاره الكبير المدهش!
أسماء كبيرة وأسماء صغيرة
في المسابقة الرسمية، سيكون على برتولوتشي ان يتنافس، للحصول على الصفقة الذهبية، مع عمالقة آخرين، جدد أو قدامى، لا يقل بعضهم عنه أهمية، من امثال روبرت آلتمان، المتمرد الاميركي الذي يعود الى كان هذه المرة بفيلمه الجديد "كانساس سيتي" الذي يواصل فيه "تحطيمه" الاساطير المؤسسة للحلم الاميركي، وهناك ايضاً الكندي دايفيد كروننبرغ، الذي يعود الى كان بعد غياب طويل، وفي فيلمه الجديد "كراش" المقتبس عن رواية عنيفة للانكليزي ج. جد. بالارد الذي كان سبق لستيفن سبيلرغ ان اقتبس عنه واحداً من اجمل افلامه امبراطورية الشمس. وفي فيلمه الجديد يجمع كروننبرغ جيمس سبادر وروزانا آركيت، الى جانب هولي هانتر التي تعود الى كان بعد انتصارها الكبير قبل ثلاثة اعوام في فيلم "درس البيانو".
في المسابقة الرسمية ايضاً لارس فون تراير في "تحطيم الاوجاع" والاخوان جويل دايتان كوين اللذان سيحاولان في فيلمهما الجديد "فارغو" ا ن يستعيدا تألقاً في "كان" حققاه قبل سنوات في فيلمهما "باركون متك" ثم فقداه مع فيلمهما الكوميدي الذي افتتح به المهرجان اعماله قبل عامين. "فارغو" فيلم بوليسي عنيف يعتقد كثيرون انه سيكون واحداً من احداث المهرجان الرئيسية.
من الاسماء الكبيرة في المسابقة ايضاً سبايك لي في فيلمه الجديد "اسرار وأكاذيب"، ولي كان سبق له ان ادهش رواد المهرجان قبل ثلاثة اعوام بفيلمه "عاري"، الذي وفر لبطله جائزة أفضل ممثل في ذلك الحين.
عائد آخر الى كان، هذه المرة، هو الصيني شين كيفي الذي كان فاز بالسعفة الذهبية قبل اعوام من فيلمه "وداعاً يا خليلتي". فيلم كيفي الجديد عنوانه "قمر عاصف" وهو فيلم يغوص في أعماق الصين في سنوات الثلاثين وتقوم فيه الفاتنة غونغ لي بدور حسناء بريئة تسقطها اقدارها بين يدي لسلي تشنغ في دور نصاب بلا ضمير، تشنغ ولي كانا اجتمعا مع كيفي في "وداعاً يا خليلتي"، وها هم يعودون معاً الآن، ولكن، بعدما اضحت غونغ لي اكثر حرية في حياتها الخاصة، حيث من المعروف انها انفصلت عن رفيقها جنغ يميو، الذي كان ارسلها العام الفائت الى كان في فيلم "ثلاثينات شانغهاي" فلم تحقق النجاح الذي كان الاثنان باعلانه. هل يكون حظ غونغ لي، هذه المرة، مع شين كيفي، بأفضل من حظهما العام الفائت مع رفيقها السابق بيمو؟
من كل بلد فيلم وخمسة من فرنسا
اذا كانت اسماء مثل شين كيفي وروبرت آلتمان وبرتولوتشي، وكوراسماكي وفون تراير والاخوين كوين، اسماء معهودة ومضادة في كان بحيث لا يشكل حضور اي منها مفاجأة لافتة. فان المفاجأة الحقيقية تأتي من هوليوود، حيث، وبعد خمسة عشر عاماً من فيلمه "باب الفردوس" يعود مايكل تشيمينو الى كان هذه المرة في فيلمه الجديد "مطارد الشمس" وهو فيلم بوليسي يرى بعض الذين شاهدوه ان ليس من شأنه ان يضفي رونقاً حقيقياً على مجد صاحبه، في زمن يبدو ان السينما البوليسية الاميركية تطورت كثيراً على ايدي مخرجين من امثال آبيل فيرارا وكويتين تارانتينو والاخوين كوين، بحيث يكاد تشيمينو يبدو بالمقارنة مع اصحاب هذه الاسماء، كلاسيكياً بليداً.
اضافة الى هذه الاسماء اللامعة، هناك اسماء أقل لمعانا، مثل فاكو فان دورمايل بلجيكا في فيلم عنوانه "اليوم الثامن" وفلورا غويس ورولف دي هير، والايطالي دومنيكو كالوبرستي الذي يقدم هنا فيلمه الأول "المرة الثانية" وجوليو ميديم في "الأرض" من أميركا اللاتينية والى جانب هؤلاء جميعاً هناك الشيلي/ الفرنسي راؤول رويز والروماني لوسيان بنتيلي، المخرجان اللذان لا ييأسان من العودة مرة اثر مرة اثر مرة الى كان من دون ان يلفت أية انظار. هذه المرة يجتمعان في المسابقة الرسمية الأولى في فيلم "ثلاث حيوات وموت واحد" والثاني في "متأخر جداً". فهل يكون حظ واحد منهما على الاقل بأفضل من حظه في السابق أم انهما مثل بقية اصحاب الاسماء الثانوية يواصلان لعب دور "الكومبارس" الضروري؟
في جميع الاحوال علينا الا ننسى بأن بعض دورات كان عرفت، في اللحظات الاخيرة، كيف تدهش وتفاجئ، عبر رفعها من كان الجميع يعتقدونه "كومبارساً" الى الصف الأول، صف السعف الذهبية أو الفضية. السعف التي يأمل بالحصول عليها، مثلاً، هذه المرة وبشكل جدي الفرنسي باتريس لوكونت عبر فيلمه "سخيف" وسخيف هو اسم الفيلم لا توصيفه من قبلنا بالطبع!، الذي يفتتح به المهرجان عروضه ويراهن عليه الفرنسيون كثيراً... الى درجة انهم رفضوا له ان يبقى خارج المسابقة. و"سخيف" هو واحد من خمسة أفلام فرنسية تخوض لعبة التنافس في المسابقة الرسمية، الى جانب "بطل" شديد التكتم من اخراج جاك اوديار، وهو الفيلم الذي يعود فيه ماثيو كازافيتس، الى كان، ليستذوق ولكن كممثل لا كمخرج هذه المرة، طعم الانتصار الذي حققه العام الفائت في فيلمه "الحقد". ومن فرنسا ايضاً "كيف خاصمت نفسي" لأرنو ديبليشان، و"طفل الليل" لأندريه تبشينيه.
اما المنتخبات الاجنبية في المسابقة فلقد اضيف اليها في اللحظات الاخيرة فيلمان، واحد انكليزي هو "العربة" لستيفن فريزر، الذي يوصل فيه الى حيز التنافس الدولي ابطال فيلم رائع سابق له كان عرض قبل عامين على هامش المهرجان وغاص عميقاً في تشعبات الحياة الانغلوساكونية، الفيلم الثاني الذي اضيف هو "وداعاً ايها الجنوب وداعاً" للتايواني هو هسيا وهسيين، الذي اضحى منذ سنوات "زبوناً" دائماً في عروض كان، وكان قفيلمه "رجال طيبون، نساء طيبات" خاض المسابقة في العام الفائت دون ان يلفت الانظار، مع ان النقاد اجمعوا يومها انه واحد من أروع ما عرض في المهرجان.
وبقي ان نذكر من بين منتخبات العروض الرسمية، انما خارج المسابقة، وفي عروض استثنائية خاصة، اربعة أفلام بعضها ربما شكل بعض اهم احداث المهرجان: "الانساب المختارة" للأخوين الايطاليين باولو وفيتوريو تافياني، عن رواية غوته المعروفة، "الفتاة 6" لسبايك لي، الذي يقدم فيلمه الجديد بكل تواضع، هو الذي كان، الى سنوات قريبة، يقيم الدنيا ولا يقعدها مع كل فيلم من افلامه. مهما كان فان الفيلم المرشح منذ الآن لكي يقيم الدنيا ويقعدها ويطرح الكثير من التساؤلات هو فيلم Trains Pottin، وهو ثاني فيلم للمخرج داني بويل صاحب "جرائم صغيرة بين اصدقاء". فيلم داني بويل هذا قد يكون فضيحة المهرجان بسبب صراحته وتحثه كما يقول البعض في التعرض لمشكلة ادمان المخدرات. ويقال منذ الآن ان فضائحية الفيلم هي التي دفعت لجنة الاختيار في كان لأخذه خارج المسابقة الرسمية.
فيلم داني بويل، هو، على أي حال، واحد من افلام هزلية عدة - أو بالاحرى هزلية وفوضوية في تناول لمسائل في غاية الحساسية - تطبع دورة كان لهذا العام. وهو أمر كز عليه جيل جاكوب في مؤتمره الصحفي واعتبره انتصاراً صغيراً لكان، حيث يرى ان كثرة الافلام الهزلية وتنوعها تعتبر علامة صحية.
ممثلون وراء الكاميرا
المسابقة الرسمية، والعروض المختلفة من حولها ليست كل المهرجان على أي حال. فهناك، كذلك تظاهرات اخرى عدة ثانوية وفي مقدمتها تظاهرتا "نظرة ما" و"اسبوعي المخرجين"، وهما التظاهرتان اللتان ستشهدان العرضين العربيين الوحيدين لفيلم رشيد مشهراوي فلسطين وفيلم مرزاق علواش الجزائر. وبالنسبة الى مشهراوي سيكون على فيلمه "حيفا" ان ينافس بعض اكبر الاسماء في عالم السينما، من الانكليزي بيتر غراناواي الذي يعود في فيلمه "كتاب الوسادة" الى محسن مخملبوف ايران في فيلمه "غابة"، الى آلان تانر في "فوربي" سويسرا وكريستوف زانويس في "الخبث الكبير" بولندا. وفي المسابقة نفسها هناك اسماء أقل اهمية من كافة البلدان، أما اللافت حقاً في هذه الظاهرة فهو وجود فيلمين أميركيين يحملان اسمي اثنين من كبار الممثلين، ولكنهما هذه المرة يقفان وراء الكاميرا: انجليكا هيوستون ابنة جون هيوستون المعروفة كواحدة من ممثلات الصف الأول التي تقدم هنا فيلمها الأول كمخرجة "هجين خارج من كارولينا"، كما يفعل الممثل الكبير آل باتشينو، الذي يقدم نفسه هنا كمخرج في فيلم "البحث عن ريتشارد"، حيث يقدم رؤية شخصية لمسرحية شكسبير "ريتشارد الثالث"، كما يمثلها ويضمها ثلاثة من زملائه الممثلين الهوليووديين: آلك بالدوين، وايتونا رايدر وكيفن سباسي. ولكن من المؤكد ان مفاجأة "نظرة ما" الحقيقية ستكون في الافتتاح حيث يعرض فيلم "لقد اطلقت الرصاص على اندي وارهول" من اخراج ماري هيرون، وهو عبارة عن رواية للسيرة الذاتية التي كتبتها في الثمانينات المناضلة النسوية فاليري سولاناس، التي اشتهرت ذات يوم بمحاولتها اغتيال الرسام والسينمائي اندي وارهول.
اذا كان على رشيد مشهراوي ان ينافس كل هؤلاء في تظاهرة "نظرة ما" فتبدو مهمته في غاية الصعوبة، فان مهمة مرزاق علواش في خوض التنافس في تظاهرة "اسبوعي المخرجين" ستكون أسهل، حتى ولو كانت هناك في هذه التظاهرة اسماء مرموقة مثل آرثر بن في الداخل، وجون سايلز النجمة الوحيدة وسيرغي بودروف الروسي "اسير القوقاز"، اذ خارج اطار هذه الاسماء تكاد هذه التظاهرة، التي تلقى عادة حظوة غلاة النقاد وانصار السينما ليس بسبب ضخامة الاسماء المشاركة فيها، بل بسبب قيمة الافلام المشاركة حيث من المعروف ان هذه التظاهرة هي، عادة، تظاهرة الاكتشاف والتنوع الجغرافي الاكيد، وفي احيان كثيرة يحدث لكثير من المخرجين المشاركين في هذه التظاهرة ان يضحوا نجوم الفن السينمائي الكبار خلال السنوات التالية.
نجم كان في الدورة المقبلة
اذن، كان هذا العام، يأتي شديد التنوع والخصب ويعد بالكثير من المفاجآت، وبالكثير من الضياع ومن فوات المواعيد ايضاً، اذ، في المسابقات والتظاهرات الاساسية وحدها هناك اكثر من مئة فيلم يتعين على الناقد الواعي، أو الهاوي العنيد، ان يشاهد نصفها على الاقل لكي يمكن ان يعتبر نفسه مشاركاً، حقاً، في مهرجان كان.
ولكن هذا ليس كل شيء، بالطبع،
فهناك ايضاً، النجوم، عشرات النجوم الذي سيملؤون ردهات الفنادق وقاعات المطاعم ورمال الشواطئ والسيارات الفخمة، وألوان الملصقات في اسوأ الاحوال. وفي مقدم النجوم بالطبع المخرج الاميركي الكبير فرانسيس فورد كوبولا الذي يترأس هذا العام لجنة التحكيم، المؤلفة - الى جانبه - من الممثلة الفرنسية ناتالي باي، ومصممة الازياء، اليابانية ايكو ايشيوكا، والممثلة الانكليزية غريتا سكاتشي والمصور الالماني مايكل بالهاوس والناقد الفرنسي هنري شابييه والمخرج الكندي أتوم اغويان والكاتبين انطونيو تابوكي ايطاليا وكريستوف بيشيفيتش بولندا والمخرج الفيتنامي/ الفرنسي تران آنه هونغ. فهل يمكن اعتبار القيمة الفنية والفكرية لأصحاب هذه الاسماء ضمانة ضد خيبة الامل التي اعتاد ان يشعر بها النقاد في المساء الاخير للمهرجان حين تعلن اسماء الفائزين؟
سؤال سابق لأوانه بالطبع. قبل الجواب عنه على المرء ان يخوض لعبة كان حتى رمقها الاخير، وعليه ان يطارد النجوم وتحركاتهم، والافلام ومواعيدها، والنقاد ونقاشاتهم التي لا تنتهي، ثم - خاصة - الجمهور الذي يحضر الى كان بالألوف ولا يفوته ان يعلن غضبه وخيبة أمله في كل عرض وامام كل فيلم وحدث.
ف "كان" في نهاية الامر اكثر من مناسبة واكثر من مهرجان، انه عيد السينما، العيد الحقيقي والوحيد، العيد الوحيد الذي تتساوى فيه قيمة الافلام بقيمة النجوم، ويتساوى في النجومية الممثلون والمخرجون والنقاد. ووسط كل هذه المعمعة، هل سيكون، يا ترى، ثمة مجال للاهتمام بالتظاهرة التي يعول عليها الفرنسيون كثيراً: تظاهرة سينما الفرنسيين التي تقام على هامش المهرجان وتعرض 23 فيلماً من عيون ما حقق في فرنسا خلال العقدين الاخيرين، 23 فيلماً تكشف تنوع وخصب السينما الفرنسية التي تأتي هذه الافلام لتقول لنا كم هي قادرة، في كل مرة، على النهوض من رمادها تلك السينما "الملتصقة عن كثب بحياة المجتمع وحياة الفرنسيين". كما تريد هذه التظاهرة ان تقول لنا.
اذن، الى جانب نجوم الاخراج بدءاً بفرانسيس فورد كوبولا وصولاً الى آتوم اغويان ومرزاق علواش، والى جانب نجوم السينما الكبار الحاضرين بشكل أو بآخر، بدءاً بكاتريف دوتوف ومارتشيلو ماسترويكني وكيارا ابنتهما ، وآل باتشينو وانجليكا هيوستون، وباتريسيا آركيت، وغونغ لي، وغريتا ستراتشي، وجريمي آيردنز وايزابيل اوبير، وجنيفو جيسون لي وزوزانا آركيت، اضافة الى الثلاثة الكبار الذين سيكرمون: ميشال مورغان، جان ماريه ومغني الاوبرا الكبير روجيرو رايموندي، الى جانب هؤلاء، ستكون السينما الفرنسية نجمة النجوم عبر تكريمها الخاص وكذلك سيكون الاميركي جورج كيوكر نجماً، بعد ان عثر على فيلم قديم له هو "شرف العائلة" فاصلحت نسخة ليعرض هنا للمرة الاولى.
ولئن كانت السينما العالمية احتفلت، العام الفائت، في كان كما في غيره بنفسها عبر الاحتفال بذكرى مئويتها الاولى، فان مهرجان كان سيطلق ابتداء من هذا العام احتفال بلوغه العام الخمسين من عمره. اذ في العام المقبل يقيم مهرجان كان دورته الخمسين، وهو أمر جدير بأن يحتفل به بالطبع، وسيتضمن الاحتفال مناسبات للتفكير بتاريخ الخمسين سنة الفائتة، كما للتفكير بمستقبل فن السينما نفسه.
وكوسيلة لاطلاق احتفالات العام المقبل منذ الآن، تقرر ان يعقد وزير الثقافة الفرنسية فيليب دوست - بلازي، مؤتمراً صحفياً يوم 5 ايار مايو يخصص لتلك الغاية، وستحضر المؤتمر الصحفي الفنانة الفرنسية الكبيرة ميشال مورغات، التي كانت أول ممثلة تنال جائزة أفضل ممثلة في مهرجان كان في دورته الاولى في العام 1946، وكانت رئيسة لجنة التحكيم لدورة العام 1971. ومن المتوقع ان يعلن الوزير الفرنسي، في مؤتمره الصحفي هذا اسماء كبار فناني السينما الفرنسيين والعالميين الذين ستتكون منهم لجنة رعاية الاحتفال الخمسيني لمهرجان كا ن... فهل تكون بينهم اسماء عربية؟
منذ الآن يجري الحديث عن اسمين عربيين، على الأقل، هما اسم يوسف شاهين الذي كان من اوائل المخرجين العرب الذين شاركوا في مهرجان كان واسم محمد الأخضر حامينا، الذي كان، في العام 1957، أول مخرج عربي يفوز بالسعفة الذهبية لمهرجان كان عن فيلمه "وقائع سنوات الجمر".
يبقى ان نتساءل: اذا كانت دورة كان التاسعة والأربعون اكتفت بفيلمين عربيين يعرضان في تظاهرتين ثانويتين، فهل يقيض للسينما العربية ان تكون اكثر حظاً في الدورة المقبلة فتعرض اكثر من فيلمين، وربما في التظاهرة الاساسية؟
سؤال من الصعب الاجابة عنه، ولكن، منذ الآن، يمكننا ان نقول بأن هناك نصف دزينة من المخرجين العرب في مصر وخارجها يحققون، او يعدون منذ الآن افلاماً، وعينهم على الدورة الكانية الخمسين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.