جدد الأمير سعود بن عبدالمحسن بن عبدالعزيز نائب أمير منطقة مكةالمكرمة ونائب رئيس لجنة الحج المركزية رفض السعودية السماح لأي جهة باستغلال التجمع الاسلامي الكبير في الحج لأغراض سياسية، وقال "ان الأمة الاسلامية أكبر من أي نظام أو توجه سياسي أو مذهبي ضيق". وأكد الأمير سعود في حديث خاص ل "الوسط" ان مشروعات التوسعة والتحسين في المشاعر المقدسة ستتواصل في المستقبل، وقال ان أكبر مشروع تحقق خلال هذا العام هو توسعة مساحة جسر الجمرات بما يعادل ضعف المساحة السابقة وتزويده بنظام أمني متكامل لضمان انسياب حركة الحجاج حيث أنشئت غرفة عمليات خاصة به تتولى تنظيم تدفق الحجاج الى الجمرات عبر بوابات آمنة مصممة خصيصاً لذلك. وأكد نائب أمير منطقة مكةالمكرمة ان السعودية لا تستقطع لنفسها أي مبالغ مالية من الحجاج "أما ما يترتب للمؤسسات مقابل ما تقدمه للحجاج من خدمات النقل والسكن والاعاشة فلا بد أن تُدفع"، وأضاف "ان أسعار هذه الخدمات لم تتعرض لأي زيادة منذ أكثر من عشرين عاماً". وأعلن الأمير سعود بن عبدالمحسن عن تطبيق نظام جديد يتمثل في استخدام الخيام المقاومة للحرائق في منطقة منى، وأضاف ان هذه الخيام استخدمت الآن بنسب محدودة على أن يتم التوسع في استخدامها في المستقبل. وهنا نص الحوار: ما هي المشاريع الجديدة التي أقيمت في المشاعر المقدسة لضمان راحة الحجاج في مكةالمكرمة؟ - في ما يتعلق بمكةالمكرمة والمشاعر المقدسة في منى وعرفات ومزدلفة ومنطقة الحرم الشريف فهناك مشاريع دائمة وتعتبر التوسعة الكبيرة للحرم المكي الشريف من أهم هذه المشاريع اضافة الى التحسينات المتواصلة على الخدمات خصوصاً وأن معظم الخدمات الأساسية متوافرة، كما أن البنية الأساسية ولله الحمد مكتملة. وهناك اشراف مباشر من قبل القيادة العليا في البلاد وهي تحث المسؤولين في مختلف مواقعهم على مواصلة الجهد لتقديم أفضل مستوى من الخدمات لحجاج بيت الله الحرام، ولدينا في المشاعر المقدسة أكبر مدينة في الجزيرة العربية من حيث عدد السكان في أيام الحج، ويمكن أن نقول عنها انها مدينة سكانية عملاقة يتم نقل سكانها خلال أربعة أيام فقط من موقع الى آخر بما يتطلبه ذلك من جهود جبارة لادارة هذه العملية الضخمة بجدارة وكفاءة عالية، واعتقد ان أي مدينة تتوافر فيها جميع الخدمات سواء كانت الهاتفية أو الكهربائية أو الصرف الصحي أو غيرها لا بد من عمل صيانة دائمة لها خصوصاً إذا كانت تترك لمدة اثني عشر شهراً بعد استعمالها بطريقة مكثفة لنحو عشرين يوماً فقط. أما أكبر مشروع يمكن أن نتحدث عنه فهو التحسينات الكبيرة التي أدخلت على جسر الجمرات حيث تمت زيادة مساحته الى الضعف تقريباً. كما زود بنظام أمني متكامل لضمان انسياب حركة الحجاج وسهولة أدائهم لشعيرة رمي الجمرات. كما أنشئت لها غرفة عمليات خاصة تتولى تنظيم تدفق الحجيج باغلاق البوابات المؤدية الى منطقة الجمرات الى حين خروج المجموعة الأولى لتدخل المجموعة التي تليها مباشرة تفادياً لأي ازدحام وهذه البوابات مصممة بسواتر مطاطية منعاً لإيذاء الحجاج ممنوع الاستغلال السياسي هناك من يطالب بالافادة من التجمع الكبير الذي يحدث في المشاعر المقدسة في أيام الحج لتحقيق أغراض سياسية فما هو موقفكم من ذلك؟ وهل هناك اجراءات جديدة للحيلولة دون استغلال الحج للتظاهرات السياسية؟ - لقد أصدرت وزارة الداخلية بياناً شاملاً وواضحاً حول هذا الموضوع. وموقف المملكة العربية السعودية واضح ورافض لاستغلال الحج لأغراض سياسية. وهناك تصميم من قبل حكومة خادم الحرمين الشريفين على ذلك حفاظاً على أمن وسلامة الحجاج والتزاماً بتعاليم الدين الحنيف حيث لا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج. وصدرت الأوامر لجميع الجهات المختصة بعدم تمكين أي جهة مهما كانت من استغلال الحج لأغراض سياسية، أما تبادل المنافع بين المسلمين فهذا أمر قائم فهناك ندوات تنظمها رابطة العالم الاسلامي في ظل أجواء تسودها روح الاخوة والتعارف والتفهم الكامل لكثير من مشاكل المسلمين في ما بينهم بعيداً عن الاقليمية أو المذهبية السياسية أو العقائدية الضيِّقة، لأن المسلمين أمة كاملة أكبر من أي نظام أو توجه سياسي - وقد أمرنا الله سبحانه وتعالى بهذه الفريضة لكي نتفاهم ونتبادل المنافع الفكرية والمادية وليس لنتناحر ونفترق أو لرفع الشعارات التي تثير النعرات والمشاكل بين المسلمين، وقد أعلنت وزارة الداخلية ذلك للجميع ونحن مصممون على منع أي شيء له طابع سياسي في الحج، وقد اتخذت المملكة العربية السعودية كل الاجراءات اللازمة للحيلولة دون ذلك. بعد اكمال مشروعات التوسعة الحالية في المشاعر المقدسة هل سيقف ملف التوسعة أم سيظل مفتوحاً لمواصلة العمل فيه خلال السنوات المقبلة؟ وما هي المشروعات المستقبلية المقترحة في هذا الصدد؟ أود في البداية أن أوضح ان تحديد نسب الحجاج من كل دولة لم يكن قراراً سعودياً وانما كان قراراً أجمع عليه كل العالم الاسلامي ممثلاً في وزراء خارجيتها الذين قرروا ذلك في مؤتمر عمان، وإذا كان هناك مجال لتعديل هذه النسب فإن ذلك يتم بموجب قرار من الجهة نفسها التي أقرت تحديد النسب المعمول بها حالياً. أما بالنسبة الى موضوع التوسعة فهي عملية متواصلة وشاملة ليست مقتصرة على منطقة الحرم لأن شعيرة الحج تتم وفقاً لمناسك متعددة ومترابطة تعتمد بعضها على بعض وبالتالي لا يمكن أن تقتصر التوسعة على الحرم المكي فحسب دون بقية المشاعر الأخرى مثل منى وعرفات ومزدلفة والطرق والمنافذ المؤدية اليها فعمليات التوسعة والتحسين في هذه المشاعر ستظل مستمرة في المستقبل، فلا يمر عام الا وتكون هناك مشاريع جديدة في المشاعر المقدسة في إطار مخطط التنمية الشاملة لمكةالمكرمة والمشاعر المقدسة. ذكر وزير الحج ان المساحة الفعلية المستغلة في مشعر منى لا تزال أقل من نصف المساحة الشرعية المتاحة لأسباب عديدة، فهل هناك خطة لتوسعة هذه المساحة بعد ازالة الجبال التي ذكر الوزير أنها تغطي نحو 50 في المئة من المناطق الشرعية لوادي منى؟ - لم أطلع على تصريحات الأخ الوزير إلا أن الجميع يشهد على الجهود التي بذلت في منى، وعندما يقارن المرء بين المساحة التي كانت مستغلة في منى منذ عشر سنوات مع المساحة المتوافرة حالياً يدرك ان هناك جهداً كبيراً قد بُذل لزيادة هذه الرقعة، وقد أراد الله سبحانه وتعالى لحكمة ما أن تكون هناك جبال شامخة في وادي منى، ولو أراد الله لجعلها أرضاً مسطحة، ولا بد من الاشارة هنا الى وجود بعض المراكز الخدمية في منى التي تقوم بتقديم الخدمات الضرورية للحجاج. بالنظر الى الارتفاع العام في أسعار السلع والخدمات على مستوى العالم، هل انعكس ذلك على الحجاج بزيادة الرسوم المفروضة عليهم مقابل الخدمات المتنوعة التي تقدم لهم؟ - هناك حقيقة يجب أن يدركها الجميع وهي أن المملكة العربية السعودية لا تقتطع لنفسها أي مبالغ مالية من الحجاج وانما هناك خدمات معينة يجب أن يكون لها مقابل، وعندما فرض الله سبحانه وتعالى الحج خص به من استطاع اليه سبيلاً والاستطاعة تشمل الجوانب المالية والبدنية فهي إذن غير مفروضة على الفقير أو المدين أو الضعيف، أما ما يترتب للمؤسسات مقابل ما تقدمه للحجاج من خدمات النقل والسكن والاعاشة فلا بد أن تُدفع، والدولة لا تستقطع لنفسها أي شيء نهائياً من أي حاج، وما يؤخذ من الحاج لصالح المؤسسات التي تقدم له هذه الخدمات يمثل الحد الأدنى اللازم لذلك ولو تم تقويم أسعار الخدمات المقدمة للحجاج بالأسعار العالمية وما تتعرض له القيمة النقدية في كل بلد من تدهور لتضاعفت أسعار هذه الخدمات مرات عدة حيث أنه لم يتم زيادتها لأكثر من عشرين عاماً. ماذا عن أهمية الدور الأمني في أيام الحج خصوصاً بعد التوسعات الكبيرة التي نُفذت مما يتطلب المزيد من الخدمات الأمنية الواجب توافرها؟ - المسألة الأمنية تشكل بالنسبة الينا هاجساً كبيراً وهي لا تقتصر على الجوانب الجنائية فحسب بل تشمل الأمن الغذائي وايصال الخبز والمياه والكهرباء والعلاج الطبي الى كل حاج في ذروة الزحام، كما أن تجمع أكثر من مليوني شخص تقريباً في رقعة صغيرة جداً يتطلب توافر ما يمكن أن نسميه بالأمن الصحي خوفاً من انتشار الأوبئة كل ذلك اضافة الى استتباب الأمن الذي تجنِّد له السعودية الآلاف من قواتها، وقد وفقنا في ذلك بفضل الله سبحانه وتعالى، والجدير بالذكر ان الدولة وفرت اكثر من ثمانية ملايين متر مكعب من المياه ونحو 12 مليون ليتر من ماء زمزم اضافة الى 49 مليون قطعة من رغيف الخبز، وجنّدت أكثر من ربع مليون موظف من مدنيين وعسكريين لخدمة الحجاج في العديد من المواقع. يتسبب الازدحام الشديد في منطقة "رمي الجمرات" أحياناً في وقوع بعض الاصابات التي تؤدي الى الوفاة أحياناً، فما هي الاحتياطات التي اتخذت لتفادي وقوع مثل هذه الحوادث؟ - لا شك ان هناك بعض الحوادث التي وقعت في تلك المنطقة. ويحدث مثل ذلك في أوساط أي تجمع رياضي على سبيل المثال في أي دولة في العالم إذا كان يزيد على 60 ألف شخص. فما بالك إذا كان هناك أكثر من مليوني شخص مع تزامن الفرائض أو الواجبات المتتالية التي يجب أداؤها في وقت محدد، فلو ذكرنا الجمرات على سبيل المثال لوجدنا أن كل جمرة هي دائرة قطرها 40 متراً فقط ولا بد للحاج من الوصول الى هذه المنطقة خلال ساعات معينة فإن عدم وقوع أي اصابات في هذه الحالة تعتبر أشبه بالمعجزة على رغم كل الجهود الضخمة التي تبذلها الدولة، إلا أن عناية الله سبحانه وتعالى هي الأساس. وقد تمت توسعة جسر الجمرات بما يعادل ضعف المساحة السابقة تقريباً وبلغ طوله الآن نحو 900 متر، وأُدخلت عليه الكثير من التحسينات حيث تم انشاء منحدر جديد لصعود الجسر بعرض 45 متراً اضافة الى منحدرين آخرين بعرض 15 متراً لكل منهما للنزول من الجسر مع توسعة مخرجه الرئيسي الى 40 متراً وانشئت مبانٍ جانبية كمراكز خدمات اضافة الى انشاء ساحات كبيرة حول الجسر وتوفير الخدمات الضرورية في المناطق المجاورة له من دون إعاقة الحركة. ويبقى أن أناشد مسؤولي الحج في مختلف أرجاء العالم لتوعية حجاجهم بطريقة مبسطة وبلغتهم المحلية بالتعاون مع أئمة المساجد والأجهزة الإعلامية المختلفة وذلك قبل موعد حضورهم لأداء الفريضة بفترة كافية وليس في اخر لحظات، ويجب أن أشيد في ذات الوقت بالجهد الطيب الذي تبذله العديد من الدول في هذا المجال وبالتالي لم نواجه أي مشاكل من قبل حجاج بلادهم. لوحظ خلال الأعوام الماضية تسرب "حجاج الداخل" من المواطنين والمقيمين الى المشاعر المقدسة خصوصاً في النصف الأخير من أيام الحج مما يسبب المزيد من الزحام، فما هي الاجراءات التي اتخذت لمنع ذلك؟ - صحيح ان هناك تسرباً يحدث من "حجاج الداخل" الذين يكررون أداء فريضة الحج لأكثر من مرة ويكون ذلك على حساب اخوتهم الذين لم يسبق لهم أداء هذه الفريضة المباركة، ونحن نحاول الحد من ذلك بتكثيف اجراءات التفتيش والمراجعة في كل المنافذ والطرق التي تؤدي الى المشاعر المقدسة. وقد وضعت خطة محكمة للحد من ذلك بقدر المستطاع كما تتواصل الدراسات لتنظيم الحج للمقيمين داخل البلاد، ونأمل الوصول الى أفضل الحلول مستقبلاً. اجراءات مختلفة وقع في موسم الحج العام الماضي حريق في مخيمات الحجاج في منى راح ضحيته ثلاثة أشخاص، فما هي الاجراءات التي اتخذت لمنع تكرار مثل ذلك؟ - ما حدث في العام الماضي كان نتيجة ظروف معينة والحمد لله أنه لم يكن هناك حجاج في مكان الحادث، وقد أعيد بناء المخيمات التي تأثرت بالحريق خلال ساعات قليلة، واستوجب ذلك جهداً خارقاً ونحن الآن بصدد تطبيق بدائل أخرى بنصب خيام مقاومة للحريق، اضافة الى وضع مراقبين مدربين على اطفاء الحرائق والعمل على مساندة الجهود التي يبذلها الدفاع المدني والدوريات الخاصة لأن النار كما تعلم تبدأ بشرارة صغيرة يمكن محاصرتها وإخمادها في مكانها طالما كان هناك استعداد وجاهزية لذلك، ويذكر أن الدفاع المدني نشر عبر مسطَّح منى وعرفات مراكز له في كافة المواقع وبشكل علمي وتخطيطي سليم ليغطي دائرة محددة يمكن مباشرة الحدث منها بسهولة، ووضعت أبراج للمراقبة كما انشئت هذا العام شبكة مياه ذات ضغط عالٍ لمكافحة الحريق عبر توازن المياه تساعدها في ذلك كاميرات خاصة وأجهزة استشعار للحريق ولا شك أن ذلك يحد بشكل كبير من هذه المشكلة. هل تم بالفعل استخدام المخيمات المقاومة للحرائق؟ - نعم لقد استخدمت هذه المخيمات ولكن بنسب محدودة على أن يتم التوسع في استخدامها مستقبلاً إن شاء الله.