قال الرئيس السوداني السابق جعفر نميري إن الانتخابات النيابية والرئاسية التي أجريت في السودان ويتوقع ان تعلن نتائجها هذا الاسبوع "مسرحية القصد منها إلهاء الشعب عما آلت اليه اوضاع البلاد". وشن هجوماً عنيفاً على الاحزاب السياسية السودانية التي قال انه بقي طوال سنوات حكمه ال16 يحاول ان يقي السودان "شر ساستها وسياساتها". وأضاف في تصريحات ل "الوسط": "لا فرق بين الجبهة الاسلامية القومية التي يتزعمها الدكتور حسن الترابي وحزبي الأمة الذي يتزعمه السيد الصادق المهدي والاتحادي الديموقراطي الذي يتزعمه السيد محمد عثمان الميرغني لأنهم جميعاً متفرغون للاتجار بالدين". وأوضح نميري 66 عاماً ان البلاد مهددة الآن اكثر من اي وقت مضى بخطر العزلة والعقوبات، "بعدما شوهت سمعتها واتهمت بمساندة الارهاب العالمي ونشر الاصولية". وحذر من ان فرض عقوبات اقتصادية سيزيد معاناة السودانيين "الذين علمت انهم لا يجدون ما يسدون به الرمق يوماً او يومين". وذكر ان فرض حظر على تزويد السودان بالاسلحة "يعني ضوء اخضر للجنوبيين لفصل الجنوب ومحاولة التقدم نحو المناطق الشمالية، وربما فصل الشرق والغرب". وأكد الرئيس السوداني السابق انه تلقى الاسبوع الماضي اتصالاً هاتفياً من الفريق عمر البشير، هنأه فيه على نجاح عملية جراحية اجريت له في القلب في الولاياتالمتحدة حيث يوجد حالياً. وذكر ان الفريق البشير اطمأن على صحته، لكنه قال ان المحادثة لم تتطرق الى اي شيء آخر. وأضاف: الاتصال لا يعني صفقة او صلحاً. اذ بقيت طوال حكمي ضد التحزب، بل حاربت الاخوان المسلمين بزعامة الترابي حتى بعدما فرضت قوانين الشريعة الاسلامية عام 1983، وهو موقف يستحيل ان اتنازل عنه حتى آخر لحظة في حياتي". وقال انه تلقى رسائل عدة من نظام الفريق البشير ومن الجبهة الاسلامية القومية للعودة الى البلاد. لكنه رفض تلك العروض كلها، "لأن العودة الى وطن لا ينعم بحرية، ولا أمن فيه ولا استقرار تعني الاستجابة لمصالح فردية، وهو شيء لم يعرف عنا قبل ان نحكم السودان ولا بعده". وأضاف: لقد حذرنا الفريق البشير منذ عام 1989 من مغبة الارتباط بحزب الجبهة الاسلامية، وحذرناه من مغبة الاعتماد على العقيد معمر القذافي. لكنه لم يصغ وانتهى به الامر الى ان ليبيا نفسها بدأت تتهرب من حكومته". وذكر، رداً على سؤال عن مدى القبول الذي يمكن ان يحظى به من قبل القوى السياسية السودانية التي أطاحته من الحكم قبل 11 عاماً، "ان مشكلة الحزبيين السودانيين انهم يريدون ان يعيشوا في اجواء الماضي ويقدسونه، ويريدون من العامة ان ينهجوا مثلهم، لأن الماضي بالنسبة الى هؤلاء الحزبيين يعني آباءهم وأجدادهم الذين كانت زعامتهم سبباً يتكسبون به حتى اليوم. وهو مفهوم اعتقد ان حكومتي ساعدت في تحطيمه وتغييره بدرجة كبيرة. ومع ان هذه القوى الحزبية لا يمكن تجاهلها لأنها موجودة فعلياً، فنحن نقول كفانا خلافات وعداوات وتناحراً، ولم تخرب نفوسنا فحسب، بل أضحى الخراب يهدد بلدنا نفسه. الحل الوحيد ان ننسى ذلك الكم الهائل من العداء الموروث. يذكر ان الرئيس السابق نميري يقضي فترة نقاهة في كليفلاند في الولاياتالمتحدة بعدما اجرى عملية لتغيير احد صمامات القلب. ويتوقع ان يعود الاسبوع المقبل الى العاصمة المصرية التي لجأ اليها منذ ان اطاحته انتفاضة شعبية ساندها الجيش بزعامة وزير دفاعه المشير عبد الرحمن سوار الذهب. وأعرب عن تقديره لرؤساء الدول العربية والافريقية الذين اتصلوا للاطمئنان على صحته.