شهر رمضان في مدينة جدة "له طعم ثان" فعروس البحر الأحمر التي تميز مناخها هذا العام بالاعتدال ودفء لم يعكرهما سقوط زخات من الامطار الخفيفة، فاجأت سكانها وزوارها بطقس بديع جذب مئات الصائمين لتناول وجبات افطارهم على الشاطئ حيث يتسابق عشرات الاطفال الى ركوب الدراجات والحيوانات الأليفة. وامتطاء الحيوانات هواية لا يملك الأطفال مقاومة سحرها أثناء الشهر الفضيل ما يعود على أصحاب الخيول والجمال بشيء من الربح. ويقول أحمد صومالي ان الجمل الذي يملكه يدر عليه دخلاً محترماً يبلغ حوالي 300 ريال في كل ليلة من ليالي شهر رمضان، ويتضاعف هذا المبلغ في أيام العيد. ويستطرد ان زبائنه من الاطفال يتبارون للفوز برحلة على ظهر سفينة الصحراء قبيل الغروب، وطوال الليل. واللافت ان منطقة الكورنيش في جدة أصبحت ملاذاً للعائلات السعودية والمقيمة من مختلف الجنسيات، ما استقطب أصحاب الألعاب والحيوانات الأليفة التي يسعد الأطفال باللهو معها. والى جانب الجمل يوجد الحصان العادي والحصان القزم أو ما يطلق عليه اسم "السيسي" أو "البوني" كما لم يغب الحنطور الذي اختفى في أنحاء كثيرة من العالم عن كورنيش جدة حيث يتهادى بعد ان ادخلت عليه الكثير من التعديلات لضمان "راحة الزبائن"، كما يقول العم محمد فالح، مشيرا الى ان معظم زبائنه من العائلات السعودية والعائلات العربية التي تحتفظ بذكريات طيبة عن أيام الحنطور. وتعج المنطقة المتاخمة للبحر بالكازينوهات التي تحرص على اضفاء الطابع الشرقي الأصيل على ديكوراتها، وتستقبل زبائنها التي يتدفقون على المنطقة قبيل الغروب ولا يبرحونها حتى مطلع الشمس. وتتبارى المطاعم في طهو أطباق رمضانية شهيرة مثل الفول المدمس والكشري والطعمية والسمبوسك والمقلوبة والكبسة والفتوش، تقدمها مع مشروبات تروج في الشهر الكريم كالقرقوش والتمر هندي والخرّوب والقمر الدين. ولا تكتمل المتعة الرمضانية من دون تدخين الشيشة المصرية أو السعودية أو الشامية، وتتنافس معظم المقاهي المنتشرة على كورنيش جدة في اطلاق تسميات شرقية معظمها مصرية الأصل، فعندما تتجول في منطقة الشاطئ لا بد أن تشد انتباهك اسماء مثل "حارة السكرية" و"قهوة المواردي" و"ليالي الحلمية" و"الخيمة العربية". ويعتقد أهالي وزوار عروس البحر الاحمر ان رمضان الجاري جاء متميزاً وزاخراً ببهجة وقسط وفير من الدفء الذي لم يعهدوه خلال الشهر الفضيل ذاته في أعوام سابقة.