السجن والغرامة ل 6 مواطنين ارتكبوا جريمة احتيالٍ مالي واستعمال أوراق نقدية مقلدة والترويج لها    وزير الاستثمار: 1,238 مستثمرًا دوليًا يحصلون على الإقامة المميزة في المملكة    866 % نمو الامتياز التجاري خلال 3 سنوات.. والسياحة والمطاعم تتصدر الأنشطة    الجامعة العربية بيت العرب ورمز وحدتهم وحريصون على التنسيق الدائم معها    تحت رعاية ولي العهد.. انطلاق أعمال المؤتمر السنوي العالمي الثامن والعشرين للاستثمار في الرياض    مدير المنتخب السعودي يستقيل من منصبه    تعطل حركة السفر في بريطانيا مع استمرار تداعيات العاصفة بيرت    مسرحية كبسة وكمونيه .. مواقف كوميدية تعكس العلاقة الطيبة بين السعودية والسودان    بحضور وزير الثقافة.. روائع الأوركسترا السعودية تتألق في طوكيو    وزير الصناعة في رحاب هيئة الصحفيين بمكة المكرمة    جبل محجة الاثري في شملي حائل ..أيقونه تاريخية تلفت أنظار سواح العالم .!    أسعار النفط تستقر عند أعلى مستوى في أسبوعين    القيادة تهنئ رئيس جمهورية سورينام بذكرى استقلال بلاده    الأرصاد: انخفاض ملموس في درجات الحرارة على أجزاء من شمال ووسط المملكة    مدينة الأمير عبدالله بن جلوي الرياضية تستضيف ختام منافسات الدرفت    أمير الشرقية يفتتح أعمال مؤتمر الفن الإسلامي بنسخته الثانية في مركز "إثراء"    الدفاع المدني يحذر من الاقتراب من تجمعات السيول وعبور الأودية    مذكرة تفاهم بين إمارة القصيم ومحمية تركي بن عبدالله    الاتحاد يخطف صدارة «روشن»    بركان دوكونو في إندونيسيا يقذف عمود رماد يصل إلى 3000 متر    «العقاري»: إيداع 1.19 مليار ريال لمستفيدي «سكني» في نوفمبر    16.8 % ارتفاع صادرات السعودية غير النفطية في الربع الثالث    «التعليم»: السماح بنقل معلمي العقود المكانية داخل نطاق الإدارات    لندن تتصدر حوادث سرقات الهواتف المحمولة عالمياً    صفعة لتاريخ عمرو دياب.. معجب في مواجهة الهضبة «من يكسب» ؟    «الإحصاء» قرعت جرس الإنذار: 40 % ارتفاع معدلات السمنة.. و«طبيب أسرة» يحذر    5 فوائد رائعة لشاي الماتشا    «واتساب» يغير طريقة إظهار شريط التفاعلات    ترحيب عربي بقرار المحكمة الجنائية الصادر باعتقال نتنياهو    نهاية الطفرة الصينية !    الإنجاز الأهم وزهو التكريم    اقتراحات لمرور جدة حول حالات الازدحام الخانقة    أمير نجران: القيادة حريصة على الاهتمام بقطاع التعليم    أمر ملكي بتعيين 125 عضواً بمرتبة مُلازم بالنيابة العامة    السودان.. في زمن النسيان    لبنان.. بين فيليب حبيب وهوكشتاين !    «كل البيعة خربانة»    مشاكل اللاعب السعودي!!    في الجولة الخامسة من دوري أبطال آسيا للنخبة.. الأهلي ضيفًا على العين.. والنصر على الغرافة    أسبوع الحرف اليدوية    مايك تايسون، وشجاعة السعي وراء ما تؤمن بأنه صحيح    ال«ثريد» من جديد    الأهل والأقارب أولاً    اطلعوا على مراحل طباعة المصحف الشريف.. ضيوف برنامج خادم الحرمين للعمرة يزورون المواقع التاريخية    أمير المنطقة الشرقية يرعى ملتقى "الممارسات الوقفية 2024"    في الجولة 11 من دوري يلو.. ديربي ساخن في حائل.. والنجمة يواجه الحزم    مصر: انهيار صخري ينهي حياة 5 بمحافظة الوادي الجديد    انطلق بلا قيود    تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين ونيابة عنه.. أمير الرياض يفتتح فعاليات المؤتمر الدولي للتوائم الملتصقة    مسؤولة سويدية تخاف من الموز    السلفية والسلفية المعاصرة    دمتم مترابطين مثل الجسد الواحد    شفاعة ⁧‫أمير الحدود الشمالية‬⁩ تُثمر عن عتق رقبة مواطن من القصاص    أمير الرياض يكلف الغملاس محافظا للمزاحمية    اكثر من مائة رياضيا يتنافسون في بطولة بادل بجازان    محمية الأمير محمد بن سلمان تكتشف نوعاً جديداً من الخفافيش    "الحياة الفطرية" تطلق 26 كائنًا مهددًا بالانقراض في متنزه السودة    قرار التعليم رسم البسمة على محيا المعلمين والمعلمات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ايران - أميركا : مواجهة انتخابية !
نشر في الحياة يوم 15 - 01 - 1996

لا أحد في ايران يصدق ان مشروع القانون الذي أقره الكونغرس الاميركي لتمويل عمليات سرية في ايران 18 مليون دولار قادر على زعزعة النظام أو تغيير سلوكه نحو الوجهة المطلوبة أميركياً، ومع ذلك فإن القيادات الايرانية المختلفة تعاملت مع الموضوع بجدية، وأظهرت الأمر كأنه يتجه نحو التصعيد العسكري لغاية في نفس يعقوب تتلاءم مع ما تمر به ايران من ظروف خاصة على الصعيد الداخلي وهي تستقبل الانتخابات البرلمانية المقررة في آذار مارس المقبل، ومن بعدها انتخابات الرئاسة منتصف العام 1997.
ويظهر من خلال ما دأبت عليه ايران منذ ما قبل التصعيد الاميركي الاخير ان القيادات المشاركة الرئيس هاشمي رفسنجاني في الحكم، سواء في البرلمان أو في المؤسسة الدينية الرسمية، لا تمارس عملية تسخين واسعة لاستقبال مرحلة الانتخابات مستفيدة من الضغوط الاميركية شعاراً انتخابياً. الا أن اتخاذ الادارة الاميركية قراراً بتشديد الضغوط عليها دفع بهذه القيادات الى رفع مستوى التصعيد. وعكس ذلك بقوة طبيعة الخطاب السياسي الايراني الحالي الذي تزامن مع ظهور بوادر أزمة خفيفة بين طهران ودمشق.
ولاحظ المراقبون ان العام الماضي الذي شهد قنوات مفتوحة بين طهران وواشنطن عبر وسطاء من أجل تخفيف حدة التوتر والبحث في المسائل العالقة تمهيداً لحوار يعيد العلاقات بينهما، كان الأكثر تصعيداً، منذ أن اتخذ الرئيس بيل كلينتون قراره بمنع شركة "كونوكو" من تنفيذ صفقة بمليار دولار لتمويل مشروع تطوير حقلي نفط وغاز ايرانيين في الخليج، وتبعه كلينتون بقرار حاسم في حزيران يونيو يقضي بمنع شركات ومواطنين اميركيين من تطوير منشآت ايران النفطية. ومارس قبل ذلك ضغوطاً على اذربيجان التي ترتبط بايران بوشائج تاريخية ودينية ومذهبية لابعاد طهران عن الكونسورتيوم الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة لاستثمار ثلاثة حقول نفط في بحر قزوين.
كما ان توقيع ايران وروسيا في كانون الثاني يناير على اتفاق لاكمال انشاء مفاعل بوشهر النووي وما تبعه من حديث عن برنامج طهران للحصول على التكنولوجيا النووية المتقدمة من موسكو وبكين دفعا واشنطن الى شن حملة واسعة عليها واتهامها بالسعي الى حيازة الأسلحة النووية والعمل على تهديد الأمن الاقليمي. وردت الجمهورية الاسلامية في المقابل بزيادة حجم مناوراتها العسكرية خصوصاً في مياه الخليج وبحر عمان. ولوحت علناً انها لن ترضى بالابتزاز السياسي وانها سترد بقوة على أي اعتداء يطاول منشآتها النووية. وركز معظم مناوراتها البحرية على تمارين للدفاع أمام اخطار تأتي من الجو وبخاصة في منطقة بوشهر حيث اجريت مناورات عدة لأنظمة الدفاع الصاروخي، ومناورات أخرى تميزت بتعزيز قدرات البحرية.
"الجو غائم"
وتقول مصادر رسمية في طهران انها كانت حصلت، قبل "خطف" طائرة "بوينغ 707" ايرانية الى اسرائيل 19 ايلول/ سبتمبر، على معلومات تفيد بأن اسرائيل تخطط مع الولايات المتحدة لتنفيذ عمليات عسكرية خاطفة ضد المنشآت والمرافق الحيوية الايرانية. ونقلت المصادر عن جهات عسكرية عربية لها علاقات وثيقة بطهران ان تلك العمليات ستنفذ باسم "الجو غائم" ربما كانت على غرار عملية قصف المفاعل النووي العراقي صيف 1981. وذكرت ان ايران تلقت تحذيراً أميركياً عبر وكالة الشرق الأوسط للملاحة في البحرين من أنها "تهدد الأمن في منطقة شمال الخليج". واعتبرت القيادات الايرانية الرسمية التحذير مؤشراً الى ان العلاقات بين الجانبين ستشهد تصعيداً يمكن أن يتطور الى مواجهة عسكرية محدودة.
وقبل ذلك ردت طهران بشدة على تصريحات رئيس مجلس النواب الاميركي نيوت غينغريش الذي دعا الى تغيير النظام، ووصفتها بأنها "خيالات بالية". وتميز الرد بأنه انطلق للمرة الأولى من قيادات تيار اليمين الديني المحافظ الذي ينافس رفسنجاني نفوذه والسلطة لكي يستمر هذا التيار في تصدر الحملة ضد الولايات المتحدة كجزء من حملته الانتخابية المبكرة جداً.
محطات استراحة
ويمكن التوقف في هذه المواجهة الساخنة، العام الماضي، عند محطات استراحة تكررت في السنوات الاخيرة بعد احتلال السفارة الاميركية عام 1979، التقط خلالها طرفا النزاع أنفاسهما استعداداً لجولة أخرى. ومن أبرز تلك المحطات ما تردد عن وجود حوار غير مباشر استمر بين الجانبين ولم يتوقف الا بعد القرار الأخير للكونغرس. ولكي يشجع الطرفان استمرار هذا الحوار المتعثر، كان كل طرف يبادر باطلاق تصريحات "ايجابية" في قمة التسخين. ومنها تصريحات مرتبة أدلى بها الرئيس رفسنجاني مطلع تموز يوليو الماضي الى شبكة "سي. ان. ان" أثارت ردود فعل عدة داخل ايران، عندما دعا الولايات المتحدة الى علاقات مع بلاده، مشيراً الى الأمر التنفيذي الذي أصدره نظيره الأميركي بفرض الحظر النفطي على ايران، قائلا: "انني أعتقد بأن الحظر ليس اجراء منطقياً وكان من الأفضل أن يكون هناك شكل من العلاقات الاقتصادية والثقافية بين البلدين".
وتابع وهو يتمنى الا تسوء العلاقات أكثر: "قد يكون في مقدور ايران واميركا في يوم ما اقامة علاقات أفضل... الحظر الاميركي لا يثير في الغالب الا استنكار الشعبين ويجب ألا يتم تصعيد مثل هذا التوتر". وعندما سئل الرئيس الايراني هل يعني كلامه أن أبواب بلاده مفتوحة أمام عودة العلاقات مع اميركا، أجاب انه يعتقد شخصياً بأن "في وسعنا اعادة العلاقات الى وضعها السابق، واعني بها مستوى العلاقات الاقتصادية والتقنية".
ايران: الباب مفتوح
وتعتبر أوساط مطلعة ان منح ايران امتياز تمويل مشروع تطوير حقلي نفط وغاز في جزيرة سيري لشركة "كونوكو" الاميركية - وهو الاول من نوعه منذ قيام نظام الجمهورية الاسلامية - كان رسالة مفهومة الى الادارة الاميركية مفادها أن ايران لا تريد قطع كل الجسور معها. وقد أوصت صحيفتان ايرانيتان - واحدة مقربة من الحكومة ايران نيوز والثانية من مرشد الثورة آية الله علي خامنئي طهران تايمز - أميركا باستغلال هذه الفرصة المتاحة والرد عليها سريعاً بالايجاب. وكتبت "ايران نيوز": "نعم ان الرئيس رفسنجاني صادق في حسن نياته حيال اميركا، وان مشاركة ايران واميركا الى جانب سائر دول العالم التي تبدي نيات حسنة حيال الأهداف الانسانية بامكانها أن تثمر أفضل النتائج". وتابعت: "ان الزمن على أية حال يتغير والعالم ماض في التحول الى عائلة صغيرة، وهناك قواسم مشتركة كثيرة بين الشعبين الايراني والاميركي وان التعاون المتبادل بينهما يمكن أن يصبح مرآة للآخرين". وخلصت الى التكرار ان الباب مفتوح.
اما "طهران تايمز" التي كانت تعكس في الغالب وجهة نظر الخارجية قبل ان تنضم نهائياً الى الصحف التي يشرف عليها المرشد، فكتبت: "ان الرئيس رفسنجاني قال ان أبواب ايران مفتوحة أمام أميركا، وعلى الاميركيين ألا يفوّتوا هذه الفرصة".
وفي سياق مماثل اعتبر رفسنجاني في لقاء مدروس آخر مع فريق تلفزيوني من شبكة "اي. بي. سي" الاميركية بعد الحظر الاميركي ان هذا الحظر "يعكس نوازع عداء"، مقترحاً أن تكف الادارة عن ممارسة مثل هذه السياسات وان تعيد النظر في طريقة تعاملها مع ايران لاعطاء فرصة لفكرة اعادة العلاقات بين البلدين في القريب المنظور، وقال: "كررنا مراراً، وكذلك فعل مرشد الثورة، ان على أميركا أولاً أن تقلع عن عدائها وتتعامل بروح الانصاف والعدل مع الثورة الاسلامية وان تثبت ذلك عملياً، وألا تتجاهل دور ايران في المنطقة لكي يتم الحديث عن اعادة العلاقات معها".
مصالح انتخابية
لكن الادارة الاميركية واصلت التصعيد في اطار، ما تصفه المصادر الايرانية التنافس الانتخابي في الولايات المتحدة، فالحزب الجمهوري يتشدد في المواجهة، ويقبل الديموقراطيون بذلك لأن المواجهة تندرج تحت شعار "الاحتواء المزدوج" الذي شرعت واشنطن تنفيذه منذ بدء عهد الديموقراطيين.
وتقلل ايران من أهمية الموازنة الاميركية لتمويل العمليات السرية ضدها، لكنها تحاكي الاميركيين في التصعيد ورقة في المزايدة الانتخابية، وللتأكيد ان المبادئ والأصول ما زالت باقية، مشيرة الى أن خلافها مع الديموقراطيين مستمر منذ التأميم في عهد رئيس الوزراء الراحل محمد مصدق وسقوطه في عملية مباشرة قادتها وكالة الاستخبارات الاميركية، ومروراً بالثورة البيضاء التي رتبتها اميركا للشاه عام 1961 ضد علماء الدين، ودعمها الشاه عام 1979، وانتهاء بتبنيها بعض فصائل المعارضة والمشروع الاخير لتمويل عمليات سرية، فضلاً عن قرارات الحظر النفطية والتجارية.
وأشارت مصادر في طهران الى ان العام الماضي شهد مضايقات اميركية لايران في مياه الخليج وفي الاجواء، فقد احتجزت القوات الاميركية صيادين ايرانيين داخل المياه الاقليمية لبلدهم وأساءت معاملتهم. وانتهكت الطائرات والسفن الحربية الاميركية السيادة الايرانية، وقامت بتحرشات عسكرية مباشرة في جزر سيري وخارك ولاوان وعند ميناءي ديلم وجناوة. وارسلت اجهزتها الالكترونية اشارات تشويش على الرادارات الايرانية اضافة الى ان المقاتلات الاميركية قامت بطلعات استفزاز منتهكة الاجواء الايرانية في المناطق المتاخمة للعراق وفي منطقة الخليج، قبل اجراء البحرية الايرانية اكبر مناورة عسكرية شمال الخليج شارك فيها 57 ألفاً و30 طائرة و20 هليكوبتر و140 زورقاً، و40 فرقاطة. وقال قائد البحرية الاميرال علي شمخاني ان هذه المناورات ستتكرر مرة كل ثلاثة أشهر لابلاغ رسالة واضحة عن استعداد ايران لخوض القتال إذا تعرضت لاعتداء.
فرصة للمتشددين والمحافظين
وفر مشروع تمويل عمليات سرية اميركية داخل ايران الفرصة للقيادات المتشددة لكي تبرز مجدداً وتذكّر القيادات المحافظة ورفسنجاني بأن لا جدوى من الاستمرار في الحوار غير المباشر مع الولايات المتحدة، على رغم أن الحملة المضادة للتصعيد الاميركي، قادها جناح اليمين الديني المحافظ وهو يخوض مرحلة التحضير للانتخابات المقبلة.
ومع ان اليسار الديني المعروف بعدائه للاميركيين فضّل عدم الانضمام الى التسخين المضاد تحت عباءة اليمين، الا ان هذا الجناح الذي يقوده رئيس البرلمان السابق مهدي كروبي والوزير السابق علي أكبر محتشمي وموسوي خوئينيها الذي أشرف على عملية احتلال مبنى السفارة الاميركية في طهران عام 1979، بدا مرتاحاً جداً الى استمرار التصعيد على قاعدة أنه يفسر نظرياته الرافصة فكرة الحوار بينهما ناهيك عن التطبيع.
وكما يزايد الجمهوريون على الديموقراطيين في العداء لايران، فإن أقطاب الانتخابات الايرانية يتبارون في خطب ود الشارع الايراني الثوري وبخاصة جماعة "أنصار حزب الله" الذين برزوا أخيراً وصاروا يؤثرون في المعادلة الداخلية وموازنتها خارج ايران.
وفي هذا السياق انطلقت القيادات الايرانية في سباق مع المواجهة الاميركية وكان رئيس مجلس الشورى الاسلامي البرلمان حجة الاسلام علي أكبر ناطق نوري اول من رفع شعار الرد بالمثل، مقترحاً تخصيص موازنة لوزارة الأمن لضرب المصالح الاميركية. وسارع 180 نائباً من مجموع 270 معظمهم من جناح اليمين الديني المحافظ الى تأييد اقتراحه جرياً وراء اصوات الناخبين بعدما كثر الحديث عن احتكار هذا الجناح السلطة وسعيه الى اقصاء المنافسين من الحكومة والبرلمان والسلطة القضائية والمؤسسات الثورية الأخرى.
وجاء اقتراح جناح نوري الذي ارتدى عباءة المتشددين، فيما الحكومة تعزز علاقاتها الخارجية وتدفع عن وزارة الأمن خصوصاً شخص الوزير حجة الاسلام علي فلاحيان تهمة التورط في حادث مطعم "ميكونوس" في برلين حيث اغتيل ثلاثة من زعماء الحزب الديموقراطي الكردستاني الايراني المعارض في أيلول سبتمبر عام 1992.
وقالت أوساط قريبة من الرئيس الايراني انه لا يبدو مرتاحاً الى اقتراح ناطق نوري لأنه يفضل الاستمرار في الجهود السياسية لحشد الرأي العام العالمي والحكومات الغربية ضد المشروع الأميركي. وفي هذا الاطار سارع وزير الخارجية علي أكبر ولايتي الى ارسال رسائل رسمية عاجلة الى الأمين العام للأمم المتحدة بطرس غالي والأمين العام لمنظمة المؤتمر الاسلامي حامد الغابد، داعياً الى تدخل دولي واسلامي عاجل لمنع بروز ظواهر خطيرة في العلاقات الدولية ينطوي عليها المشروع الأميركي.
وشددت رسالتان ايرانيتان الى الأمم المتحدة على الانتهاكات والمضايقات الاميركية العسكرية للسيادة الايرانية. وقالت إيران ان التمويل الاميركي لجماعات ايرانية معارضة وتكليف وكالة الاستخبارات الاميركية تنفيذ عمليات سرية داخل أراضيها يعدان انتهاكاً صارخاً لميثاق الأمم المتحدة الخاص بالعلاقات الدولية، وتدخلاً سافراً في شؤون دولة مستقلة.
تعبئة ايرانية
وقال ولايتي ان ايران سترفع شكوى رسمية الى محكمة العدل الدولية لأن الولايات المتحدة تنقض البند الأول من معاهدة الجزائر التي أنهت قضية احتجاز الرهائن الاميركيين في طهران، والتي تعهدت بموجبها واشنطن عدم القيام بأي خطوة سياسية أو عسكرية ضد بلاده. وفي الاتجاه نفسه يساهم ولايتي في تعبئة الشعب الايراني، ومعه القادة العسكريون، لمواجهة الخطر القادم. فقد حذر من وجود "مؤامرة" قال ان الولايات المتحدة واسرائيل ينفذانها لتغيير هوية الشرق الأوسط ومحاصرة ايران، وان هذه الخطة "الشاملة والدقيقة" تنص على ايجاد نظام شرق أوسطي جديد حدوده الجمهوريات الآسيوية المستقلة عن الاتحاد السوفياتي السابق وتكون الهيمنة فيه لهما. ودعا الدول العربية الى التعاون مع بلاده للتصدي للخطر الاسرائيلي القادم.
هذا الكلام تكرره القيادات السياسية الايرانية أمام الجامعيين الذين يلعبون دوراً في الوقائع والأحداث. بينما تتحدث القيادات العسكرية عن تهديدات اميركية وخطر يستهدف شن اعتداء على المرافق الحيوية حيث انشئت قوات للرد السريع باسم "قوات عاشوراء" يشير اسمها الى الأهداف التعبوية، اذ تمكنت قيادات "الحرس الثوري" من حشد 100 ألف مقاتل اختيروا بعناية من بين 400 ألف شكلوا ألوية وكتائب للدفاع الوطني. وقال قائد "الحرس الثوري" اللواء محسن رضائي ان قواته بلغت اكثر من مليونين و200 ألف "مستعدين لخوض معركة الدفاع المقدس في مواجهة الأعداء". وسخر مرشد الثورة من الموازنة الاميركية لتمويل العمليات السرية. وشدد على ان الرد سيكون ضربة موجعة ومحكمة اذا لم تتراجع الادارة الاميركية عن المشروع.
ونجحت ايران بعد فشلها في "كونوكو"، في استقطاب شركة "توتال" الفرنسية بديلاً. وتمكنت من ايجاد زبائن لنفطها بديلاً من الشركات الأميركية التي كانت تفيد من نحو 4 مليارات دولار في السنة. ووقعت مع روسيا اتفاقات للتعاون النووي وكذلك مع الصين. وأحرزت تقدماً مع روسيا ايضاً عندما وقع البلدان أواخر السنة الماضية بالأحرف الأولى اتفاقات للتعاون الاقتصادي والتجاري والتقني والعسكري وفي مجال الطاقة للسنوات العشر المقبلة. مما يشير الى أن مشروع قانون فرض عقوبات على الشركات العالمية التي تتعامل مع ايران لن يجد نفعاً. وأطلقت طهران قبل أيام مبادرة باقتراحها على عواصم الخليج معاهدة عدم اعتداء والسيطرة على التسلح لتسحب البساط من الادارة الاميركية التي تتهمها بتهديد الأمن الاقليمي. وكرر كبار المسؤولين ان البرنامج النووي لا يخرج عن اغراضه السلمية.
أين سينتهي التصعيد بين طهران وواشنطن؟ وهل ستنفع قنوات الحوار المفتوحة عبر دول ثالثة في تخفيف حدة الأزمة وابقائها في دائرة المزايدات الانتخابية والمواجهات الكلامية؟ وهل تعتبر خطوة ايران تنفيذ الاعدام السبت بخمسة مواطنين دين ثلاثة منهم بالتجسس لمصلحة أميركا رد فعل عملياً على مشروع اميركا تنفيذ عمليات سرية في ايران؟ أم أن اضافة اثنين آخرين الى المعدومين حوكما بالتخابر مع العراق، تعني تخفيف حدة الرسالة لاعطاء واشنطن فرصة طي خطتها؟
هذه التساؤلات تنتظر الاجابة ربما بعد الانتخابات في البلدين، مع الاشارة الى أن آية الله خامنئي اصدر تعليمات واضحة بضرب كل القوى الداخلية التي يثبت تورطها بالتعامل مع واشنطن، وبقوة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.