قرأت مقال الكاتب والمسرحي الفريد فرج بعنوان "ليالي الفيشاوي" المنشور في العدد 186 فأعادني الى أيام صباي وشبابي حيث انني من مواليد حي الجمالية، وكثيراً ما كنا نسهر - خصوصاً في شهر رمضان الكريم - في هذا المقهى العتيق نشرب الشاي الاخضر في الاكواب الصغيرة، وبعضنا كان من هواة الشيشة العجمي النارجيلة التي ينفرد المقهى بتقديمها ويحتاج تدخينها حوالى ثلاث ساعات. كان المقهى - كما ذكر كاتبنا الفريد فرج - ملتقى الادباء والشعراء وأهل الفن والصحافة، وكانت المناقشات الفنية والادبية تبدأ قبل منتصف الليل وتستمر حتى قبل آذان الفجر الذي كان يمكن سماع صوت المؤذن من جامع سيدنا الحسين القريب من مقهى الفيشاوي. ذكر الكاتب في معرض مقاله بائع الكتب الضرير محمد. وفي الواقع ان اسم هذا البائع كان "عم ابراهيم"، ولا زلت أذكر نداءاته ليبيع الكتب قائلاً "أنا بيّاع الأدب... وأنا اللي باعلم الأدب". وكان - كما ذكر كاتبنا - يحتفظ في صندوقه بكتب "ألف ليلة وليلة" و"الأيام" لطه حسين و"حديث عيسى بن هشام" و"ديوان شعر المتنبي"، وكان يستطيع التمييز بين هذه الكتب، على رغم انه ضرير، عن طريق حجمها وملمسها. ولما كانت تربطني صداقة بالاستاذ زكريا الفيشاوي ابن أخت صاحب المقهى الحاج فهمي الفيشاوي بدأت في المدرسة الثانوية واستمرت خلال الجامعة، فقد كان عم ابراهيم يقرضني هذه الكتب لمدة عشرة أيام لقاء 3 قروش للكتاب الواحد. أيام جميلة أعاد ذكراها كاتبنا الفريد فرج، فشكراً له وشكراً لمجلة "الوسط". صلاح الدين القاضي دبي - الامارات العربية المتحدة