يذكر هواة السينما الجدال الذي امتدّ سنوات بين محمد الأخضر حامينا والروائي مراد بوربون، وانتقل من صفحات الجرائد إلى قاعات المحاكم. إذ اتهم بوربون المخرج الجزائري الشهير بالسطو على سيناريو فيلم "الصورة الأخيرة". واليوم تعود القضيّة إلى دائرة الضوء، بعد أن حكمت محكمة الجزائر لصالح مراد بوربون الذي ادّعى ملكية حقوق السيناريو والحوار. يعتبر "الصورة الأخيرة" 1987 آخر أفلام حامينا "الكبيرة". وكان صدوره أثار زوابع أواخر الثمانينات، لاعادته النظر ببعض المسلّمات الثقافية والسياسية. فهو أوّل فيلم يتعرّض لفترة الاستعمار الفرنسي من موقع ذاتي، ومن خلال انطباعات وذكريات مجموعة من الأطفال. ونظرة الطفولة طبعاً أبعد ما يكون ببراءتها وعفويّتها عن الاعتبارات الشوفينية التي وسمت أغلب أفلام "سينما الحرب" الرسمية الجزائرية عن فترة الاستعمار وحرب التحرير. وأدّى ذلك إلى فتح النار على الأخضر حامينا من قبل المؤسسات الثقافية الرسمية في بلاده، كما صدر قرار بحرمانه من أية مساعدات لانتاج أفلامه المقبلة. ولا شك أن تلك القرارات أصابت السينمائي الجزائري بشكل موجع، بدليل أنّه لم ينتج أي شريط مهمّ بعد "الصورة الأخيرة". ويأتي قرار محكمة الجزائر الصادر أخيراً، والقاضي باسقاط حقوق تأليف "الصورة الأخيرة" عن الأخضر حامينا، وإلزامه بالتعويض مالياً ومعنوياً على مراد بوربون، ليضاعف من المصاعب التي يواجهها مخرج "وقائع سنوات الجمر" 1975 - الفيلم العربي الوحيد الذي فاز حتّى اليوم بالسعفة الذهبية في "مهرجان كان"، وهو يعيش في عزلة باريسية تامة منذ سنوات.