حسين الصادق يستقبل من منصبه في المنتخب السعودي    تمديد الدعم الإضافي لمستفيدي «حساب المواطن» حتى نهاية 2025    غربلة في قائمة الاخضر القادمة وانضمام جهاد والسالم والعثمان وابوالشامات    السجن والغرامة ل 6 مواطنين ارتكبوا جريمة احتيالٍ مالي واستعمال أوراق نقدية مقلدة والترويج لها    وزير الاستثمار: 1,238 مستثمرًا دوليًا يحصلون على الإقامة المميزة في المملكة    866 % نمو الامتياز التجاري خلال 3 سنوات.. والسياحة والمطاعم تتصدر الأنشطة    الجامعة العربية بيت العرب ورمز وحدتهم وحريصون على التنسيق الدائم معها    تعطل حركة السفر في بريطانيا مع استمرار تداعيات العاصفة بيرت    مسرحية كبسة وكمونيه .. مواقف كوميدية تعكس العلاقة الطيبة بين السعودية والسودان    بحضور وزير الثقافة.. روائع الأوركسترا السعودية تتألق في طوكيو    وزير الصناعة في رحاب هيئة الصحفيين بمكة المكرمة    NHC تطلق 10 مشاريع عمرانية في وجهة الفرسان شمال شرق الرياض    جبل محجة الاثري في شملي حائل ..أيقونه تاريخية تلفت أنظار سواح العالم .!    أسعار النفط تستقر عند أعلى مستوى في أسبوعين    القيادة تهنئ رئيس جمهورية سورينام بذكرى استقلال بلاده    البريد السعودي يصدر طابعاً بريدياً بمناسبة اليوم العالمي للطفل    مدينة الأمير عبدالله بن جلوي الرياضية تستضيف ختام منافسات الدرفت    أمير الشرقية يفتتح أعمال مؤتمر الفن الإسلامي بنسخته الثانية في مركز "إثراء"    الدفاع المدني يحذر من الاقتراب من تجمعات السيول وعبور الأودية    بركان دوكونو في إندونيسيا يقذف عمود رماد يصل إلى 3000 متر    مذكرة تفاهم بين إمارة القصيم ومحمية تركي بن عبدالله    «التعليم»: السماح بنقل معلمي العقود المكانية داخل نطاق الإدارات    لندن تتصدر حوادث سرقات الهواتف المحمولة عالمياً    16.8 % ارتفاع صادرات السعودية غير النفطية في الربع الثالث    صفعة لتاريخ عمرو دياب.. معجب في مواجهة الهضبة «من يكسب» ؟    «الإحصاء» قرعت جرس الإنذار: 40 % ارتفاع معدلات السمنة.. و«طبيب أسرة» يحذر    5 فوائد رائعة لشاي الماتشا    «واتساب» يغير طريقة إظهار شريط التفاعلات    ترحيب عربي بقرار المحكمة الجنائية الصادر باعتقال نتنياهو    نهاية الطفرة الصينية !    الإنجاز الأهم وزهو التكريم    اقتراحات لمرور جدة حول حالات الازدحام الخانقة    أمير نجران: القيادة حريصة على الاهتمام بقطاع التعليم    أمر ملكي بتعيين 125 عضواً بمرتبة مُلازم بالنيابة العامة    السودان.. في زمن النسيان    لبنان.. بين فيليب حبيب وهوكشتاين !    «كل البيعة خربانة»    مشاكل اللاعب السعودي!!    في الجولة الخامسة من دوري أبطال آسيا للنخبة.. الأهلي ضيفًا على العين.. والنصر على الغرافة    أسبوع الحرف اليدوية    مايك تايسون، وشجاعة السعي وراء ما تؤمن بأنه صحيح    ال«ثريد» من جديد    الأهل والأقارب أولاً    اطلعوا على مراحل طباعة المصحف الشريف.. ضيوف برنامج خادم الحرمين للعمرة يزورون المواقع التاريخية    أمير المنطقة الشرقية يرعى ملتقى "الممارسات الوقفية 2024"    في الجولة 11 من دوري يلو.. ديربي ساخن في حائل.. والنجمة يواجه الحزم    مصر: انهيار صخري ينهي حياة 5 بمحافظة الوادي الجديد    انطلق بلا قيود    تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين ونيابة عنه.. أمير الرياض يفتتح فعاليات المؤتمر الدولي للتوائم الملتصقة    مسؤولة سويدية تخاف من الموز    السلفية والسلفية المعاصرة    دمتم مترابطين مثل الجسد الواحد    شفاعة ⁧‫أمير الحدود الشمالية‬⁩ تُثمر عن عتق رقبة مواطن من القصاص    أمير الرياض يكلف الغملاس محافظا للمزاحمية    اكثر من مائة رياضيا يتنافسون في بطولة بادل بجازان    محمية الأمير محمد بن سلمان تكتشف نوعاً جديداً من الخفافيش    "الحياة الفطرية" تطلق 26 كائنًا مهددًا بالانقراض في متنزه السودة    قرار التعليم رسم البسمة على محيا المعلمين والمعلمات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في حوار عن القوى السياسية الاسرائيلية وعرب اسرائيل . الياس شوفاني ل "الوسط": مواقف بيريز لا تجذب الناخبين وعودة رابين مرجحة تبركيبة أخرى
نشر في الحياة يوم 31 - 07 - 1995

بدأ يتضح رويداً رويداً ان عملية احلال السلام في الشرق الاوسط لا بد ان تزلزل ثبات مضامين ومسلمات بقيت على مر عصور تشكل قناعات شرائح من سكان بلدان المنطقة، خصوصاً المعنية مباشرة بالحرب والسلام. وأقل ذلك ان عدو الامس بات صديقاً اليوم. وأضحى كل طرف - حزباً كان او حكومة او حركة اجتماعية - مطالباً باعادة صياغة مفهوماته لتتناسب وواقع مرحلة السلام الجديدة، بما تتطلبه من تواصل وتعاون وتجاوز لتركة الماضي.
واذا كانت مرحلة السلام بدأت تحدث ردود فعل ظاهرة على صعيد البنية السياسية والاجتماعية الفلسطينية، فلا بد من محاولة معرفة تأثيرها على الصعيد الاسرائيلي، خصوصاً ردود فعل الناخبين من عرب اسرائيل. وهذا ما تحاول هذه المقابلة مع الدكتور الياس شوفاني وهو باحث وكاتب لا يخفي معارضته لعملية السلام وان كان يتمسك بأسباب تبرر موقفه منها.
ما هي تأثيرات عملية السلام على الاحزاب الاسرائيلية ولا سيما حزبي العمل والليكود؟
- الاحزاب الاسرائيلية بمجملها احزاب صهيونية بشكل او بآخر، وهي احزاب تشكلت قبل قيام اسرائيل، وهي متعددة. وباختصار شديد وباستخدام المصطلحات الاسرائيلية يمكن تقسيم الاحزاب الاسرائيلية الى ثلاث كتل: كتلة اليمين، وهي تتفرع الى فرعين، فرع يوصف بأنه يمين قومي، وفرع يسمى يميناً دينياً، ويضم الليكود وشاس والمفدال. وهناك كتلة الوسط: وهي حزب العمل، وهناك شيء على يسار هذا الوسط وانا لا اسميه يسارا، وهي كتلة ميرتس. هذه الاحزاب صهيونية. فهي بالفعل تتسم بالخصوصية، واهم سمات هذه الخصوصية الغيبية والمنطلقات الاسترجاعية. اسرائيل نتيجة عمل الأحزاب والقوى، هي الكيان السياسي الوحيد الذي يدعي انه دولة لغير مواطنيه، اي انهم دولة اليهود اينما كانوا، وبالمقابل هذا الكيان يعامل 16 في المئة من مواطنيه، وهم العرب، ولكن لا يتعامل معهم بصفتهم مواطنين متساوين مع الاخرين. هذا من أهم الدلائل على عنصرية الكيان. هذه الأحزاب جميعها تعاني من معضلات مزمنة، ليس بسبب عملية التسوية غير ان عملية التسوية فاقمت تلك المعضلات. وهي معضلات فكرية وايديولوجية وتنظيمية، وتنبع في الأساس من طبيعة المشروع الصهيوني، الذي مضى عليه 100 عام تقريباً. ومع ذلك لم يستكمل هذا المشروع ابعاده الكاملة.
لا يجرؤ اي من الاحزاب الصهيونية على طرح فكرة اعادة النظر في المشروع الصهيوني. فالصهيونية لم تجمع يهود العالم. ولم تستطع تغييب الفلسطينيين. ولم تخضع الأمة العربية، رغم كل الهزائم التي مني بها العرب. ولا تزال علاقتها مع الولايات المتحدة علاقة غير مضمونة المصير. ومع ذلك لا تزال الأحزاب الاسرائيلية احزاباً صهيونية رغم انها لم تحقق مشروعها الذي مضى عليه 100 عام. المرة الاولى التي تقدم بها حزب اسرائيلي وطرح الاسئلة الكبرى حول المشروع الصهيوني كان في مؤتمر حزب مابام الأخير، الذي عقد هذا العام في مدينة عكا. وطرح حزب مابام اسئلة جوهرية عن ماهية الكيان وماهية الصهيونية والدولة، والعلاقة بين الداخل والخارج، غير ان هذه الأسئلة لم تلق اجابات دقيقة محددة.
اذن ما دام المشروع لم يستكمل، وهناك شك في امكانية نجاحه بعد 100 عام كما تصوروا في البداية، والأحزاب الاسرائيلية لا تزال متمسكة بصهيونتها ولا تجرؤ على تغييرها، فأي اتفاقات تجري الآن لا تعدو كونها محطات على طريق استكمال المشروع الصهيوني ولو في الحدود النظرية. الآن الخلافات الجوهرية بين الكتل المختلفة او الكتلتين الرئيسيتين، تدور حول "توضيب" هذه المحطة على الطريق نحو استكمال المشروع الصهيوني، بحيث يمهد الطريق للخطوات التالية.
وأود ان اشير الى المرتكزات الاساسية التي يقوم عليها المشروع الصهيوني، وهي ثلاثة مرتكزات:
- الأول: العلاقة مع اميركا هي المرتكز لا خلاف عليه فالكل يجمع على استمرار العلاقة مع اميركا وضرورة تطويرها.
- الثاني: مرتكز الأرض. والثالث: مرتكز يهودية السكان.
وهنا يتميز اليمين الصهيوني بالتركيز اولا على الارض، ثم التخلص من السكان غير اليهود لاحقاً. اما الوسط الصهيوني العمالي، فيريد التركيز اولاً على يهودية الدولة ولكن دون اغلاق الباب امام استرجاع الارض لاحقاً. فالتخلص من السكان اولاً، ثم التفكير بكيفية استرجاع الارض لاحقاً، هذا هو جوهر الخلاف بين الكتلتين الرئيسيتين حول مفهوم السلام.
امام هذه الوضعية تبدو حكومة رابين في مواجهة اشكال صعب.
ولكن ما هي طبيعة الاشكال الذي تواجهه حكومة رابين على هذا الصعيد؟
- بعد مدريد جيء برابين رئيساً لحكومة سلام، وجرى الترويج له على هذا الاساس، وهذا ليس صحيحاً. فرابين كان اكثر تطرفاً في ايام بن غوريون من بن غوريون نفسه وكذلك من دايان وقام في حينه، وهو ضابط في الجيش، بأعمال حتى ابن غوريون ودايان عمدا الى تأنيبه عليها وهو من صقورحزب العمل، ورجل لا يلعب الفكر دوراً اساسياً في حياته وهو عسكري لكن لديه مجموعة مفهومات نظرية قد تشكل ايديولوجية خاصة به. مزيج من الصفات الذاتية ومنها التردد، ومنهجية عسكرة العمل السياسي فهو دوماً يجنح الى احتلال المواقع السياسية ليكون في موقع أفضل في كل تحركاته.
هذا بالاضافة الى ان الواقع الموضوعي كحالة راهنة في اسرائيل، حال دون تحقيق التطلعات المرجوة من وصول رابين الى الحكم. لهذا قلت ان رابين مشكلة الآن، لأن جميع البدائل لدى الاميركان على الصعيد الاسرائيلي اسوأ من رابين. وهي بدائل تعرقل مسار السلام الاميركي. فرابين لم يكون كتلة برلمانية تؤهله للحركة الحرة فهو يحكم بأقلية. المشاركون الآن في الحكومة مجموعهم 58 نائباً من اصل 120، فهو يحكم بفضل الكتلة العربية المشكلة من خمسة اعضاء عرب، اذ لديه 44 عضواً من حزب العمل، و12 من ميرتس، واثنان انشقوا عن حركة تسومت ، والكتلة المانعة العربية وتضم 5 أعضاء، تصبح بذلك حكومة يسندها 63 نائباً.
وبعد التوصل الى اتفاق اوسلو، اضحى الاتفاق بالنسبة الى رابين عاملاً سلبياً، اذ ان سلبية اوسلو لم تكن فقط بالنسبة الى الفلسطينيين، فعلى ما يبدو ان الجو العام في اسرائيل كان ينظر الى اتفاق اوسلو بأنه سيحول منظمة التحرير الى ظاهرة "لحدية" على غرار جيش لبنان الجنوبي. وانا لا اقول ان قيادة المنظمة تأبى ذلك، لكن الوضع الفلسطيني لا يتيح لها ذلك، وبالتالي بالنسبة الى الاسرائيليين سقط عرفات في امتحان ضبط الساحة الفلسطينية، واخضاعها للارادة الاسرائيلية.
اما ابرام معاهدة مع الاردن، فمع انها عامل ايجابي، لكنها بسبب الشروط التي تضمنتها تركت الناس في اسرائيل يفكرون مرة ثانية: لماذا عقدنا اتفاقاً مع الفلسطينيين ولماذا لم نذهب الى الخيار الاردني اولاً؟ اذن هناك تراجع عن اتفاق اوسلو ومن الواضح تماماً ان رابين يناور لكي لا يطبق اتفاق اوسلو في محاولة منه للتوجه مرة اخرى نحو الخيار الاردني.
ايضاً سورية تمثل اشكالاً بالنسبة الى رابين، فالسلام معها تأخر ، وشروط رابين للتوصل الى اتفاق مع سورية غير مقبولة سورياً. ومبادئ سورية وشروطها للسلام ليس الامر ان رابين لا يريد الوفاء بها، وهي شروط واضحة، بل ان رابين لا يملك التفويض من الاسرائيليين لتوقيعها، وليس لديه العدد الكافي في الكنيست لتأييد انسحابه من الجولان.
تراجع شعبية رابين
من هنا أقول ان محصلة مسارات السلام العربية - الاسرائيلية حتى الآن قلصت شعبية رابين الى درجة ان التوقعات تتحدث عن قدرات اليمين على جرف الشارع الاسرائيلي بنسبة 75 في المئة. ورغم قناعتي بأن هناك مبالغة في النسب، الا انها تعكس الاجواء الراهنة في الكيان. لذلك ستبذل الادارة الاميركية كل جهد مستطاع من اجل اعادة رابين الى الحكم. لكن الرئيس بيل كلينتون نفسه يحتاج الى مساعدة رابين في الانتخابات الاميركية المقبلة. ولعلنا نشهد سيناريو بعد عام مشابهاً. لذلك الذي حصل في الانتخابات الاميركية والاسرائيلية الماضية، اذا استطاع بوش اسقاط شامير ليأتي برابين الى الحكم، لكن بوش سقط. فهل تتكرر المسألة؟ التوقع مبكر بعض الشيء. ويمكننا الانتظار.
الوضع اليوم في اسرائيل يدل على بداية المعركة الانتخابية الاسرائيلية وهناك خطر فعلي يتهدد حكومة العمل، وبالتالي سقوط رابين. ونؤكد انه اذا سقط رابين فالبديل هو الليكود. وهناك خشية من نتائج ذلك المبادرة الاميركية، وعليه فالتلميحات بضرورة انقاذ رابين هي في الحقيقة لانقاذ المبادرة الاميركية نفسها.
هناك عدد من الجوانب الاقتصادية والاجتماعية التي لم تحقق فيها حكومة رابين كل وعودها للناخب الاسرائيلي، ولكن اذا حصرنا الكلام في المسار السياسي، ومسار عملية السلام، فكما ذكرت سابقاً، فاتفاق اوسلو لم يحقق شيئاً للفلسطينيين فحسب، ولم يضرب مرتكزات العمل الفلسطيني: علاقة الفلسطينيين فحسب، مع بعضهم، وعلاقة الفلسطينيين مع ارضهم فحسب، لكنه في الجانب الاسرائيلي خيب آمال المواطن الاسرائيلي، في تحويل منظمة التحرير الى ظاهرة "لحدية"، وهذا جعل المواطن الاسرائيلي لا يرى ان ياسر عرفات مؤهل للقيام بعمليات ضبط المواطن الفلسطيني المعترض على التسوية.
اين تتوقع ان يكون موقع حركة المهاجرين الروس في اسرائيل؟
- بالطبع ستكون تلك الحركة في اليمين، لأن تركيبة اعضائها ومنطلقاتهم حتى وهم في روسيا الشيوعية كانت يمنية.
أسباب انشقاق ليفي
ما هي بنظرك أسباب انشقاق ديفيد ليفي عن حزب الليكود؟
- هناك اسباب قد تكون تآمرية وباطنية. اما في ظرهر الامور هناك اجماع على ان القضية شخصية. ليفي لديه آلة حزبية، لكنه لا يملك فكراً سياسياً. كيهودي مغربي لديه شبكة علاقات ضخمة في مدن التطور. وتكاد لا توجد اي مدينة ليس لديفيد ليفي فيها رئيس بلدية، او نائب رئيس بلدية. وليست هناك مؤسسة الا فيها اما رئيس او نائبه من مؤيديه. اما العملية الاساسية التي يهدف اليها ديفيد ليفي فهي تشكيل معسكر شرقي، وهو يسعى الى استمالة اسحق موردخاي الذي كان قائداً للمنطقة الشمالية، ولم تتم ترقيته الى نائب رئيس هيئة الاركان، وهو مغربي ايضاً. يمكننا القول ان جوهر حركة ليفي سيكون محصوراً باليهود المغاربة، ولن يصل الاستقطاب الى اليهود العراقيين او اليمنيين وبالتالي سيكون حجم الكتلة البرلمانية التي يمكن ان يحصل عليها من 5 الى 6 نواب، غير ان حركة ليفي قد تطلق حركة طائفية داخل اسرائيل بفعل قانون الفعل ورد الفعل.
الى اين يتجه الناخب الاسرائيلي، يساراً أم يميناً؟
- في تقدير ان الناخب الاسرائيلي سيتوجه نحو اليمين بشكل اساسي. وهذا لا يعني ان الليكود سيكون قبلة الناخب، لأن هناك انزياحاً في السياسة الاسرائيلية نحو اليمين. والمسارات السياسية لعبت دوراً في ذلك. وفي تقديري ايضاً ان قوة حزب العمل ستتراجع، لكن ليس الى درجة الانهيار، وكذلك الامر بالنسبة الى ميرتس. واللكيود لن يحقق النتائج التي يجري الحديث عنها في استطلاعات الرأي العام. كما ان انتخب رئيس الكومة من الجمهور مباشرة سيبرز اكثر من مرشح. وحسب صياغة القانون فإن المسألة قد لا تحسم في الجولة الاولى، اذ سيكون اكثر من مرشح امثال بيريز ورابين ورامون وشارون ونتانياهو ويهود اولمرت وربما رفائيل ايتان. ولكن في الجولة الثانية اعتقد ان المنافسة ستكون بين رابين وأحد اثنين: اما نتانياهو او ميرادور. وأجازف بالقول ان رابين سيكسب رئاسة الحكومة، ولكن كسبه للعملية سيترتب عنه تشكيل حكومة مع ميرتس، ولا يرب في ذلك. وقد يستبدل ميرتس بقوة يمينية مثل تسومت او شاس، وقد يضم ديفيد ليفي وحزب المفدال. اما اذا شارك الليكود فستكون النتيجة حكومة وحدة وطنية، وبالمحصلة هذا الحكومة سيكون طابعها يميني ومتصلب اكثر في التسوية. وانا اعتقد ان مسارات التسوية لن تستكمل قبل الانتخابات، وبعد الانتخابات ستكون الصعوبة اشد بكثير في استمرار عملية التسوية.
اود الاشارة ايضاً الى سمة اخرى وهي بروز الجنرالات مرة ثانية في الانتخابات القادمة.
من المعروف ان نسبة الفلسطينيين في اسرائيل تصل الى حدود 16 في المئة من التعداد العام للسكان، وهذا يعني نظرياً على الاقل ان للعرب دوراً فعالاً في السياسة الاسرائيلية. لكن ما يحصده العرب في الانتخابات الاسرائيلية لا يتناسب مع حجمهم السكاني.
- هناك 8 نواب عرب في الكنيست، اثنان منهم في حزب العمل وواحد في الليكود واثنان في القائمة الديموقراطية للسلام والمساواة، وواحد في ميرتس، واثنان في الحزب العربي الديموقراطي. وبالعودة الى نسبة العرب فان هذه النسبة تمكنهم من مضاعفة حصتهم الى 18 نائباً.
هناك محاولات للتوحيد، وأسمع كلاماً كثيراً عن تعزيز الدور العربي في الكنيست، ولكن هذه المحاولات لم تحقق نجاحاً كبيراً. ففي مقابل محاولات التوحيد هناك مساعي تفتيت وبالذات عمليات انشاء الأولوية العربية في الاحزاب الصهيونية
كيف تتوقع ان يكون الدور العربي المقبل في الحياة السياسية الاسرائيلية؟
- هل الحديث عن الدور العربي في الحياة السياسية الاسرائيلية يدور عن دور فعال على المستوى الاستراتيجي؟ اي هل هو دور فعال في زعزعة مرتكزات المشروع الصهيوني الاستراتيجي؟ عندها لا تتعلق المسألة بقضية الانتخابات او التمثيل النيابي وانما تتعلق بوجود الفلسطينيين بحد ذاته، وماذا يعني لتحقيق المشروع الصهيوني، اي احلال اسرائيل محل فلسطين وبالتالي تغييب شعبها، هذه هي القضية الاساسية.
اما بخصوص تأثير العرب فقد كان ضعيفاً حتى الآن، وما زالوا قلة مشتتين. وهذا له علاقة بالمشروع الفلسطيني الوطني ككل، والاطار القومي العربي. لذلك لا نجد في الظرف الراهن احد يتكلم عن زعزعة المرتكزات الاستراتيجية للمشروع الصهيوني، التعامل كله يتم على الصعيد الظرف يختلف تماماً، ففي ظروف معينة قد يكون لهم تأثير كبير رغم قلة عددهم، على سبيل المثال المشكلة الأخيرة التي اثيرت حول مصادرة الاراضي في القدس تحركت من اجلها قوى متعددة: السلطة الفلسطينية، الاردن، جامعة الدول العربية، مجلس الأمن، ولكن كل ذلك لم يزحزح اسرائيل قيد انملة عن قرارها بمصادرة الاراضي في القدس. الذي اجبر حكومة رابين على التراجع هي المجموعة العربية الصغيرة ممثلة بالجبهة الديموقراطية للسلام والمساواة.
قدرة ليكود على السلام
هل تعتقد ان الليكود قادر على اعادة الجولان الى سورية، كا فعل مع مصر في سيناء؟
- ان لم يكن رابين قادراً على ذلك فلا اعتقد ان في اسرائيل من سيكون قادراً. في سيناء الظروف كانت مختلفة تماماً، واذا كان الليكود سيكسب الانتخابات فإحدى اهم قضاياه الاعلامية والدعائية عدم الانسحاب من الجولان.
هذا الكلام قد يكون على الصعيد الاعلامي، غير ان موقف الليكود على الارض قد يكون مختلفاً تماماً؟
- المفهوم الليكودي للجولان يعتبر ان الجولان ارض اسرائيل تاريخياً. ثانياً: الجولان مفتاح امن اسرائيل على الجبهة الشمالية، ولا يضمن ذلك الا بوجود الجيش الاسرائيلي، بالاضافة الى ان الانسحاب من الجولان يهدد الجليل، والجليل لم يكن بناء على قرار التقسيم ضمن ارض اسرائيل. ايضاً مسألة المياه في الجولان، ففي الجولان ربع مصادر مياه اسرائيل.
هل لك ان تطلعنا على تفاصيل الخريطة الحزبية الاسرائيلية؟
- باختصار شديد، السمة العامة للحياة الحزبية الاسرائيلية هي المزيد من التعنت، اذ اصبح في حكم المؤكد تقريباً ان حزب الليكود سوف ينشق، والمشكلة لن تتوقف عن خروج ديفيد ليفي من الليكود لا يرضون ولا يسلمون بزعامة بنيامين نتانياهو، وهناك من ينافسه في عداء ديفيد ليفي، هناك شارون الذي يعتقد انه الاكفا والأقدر، وكذلك دان ميردور ويهود اولمرت رئيس بلدية القدس، وأشخاص اخرون، هذا التفتت ليس سمة الليكود فحسب، وانما هو ايضاً سمة من سماة وضع حزب العمل. ومن الواضح ان التنافس بين رابين وبيريز سينصب على ردئاسة الحكومة، ولكنني اعتقد ان بيريز سيفشل في الفوز على رابين، وقبل فترة قصيرة كان هناك شرخ كبير داخل حزب العمل، عندما خرجت قائمة الهتسدروت اتحاد العمال مع حاييم رامون. لأن رامون عاد الى حزب العمل ولكن الجروح لم تندمل بعد. كانت هناك حال دفعت رامون للخروج على حزب العمل، وحال اخرى دفعته للعودة. هذا لا يعني انه كان ثمة اجماع على خروجه او عوته، فالمشاكل لا تزال قائمة.
هناك صقور حزب العمل في الجيش وتيار يسمى "الطريق الثالث" يتكون في غالبيته من جنرالات الجيش المتقاعدين وأبرزهم فيكتور كمهلاني وهو عضو في الكنيست، ولكنه مدعوم من قبل جنرالات آخرين كانوا في رئاسة الاركان، منهم دان شمرون وآفر بن نون قائد سلاح الجو السابق، وقد ينضم اليهم يهوشاع ساغي. وهذا "الطريق الثالث" يمثل يمين حزب العمل. وهناك كلام عن تشكيل قائمة يمينية يسعى الى تشكيلها دوف شيرنسكي تحت اسم حركة المهاجرين الروس لاسرائيل، ومقابل هذه المفاعيل ستحيا مجدداً قائمة الليبراليين الجدد، كاسحق موداعي وموشي نسيم وربما تعود الى الحياة حركة هتحيا.
وهذا التفتت يشمل الساحة العربية، فهناك لواء عربي يتشكل في الليكود بزعامة اسعد الأسعد، لكن مشكلة هذا اللواء العربي وبعد انسلاخ ديفيد ليفي ان حوله علامة استفهام كبيرة. بالاضافة الى ذلك تبدو الوحدة بين القائمة التقدمية للسلام والحزب الديموقراطي العربي كأنها ليست على طريق التحقيق. وهناك تشكيل مهم سيظهر وهو بزعامة الدكتور احمد الطيبي، المستشار الخاص لزعيم منطمة التحرير ياسر عرفات.
لماذا تستبعد نجاح بيريز في الوصول الى زعامة حزب العمل؟
- جرب بيريز هذه المسألة والنتيجة كانت واضحة، لصالح رابين. الصراع بينهما قديم، في الفترة الأخيرة حسم الصراع لصالح رابين. ما فعله بيريز في دفع مسار التسوية لم يكن شيئاً رضياً عنه من قبل الجمهور الاسرائيلي، فمثلاً رابين لم يعلن عن استعداده للانسحاب من الجولان، فهو يتكلم عن حل لمشكلة الجولان، ولكنه لم يعلن كما فعل بيريز ان الجولان ارض سورية.
بيريز لديه قدرات اكبر من رابين، ولكن مصداقيته اقل مكثير من رابين لدى الجمهور الاسرائيلي. بيريز لديه منظور صهيوني ارقى من خلال وعيه بعدم امكان تحقيق المشروع الصهيوني بالقوة العسكرية وسياسة الثكنة. وهو يحاول ان يجعل من اسرائيل مركز تقاطع اقتصادي للمنطقة. ولكن المسألة مختلفة بالنسبة الى تركيبة وعي جمهور الناخبين الاسرائيليين. ان بيريز ليس رجلاً بسيطاً، فله وزنه داخل حزب العمل، ولكن مركز الحزب وعضويته شيء، واصوات الناخبين شيء آخر. ان عقل المستوطنين لا يقبل طرح بيريز ولكن الأخير سيحاول.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.