بلغ عدد القروض الممنوحة لمواطني دول مجلس التعاون الخليجي لانشاء مشاريع صناعية في الدول الاعضاء 55 قرضاً حتى نهاية 1994، قيمتها 774.970 مليون دولار. وأشارت الامانة العامة لمجلس التعاون التي أعلنت هذه الارقام، الى ان المشاريع الصناعية المشتركة التي مولتها البنوك التجارية السعودية ويساهم فيها مستثمرون خليجيون، بلغت في نهاية العام الماضي 65 مشروعاً قيمتها الاجمالية 2.274 مليار ريال سعودي 600 مليون دولار. لكن اللافت في الامر أن 48.6 في المئة من هذا المبلغ جاءت من البنك السعودي - البريطاني الذي بلغت قيمة قروضه حوالي 1105 ملايين ريال 292 مليون دولار، استخدمت لتمويل 14 مشروعاً، مقابل 123 مليون ريال للبنك السعودي - الفرنسي لتمويل ستة مشاريع، و105 ملايين ريال للبنك السعودي - الاميركي لتمويل ستة مشاريع ايضاً، و80 مليون ريال للبنك السعودي - الهولندي لتمويل ثلاثة مشاريع. تنويع الموارد ولا شك في ان الاستثمار هو المدخل الرئيسي لتشجيع النشاط الاقتصادي، ودول التعاون الخليجي تمتاز عن كثير من دول العالم التي لم تواجه التحدي نفسه، بأنها تمتلك رؤوس أموال كبيرة جاهزة للاستثمار، ووفقاً لاحصاءات صندوق النقد العربي، فإن اجمالي استثمارات دول مجلس التعاون في الخارج بلغت 350 مليار دولار، منها 160 مليار دولار للقطاع الخاص وحده، اما احصاءات مجلس الوحدة الاقتصادية العربية فأشارت الى ان حجم الاموال العربية المستثمرة في الخارج يقترب من 800 مليار دولار، هي على شكل أصول سائلة او شبه سائلة، كالودائع المصرفية والاوراق التجارية الحكومية والارصدة لدى صندوق النقد الدولي والاستثمارات في امتلاك الاسهم والعقارات. لذلك دعا مصرف الامارات الصناعي الى إعادة رسم خريطة الاستثمارات الخليجية مع كل ما يترتب على ذلك من قرارات تتعلق بمختلف الانشطة الاقتصادية بما فيها مصادر تمويل الموازنات السنوية لدول المجلس. وعلى رغم اعتماد دول مجلس التعاون الخليجي على الاستثمارات النفطية، فهي تركز خططها الانمائية على تنويع الموارد عن طريق تشجيع الاستثمارات في القطاعات الانتاجية بما فيها الصناعات البتروكيماوية. وتبين ان الاستثمارات الصناعية في دول المجلس تضاعفت خلال الفترة من 1975 - 1993، بمعدل عشر مرات وارتفعت من 4.1 مليار دولار عام 1975 الى 40.9 مليار دولار عام 1993، بنسبة 897.5 في المئة. وزاد عدد المصانع من 1600 مصنع الى 5705 مصانع، ما أدى تحقيق انجازات صناعية ملموسة أثرت على مضاعفة مساهمة قطاع الصناعة التحويلية في الناتج الاجمالي من 4.6 في المئة عام 1975 الى 9.4 في المئة عام 1992. وأوضحت منظمة الخليج للاستشارات الصناعية في دراسة أعدتها عن الامكانات التصديرية في دول المجلس ودورها في تنمية التجارة العربية البينية، ان دول الخليج استثمرت 4.3 مليار دولار عام 1993 في مصانع المواد الغذائية والمشروبات و577 مليون دولار في الغزل والنسيج والملابس والجلود و478 مليون دولار في صناعة الخشب والاثاث الخشبي و1.11 مليار دولار، في صناعة الورق والطباعة والنشر و19.7 مليار دولار في المواد الكيماوية ومنتجاتها و7.24 مليار دولار في الصناعات والمواد غير المعدنية عدا النفط والفحم و3.44 مليار دولار في المنتجات المعدنية الاساسية و3.95 مليار دولار في المنتجات المعدنية المصنعة والماكينات والمعدات و120 مليون دولار في منتجات أخرى. تحقيق الاكتفاء الذاتي وأشارت المنظمة الى أنه مع تنامي السلع الصناعية الخليجية الموجهة للتصدير خلال عقد الثمانينات، بدأت عقبات تواجه عمليات التصدير في الاسواق الخارجية، خصوصاً في الاسواق الاوروبية التي بدأت إعطاء معاملة تفضيلية لدولها وفرض المزيد من الرسوم الجمركية والقيود الكمية والنقدية. ودعت الى توجه الصناعات الخليجية نحو الاسواق العربية الواسعة التي تضم 241 مليون نسمة وتشمل مجالاً واسعاً لتطوير الصادرات الخليجية. ويشهد قطاع الصناعات الغذائية توسعاً ملحوظاً في دول مجلس التعاون الخليجي في اطار خطتها الاستراتيجية الرامية الى تحقيق الاكتفاء الذاتي وتقليل الاعتماد على الاستيراد اذ بلغت جملة الاستثمارات في هذا القطاع عشرة مليارات دولار عام 1993. ويأتي هذا التوسع انعكاساً لزيادة الانتاج الزراعي في دول مجلس التعاون وفي مقدمها المملكة العربية السعودية التي تتجاوز قيمة انتاجها الزراعي حالياً 19 مليار ريال بمعدل نمو 6 في المئة سنوياً طبقاً لاحصاءات أوردتها دراسة حديثة اصدرتها الغرفة التجارية الصناعية في المنطقة الشرقية. صناعة البتروكيماويات لقد تبوأت صناعة البتروكيماويات مكان الصدارة في سلم أولويات التنمية الصناعية في دول مجلس التعاون منذ نشأتها في مطلع السبعينات. وتتميز هذه الصناعة بأنها تحتضن قاعدة انتاجية واسعة تتشابك مع فروع الاقتصاد الوطني المختلفة، وتمتد آثارها التنموية على المجتمع الخليجي ورجال الاعمال من حيث التوظيف وتنويع مصادر الدخل الوطني واكتساب وتوطيد المعرفة التقنية المتطورة. كما تتميز دول مجلس التعاون بعدد من المزايا والمقومات الجيدة والمشجعة لاقامة صناعة بتروكيماوية متطورة، من أهمها توفير المواد الاولية المتمثلة في الغاز الطبيعي والمشتقات النفطية بأسعار تنافسية ووجود سوق خليجية تتميز بارتفاع معدلات الاستهلاك اضافة الى الاسواق الخارجية الى جانب الموقع الجغرافي الوسطي المناسب. وبلغ عدد الشركات العاملة في مجال صناعة البتروكيماويات لدى المجلس حتى نهاية 1992، نحو 22 شركة تقدر استثماراتها بحوالي 6.6 مليار دولار أميركي يعمل بها أكثر من ثمانية آلاف موظف وعامل. اما الصناعات النهائية البلاستيكية والمطاطية، فبلغ عدد منشآتها نحو 450 شركة تقدر استثماراتها بحوالي 1.4 مليار دولار، ويعمل فيها نحو 25 ألف عامل وموظف ويقدر انتاجها السنوي بنحو مليون طن من المنتجات البلاستيكية المتنوعة، ويشكل انتاج السعودية نحو 90 في المئة من انتاج دول المجلس، كما تشكل 65 في المئة من الصناعات التحويلية البتروكيماوية النهائية المصنعة. وتخطط دول عدة في المجلس لاقامة مجمعات بتروكيماوية جديدة او توسعات في الطاقات القائمة، فتدرس قطر خطة طموحة للتوسعة تزيد تكاليفها على 500 مليون دولار، وتخطط الكويت لاقامة مجمع بكلفة 2.1 مليار دولار، وتعكف عمان على دراسة لانتاج البولي ايثلين والبولي بروبيلين، كما ان لدى الامارات خطة لانتاج الايثيلين. وعلى رغم التطور الذي حققته الصناعة خلال العقدين الماضيين، الاّ أن مساهمتها في الطاقات العالمية ما زالت محدودة. فالميثانول يشكل نحو 13.7 في المئة، في حين لا يشكل الايثلين والبولي ايثلين اكثر من 4 في المئة من الطاقات التصميمية. قرارات القمة الخليجية وقد نبهت دول المجلس الى هذه المشكلة حيث تقوم شركة "سابك" السعودية حالياً بتنفيذ مشاريع جديدة، ستسهم في توسيع القاعدة الانتاجية وايجاد الحلقات المفقودة لهذه الصناعة في المنطقة. وفي اطار التوجه نحو تعزيز الاستثمارات الصناعية عممت الامانة العامة لمجلس التعاون على غرف التجارة والصناعة في الدول الاعضاء القرارات الاقتصادية التي اتخذتها القمة الخليجية التي عقدت في كانون الاول ديسمبر الماضي في البحرين. وأكدت القمة آنذاك ضرورة قيام لجنة التعاون الصناعي بالعمل على زيادة مساحة الصناعة الوطنية في الاقتصاد الوطني بتوطين الصناعة وتوسيع مراحل التصنيع المحلي لزيادة القيمة المضافة وتعميم استفادة القطاعات الاقتصادية من الانشطة الصناعية بتشجيع مشتريات الصناعات الوطنية في كل دولة، من المواد الخام والسلع الوسيطة والخدمات الوطنية التي تنتجها تلك الدولة او غيرها من دول مجلس التعاون الاخرى بهدف اقامة شبكة اوسع من العلاقات التجارية بين مختلف القطاعات الانتاجية والخدمية وتشجيع بروز مجالات استثمار اقتصادية وتجارية وصناعية وخدمية جديدة ذات جدوى اقتصادية. وكلفت القمة لجنة التعاون الصناعي بتشجيع استخدام الصناعات الناشئة احدث التقنيات وافضل معايير الجودة ومساعدة المستثمرين في ما يحتاجونه من التراخيص اللازمة في الدول المصدرة للتقنية نظراً الى زيادة حدة المنافسة التجارية في جميع أنحاء العالم وأهمية تعدد مصادر التصنيع والخدمات وتسهيل اتصالاتها لتعزيز قدرة منتجات دول مجلس التعاون على مواجهة هذه المنافسة داخل دول المجلس وخارجها والحصول على حصة عادلة في الاسواق العالمية.