اسدل في الثامن من الشهر الجاري الستار على بطولة قطر الدولية في كرة المضرب التي استمرت اسبوعاً على ملاعب مجمع خليفة الحديث في الدوحة. وخرج السويدي ستيفان ادبرغ متوجاً بعد خوضه خمس مباريات في الادوار الاول والثاني وربع النهائي ونصف النهائي والنهائي. وكانت للدورة نكهة سويدية اذ تواجه في الدور النهائي لمسابقة الفردي ادبرغ مع مواطنه ماغنوس لارسون، قبل أن يحرزا معاً لقب مسابقة الزوجي على حساب الروسي اندره اولهوفكسي والهولندي يان سيمبيرنك. وكان ادبرغ المصنف الاول في البطولة وميكايل شتيش المصنف الثاني ولارسون المصنف الثالث وياكو التينغ المصنف الرابع. سير المباريات توقع الجميع ان يصل المصنفون الاربعة الاوائل الى الدور نصف النهائي لكن المباريات خبأت بعض المفاجآت، فقد التقى ادبرغ في الدور الاول الهايتي رونالد اجينور. وكان الاخير احرز الصيف الماضي بطولة برمانا الدولية الاستعراضية في لبنان، وهو يسجل من فترة الى اخرى نتائج جيدة ضد اللاعبين الكبار. لكن ادبرغ يتقدمه إلى الشبكة وأدائه الهجومي حرم اجينور من هذا الامتياز فانتهت المباراة لصالح السويدي 6/2، 7/6. ولم تكن القرعة سهلة لشتيش اذ اوقعته في مواجهة مع الفرني اوليفيه دوليتر وهو ايضا من الذين يسجلون نتائج طيبة بعض الاحيان. ولكن الالماني حسم المباراة في مجموعتين نظيفتين 6/3، 7/5. وتبعه الى الدور الثاني المصنف الثالث لارسون بعد فوزه على السلوفاكي كارول كوتشيرا 6/1، 6/4. واستمر الوجود العربي في الدورة اذ تمكن المغربي يونس العيناوي من التغلب على السويدي لارس يونسون 2/6، 6/4، 7/6، ولحقه في اليوم التالي مواطنه كريم العلمي بعد فوزه في احدى ابرز مباراتين في الدور الاول على الهولندي بول هارهوس وصيف البطولة السابقة وبطل مسابقة الزوجي فيها. وكان هارهوس متقدما بمجموعة مقابل لا شيء 7/5 لكن حماسة الجمهور دفعت العلمي الى تقديم كل ما لديه واثارة حفيظة الهولندي، فحصد الاول فوزاً لم يكن في الحسبان 5/7، 6/3، 7/5. لوكونت مفاجأة الدورة ولم يعتقد احد في الدورة ان الفرنسي هنري لوكونت سيقدم شيئاً كثيرا ذلك انه ابتعد عن الملاعب منذ فترة طويلة وآخر فوز حققه كان في دورة هاله الالمانية في حزيران يونيو الماضي. وعندما تقدم عليه الروسي الكسندر فولكوف 6/4، 5/2 والارسال مع الاخير، ظن الجمهور ان الفرنسي سيكرس وقته في الايام المقبلة للسياحة في قطر، لكن النار بدأت حينها تشتعل داخل الفرنسي وتمكن من كسر ارسال فولكوف مرتين ومعادلة النتيجة بفوزه بالمجموعة 7/6. وفي المجموعة الفاصلة فقد فولكوف اعصابه وتمكن الفرنسي من حسمها 6/4 وتقدم الى الدور الثاني فوجدت الدورة بطلها الشعبي. وفقدت البطولة المصنف الرابع الهولندي ياكو التينغ اثر خسارته امام الاسباني خافيير سانشيز 6/3، 2/6، 3/6. وشاء القدر ان يلتقي المغربيان في الدور الثاني فقدما عرضا لا بأس به لكن العصبية الزائدة افقدته الكثير من رونقه وشجع الجمهور البطلين معاً فهتف لكريم ويونس وللمغرب. وعلى صعيد المباراة سجل العيناوي اول كسر ارسال وتقدم الى 5/3 والارسال في حوزته لاحراز المجموعة الاولى، لكنه خسر ارساله فكان ذلك نقطة التحول في المباراة لصالح العلمي. وتمكن الاخير من احراز المجموعة الاولى 7/5. وانهارت دفاعات العيناوي في المجموعة الثانية ولم يظهر اي قوة في محاولة للعودة الى المباراة وخسر المجموعة 4/6 والمباراة. وكانت مكافأة العلمي مواجهة مع الفائز من لقاء المصنف الاول ستيفان ادبرغ والروماني ادريان فوينيا المتأهل من التصفيات. وخيِّل للجميع ان ادبرغ سيقضي يوماً هادئا لكن فونيا كان له رأي آخر اذ احرز المجموعة الاولى 7/6. ولم يصدق الجمهور عندما تقدم الروماني 3/1 في المجموعة الثانية وظن ان الدورة ستفقد حامل لقبها. لكن السويدي أخرج كل ما في جعبته ولم يتنازل عن اي جولة اضافية في المجموعة فأحرزها 6/3. وادرك التعب فوينيا في الثالثة فخسرها 3/6 وخرج مرفوع الرأس من الدورة. وتخطى شتيش مواطنه اوليفر غروس 6/4، 7/5 وتقدم الى ربع النهائي لمواجهة الهولندي يان سيميرنك الذي ابعد المصنف الثامن في الدورة الفرنسي غي فورجيه بفوزه عليه 6/3، 7/6. وتابع لوكونت مشواره وفاز على البلجيكي فيليب دوفولف الصاعد من التصفيات 6/3، 7/6 وبدأت اسهمه ترتفع في بورصة الجمهور القطري. وبعيدا من ضوضاء الصحافة التي ركزت على نتائج لوكونت والعلمي وادبرغ وشتيش، انضم لارسون الى قطار ربع النهائي بعد فوزه على مواطنه يوناس بيوركمان 6/2، 7/6. وكان لارسون حقق نهاية سنة قوية وأحرز دورتين اضافة الى كأس الغران سلام في ميونيخ وجائزتها الاولى 5،1 مليون دولار فانتفخ حسابه المصرفي فجأة. العلمي يودع الدورة انتهت مغامرة العلمي امام تألق ادبرغ الذي قدم عرضاً اقرب ما يكون الى الكمال في اللعب الهجومي والتقدم الى الشبكة. ولم يحتج السويدي الى اكثر من 44 دقيقة لحسم المباراة 6/1، 6/1. ولا شك ان العلمي في حاجة للعب ضد المصنفين الكبار اذا ما اراد التعلم واكتساب الخبرة... وهذا ما اكده المغربي بعد خسارته وقال انه تعلم الكثير من الخسارة خصوصاً لجهة بدء المباراة بقوة والحفاظ على مستوى ثابت... وفي مقابل خروج قطار العلمي عن سكته، تابع لوكونت عروضه المثيرة واخرج الاسباني خافيير سانشيز. ومرة اخرى خسر لوكونت المجموعة الاولى 4/6 لكن الجمهور دعمه بقوة للخروج من محنته وهذا ما حصل فعلا. وفاز لوكونت بالمجموعتين التاليتين 6/4، 6/3 ليحجز مركزه في الدور نصف النهائي ومواجهة المصنف الاول ادبرغ. وفي هذه الاثناء حافظ شتيش على سجله الخالي من خسارة اي مجموعة وتغلب على الهولندي سيميرنك 6/3، 6/1. وفي المقابل خسر لارسون اول مجموعة له في الدورة لصالح الالماني ماركوس تسوكه لكنه انضم الى لوكونت وادبرغ وشتيش في نصف النهائي بعد فوزه 7/6، 4/6، 6/3. وانتظر الجمهور المواجهة بين لوكونت وادبرغ. فالاخير في قمة مستواه والثاني يلعب فوق طاقته ويقدم 120 في المئة على الملعب ويجذب عطف الجمهور بنوادره المضحكة مع الحكام او الجمهور... وذهبت المجموعة الاولى بسرعة لادبرغ 6/2 بعد عرض قوي. وفي الثانية توقفت الانفاس في الملعب عندما كانت النتيجة 5/2 للفرنسي والارسال في حوزته، لكن ادبرغ كسر الارسال واستعاد توازنه واحرز المجموعة 7/6. وعلل الفرنسي خسارته بالتعب الذي اصابه من جراء المباريات السابقة. وعموما شهدت المباراة تبادل كرات جميلة ذكّرت الجمهور ان كرة المضرب ليست لعبة مملة وليست مجرد ارسالات صاعقة. وتوقع النقاد مباراة ساخنة بين لارسون وشتيش لكن الاول أربك خصمه من البداية وجرده من سلاحه المفضل وهو التقدم الى الشبكة لحسم النقاط وابقاه في طرف الملعب طوال المباراة. وفاز السويدي 6/3، 6/3 في ابرز نتائج الدورة واقواها. المباراة النهائية لو تأهل شتيش ولوكونت لشهدت المباراة حماساً جماهيرياً منقطع النظير ذلك ان شتيش سانده جمهور كبير من البداية فارتفعت الاعلام الالمانية تأييداً له ضد لارسون. علماً ان اكثر من الف الماني يزورون الدوحة تابعوا مباريات الدورة التي شارك فيها سبعة لاعبين ألمان. لكن على صعيد العروض داخل الملعب لم يكن بالامكان الحصول على مباراة افضل من ادبرغ - لارسون. وكان اللاعبان قادا بلادهما الى لقب مسابقة كأس ديفيس الشهر الماضي على حساب روسيا في موسكو، وتدربا سوياً طوال الاسبوع في الدوحة ويعرف كل منهما كل شاردة وواردة عن الآخر لانهما خاضا مسابقة الزوجي في الدورة معا وتأهلا للدور النهائي الذي سيقام بعد نهائي الفردي مباشرة! وكانت المجموعة الاولى سجالاً بين اللاعبين وقد حسمها ادبرغ في الجولة الفاصلة وفاز 7/6. ولم يخسر لارسون المجموعة فحسب بل فقد تركيزه تماماً ما سمح لخصمه في التقدم بسرعة في المجموعة الثانية 5/صفر. وانقذ لارسون خمس كرات لحسم المباراة سنحت لمواطنه كي يحتفظ بالجولة. وكاد يسجل كسر ارسال لكن ادبرغ حافظ على هدوئه وقادته خبرته الى حسم المجموعة 6/1 والمباراة. وبذلك احتفظ السويدي بلقبه الذي احرزه قبل عام واكد مشاركته الموسم المقبل للدفاع عن لقبه. واضاف بعد فوزه 84 الف دولار الى حسابه المصرفي علما ان القيمة الاجمالية لجوائز البطولة المالية هي 625 الف دولار. قطر على الخريطة الرياضية هذا داخل الملعب اما خارجه فسعى المنظمون القطريون بقيادة عراب الدورة السيد علي الفردان الى توفير جميع وسائل الراحة للاعبين. فتخطوا الامتحان للعام الثالث على التوالي بشهادة امتياز. فالتسهيلات في مجمع خليفة لا تجدها في اكبر الدورات في العالم والمركز الصحافي مجهز بكل ما يمكن للصحافي ان يطلبه. ولم يغفل المنظمون العامل الاجتماعي فكان له وجود مستمر طوال ايام الدورة من رحلات للصحافيين لزيارة مناطق واثارات... اضافة الى حفلات العشاء التي حضرها عدد كبير من اللاعبين واسرهم. وأجمع الاعلاميون ومسؤولو منظمة اللاعبين المحترفين ATP والحكام التابعون لها على ان الدورة تتميز بحسن التنظيم والضيافة فاللاعبون لا يجدون مثل الضيافة القطرية اينما ذهبوا... ومع ذلك لا تزال لدى المنظمين عموماً والفردان خصوصاً افكار ستدخل حيز التنفيذ في الدورة المقبلة، كما ان منظمة اللاعبين المحترفين تدرس امكانية استخدام منشآت مجمع خليفة لنشاطاتها. ويجدر القول ان بطولة قطر الدولية وضعت قطر على خريطة العالم الرياضية وهي شهادة اخرى تضاف الى نجاحاتها في تنظيم البطولات...